Monday, November 23, 2009

مثل حى لسوء إدارة أزمة

دخلت المحاضرة بعد الحوادث المؤسفة ، وبعد نصف ساعة من الشرح أيقنت أن الطلاب ينظرون إلى ولكنهم لايسمعون شيئا مما أقول ، ولايرون شيئا حتى لو كانت عيونهم شاخصة إلى شاشة العرض ، ولما سألت قيل لى "الناس حزانى ياأستاذ".. وقعت الواقعة إذن ، ووجدنا أنفسنا فى ورطة عويصة وظروف تدفعنا بفعل فاعل وتخطيط مدبر إلى أن نتصرف برد الفعل وتصاعد يعلم الله إلى أين يأخذنا .. تسب الهوس الكروى وانعدام الخلق والإجرام السياسى وشهوة النصر بأى ثمن حتى لو كان بدق إسفين بين دولتين عربيتين فى سقوط الضحايا وامتهان الكرامة وتأكيد الصورة الذهنية للعرب أنهم متخلفون إرهابيون دمويون .. ماحدث أثبت أن مباراة كرة عربية واحدة كفيل بأن ينسف جهد سنين من العمل الدبلوماسى والوطنى لتحسين صورة العرب أو لحل مشكلة دولية مزمنة .. وبعد أن هدأت عاصفة الغضب المبرر قليلا هناك أسئلة حائرة الإجابة عليها تضاف إلى رصيدنا فى العجز عن التنبؤ بالأزمات والإستعداد لها بالقدر الكافى ، وميلنا الغريزى إلى الإنتظار حتى تحدث الأزمة أو الكارثة ثم نبدأ فى التفكير ماذا نفعل.
سيناريو ماحدث بتفاصيله كان معروفا بالكامل لكل الأجهزة المعنية فى مصر وأولها الإتحاد الذى يدير شئون اللعبة ، وطرحت المعلومات التى حصل عليها صحفى ومحقق لامع علانية فى نقاش بإحدى القنوات الفضائية ، ولابد أن المسئولين فى اتحاد الكرة قد وصلتهم تلك المعلومات أو استمعوا إلى البرنامج ، ومع ذلك لم يتخذوا إجراء واحدا يضمن أن تقام مباراة العودة فى جو يهيئ الظروف لتنافس شريف ونتيجة عادلة للأحسن لعبا.. الإتحاد يهرول الآن بعد فوات الأوان لكى يقدم ملفا للإتحاد الدولى لن يقدم ولن يؤخر فى نتيجة المباراة ، ولايبقى أمامنا إلا اللجوء إلى القانون نسترد به حقوق من وقع عليهم الإعتداء الهمجى من جحافل البلطجية وشراذم مسعورة من الخارجين على القانون لايمثلون بالقطع كل الشعب الجزائرى الذى أصبحت صورته عالميا فى الحضيض.
وسفيرينا فى الجزائر والسودان كلاهما لابد قد تجمعت لديه معلومات مؤكدة عن التخطيط مسبقا لما حدث ، وإلا فإنهما يكونا مغيبين عما يحدث حولهما .. وهناك احتمال من إثنين : إما أنهما قد أرسلا مالديهما من معلومات لم يلتفت أحد إليها ولم يتعامل معها بالجدية المطلوبة للوزارة المسئولة مع توصيات محددة ، وإما أنهما لم يفعلا وتلك مصيبة كبرى تفتح المجال أمام تساؤل مشروع عن نوعية ومنهج اختيار سفراؤنا فى الخارج .. حدود علمى أن السفير فى بلد ما يصبح عينا وأذنا ورادارا يرصد كل تحرك سياسى أو اقتصادى أو شعبى ويحلله ويبعث برأيه لدولته لكى تستعد بالإجراءات المناسبة قبل وقوع الأحداث وليس بعدها. هل كان سرا أن عشرات الألوف من الجزائريين يعسكرون فى شوارع الخرطوم قبل المباراة بأيام ؟ وإذا كانوا لم يدخلوا السودان بالأسلحة التى كانوا يحملونها ونقلت الفضائيات صورهم وهم يرقصون ويهددون بها ، وأنهم قد اشتروها بكميات كبيرة من أسواق الخرطوم ، أقلا يلفت ذلك نظر سفارتنا هناك فتبعث بتحذيرات عاجلة وملحة أن يتخذ إجراء ما أو تعزز الإجراءات الأمينة ؟ أم أن ذلك قد حدث بالفعل ولم يستجب أحد لنداءات السفير؟
أما مشكلة المشاكل فى إدارة الأزمة فإننا اعتمدنا سيناريو واحد يعتمد على أن الفوز مضمون وأنه لن يحدث اسوأ مما حدث قبل وأثناء وبعد المباراة الأولى التى فزنا بها .. لم يفكر أحد فى سيناريو بديل يفترض حدوث الأسوأ .. غاب عنا سؤال بديهى لايحتاج إلى كثير من الذكاء ولا العلم وهو "ماذا لو لم نوفق وفاز الفريق الآخر" وتداعيات ذلك على الموقف برمته .. ولايزال شهود العيان ممن وقع عليهم الإعتداء البشع وهم يصفون ماحدث لهم مسبوقا بعبارة "الإخوة الجزائريين .. هذا هو الفارق الحقيقى بين الحضارة والتخلف.

درس فى اقتناص الفرص

لن أتعرض هنا لما حدث وقد يحدث فى مبارتى كرة القدم للتأهل لكأس العالم فمن حسن حظى أنى أحب كرة القدم ضمن باقة من الرياضات الراقية التى يشدنى إليها مستوى المهارات المطلوبة للتفوق فيها والتشويق والإثارة التى تحدثها فيمن يتابعون فنونها وقوة الإحتمال التى يتمتع بها لاعبوها وقدرتهم على الصراع والكسب تحت ضغوط نفسية رهيبة عرفتها حين كنت أمارس أحد تلك الألعاب الفردية العنيفة وقرر والدى يرحمه الله أن يحضر مباراة البطولة فكدت أخسر البطولة لأن تركيزى قد تشتت بين صوت المدرب وتعليماته واختلاسى النظر إلى الوالد بين الحين والآخر وأصوات المشجعين لى ولخصمى على الحلقة.
أريد هنا أن أهدى إلى شبابنا نموذجا لاقتناص الفرص يتعلمون منه كيف يبدأون عملا بسيطا يتطور ليصبح كبيرا لو نظروا حولهم ورصدوا مايحتاجه الناس وهو كثير وقاموا بتوفيره إما بتصنيعه أو التوسط لجلبه أو بيعه لحساب الغير .. لو فعلنا ذلك لما كان بيننا عاطل بالمعنى الحرفى للكلمة .. الصين أصبحت نموذجا للتسويق المقتحم الذى يراقب الأسواق بعينى الصقر وينقض على الفرص المتاحة بسرعة خاطفة يعجز أهل البلد أنفسهم عن الظفر بها .. وإليكم أمثلة نتعلم منها أسلوب الكوماندوز فى فنون التسويق والبيع:
• السعودية سوق عملاقة باعتبارها ملتقى العالم العربى والإسلامى يرتادها ملايين الناس طوال العام لزيارة الأماكن المقدسة وأداء شعائر الحج والعمرة .. وهؤلاء يحتاجون إلى ثلاثة أشياء أساسية يستكملون بها مشاويرهم الروحانية : ملابس إحرام وسجاجيد صلاة وسبح بأشكالها المختلفة .. ولايقتصر الأمر على الإستخدام الشخصى وإنما يتجاوز ذلك إلى إصطحاب تلك الأشياء معهم كهدايا لأحبائهم فى البلدان التى قدموا منها .. يدخل الصينيون منافسين شرسين يقدمون تلك السلع بأسعار رخيصة فى متناول كل الطبقات تكتسح أمامها كل ماعداها .. فرصة نادرة استغلها الصينيون واقتنصوها لسد حاجة ماسة إلى منتجات بأعداد ضخمة ومستوى أسعار منخفض وجودة معقولة تتناسب مع الأسعار.
• فى مصر لايزال الناس يقبلون الشراء من الباعة الجائلين الذين يدقون الأبواب يعرضون بضاعتهم ويفاوضون على السعر على الرغم من المحاذير الأمنية .. فرص كثيرة متاخة فى مجتمع الكثافة السكانية التى يتركز معظمها فى الأحياء الفقيرة التى يجاهد الناس فيها لكى يوفروا لأنفسهم وأسرهم سلعا ضرورية بأسعار تتناسب مع دخولهم الضعيفة .. يحمل الصينى أو الصينية شنطة ضعف حجمه ، يدخل العمائر ويدق أبواب الشقق يبيع بضاعته من الملابس والأجهزة المنزلية والإلكترونية والإكسسوارات الرخيصة المهربة دون كلل أو تعب .. جزء ليس بالقليل منهم إختاروا وسيلة أقل مخاطرة وهى مشاركة مصرى فى محل يعرضون فيه بضاعتهم يستهدفون المجمعات فى الأماكن الراقية ويظلون على اتصال دائم بالعملاء والأسواق يحددون احتياجاتها ويلبون تلك الإحتياجات بسرعة.. بل إن بعضهم أصبح ينافس الحرفيين فى أعمال الكهرباء والسباكة والنجارة بل وقص الشعر بالمنازل بأسعار تبلغ نصف مايدفع عادة فى مثل تلك الأمور .. اسواق موازية اصطنعوها مستفيدين من ضعف الرقابة واستهانة الأجهزة المعنية وسلبيتها.
• وأخيرا تنزل فرق من الصينين إلى مصر تحدد احتياجات مشجعى كرة القدم فى المباريات ذات الأهمية الخاصة مثل التأهل لكأس العالم فتغرق السوق بأعلام متقنة الصنع وبأحجام مختلفة تناسب كل الأغراض ومستويات الدخول .. ملايين الأعلام بيعت وسوف تباع يحملها الناس ويعلقونها ويزينون بها سياراتهم .. والذى يغيظ فى كل ذلك أن صناعة الأعلام بالذات لاتحتاج إلى تكنولوجيا متقدمة ولا ماكينات معقدة ولا تكلفة مرتفعة للإنتاج ، ولكن أحدا فى مصر لم يفكر فيما فكر فيه الصينيون ، فماذا حدث لنا لكى نفضل الإستهلاك على الإنتاج ، والراحة والكسل على السعى والتعب ، والوظيفة التى لاتجيئ على العمل الحر بكل مكاسبه ؟
حتى الأفكار الإبتكارية أصبحت وسيلة لاقتناص الفرص فنجد البليونير الأمريكى "وارن بافيت" يدعو ثمانية أشخاص كل عام لكى يتناولوا العشاء معه من خلال مزاد يشعل نار المنافسة بين من يريدون أن يحظوا بتلك الفرصة لحجز مقعد على مائدة رجل الأعمال الأسطورة .. ويفتح المزاد عادة بحد أدنى قدره 35 ألف دولار للمقعد الواحد وصلت هذا العام إلى أكثر من 860 ألف دولار.. ولما استغرب الإعلام من ضخامة المبالغ التى يتسابق أصحاب الملايين على دفعها والتى يخصصها بافيت كلها لأعمال الخير قال أحد المزايدين " لم يكن ممكنا لقاء بافيت بغير هذه الطريقة والحصول على استشارة من خبير مثله تزدهر بها أعمالى فأصبح مليارديرا مثله"

Friday, November 13, 2009

How Teams Meet Their Deadlines

Does your team meet its deadlines? What helps bring a group together to succeed?

Are you part of a project team or group at work or school? If so, do you have different pacing styles among the members of your group, some hot off the mark and done early, others waiting until the last minute? Do your team members share a common perception of the task and deadline? Do you ever provide reminders about project progress in relation to time? A recent study explored all of these factors in a study of how work groups met deadlines.
Related Articles
Getting into a productive work zone
Become Smarter: Mix it up
Tell the truth, are you procrastinating right now?
3 tips to reduce procrastination today!
I can start that manuscript next week, can't I?
Broadly speaking, the notion of "the procrastinator" was defined by a particular pacing style. Of the five pacing styles used in their study, the one described as "I do most of the work in a relatively short time before the deadline" certainly speaks to the issue of procrastination. Of course, not all aspects of the definition of procrastination are covered here. For example, there is no sense of a needless delay or one that necessarily will undermine performance, however most of us might characterize this last-minute effort before the deadline as a procrastinator in the group. This is in contrast to a pacing style described as "I start right away and finish the work long before the deadline." Certainly we all know people who characterize these pacing styles and the various types in between these extremes. We work with them daily, and each of us fits somewhere along this continuum for any given project (and our position may change on this continuum throughout our careers or depending on the project).

The key thing is, teamwork involves bringing together people with different understandings of the temporal aspects of tasks (e.g., understanding of the importance of meeting the deadline, task and/or sub-task completion times and the appropriate timing and pacing of task activities) and this can create problems in task completion. Gevers and her colleagues refer to the understanding of the temporal aspects of the task as "shared temporal cognitions," and they argue that there are two antecedents of this shared understanding: 1) similarity of pacing styles or preferences, and 2) the use of temporal reminders.

Pacing Style
Pacing style represent a person's preference for the allocation of time in task execution in relation to a deadline. As I noted above, this can be considered on a continuum from an early action pacing style ("start early and get it done") to a style that we might typify as the procrastinator ("work under the pressure nearer to the deadline").

Temporal reminders
Temporal reminders are tactics used to monitor group performance in relation to progress and the impending deadline. For example, group members may discuss time-related issues, remind each other of deadlines and urge group members to stick to sub-task completion as scheduled to ensure timely completion. Research has shown that talking about time in task groups facilitates the establishment of temporal norms and this discussion can foster a focus on task activity.

Taken together then, similarity of pacing style and temporal reminders can promote shared temporal cognitions which should improve the functioning of the group and the timely completion of group tasks. This is exactly what Gevers and her colleagues hypothesized in their study.

Their research
Gevers and colleagues studied 38 student groups with resulting usable data from 31 groups. They collected data longitudinally over 8 weeks for two assignments, including information about the individual group members' pacing styles, shared temporal cognitions and the use of temporal reminders. I described the continuum or pacing styles above, so I'll just give you a brief idea about their other measures.

For the shared temporal cognitions, they asked participants to indicate their agreement to items such as "In my group, we have the same opinions about meeting deadlines" and "In my group, we agree on how to allocate time available." Similarly, for temporal reminders, they asked participants to indicate their agreement to three items: 1) In my group, we have urged one another to finish subtasks on time, 2) In my group, we have reminded each other of important temporal milestones, and 3) In my group, we have prompted each other to stick to agreements.

Finally, meeting the deadline was assessed with one item. Participants indicated when they completed the group task on a 3-point scale: 1 = too late, 2 = just in time, and 3 = in ample time.

What they found
Their most intriguing and important finding was how the effects of shared temporal cognitions changed in relation to the pacing style of the group. For those of you who are statistically oriented, they found an interaction effect. In their own words, this is what they found,

". . . the effect of shared temporal cognitions on meeting the deadline is indeed moderated by mean pacing style . . . sharing temporal cognitions was beneficial to meeting a deadline when group members, on average, had an early action pacing style, whereas it was detrimental to meeting the deadline when group members, on average, had a deadline action pacing style" (p. 64, emphasis added).

They also found that temporal reminders used for the first assignment increased shared temporal cognitions for the second assignment.

What this means to us as we work in teams or manage teams
There isn't a big surprise with their main finding. "We conclude that homogeneous work groups composed of individuals who tend to use an early action pacing style in task execution are most likely to meet deadlines . . ." (p. 67). In other words, teams made up of individuals who start tasks early to finish early are better off.

However, they add this important note, " . . . in the long run all groups can acquire shared temporal cognitions when they use temporal reminders." (p. 67).

This means:

1. It may be beneficial to consider individual pacing styles when putting people into groups. Having even one member who has an early action pacing style can make a positive difference.

2. The use of temporal reminders may help to promote shared temporal cognitions in a group.

3. When group members fail to use temporal reminders spontaneously, managers may want to intervene to provide these or facilitate a focus on the temporal process.

Finally, it is important to emphasize that "all groups should be aware that sharing inappropriate temporal cognitions [e.g., deadline action pacing styles] is likely to impede their ability to meet deadlines" (p. 67).

My concluding thoughts . . .
As it is for the individual, "deadline action pacing styles" otherwise known as the procrastinator's life style is detrimental to timely completion of tasks and may undermine group efforts. Given that Gevers and colleagues cite earlier research that 56% of managers surveyed indicated that deadlines are often exceeded or missed, this is an expensive, wasteful cost to business.

Is procrastination or the pacing style associated with a "do it at the last minute" style just a problem of all-nighters and inconvenience? Not at all. It costs us all billions of dollars in wasted time and effort. Procrastination is something that affects the whole team, and managers need to put more emphasis on understanding why their employees are doing it and helping them to avoid needless and irrational delay.

References
Gevers, J.M.P., Rutte, C.G., & van Eerde, W. (2006). Meeting deadlines in work groups: Implicit and explicit mechanisms. Applied Psychology: An International Review, 55, 52-72.

Tuesday, November 03, 2009

إتجاهات معاصرة لتطوير التعليم الجامعى

دعيت إلى مؤتمر دولى عن الإتجاهات المعاصرة فى التعليم العالى فى جامعة مصرية كبيرة ، وأصبت بالنكد مرتين : مرة لما سمعته عن خطط إصلاح التعليم فى مصر ، ومرة حين عرضت بحثى عن توجهات التطوير فى العالم من حولنا والفجوة الرهيبة بين مانحن فيه وبين مستقبل التعليم كما يخطط له بالخارج حتى عام 2050.. لدينا فى مصر أكثر من هيئة وجهة خصصت لها الحكومة مبالغ طائلة إلى جانب الإتفاقات الدولية التى تعقد مع الجهات المانحة لتقديم الدعم المالى والفنى كقروض أو منح .. هناك أكثر من جهة وهيئة فى مصر المفروض أنها أنشئت لكى تتولى تطوير التعليم فى مصر أملا فى أن تحتل جامعاتنا مكانا ولو متأخرا فى ترتيب الجامعات وتصنيفاتها دوليا . خصصت الحكومة 2 مليار جنيه للهيئة القومية لضمان جودة التعليم والإعتماد ولمشروع تأهيل الجامعات للحصول على الإعتماد باضافة إلى وحدة للتخطيط الإستراتيجى بوزارة التعليم العالى تتبع الوزير شخصيا ، ومضى أكثر من أربعة سنوات ولم يحقق أيا منهما أهدافه التى كان مقررا لها ثلاث سنوات ، وصرفت الميزانية أو كادت على سفريات ومكافآت وبدلات ورواتب ولم يطرأ أى تحسين فى جودة التعليم المتوسط والجامعى بينما العالم يخطط كما قلت ليصل بهما إلى مسارات فلكية تخرج عن نطاق الجاذبية الأرض إلى أعلى درجات الفضاء الخارجى.
الجهات الثلاثة التى ذكرتها لايربط بينها أى خطة استراتيجية تحدد الأدوار ، وتقوم جميعها بعمل بعضها البعض فى نواحى كثيرة فتتبدد الموارد وتضيع الجهود ولايتحقق أى عائد .. لازلنا فى مصر نتكلم عن تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس فى إلقاء المحاضرات ، وفى تطوير بعض المناهج والمقررات ، وتوفير كتاب جامعى متخلف للطلاب ، وتجهيز معامل بأبسط الأجهزة التى عفا عليها الزمن ونعتبر ذلك إنجازا تستحق أن تحصل الجامعة بموجبه على الإعتماد .. جامعاتنا – وبالقطع مدارسنا – ليس بها دورات مياه آدمية ، وليس بها أماكن ملائمه يستريح بها أعضاء هيئات التدريس ، وفوق هذا وذاك لاوجود لما يسمى بالبحث العلمى الذى هو جوهر العملية التعليمية كلها وبدونه لايمكن أن تدرج جامعاتنا فى أى تصنيف عالمى حتى المتواضع منها .. وفى نهاية المطاف نعرف جميعا المستوى المتدنى لجودة المخرج النهائى وهو الطالب الذى يحمل شهادة بلا علم ولاعمل.. تعالوا نأخذ عينة من توجهات تطوير التعليم العالى بالخارج لكى نعرف حجم الفجوة التى تفصل بيننا وبينهم:
• يفكرون فى الخارج فى إنشاء جامعات "تفصيل" تلبى احتياجات الطلاب وظروفهم من حيث أوقات المحاضرات والبرامج التعليمية المقدمة التى تناسب تلك الظروف بحيث يصبح التعلم متعة وقيمة مضافة وليس عبئا يحتاج إلى ترتيبات خاصة .. سوف يستطيع الطالب بالخارج أن يختار البرامج التى يريد أن يتعلمها بحيث تنمى قدراته أو تخدم عمله ويسقط من حسابه أى برامج أخرى "حشو" تمتلئ بها برامجنا الدراسية .. وسوف يختار الطالب مواعيد الدراسة والإختبارات التى سوف تتطور هى الأخرى لكى تقيس مستوى تحصيل الطالب وليس مستوى حفظه أو "صمه" للمقرر الدراسى ، بل إن الطالب فى نطاق اتفاقات التآخى بين الجامعات فى البلدان المختلفة يستطيع ان يستكمل دراسته فى أى جامعة فى موطنه دون أن يسافر إلى الجامعة التى يريد أن يتخرج فيها.
• ويفكرون فى إلغاء الكتاب الجامعى الذى يرون أنه لم يعد ضروريا فى ظل إنتشار تكنولوجيا الإتصال وسهولة وسرعة الحصول على المعلومات .. سوف يتواصل الأستاذ والطالب إلكترونيا فى أوقات متفق عليها دون حاجة إلى أن ينتقل الطالب إلى الجامعة دون أى ضياع للوقت.. سوف يتحدد إطار عام للمقرر الدراسى الذى اختاره الطالب لنفسه ومتطلبات استيفاء المقرر من خلال البحوث التى يجريها الطالب باستخدام مصادر المعرفة المتاحة فى الموضوع وخبرته الشخصية العملية .. هناك يلغون الكتاب الجامعى بجاذبيته وألوانه والأقراص المدمجة التى تصاحبه ، وهنا لازلنا نحتفظ بأيدينا بكتاب متخلف ردئ الطباعة قديم المعلومات لايفخر أحد باقتنائه ناهيك عن الإحتفاظ به كمرجع.
• التوسع فى الجامعات المؤسسية هو توجه مستقبلى فى الخارج حيث تتولى المؤسسات الكبرى ذات الإمكانات العملاقة إنشاء جامعاتها الخاصة المعتمدة والتى تمنح الدرجات العلمية لطلابها من بين العاملين بها والذين سوف تتجه دراساتهم وأبحاثهم لكى تصب فى تطوير العمل بتلك المؤسسات وزيادة الإنتاج وجودته وتلبية احتياجات السوق من المنتجات التى يحتاجها العملاء ومعها تنمية ذاتية للمجتمعات التى تعمل بها تلك المؤسسات وتعتبر اسهاماتها فى هذا السبيل واجبا عليها ينبغى الوفاء به.
أكبر صدمة اصابت الحاضرين حينما قلت أن الناس فى الخارج يتجهون نحو إلغاء الجامعات تماما بحلول عام 2050 ، وأنهم يفكرون فى توفير ميزانيات الجامعات بمبانيها وصيانتها ومعاملها وقاعاتها وملاعبها وأنهم سوف يستعيضون عنها بمراكز البحوث والنوادى المنتشرة فى كل مكان باعتبار أن المجتمع المدنى شريك فاعل فى النهوض بالتعليم .. الأستاذ الجامعى سوف يشرف على طلابه ويلتحم معهم خارج أسوار الجامعة وسوف يجرون أبحاثهم فى البيئة التى يعيشون فيها والتى يعرفون أكثر من غيرهم احتياجاتها .. نحن أحوج مانكون إلى نوفير المليارات التى اقتطعها الشعب من قوته والتى يستفيد بها فئة الموظفين والمنتعفين من وراء تخريب التعليم ، ونتوقف عن الحديث عن جودة التعليم الذى هو غير موجود أصلا ..!

تطوير الخطاب الدينى مرورا بالأزهر وجامعته

لست أحاول هنا أن أتناول قضية النقاب ومااثير حولها فأنا لاأعتبر أن القضية أن نثبت مشروعيته من عدمه وإنما فى حرية الناس وحرية العقيدة دون جبر أو إلزام .. أحاول هنا أن أنبه إلى استغراقنا فى مشاكل فرعية تستنفذ ماتبقى من طاقة قومية كان يجب أن نوفرها لما هو أهم ولحل العديد من المشاكل المعقدة التى نعانى منها والتى لن يحلها إرتداء النقاب أو خلعه ويستحيل أن تشغل المؤسسة الدينية نفسها بها عن أمور أخرى من صحيح الدين وليست محل خلاف بين الأمة والتى لو تغير الخطاب الدينى يمكن أن تتحول إلى طاقة رهيبة على العمل والإنتاج وحسن المعاملة بين الناس والنهوض بالمجتمع كله وتنمية قدراته .. وطبيعى ألا يعنينى الحديث عن أشخاص وأنا اثير تلك القضية الهامة حتى لو كان شخص شيخ الأزهر بكل مؤسساته الدينية والعلمية ومنها جامعة الأزهر ، فالمقصود مرة ثانية هو أن ندق ناقوس الخطر لما صار إليه الخطاب الدينى فى ظل إنحسار دور الأزهر وجامعته ومؤسساته التى كان يمكن أن تقوم بدور أكثر فعالية ينتظره الشعب المصرى منها اليوم أكثر من اى وقت مضى .
لايختلف أحد على أن دور الأزهر قد تضاءل وزاد ضعفا بطريقة ملحوظة خلال العقد الماضى، ولاينبغى إطلاقا أن يرهبنا شخص من يتولى مشيخة الأزهر عن أن نقول كلمة حق وأن نبدى رأينا موضوعيا لكى تقوم تلك المؤسسة العريقة بدورها مهما كان نوع التغيير المطلوب .. وإذا كان الحوار الذى دار بين شيخ الأزهر وطفلة فى الحادية عشرة من عمرها فى الصف السادس الإبتدائى قد دل على شيئ فإنما يدعم وجهة نظرنا فى ضرورة التدخل السريع كما تقدم لكى يستعيد الأزهر مكانه ومكانته ويعود له تأثيره الذى كان .. وبعد أن شاهدت واستمعت كغيرى للأحاديث التى أجريب مع شيخ الأزهرحول تلك الواقعة من محطات ومقدمى برامج موضوعيين لهم وزنهم واحترامهم ، فإنى فى تحليلى هنا سوف ألتزم بما شاهدته وسمعته حتى لايدعى أحد بغير الحقيقة التى سوف أبنى حولها دعوتى الصارخة :
• لاأشك لحظة فى أن اعتراض شيخ الأزهر على ارتداء طفلة للنقاب داخل فصل دراسى وسط زميلاتها له مايبرره منطقيا ، ولكن الأسلوب الذى اتبع لايمكن أن يقره أحد حين يدخل رجل بمكانته فى جدل حاد مع الطفلة وينفعل عليها ويرد على لسانه عبارات صادمة أقر ببعضها فى أحاديثه بل وزاد عليها .. لم يكن فضيلته فى معرض الحكم على مدى علمه ومرجعيته الدينية ، ولم يتحدى أحد مكانته ورغبته فى ايضاح الأمر وحكم الشرع ولو كان الأمر قد تم " بالحكمة والموعظة الحسنة " لكان مثالا جميلا لسلوك إسلامى ونموذجا للدعاة الذين تمتلئ بهم مساجدنا ويظنون أنهم يملكون الحكمة المطلقة ويحتكرون توزيعها بين الناس بأساليب التخويف والقهر والصراخ فلا حال إنصلح ولاسلوك تغير.. ينبغى على الشيخ ان يراجع أسلوبه فى التخاطب – والجماهيرى منه على وجه الخصوص - لكى يتوافق مع كرامة المنصب الذى يشغله .
• الخلاف الحاد بين شيخ الأزهر وهيئة علمائه حول كثير من القضايا والمسائل والفتاوى ينذر بشر مستطير ، ويزلزل الأرض تحت مكانة الأزهر فى العالم العربى والإسلامى ويثير البلبلة بين الناس ويفتح الباب على مصراعيه لمدعى العلم ومفتيي الفضائيات أن يزيدوا شك الناس فى دينهم ويجعلهم فريسة سهلة للمتطرفين الذين اصبحوا شيعا وفرقا يأكل بعضها بعضا وتجاهد لكى تنسف أمن المجتمع وأمانه بأفكار مدمرة وأساليب متأخرة ومعارك تستهدف قيم التسامح والمؤاخاة فى مجتمع يشتعل حاليا بالخلافات وببذور فتنة يرويها ويرعاها اصحاب المصلحة فى إشعال فتنة طائفية لاتبقى ولاتذر.. وحدة الرأى فى الأزهر أمر بالغ الأهمية ، ولكنها لاتعنى وحدة رأى شيخ الأزهر بل إجماع علمائه على الأمور الدينية التى تصلح أحوال الناس .. أقول ذلك لأن الشيخ الجليل صرح بحدة فى الفضائيات بأنه سوف يجمع المجلس الأعلى للأزهر لكى يتخذ قرارا يمنع دخول المنتقبات إلى مدارس ومعاهد وكليات الأزهر قبل أن يجتمع المجلس ويقرر ذلك.
• جامعة الأزهر التى كانت الأمل فى تخريج دعاة يؤمنون بالوسطية وينتشرون فى كل بقاع الأرض برسالة الإسلام السمح الذى يعترف بكل الأديان السماوية ويتعايش معها فى سلام ، وتستقبل مبعوثين من أكثر من مائة دولة أسلامية لكى تعدهم كدعاة مستنيرين يسهمون فى نشر تلك المبادئ السماوية السامية .. هذه الجامعة العريقة يحكمها فكر جامد غير متطور لايلاحق أيقاع العصر ، ولا يسعى لتطوير برامجه ولا مقرراته لكى تتناول دور الدين فى تناول مشاكل المجتمع بمفهوم عصرى لايخل بثوابت الدين ولكنه يتصدى لكل مايستجد من تيارات مدمرة .. خريجو الأزهر ينضمون إلى طابور الدعاة التقليديين الذين يملئون الساحة حاليا موظفين فى وزارة الأوقاف يحفظون نصوصا قديمة لخطب عفا عليها الزمن لاعلاقة بينها وبين التعاملات بين الناس ولا المشاكل العصرية التى يعانون منها.. خريجو الأزهر الذين نبعث بهم للخارج لايجيدون أى لغة أجنبية على الرغم من وجود كلية للغات والترجمة تابعة للجامعة .. الكتب التى يشتريها الطلاب لم يتغير فيها حرف منذ أكثر من ربع قرن .. قلعة حصينة مغلقة الأبواب فى وجه أى تيار إصلاحى يهدد المستفيدين من بقاء الحال على ماهو عليه.. ولكى اثبت كلامى سوف أذكر حادثة كنت شاهدا عليها : توجد على ناصية جامعة الأزهر لافتة تشير إلى موقع الجامعة باللغتين العربية والإنجليزية وهناك خطأ بشع فى الترجمة الإنجليزية حيث كتبت كلمة جامعة خطأ هكذا UNIVERISTY بعد كلمة الأزهر .. المصيبة أننى نبهت أحد نواب رئيس الجامعة منذ أكثر من عامين فى اجتماع ضم كل عمداء كليات الجامعة إلى هذا الخطأ وضرورة إزالة اللافتة واستبدالها ، ولكن اللافتة لاتزال على حالها فى مكانها تخرج لسانها لأى محاولة لاختراق الجامعة بأى مشروعات إصلاحية تفتت الجمود الذى أصاب الجامعة بالشيخوخة المبكرة حتى لو كان استبدال لافتة تسيئ إلى كل من يقرأها ولايحرك ساكنا.

إهدار الوقت .. والفرص الضائعة

أنظر حولى فإرى الحياة تتبدد والناس تتصرف كما لو كان العمر مشوارا نحدد طوله ونقرر متى وكيف نقطعه .. ألغى الناس عنصر الوقت من حساباتهم وأصبحوا يرتدون الساعات استكمالا للمظهر العام وليس لحساب الوقت والإلتزام به .. أليست نكتة سخيفة أن تحاصرنا أدوات ضبط الوقت فى كل مكان نذهب إليه ولكننا نتجاهلها ولانلتفت إليها ؟ ساعات الحائط فى كل مكان ، أجهزة المحمول تظهر الوقت على الشاشة ، والساعات أشكال والوان نرتديها حول معاصمنا ولكننا نصر فى كل مانفعل أن نؤكد على عدم فائدتها وضآلة قيمتها.. حجم الفرص الضائعة عندنا يساوى حجم عدم تنظيم الوقت واحترامه ، والخسارة الناتجة عن ذلك جسيمة وهائلة على المستوى الشخصى والمستوى القومى والإقليمى .. حسن إدارة الوقت ثقافة نفتقدها ، أما "قتل الوقت" فصناعة مصرية تحتل مكانا مرموقا فى موروثاتنا الثقافية على كل مستويات وشرائح المجتمع ، وتعالوا نأخذ بعض الأمثلة على تفننا فى إهدار الوقت وأهم الأسباب التى تشجع على ذلك :
• أصبنا بما يمكن أن نسميه "شهوة الكلام" حتى لأدهش من الذى يستمع فى مصر. خمسة وخمسين مليونا من المصريين يحملون تليفونا يصاحبهم فى أى وقت وفى أى مكان بصورة مرضية توحى باخترع يسمح بأن يصبح المحمول جزءا من الأذن حتى لايضطر أحد إلى تحمل عبء فتح وإغلاق التليفون أو إعادته إلى جيبه أو جرابه حين الرد على مكالمة أو الإنتهاء منها .. شعب يصرف 36 مليار على الكلام كل سنة ، ولو حسبنا العائد على الدخل القومى من وراء ذلك فلن يتجاوز 10% والباقى يدخل فى جيوب شركات المحمول الثلاثة بالإضافة إلى مايصرف على التليفونات الأرضية .. لايمكن أن نسمى مايحدث "صناعة الإتصالات" بل نسميها وبحق "صناعة الكلام" ويحق لنا أن نسجل الإسم وحق الإختراع إذا لزم الأمر.
• المرور أصبح وجعا قوميا مزمنا يسيطر على المراكز العصبية لمصر ويصيبها بالشلل فى معظم الأحيان ، وبحسبة بسيطة للوقت الضائع فى الذهاب إلى العمل والعودة أو فى حضور اجتماع أو قضاء الحاجات اليومية سوف نكتشف أننا نضيع ربع حياتنا على الأقل داخل وسائل المواصلات المختلفة أو داخل سياراتنا على حساب الإنتاج وزيادة الناتج القومى .. بل إن الأخطر من ذلك أننا نحتاج إلى مزيد من الوقت لكى نعالج توابع التلوث الذى يحدثه عادم تلك السيارات بأنواعها المختلفة وموديلاتها القديمة وحالتها المتردية ، وسواء اقعدنا المرض فى المنزل أو فى المستشفى فإن النتيجة المؤكدة أننا نضيع مزيدا من الوقت حين نؤجل الحلول الجذرية للمشاكل فتصبح مزمنة أو مستعصية تحتاج لمزيد من الوقت للتصدى لها .. أكثر من 50% من الفاقد فى الناتج القومى الإجمالى يرتبط بتصلب شرايين الشارع المصرى بصورة تجعل العاصمة تعيش على جهاز التنفس الصناعى .
• قبول أكثر من عمل نعلم يقينا أننا لن نجد الوقت لأدائها فى قطاع عريض من كبار المسئولين بالدولة آفة أخرى تشكل مؤامرة على حسن إدارة الوقت عندنا ، فلا يمكن لمن يتقلد أكثر من منصب أو يكلف بأكثر من مهمة أن يتقن عمله فيها كلها لأنه ببساطة لايمكن أن يجد الوقت الكافى لذلك .. الخروج من هذا المأزق لايكون إلا بتأجيل التعامل مع المشكلات والتسويف وعدم إتخاذ القرارات اللازمة فى الوقت المناسب ، والنتيجة ضياع الوقت مرتين : مرة فى تأخير القرار ، ومرة فى التعامل مع تبعات القرار المؤجل ومحاولة حل المشكلات المترتبة على ذلك.. وهناك كثير من المشكلات تتفاقم وتزداد تعقيدا نتيجة لغياب المسئول أو من يملك اتخاذ القرار وتكون النتيجة فقدان ثقة الناس فى الحل وتشككهم فى نوايا المسئول "المنشغل" عنهم لاسيما إذا تعلق الأمر بتطوير أو إصلاح .
• عشق الإجتماعات فى مؤسساتنا أكبر مضيعة للوقت حين تتحول تلك الإجتماعات إلى "مكلمات" وفرصة للفضفضة أو لتبادل الإتهامات أحيانا .. وكثير من اجتماعات العمل لايحدد لها جدول أعمال ولاإطار زمنى تبدأ وتنتهى عنده ، وحتى لو كان هناك جدول أعمال قلامانع من الخروج عليه للأعلى صوتا الذى يريد أن يفرض إرادته على الآخرين .. الإجتماعات مالم تنتهى بالإتفاق على شيئ وتوزع التكليفات ويتم متابعة تنفيذها تتحول إلى لقاءات نميمة أو مناسبة اجتماعية للدردشة .. أكثر من نصف الوقت المخصص للعمل يضيع فى اجتماعات لالزوم لها لمناقشة موضوعات روتينية بسيطة يمكن التعامل معها واتخاذ قرارات سريعة بشأنها دون إضاعة وقت فريق العمل الذى حضر الإجتماع .. الناس فى مصر يحسبون وقت الإجتماع بحساب الفرق بين وقت بدء الإجتماع وانتهائه ، ولكن الصحيح هو أن وقت أى إجتماع ينبغى أن يكون حاصل ضرب عدد الحاضرين فى الوقت الذى استغرقه الإجتماع.
السرد والتكرار والإستطراد ملامح تحدد نمط التواصل بيننا .. نحن حكائون بطبعنا والقصة التى نحكيها نعيدها أكثر من مرة بسيناريوهات وطرق مختلفة زيادة فى التأكد من أن الرسالة التى نريد أن تصل للطرف الآخر .. نفعل ذلك حتى فى أبسط الأمور التى لاتحتاج إلى شرح كثير والمقدمات فى كثير من الأحيان تكون أطول من الموضوع نفسه ودائما مايسرقنا الوقت فلا نجد وقتا كافيا لقول المفيد بعد أن استهلكنا الوقت فى المقدمة للموضوع والتمهيد له .. ويكفى مشاهدة أى برنامج حوارى لكى نتأكد من أن مايدور ليس "حوارا" بين طرفين وإنما عزف منفرد للمتكلم دون أن يلقى بالا للوقت ولا لحق الآخرين فى التعبير عن أرائهم.