Wednesday, August 24, 2011

السيرك السياسى

فى عهد مبارك عشنا سيركا سياسيا من نوع فريد، فالسيرك المعتاد تتنوع فقراته ومن بينها فقرة المهرج الذى يظهر فى ملابس واسعة ويطلى وجهه بالمساحيق ويقوم بحركات ضاحكة نابعة من مواقف ساذجة تسبب له المشاكل التى يحاول حلها فيزيدها تعقيدا .. أما سيرك النظام السابق فلم يكن يقدم غير فقرة واحدة على امتداد السنوات الطوال التى حكم فيها مصر وحولها إلى ساحة مولد كبيرة يتزاحم الناس فيها على رؤية مايعرضه عليهم أرجوزات النظام الذين تتغير مواقعهم ولكن الفقرة التى يقدمونها واحدة لاتتغير. وذهب عهد مبارك وظننا أن السيرك السياسى قد ولى إلى غير رجعة لكى يحل محله عمل سياسى جاد تقوم به قوى سياسية واعية لها قضية تؤمن بها وأهداف عليا تسعى لتحقيقها لمصلحة الوطن حتى لو كان ذلك على حساب مصالح أيديولوجية أو شخصية قد تتعارض وتتداخل وتتصارع مع الهدف الأسمى من العمل السياسى .


صاحب السيرك فى عهد مبارك كان معروفا ، وكان من مصلحته أن يضم تحت جناحه كيانات أصغر تقنع بدور المهرجين يلهون الناس عن مطالبهم المشروعة فى حكم رشيد ومشاركة فى الحكم وديموقراطية حقة وليست مجرد واجهة لتجميل وجه النظام تخفى وراءها مسالخ ومعتقلات وسجون يزج فيها بكل من يجرؤ على المعارضة الحقيقية أو يعلو صوته على صوت الحزب الأوحد أو يلمع فى الشارع بما يهدد خطط التوريث وإعداد ولى عهد الأسرة الحاكمة لتولى الحكم خلفا للإمبراطور والتى كانت الشغل الشاغل لكل أجهزة الدولة .. المشكلة أن السيرك الأم حين أغلقت ثورة 25 يناير أبوابه لايزال له فروع منتشرة فى كل مكان بأسماء مستعارة يسمونها أحزابا وأحيانا تحالفات أو إئتلافات وتنتشر فى كل محافظات مصر بفرق مؤهلة من محترفى التهريج السياسى يروجون لبرامج متنوعة ومختلفة عما كان يقدمه "السيرك الوطنى" ويطمعون فى أن ينجذب إليهم البسطاء وحسنى النية من الناس الذين تداعب أحلامهم البيانات العنترية التى تصدر بمعدل بيان كل ساعة وتلهفهم على مشاهدة "شجيع السيما" وهو يقهر عشرات الأعداء فى حركات بهلوانية تنافس حركات "جاكى شان" فى السينما الأمريكية.

الأحزاب التى أقصدها هى التى يتنقل فيها "مطاريد" الحزب الوطنى من "جوعى" السلطة الذين يأكلون على كل الموائد لاولاء لهم إلا لمصالحهم يتهافتون على المناصب ليس بغرض الخدمة والصالح العام ولكن لزوم الوجاهة الإجتماعية ، يجيدون تدليك الذات ويحيطون بصاحب القرار يسمعونه مايحب ويوغروا صدره على كل صاحب كفاءة لأنه يمثل تهديدا لهم ويتحالفون معا فى كيان طحلبى متسلق يمنع عنه الشمس والهواء وينتهى به وبهم إلى قرارات طائشة غير مدروسة تطيح بهم معا بعد حين لتبدأ الدورة من جديد .. رؤساء الأحزاب الذين يقعون فى حبائل هؤلاء يخطئون الحساب ويظنون أنهم بكثرة عددهم تزداد "العزوة" التى تحيط بهم ومن ثم يزداد رصيدهم لدى الشارع بينما هم فى واقع الأمر مجرد أصفار على الشمال عديمة القيمة لايمثل مجموعها واحد صحيح .. مجرد حاملى شنط وكتبة أو "كدابين زفة" كان الأتراك يسمونهم "المهمندار" وهم من يسبق الوالى يعلن قدومه ويوسع له الطريق، وهم أناس لايملكون أى رؤية أو فكر، مصابون بمرض "نقص المناعة السياسية" الذى قضى على نظام مبارك وحزبه الأوحد الهش وأطاح بسدنته خلال أيام وانتشرت جحافلهم بمسميات مختلفة وأقنعة تخفى وجوها كريهة فى كل الأحزاب والكيانات الموجودة على الساحة الآن يبحثون عن دور ويخربون الحياة السياسية ينقلون فيروس المرض من خلال علاقات سياسية غير مشروعة ويعرضون صحة الوطن ومصالحه وأمنه لمخاطر جسيمة .. لقد حول نظام مبارك مصر كلها إلى "مشحتة" كبيرة بما فى ذلك المناصب السياسية وخلق طبقة من السياسيين يسمونهم فى الخارج "المتشردون" Carpet Baggers وهؤلاء هم مستحقى الصدقة السياسية ممن تمتلئ بهم كثير من الأحزاب الموجودة على الساحة الآن.

لاسبيل لتطهير الأحزاب من هؤلاء إلا بأن تتحول الأحزاب الكبرى فى مصر بشكل جاد وليس كلاما إلى أحزاب مؤسسية تعتمد على الإدارة الرشيدة وليس مجرد العمل التلقائى وردود الأفعال والقرارات الوقتية غير المدروسة .. إدارة الفرد ليس من العمل المؤسسى فى شيئ، والعمل المؤسسى لايعنى كثرة اللجان ولا التنظيمات ولا المكاتب المنتشرة فى طول البلاد وعرضها وإنما بتفعيل كل ذلك فى عمل منظم يدر عائدا مجتمعيا يسهم فى تنمية مصر ، ويستغل قدرات الكوادر المؤهلة صاحبة الرصيد الغنى من الخبرات القادرة على العطاء الوفية لوطن يستحقهم واستبعاد جحافل المرتزقة من تلك الأحزاب.. وأتساءل: إذا لم تكن الأحزاب فى مصر قد قامت من أجل عبد العاطى صائد الدبابات ومحمد العباسى الذى رفع العلم على خط بارليف بعد أن داسته أقدام جنود مصر وأحمد الشحات الذى لم يفكر لحظة فى تسلق واحد وعشرين طابقا لكى ينزل العلم الإسرائيلى ويعود به إلى الثوار لكى يحرقوه ويضع علم مصر بدلا منه .. أقول إذا لم تكن الأحزاب قد قامت لكى تستوعب أحلام هؤلاء ومطالبهم المشروعة فلماذا هى موجودة أصلا؟ إسألوا أيا من هؤلاء الأبطال البسطاء من أبناء مصر أى الأحزاب يحبون أن ينضموا إليه لو عرض عليهم ذلك وسوف يكون ردهم جميعا قاطعا: " ولا حزب " وفى ذلك أبلغ دليل على حجم وقيمة الأحزاب القائمة المنشغلة بالصراعات والتكالب على المناصب وطبول الدعاية التى أصبحت تمثل تلوثا سمعيا يحتاج أن يتوقف فورا.

صندوق الدنيا وفساد الأحزاب

لاشك أن أبناء جيلى لازالوا يذكرون كيف كنا نحن صغارا نقطع المسافات الطويلة سيرا على الأقدام خلف رجل يحمل على ظهره صندوقا خشبيا ودكة صغيرة لندفع له جزءا من مصروفنا اليوم فنجلس منفردين أو مجتمعين على الدكة التى يحملها وننظر من خلال فتحة فى الصندوق بعد أن يغطى رؤوسنا بملاءة متصلة نحدق بانبهار فى الصور المتتالية داخل الصندوق والتى يحركها الرجل يدويا بينما يحكى لنا قصص البطولات الخارقة لأبو زيد الهلالى وعنترة إبن شداد والزناتى خليفة وكيف أن كل واحد من هؤلاء كان يطيح بألف رجل فى كل ضربة سيف ، ويحارب قبيلة بأكملها لكى ينقذ حبيبته التى اختطفها الأعداء ويعلو زئيره جلجلا فيفرون هاربين من أمامه كالفئران .. قصة "رامبو" العربى التى طورتها السينما الأمريكية فى سلسلة من الأفلام تمجد الإنسان الغربى وتذكر العرب دوما ببؤسهم وضعفهم وهوانهم على أنفسه أولا ثم على باقى الناس فى كل بقاع الأرض، وكانت تلك هى البداية لممارسة بعضنا للرياضات العنيفة مثل الملاكمة والمصارعة حتى نرتقى فى سلم الرجال ونزداد طولا ولو بشبر واحد.. وحين شببنا عن الطوق وبدأنا نقرأ الصحف المحترمة التى كانت تصدر فى هذا الزمن الجميل أكتشفنا عالما آخر يضم أبطالا من نوع آخر لايقلون أهمية عن أبطال صندوق الدنيا فى السياسة والقانون والإقتصاد والتنمية الإجتماعية والتنظيمات النقابية يزلزلون العروش ويحاسبون الحكام ويدافعون عن الدستور بل ويسقطون النظم المستبدة.


لذلك أعتقد أن الأحزاب السياسية فى أى بلد – وبالذات فى مصر - كانت ولاتزال "دنيا" لاتحتاج إلى صندوق أو إلى "غجرى" يتولى عملية السرد المشوق لما يجرى بعد أن صار مايدور بداخلها مشاعا يعرفه القاصى والدانى وينتشر إلكترونيا فى ثوانى من خلال جماعات التواصل الإجتماعى، وإن كان بعضها لايزال يعتقد أن إخفاء رأسه فى الرمال تجعله غير مرئى على غرار "طاقية الإخفاء" التى كان يرتديها البطل فى فيلم يحمل نفس الإسم كنا نتابعه ونتمنى أن نجد تلك الطاقية بأى ثمن لكى نفعل مانريد بعيدا عن أعين الأهل والناس بعيدا عن الحرج أو التأنيب الذى كان ينالنا منه الشيئ الكثير، وأحيانا "عمال على بطال" فقد كان سوء الظن بنا مقدما فى كثير من الأحيان على حسن الظن .. مسرح كبير توزع فيه أدوار البطولة والأدوار الثانوية طبقا لحجم ووزن كل حزب ، والصالة تتسع لكل من يريد أن يرصد أحداث الدراما الإنسانية والسياسية التى تدور أمامه فى تتابع ينافس الأساطير الإغريقية فى عمقها ومآسيها .. أحيانا يكون هناك مخرج واحد يحتكر المسرح السياسى ويجيز ويمنع أى عرض يعرف أنه لن يرضى سيده فيتدخل لتعديل السيناريو ويعيد توزيع الأدوار لكى تخرج المسرحية بالشكل المطلوب الذى يخدم الشعارات المطروحة والتى تمجد النظام وتتغنى وتتفاخر بإنجازاته مثلما كان يفعل صفوت الشريف ، وأحيانا تفرض ضخامة الإنتاج إمكانات مخرج واحد فيتصدى لإتمام العمل أكثر من مخرج يحاولون العمل معا كفريق متجانس على الرغم من أنهم جاءوا من مدارس فنية مختلفة ولذلك يخرج العمل تجريديا يذكرنا بمسرحيات العبث التى لاتشترط وجود قصة ولا حبكة ولا تسلسل فى الأحداث وإنما مجرد حركة توهم المشاهد أن شيئا ما يحدث، وهذا مانشاهده على الساحة السياسية الآن.

الفساد السياسى فى رأيى بدأ بإفساد الأحزاب فى مصر وتحويلها لساحات للصراع - الذى انقلب داميا فى بعض الأحيان – بين أعضاء الحزب الواحد ، وبين الأحزاب بعضها البعض .. صفقات ووعود وتقسيم للكراسى على قدر الدور والحجم والوزن وقوة التأثير فى الشارع وصنع لزعامات توزع عليها "ماسكات" يضعونها على وجوهم فيبدون أضحم بكثير من حجمهم، ثم يأتى بعد ذلك سلاح المال فيحدث التزاوج بينه وبين السلطة .. عمليات تجميل "وتكبير" لتضاريس الجسم الحزبى فى مصر حتى يبدو مؤسسيا ديموقراطيا ليبراليا ذو آليات فى عملية اتخاذ القرار على غير الواقع فيكتمل بذلك ديكور الديموقراطية التى كان نظام حكم مبارك يتغنى بها ويروج لإسم مضحك أطلقه على نفسه وتبنته صحف النظام ظنا منها أن تكرار استخدامه سوف يقنع الناس فى مصر المحروسة أنهم يعيشون بحق "أزهى عصور الديموقراطية" .. إشتركت بعض الأحزاب ولا شك فى جريمة إفساد الحياة السياسية فى مصر، وبعضها لايزال يلعب نفس الدور الذى لايجيد غيره حتى أصبح لايحتاج إلى "ملقن" يسعفه إن نسى الكلام أو شكل الحركة على المسرح ، وكثرت الإئتلافات والتكتلات والحركات والفصائل بأسماء مختلفة تخفف بنزقها ورعونتها تركيز العمل السياسى فى مصر، وانتشر فلول الحزب الوطنى يحملون اللافتات الجديدة بأسماء تلك الأحزاب أو يتسللون إلى أحزاب قائمة يشترونها بأموالهم ويحتلون أماكن القيادة فيها لو استطاعوا .. لكل ذلك أقول أن تطهير الحياة السياسية فى مصر يبدأ بتطهير الأحزاب لنفسها أولا، وتصفية الفلول الذين نجحوا أو يسعون لتوجيه دفتها إلى موانى الوصول التى يريدون وينقلون ولاءهم بين الأحزاب والإئتلافات التى أصبحت تفوق الحصر بالبساطة التى ينتقلون بها بعض "الفكة" التى يحملونها من جيب لآخر.. وحتى يحدث ذلك التطهير الذاتى للأحزاب لابد أن نتوقف عن الكلام عن ديموقراطية حقيقية وحكم مدنى وانتخابات نزيهة ودستور يليق بمصر الحديثة.

الثوار والفلول : مشاهد ولقطات

حين اندلعت شرارة الثورة كنت لازلت بمنزلى استعد للخروج إلى عملى، وإذا بى اسمع صوتا يتعالى كهدير الموج يأتى من بعيد ثم يقترب تدريجيا بهتافات مدوية تنادى بسقوط نظام مبارك .. حين أصبحت المظاهرة على بعد خطوات من منزلى كانت زوجتى بالشرفة المطلة على الشارع تبكى وتدعو للثوار بالنصر وبجانبها ابنتى التى كانت تفعل نفس النشيئ ولكنها بحاستها الصحفية صارت تلتقط صورا نادرة وتسجل مايحدث بالشارع من تلاحم وتوحد يتحولان إلى قوة جبارة تزيح أمامها أعتى النظم وأكثرها شراسة وجبروت وتشبثا بالسلطة وتفننا فى مظاهر الفساد والظلم والقهر لشعب لم يفهمه لا الحاكم ولا خدامه من "فلول" النظام .. أما أنا فوجدت نفسى أجرى على السلم دون انتظار للمصعد لكى أنضم للثوار فى مسيرتهم متوجها إلى التحرير أهتف حين يهتفون وأغنى حين يغنون .. عاد إلى شبابى وشحنت بطاقة هائلة مستمدة من طاقة الشباب حولى، طاقة تتجاوز طرق القياس التقليدية المعروفة تضيئ القلوب والنفوس بإشعاعات تملأ الفراغ الكونى كله بين السماء والأرض ، وخلال المسافة ما بين بيتى فى المعادى حتى ميدان التحرير عشت دراما إنسانية رهيبة لايمكن أن يصل إلى الإبداع فى صياغتها بأمهر كتاب السيناريو فى العالم إلى مستوى حركتها وتفاعلها وأحداثها .. أختار بعض المشاهد التى تعبر أبلغ تعبير عن المعدن الأصيل النادر للشعب الذى لم تفهمه عصابات عصر مبارك الذين كانوا يحكمون فى عالم خيالى من صنعهم داخل قصور وفلل وضياع وإقطاعيات داخل أسوار عالية تحجب صاحب الأرض وتحول بينه وبين وصول صوته إلى المغتصب الذى لايريد أن يسمع أو يرى إلا مايحب.. أفعل ذلك بغرض إبراز المفارقة الساخرة لمشاهد من محاكمة رأس النظام ورموزه رسمتها ريشة التاريخ بمهارة فائقة لكل من يريد أن يتعظ ويتعلم كيف تحكم الشعوب.


المفارقة الأولى أن النظام اعتمد فى محاولة كسر شوكة الشعب "وتدجينه" وترويضه على قبول الظلم بخلق دائرة جهنمية بحجم مصر كلها يتقاتل الناس فيها على لقمة العيش ويسعون بلا كلل لتوفيرها لهم ولمن يعولون ويقنعون بحد الكفاف منها فلا يعود لديهم وقت لكى يصبحوا تهديدا يهز عروش النظام وسدنته .. كانوا يعتقدون أن الناس يمكن أن تضحى بأى شيئ فى سبيل لقمة العيش فإذا بى أرى نفس هؤلاء الناس من أصحاب محال البقالة التى مررنا بها فى طريقنا إلى التحرير يلقون إلينا بزجاجات المياه المعبأة وقطع الحلوى والمأكولات المغلفة وهم يهتفون ويصفقون تعبيرا عن مساندتهم ومؤزارتهم للثورة وشحنا لهمم الثوار فى أول استفتاء شعبى لحظى فى التاريخ.. مطالب الثوار إذن تتجاوز الجرى بلا توقف وراء لقمة العيش وتسمو عليها، بل إن عجوزا تبيع الفاكهة على عربة يساعدها ابنها أخذت تزغرد بينما إبنها يلقى إلى بحباب اليوسفى تعبيرا عن فرحه ومشاركته للثوار .. هؤلاء أناس بسطاء ضحوا بلقمة العيش وتحرروا من الخوف من عدم توافرها وأصبحوا ثوارا تعنيهم مصر وليس حياتهم الخاصة .. فى المقابل – ومهما قيل عن المعاملات الخاصة لرأس النظام وذيوله – لم يعد لهؤلاء من أمل سوى "العيش" والإفلات من العقاب والإستعداد للرضى بأقل القليل لو نجح "بهلوانات" القوانين بدلا من "ترزية أو إسكافية" القوانين الذين كانوا يعتمدون عليهم فى إنفاذ مشيئتهم خلف واجهة قانونية يحتمون بها فى تخفيف الحكم عليهم أو تبرأتهم من بعض التهم الموجه إليهم.

المفارقة الثانية كانت حين مررنا بقسم بوليس نهتف "سلمية .. سلمية" فإذا بالضباط والجنود يصطفون أمام القسم يصفقون لنا ويشيرون بأصابعهم بعلامة النصر وقد علت وجوههم ابتسامات حقيقية نابعة من القلب .. نفس الضباط والجنود الذين كانوا "بالأمر" يستخدمون أدوات قمع وإرهاب وتخويف لنفس المواطنين الذين يصفقون لهم اليوم، وهم أنفسهم كذلك من يضعون القيود الحديدية فى يد الظالم فى رحلات متكررة للتحقيق معهم داخل سيارات الشرطة التى كانت تستخدم "لتعبئة" كل من يتجرأ على رفع صوته فى وجه النظام وشحنه إلى مصيره المجهول فى سجون ومعتقلات النظام التى كانت محجوزة فقط للشعب إلى أن تبدل الحال وأصبح الظلمة يزاحمون الشعب فى سجونه .. لايهم الآن إذا كانت زنازين السادة مكيفة أو أكثر اتساعا، أو أن بعض أصحاب الأيادى والذمم المرتعشة لايزالون يعاملونهم بتوقير واحترام لايستحقونه أو يخافون من وضع القيود الحديدة فى أيديهم عند نقلهم للمحاكمة .. المهم أن السجان قد أصبح سجينا خلف القضبان يحميه المسجون الذى ذاق مرارة الظلم لثلاثة عقود ومع ذلك يوفر لسجانه معاملة أفضل ومحاكمة عادلة.. أما القفص فكان قمة الدراما حيث يرقد رأس النظام الذى قدم صحفيا للمحاكمة وكاد يحبسه حين تجرأ وتحدث عن صحته لولا قضاء مصر الشامخ .. رأس النظام الآن "يتاجر" بتدهور صحته – ربما بنصيحة ممن ينالهم جزء من الغنائم – لكى يفلت من العقاب، وسبحان مغير الأحوال.

Friday, August 19, 2011

Avoid Negotiation Traps

Whether you’re trying to put together a joint venture with another company or trying to get a better job offer out of another firm, staying out of these traps will help you get the best deal.


1-Poor planning. Before you go into a negotiation, set your priorities. At what point are you willing to walk away from the bargaining table? If you fail to reach an agreement, what’s your backup plan? Also, is this the only session you’ll have to work things out, or is it just the first step in a longer negotiation? Then try on the other person’s shoes: What are their preferences, timeline, and alternatives? Once you sit down to negotiate, ask a few questions to make sure you do indeed understand their priorities and point of view.

2-Looking at the negotiation as a zero-sum game, or, as Neale puts it, “thinking the pie is fixed.” Neale says that in many negotiations, people fail to realize that both sides want the same thing. An employee who gets promoted may also want to be transferred to San Francisco. But once he or she gets the promotion, they may suggest or accept a transfer to Atlanta, thinking they can’t get everything. But what if the boss really does want them to go to San Francisco? Yes, this sounds unlikely. But Neale says her research shows that in 20 to 35 percent of negotiations, people actually fail to find common ground that already exists, and miss opportunities to get what both sides want.

3-Improper framing. Neale uses the example of negotiating a new deal with a subcontractor to illustrate this one. You may currently be paying the subcontractor $10 an hour, but you know competitors are paying $12. You’re willing to go to $11 an hour, but not $12. You want to pitch this to the subcontractor by emphasizing that you’re raising your rate. Then, point out all the non-monetary ways your contract is better than the one offered by your competitors. The worst approach would be to say, “Well, we know those guys across the street pay $12 an hour, but we can only afford $11.”

4-Ignoring cultural differences. Neale says the developers of a U.S.-based theme park, trying to get approval to build a similar park in Europe, took the European officials on a junket to the existing U.S. park. The European officials were horrified. The commercialism of the park was not something they wanted for their quaint countryside. If the Americans had had someone on the ground in Europe, they might have been able to come up with a proposal for a theme park that would incorporate the U.S. park’s strengths without causing a culture clash.

5-Fixating on anchors. Essentially, this is the inability to call a do-over. If the other person makes an offer that you really can’t consider or use as a starting point, Neale suggests telling them to get back to you when they’re ready to make a ‘reasonable’ offer. That second offer then becomes the starting point for negotiations. The fact that the other party has come up in price to get to a ‘reasonable’ point is irrelevant-you start negotiating from the reasonable offer, not the unreasonable one.

6-Caving in too quickly. “Never give anyone their first offer; it makes them crazy,” says Neale. That’s because they naturally wonder if they should have asked for more, and wonder if they did a bad job negotiating. So whatever that first offer is, at least ask for a concession. The other person may refuse, but believe it or not, they’ll feel better about the deal in the end.

7-If the negotiation goes well for you, don’t gloat! It’s a small world, and it just takes one job-hop for your opponent to become your partner next time around.

How To Become A Good Boss

There’s all sorts of rhetoric about what good bosses should and shouldn’t do these days. I guess that’s a good thing. Unfortunately, most of it’s pretty basic, generic fluff that sort of blends together after a while.
Even worse, a lot of it’s, well, utopian. It panders to what employees want to hear instead of giving truly practical and insightful advice on what makes a manager effective in the real world where business is everything and everything’s on the line.
This list is different. It’s different because, to derive it, I went back in time to the best characteristics of the best CEOs (primarily) I’ve worked for and with over the past 40 years. It’s based entirely on my own experience with executives who made a real difference at extraordinary companies.
Some were big, some were small, but all were successful in their respective markets, primarily because of the attributes of these CEOs. Each anecdote taught me a critical lesson that advanced my career and helped me to be a better leader. Hope you get as much out of reading it as I did living it.

10 Things Great Managers Do


1-Maintain your cool and sense of humor, especially during a crisis. When our biggest customer - and I mean big - thought I leaked a front-page story to the press, I offered to resign to save the relationship. My boss, a great CEO, gave me this serious look, like he was thinking about it, and said, “You’re not getting off that easy.” Then he broke out into a big smile.

2-Tell subordinates when they’re shooting themselves in the foot. Sometimes I can be pretty intimidating and I’ve had CEOs who shied away from giving it to me straight when my emotions got the better of me. Not this one guy. We’d be in a heated meeting and he’d quietly take me aside and read me the riot act. He was so genuine about it that it always opened my eyes and helped me to achieve perspective.

3-Be the boss, but behave like a peer. I’ve worked with loads of CEOs who let their egos get the better of them. They act like they’re better than everyone else, are distant and emotionally detached, or flaunt their knowledge and power. That kind of behavior diminishes leaders, makes them seem small, and keeps them from really connecting with people. They’re not always the most successful, but the most admired CEOs I know are genuinely humble.

4-Let your guard down and really be yourself outside of work. You know, teambuilding is so overrated. All you really need to do outside of work to build a cohesive team is break some bread, have some drinks, relax, let your guard down, and be a regular human being. When you get to be really confident, you can be that way all the time. That’s the mark of a great leader.

5-Stand behind and make big bets on people you believe in. One CEO would constantly challenge you and your thinking to the point of being abusive. But once he trusted and believed in you, he put his full weight behind you 100 percent to help you succeed. He’d stand up for you even when he wasn’t sure what the heck you were up to. And he’d give you new functional responsibilities - something up-and-coming execs need to grow. Okay, he wasn’t perfect, but who is?

6-Complement your subordinate’s weaknesses. I often say it’s every employee’s job to complement her boss’s weaknesses. The only reason that’s even doable is because we’ve all only got one boss. But I actually had a CEO who did that with each and every one of his staff. For example, I’m more of a big picture strategy guy and he would really hold my feat to the fire by tracking my commitments. It felt like micromanaging at first, but I eventually realized it helped me to be a more effective and strengthened the entire management team.

7-Compliment your employee’s strengths. It takes a strong, confident leader to go out on a limb and tell an employee what they’re great at. Why? I don’t know, but I suspect it’s hard for alpha males that primarily inhabit executive offices. Anyway, it’s important because we can’t always see ourselves objectively. Twenty years ago a CEO identified how effectively I cut through a boatload of BS to reach unique solutions to tough problems. Today, that’s what I do for a living.

8-Teach the toughest, most painful lessons you’ve ever learned. As a young manager at Texas Instruments, I once asked my boss’s boss for advice about a promotion I didn’t get. He told me a candid story about the hardest lesson he’d ever learned, the reason he was stuck in his job. He made himself indispensible and didn’t groom his replacement. It was painful for him to share, but it opened my eyes and made a huge difference in my career.

9-Do the right thing. Just about everyone says it, but I’ve only known one CEO who both preached and practiced it to the point where it became a big part of the company culture. You’d walk the halls and hear people say it all the time. He meant two things by it. When he said it to you, it meant he trusted you to do just that. He also meant it regardless of status quo or consequences. He had extraordinary faith in that phrase. Now I do too.

10-Do what has to be done, no matter what. It’s a rare executive who jumps on a plane at a moment’s notice to close a deal or gives an impromptu presentation when a potential investor shows up unexpectedly. It’s even more rare when he does it without asking questions or hemming and hawing about it. He just does what has to be done. That kind of drive and focus on the business is relatively common with entrepreneurs in high-tech startups - but it shouldn’t be. It’s the mark of a great manager who will find success, that’s for sure.

Wednesday, August 17, 2011

Geldart's Leadership Rules

Teamwork is a universally acknowledged to be a desirable business attribute, but few organizations have a clear definition of what teamwork actually means or how to achieve it.
RULE #1. A team must have a leader. In most sales groups the leader is the sale manager and the team members are that manager’s direct reports. However, there are many cases when teams consist of people from different organizations, in which case, there still needs to be a team leader. The team leader is responsible for delivering the outcome that the team is expected to achieve, even though the leader will need to depend upon the team to deliver the result.
Here are excerpts from Phil Geldart's calssic book on leadership titled "In Your Hands: The Behaviors of World Class Leaders":
RULE #2. The team must have unanimous focus on a quantifiable goal. Teamwork is impossible if team members do not have a very clear idea of what they’re trying to achieve. Teamwork requires that every member of the team understand exactly what the team is tasked with achieving. That sense of exactness is only possible when the team’s goal can be measured in an objective way. Goals must therefore be quantifiable rather than vague and amorphous. Example: “Build better customer relationships” is unquantifiable and thus meaningless; “Convert 50 percent of qualified prospects to customers” is precise and measurable.

RULE #3. The team must have clearly defined roles. Every member of the team needs to know exactly what he or she must do, on a day-to-day basis to make sure that the team achieves its goals. Without that clarity, team-member will work at cross-purpose and trip over each other. Note that large teams may be broken up into small sub-teams, which must also have clearly defined roles. All of this must be thought through carefully and continually refined as the team moves forward.

RULE #4. The team must be willing to share its resources. Team members must be willing to share whatever resources they control that are required for the team to achieve its goal. These resources come in two varieties. The first are physical resources: money, materials, office space, computers, and so forth. The second are mental and emotional resources: ideas, suggestions, encouragement, and enthusiasm. If team members hoard either variety of resources, it detracts from the ability of team members to work together.

RULE #5. The team must have frequent, effective communication. The easy part of this principle is the frequency. Depending upon the goals and time frame, teams should meet at least once a week, more often if necessary. Effectiveness is more difficult. A communication is effective if and only if it is meaningful to the recipient. If the communication is taking place in such a way that even a single team member isn’t “getting it” the team must keep retooling the communication until everybody is on board.

RULE #6. The team must have consistent, united and enthusiastic effort. A team cannot function effectively if everyone on the team isn’t 100 percent committed to achieving the goals of the team. This kind of commitment expresses itself through consistency in behavior and doing what needs to be done in order to achieve the team’s goals. Please note that this does not mean that team members should be sacrificing their private lives for the team. On the contrary, it’s impossible for a team member to remain consistently enthusiastic while experiencing a life that’s out of balance.

RULE #7. Team members must periodically suppress their own egos. A strong ego is a good thing, especially for sales professionals. However, for the team to function effectively, individuals on the team must hold their own egos in check and make the team, and the achieving of the team’s goals, more important than the individual contributions of any one member. If the team members don’t do this, grandstanding and prima-donna attitudes will frustrate the ability of the team to achieve its goals.

RULE #8: The team must be introspective. The team must figure out, as a team, where it is falling short. To do this, at every third team meeting, have each member state an area (i.e. one of the principles) where that member thinks the team needs work, and why. That’s two sentences per team member, which means that even a large team should be able to self-diagnose within five to ten minutes. During this process, the team leader should look for patterns and repetitions that indicate a generic problem inside the team, and problems that an individual inside the team is experiencing that other members aren’t experiencing.

RULE #9: The team must be capable of self-correction. For problems that are generic to the team, the team leader must either work with the team or with the surrounding environment to improve that principle. For problems that are specific to an individual, the team leader must work privately with that individual to make it possible for that individual to integrate better into the team and to perform the assigned role. Example: During several meetings an individual sales rep expresses intense dislike of the CRM system. The team leader meets with that individual privately to explain why the CRM system is essential to the team’s performance and obtains a commitment from the complaining rep to do what’s necessary to support the team

Friday, August 12, 2011

Influence Of Styles Of Thinking On Boss/Employee Relations

What is your style of thinking? It’s a basic question, but not one that most of us spend much time pondering. As long as the brain cells seem to be doing their jobs, we figure everything’s okay.


It’s not that simple, says Thunderbird professor Denis Leclerc. He points out that not everyone thinks the same way, and not everyone likes the way their colleagues of bosses think. In a perfect world, this would be a good thing, with everyone using their own styles of thinking to solve common problems.

In reality, though, our disparate thinking styles can lead to miscommunication and animosity. The best managers, say Leclerc, learn to recognize at least four different styles of thinking, and to communicate with those who think differently. Here are the four broadest styles of thinking, as outlined in a recent article by Leclerc:

Deductive thinkers

This is the group that is least likely to just take the boss’ orders and plow ahead. They’re always asking why. They want to see the internal logic in what they’re being asked to do and in how the organization is run. They start with a general concept and from there derive more specific conclusions.

Questions managers can expect from deductive thinkers:

Why is this project more important than the 20 we’ve already got going on?

Why are we doing this?

Why the sudden urgency?

Why should I care?

Famous deductive thinker: Sherlock Holmes. He would piece together evidence to reach a conclusion, that, if the evidence was as it appeared and his reasoning was solid, was bound to reach a correct conclusion.

Inductive thinkers

Inductive thinkers are not interested in “why” so much as “how.” They’re the opposite of the deductive thinkers, starting with a lot of specifics and use it to build up more general knowledge. In practice, says Leclerc, this means they like to do a ton of research before tackling anything new. They want data on how things were done last time, and they’ll double check the results of the previous team before starting out on their own. Methodology matters.

Questions managers can expect from inductive thinkers:

How did we make this decision?

How will we change?

How did we do this last time?

Famous inductive thinker: Charles Darwin, who amassed a huge amount of information about the finches of the Galapagos, from which he derived the basis for his broader theory of natural selection.

Linear thinkers

Lofty vision statements are going nowhere with this group. They want to see how A connects to B, then to C and D. They don’t care so much about the big goals as the detailed instructions for carrying them out.

Questions managers might receive from linear thinkers:
When is it due?

What needs to happen first?

Who does what?

Famous linear thinker: Linear thinkers get a bad rap. Linear thinkers are supposed to excel at math and science, but no one seems to want to admit to actually being a linear thinker. It sounds so un-innovative. So in-the-box. It’d be great to get a few nominations for this category. Any ideas?

Systemic thinkers

These are the folks who will keep one eye on the big goal and worry less about how they’re going to get there. That’s all a bunch of boring details, a far as they’re concerned. That’s what other people get paid for.
Questions managers might receive from systemic thinkers:
A manager might not get many questions from systemic thinkers. As bosses, their motto could be: I don’t care how you do it, as long as you get the job done.”
Famous systemic thinker: Steve Jobs is the classic example of the systemic leader. His instructions to the team that went on to create the first iPod were succinct, if nothing else. According to Leclerc, he did not care what the team did as long as they delivered a product with three attributes: 1) It could use no screws 2) it had to be controlled with the thumb, and 3) it had to change the way that people carried their music.
Still not convinced? You would be if you’d worked on the Airbus A380 commercial jet. The French engineers worked from a deductive and systemic mindset, adding three centimeters to the diameter of a pipe in case it needed to accommodate additional wiring. The German engineers, using inductive and linear thinking, saw an extra cost and cut three centimeters from the pipe’s diameter. You can guess what happened-the additional wires didn’t fit, and the first A380 flew with duct tape holding the wires in place.



Nasty Phrases Alerting Trouble At Work

here are 10 phrases that, when you hear them, you can be pretty sure that what follows isn’t going to be good. And while knowing what’s coming won’t buy you much time, you’d be surprised how many cycles the brain can process when it’s racing in panic mode.




After all - and this is important, so pay attention - how you respond can make a big difference in whether people think of you as a consummate professional or a child throwing a tempter tantrum.



Top 10 Things You Never Want to Hear at Work



We’ve got a crisis on our hands. Don’t be fooled by the implication of shared responsibility. That’s just a euphemism. Make no mistake; you’re on the receiving end of the message because you’re the one they’re counting on to handle the crisis or die trying.

There’s no easy way to say this. Guess what? There’s no easy way to hear it, either. This can precede any number of events, from you’re about to get fired or your top employee is quitting on you to your biggest customer is bolting for your top competitor. It’s all bad.

Why don’t you take some time off? This particular question can either precede or follow some really unpleasant news, like One of your employees has filed a sexual harassment claim against you or I’m afraid you’re burning out and I don’t want to have to fire your butt.

All your meetings have been cancelled. This is where you say What do you mean all my meetings have been cancelled? to which your admin replies What can I say, nobody wants to meet with you. They could be customers, the media, employees, whatever, you’re now officially insignificant. Never a good thing.

Did you really just say that? Lots of people, especially public figures, have heard that one right after they think something that wasn’t supposed to actually come out of their mouths, usually while the mic is on, the tape is rolling, or the boss is on the receiving end.

I accidentally deleted it. It’s gone. You may not have pulled the trigger but the fact that you’re on the receiving end means that, whatever it was - probably a pitch or report you worked on for weeks - you’re the one who’s going to suffer because of someone else’s screw-up.

Do you really think your presentation went well? That’s when you ask Was it really that bad? and the other person replies Um … sorry to tell you this, but you’ll be lucky if they don’t can your whole project.

Can I have a word with you in private? Not that good news is always delivered in public, but even when someone wants to chat with you about something innocuous, he won’t say it like that. He’ll opt for something like Where can we talk or You’re not gonna believe what I heard.

Um … how long did it take you to do that? That’s usually followed by something like a recommendation that you do it over and way, way better if you want to keep your job.

You’ve been served. Not much you can do about this one, considering you’ve already blown it by answering yes to the magic question, Are you [your name]? Whether you’re served at work or not, it really doesn’t matter. You’re going to wish it never happened.

Monday, August 08, 2011

دليل المدير الذكى فى إنقاذ الثورة

الثورات لاتخضع لإيقاع الحياة العادى .. يفور البركان بحمم تتدافع بقوة من فوهته ثم تسيل مندفعه تكتسح فى طريقها كل مايعترضها فتحرقه وتبتلعه وتظل فى اندفاعها وقوتها إلى أن تبرد وتهدأ لتبدأ مرحلة حصر الخسائر وإعادة البنيان والتعايش مع الوضع الجديد الذى ينشأ لكى يفرض واقعا جديدا على أنقاض الوضع القديم .. وطبيعى أن يكون هناك أخطاء ترتكب وقرارات متسرعة تأتى نتيجة لردود أفعال وضغوط تفرضها وتحركها قوة الدفع لحركة الثورة وخلافات فى الرأى والتوجه بين قيادات الثورة وأطياف المجتمع التى شاركت فيها وساندتها وتدافع عنها .. لذلك لايقلقنى ولايخفينى كل مايدور على الساحة فى مصر حاليا من تصارع بين القوى المختلفة، ومايحاك فى الخفاء والعلن من مؤامرات تستهدف "تبريد" الثورة وإعادة تشكيلها والإيحاء بأن الحمم الباردة للبركان يمكن أن تتمحور إلى محاريب وتماثيل يتم نحتها وتوزيعها تذكارات ينتغى بجمالها ومهارة صانعيها وننسى الأصل الذى جاد بالمادة الخام التى صنعنا منها التذكارات.


محترفو الألعاب القذرة من "مرتزقة النظام" الذين احترفوا تلك المهنة لمدة طولة وتمرسوا عليها كانوا وسيظلوا هم أصحاب المصلحة الحقيقية فى تأجيج الخلافات بين الثوار، وإشعال الفتن، واختلاق الأزمات ، وبث روح الفرقة والصدام .. لن يستسلموا بسهولة لطوفان التغيير الذى يهدد كل مانهبوه لأكثر من ثلاثين عاما ، ولايمكن أن يقبلوا بسهولة أن يتنازلوا عنه أو يسلموا بجرائم تضعهم خلف القضبان وقد تودى ببعضهم إلى الإعدام جزاء على جرائم القتل المنظم التى ارتكبوها فى حق أصحاب مصر الحقيقيين .. عصابات الحزب الوطنى تستخدم أقوى سلاح يملكونه الآن بعد أن فشلت تجارب البلطجة المنظمة فى إخافة الناس وإشاعة الإحساس بعدم الأمان والخوف والفزع بين الناس، وذلك بتشتيت "قوة الدفع الثورى" لإضعاف قوتها وتفرقها شيعا وأحزابا وجماعات "وائتلافات" تتنازع فيما بينها على أيها أحق بتمثيل الثورة والكلام باسمها وفرض إرادتها وتحقيق أهدافها كاملة .. وطبيعى حين يحدث ذلك – دون وجود قيادة موحدة يجتمع تحت لواءها كافة الإئتلافات _ ألا يتحقق الإجماع على رأى ولا توجه ولا استراتيجية ولا حتى تكتيكات تحقق أهداف أنبل ثورة فى التاريخ .. أعداء الثورة من عصابات وفلول الحزب الوطنى لديهم قنابل موقوتة مخبأة فى كل مكان يرتاده الثوار، وهم يشعلون فتائل تلك القنابل فى أكثر من مكان فى توقيتات محسوبة ومخطط لها بعقلية الإرهابيين المتمرسين فى أحداث أكبر ضرر ممكن حين تنفجر القنابل مرة على شكل فتنة طائفية تذرع بذور الكراهية والحقد والرغبة فى الإنتقام بين المصريين، ومرة على شكل "بلطجة شعبية" تقطع الطرق وتخرب المنشئات، وتعطل مصالح الناس حتى تتحقق مطالبهم، ومرة على شكل اعتصامات وإضرابات تشل حركة الحياة وتدفع فى اتجاه الصدام بين الشعب والجيش تمهيدا لحرب أهلية.

تأجيج المشاعر والإتجاه بالثورة فى مناح تحيد بها عن أقصر الطرق لتحقيق الأهداف والعمل على ألا يجتمع الثوار على كلمة أو قيادة تمثلهم كلها كروت يلعب بها مقامرون خطيرون وصلوا إلى مرحلة الحيوان الجريح المحاط بصياديه، وأنهم لن يخسروا شيئا لو قامروا بما تبقى لديهم – وهو كثير – لكى يستعيدوا جزءا مما كانوا فيه ، أو توسيع نطاق التخريب قبل أن يودعوا حياة الرفاهية والتكبر والتجبر والتعالى التى كانوا يعيشونها.. وكلما هدأت الأمور قليلا دعوا إلى مؤتمر موسع يرفع لافتة "الحوار" ويحشدون فيه بلطجية يتخفون فى ملابس الشرفاء ويحملون أسماءهم يتآمرون فى العلن ويثيرون قضايا تخرج عن سياق الأحداث مستخدمين سلاح "الرفض" لكل ماتم حتى الآن والرجوع إلى المربع واحد من جديد وكأن الثورة لم تقم وكأن شيئا لم يتحقق على الإطلاق منذ أن قامت .. يستدرجون إلى جلسات "مؤامراتهم" حسنى النية من الوطنيين الذين ينادون بالحوار مع كافة الأطياف دون إقصاء لأحد متناسين دم آلاف الشهداء والمعتقلين والمنهوبين وحق القصاص العادل لشعب سلب ونهب وتم إذلاله ولايزال من فعلوا ذلك يتمسكون بحقهم فى حجز كراسيهم على طاولة الحوار رفض كل شيئ يؤدى إلى تحقيق أهداف الثورة.

ياشباب الثورة ، جبهة واحدة قوية بقيادات تتحدث باسمكم هى السبيل الوحيد لاستكمال مسيرة الثورة. ولايمكن لعاقل أن يتخيل أن هناك أكثر من مائتى إئتلاف يمثل الثورة، وتتوه الحقيقة بين نبل المقاصد وشرعية المطالب ، وينفرط عقد الإجماع، وتتشتت القوى، وتتصارع الأهداف ، وتندس العناصر التى تجيد التخفى فى مسوح الثوار لكى تفسد الصورة الجميلة وتنفث سمومها بين الصفوف تدبر لانقلاب على الثورة بقيادة مماليك الحزب الوطنى المنحل رسميا النشط فعليا والمتربص بمن أذاقوه من نفس الكأس التى كان يفرض تجرعها على شعب مصر على أنها العسل وهى فى حقيقة الأمر سما زعافا.

دليل المدير الذكى فى صنع الولاء

الولاء من الكلمات الغامضة فى علم الإدارة، وهناك بالطبع اجتهادات عدة فى تعريفه ولكن أحدا منها فى نظرى لم ينجح فى نقل المعنى بدقة تكفى لفهمة واستيعابه، والولاء درجات أعلاها مرتبة وأكثرها سموا الولاء للوطن .. لذلك فربما كان من الأوفق هنا بدلا من أن نجتهد بدورنا فى شرح المعنى المجرد للكلمة أن نقرب معناها من خلال مواقف يتجلى فيها معنى الولاء في سلوك أبلغ من أى شرح .. أقول ذلك ومصر تمر بمنعطف تاريخى سوف يخصص له فصل كامل فى كتاب التاريخ يكتبه جيل الثورة ، ولذلك فهى أحوج ماتكون اليوم إلى أن يترجم أبناءها وفاءهم وولاءهم لها إلى سلوك يجسد بوضوح كل معانى اللهفة على مصير الوطن ، وحق أبنائه فى مستقبل يعيد له مكانه ومكانته التى تليق به بين الأمم .. ولطالما حاولت أن أقرب تلك المعانى لطلابى بالأمثلة التى عشتها من خلال تجارب عمر أفنيته فى نشر رسالة آمنت بها إلى حد اليقين بأن الناس هم من يقررون مصير الأوطان التى يعيشون فيها وجودة الحياة فى تلك الأوطان ، وأن الإستثمار فى الناس هو أفضل استثمار يدر أعلى عائد يستمر لإجيال ويتحول إلى خبرات متراكمة لو أحسن استغلالها لأصبحت ضمانا – وربما الضمان الوحيد – لتقدم الدول ونهضتها.. سوف أضرب اليوم مثلين يترجمان معنى الولاء عمليا ويقربان مفهومه فى مواقف وسلوك وليس مجرد معان مجردة وإيحاءات فلسفية قد لاتقترب بقدر كاف من المضمون ، أحدهما عشته وشاركت فيه والآخر أستورده من اليابان التى لاتزال تعتبر رمزا متفردا فى الجودة والإنتماء الوطنى والتفانى فى العمل عقيدة وسلوكا:


• حين أنشئت المجتمعات الجديدة فى عهد الوزير حسب الله الكفراوى، كان لى شرف أن أكون أول مصرى يتولى منصبا رفيعا فى إحدى الشركات الدولية التى قررت بناء مصانعها فى مدينة 6 إكتوبر فى منتصف عام 85 .. كان الوزير متلهفا على تعمير المدينة حتى قبل أن يكتمل وصول الخدمات إليها، وكنا مشغولين ببحث الوسائل التى تضمن لعمالنا وموظفينا استقرارا وحياة كريمة وولاء للشركة على المدى الطويل.. إلتقينا مع الوزير الذى شرح لنا أن الموقف يقترب كثيرا من معضلة "البيضة الأول ولا الفرخة" الناس لاتريد أن تشترى الوحدات السكنية التى تم بناؤها قبل وصول الخدمات إلى المدينة لبعدها عن العمران فى ذلك الوقت فلا مدارس ولا مستشفيات ولا محال لبيع الخبز والخضار، والحكم المحلى لايريد أن يصرف الميزانية المخصصة له قبل تعمير المدينة ولو جزئيا .. كان ولابد من إتخاذ قرارات شجاعة جريئة من جانب إدارة الشركة تحقق أهدافها الإستراتيجية المعلنة فى العناية بموظفيها، ومن ثم عرضنا على الوزير أن نعرض عددا من الوحدات السكنية للتمليك لعمال وموظفى الشركة بشروط ميسرة على ان تقوم الشركة بسداد مقدم الثمن قرضا حسنا وتتولى تحصيل الأقساط خصما من رواتبهم شهريا وتوريدها لجهاز المدينة .. فعلنا ذلك بدافع المسئولية الإجتماعية تجاه الموظفين والمجتمع ككل، وأصبح المشروع نموذجا اقتدت به كثير من الشركات التى بدأت نشاطها بالمدينة بعد ذلك .. هل استفدنا من تلك المبادرة؟ نعم، أكثر من استفادة: وفرت الشركة أكثر من 80% من أسطول الأتوبيسات الذى كان ينقل الموظفين من وإلى العمل يوميا من كل أنحاء القاهرة، وحين شب حريق فى مصانع الشركة أثناء عطلة نهاية الأسبوع كان العمال المقيمين بجوار المصانع أول من بادر بالتصدى للنيران قبل وصول عربات الإطفاء .. لم يكن التحدى الذى واجهناه هو إطفاء النيران بقدر محاولاتنا اليائسة للحفاظ على أرواح العمال الذين كانوا يقتحمون النيران وإبعادهم عن مواطن الخطر وترك الأمر لقوات الإطفاء لكى تقوم بعملها .. هل هناك تجسيد للولاء أكثر من ذلك؟

• المثال الآخر من اليابان حيث نظام التقاعد نظام عجيب يؤكد على قيمة الإنسان وأهمية استغلال طاقاته حتى "آخر نفس" قبل أن يودع الحياة .. اليابانى الذى يخدم فى أى موقع لأكثر من 34 عاما متصلة يحق له أن يتقاعد دون أن يفقد مليما واحد من مجموع ماكان يتقاضاه أثناء عمله، ويخير بين التقاعد أو الإستمرار فى الذهاب إلى العمل تطوعا كاستشارى يلجأ إليه العاملين لعرض مايعترضهم من مشكلات تصادفهم فى أعمالهم .. أكثر من 85% من المتقاعدين يفضلون الإستمرار فى الذهاب إلى أعمالهم كالمعتاد بدلا من البقاء فى منازلهم بغير عمل، ولكن الأهم من ذلك ماحدث أخيرا من أن مجموعة من المتقاعدين المسنين قرروا التطوع للذهاب إلى فوكوشيما ( موقع كارثة التسرب الإشعاعى الذى أصاب أحد المفاعلات النووية ويهدد بكارثة عالمية ) لكى يساعدوا العمال والمهندسين الذين لايزالون بالموقع يجرون الإصلاحات اللآزمة من موقع المسئولية غير عابئين بما يتعرضون له من أخطار .. فلسفتهم فى ذلك هو الحفاظ على الثروة البشرية من الشباب من المهندسين لكى يبنوا مستقبل اليابان .. أحد هؤلاء المتقاعدين بالمناسبة سوف يذهب ليغنى للعاملين بالموقع وتحيزهم على العمل وتحمل الأخطار لأنه لايجيد شيئا آخر .. ولاتعليق !



دليل المدير الذكى فى أخلاقيات العمل

عدت أخيرا من جولة عمل ختمتها بزيارة دولة عربية دعتنى إحدى جامعاتها لتدريس مقرر فى "أخلاقيات العمل" لطلبة الدراسات العليا بها .. ومن مزايا التدريس لأصحاب الرسالات الذين يرون فى التدريس وسيلة لنشر أفكارهم عبر أجيال من طلاب العلم أنك تحس وترى ناتج عملك أمام عينيك من خلال تفاعل الطلاب معك وأسئلتهم التى تترجم مستوى اهتمامهم بالموضوع وشغفهم للإستزادة .. وكثيرا مايرسل إلى بعض الطلاب بعد كل برنامج أنفذه كلمات شكررقيقة يعبرون بها عن تقديرهم للجهد الذى بذل ، ولكنى فى هذا البرنامج بالذات لم أكن أتصور كم الرسائل التى تلقيتها والتى تركز على تأثير البرنامج على سلوك الطلاب بل واعتراف بعضهم بشجاعة بسلوكيات اعتادوا عليها يعملون الآن على تغييرها لكى تتسق مع قواعد الأخلاق التى نوقشت فى المحاضرات وحلقات البحث التى تلتها.. ولقد نبهنى ذلك إلى أن معظم مؤسساتنا والحكومى منها بالذات لابد وأن تكون قد تحولت إلى بؤر فساد فى ظل نظام تثبت الأيام أن حجم وأشكال الفساد الذى اتخذه منهجا للحكم على امتداد ثلاثة عقود لم يسبق له مثيل فى التاريخ على مر العصور, ومن ثم فإن الحاجة إلى الوعى بموضوع "أخلاقيات العمل" تصبح ماسة وضرورية ونحن نكتب معا مستقبلا لمصر جديدة بعد أن زال الكابوس ومعه شياطينه.


ولعلى أنشر هنا فقرة من الخطابات التى تلقيتها من أحد طلابى فى هذا الشأن ينبه - وأنا أؤيده فى ذلك - إلى أهمية أن تتضمن المناهج الدراسية فى العالم العربى منهجا "لأخلاقيات العمل" بدءا بالتعليم الأساسى حتى يصبح الإلتزام بقواعد الأخلاق سلوكا طبيعيا داخل العمل وخارجه .. يقول الطالب الذى آثر إخفاء إسمه حتى لايكون هناك شبهة تملق فيما قال ودون تدخل منى لتصحيح الأسلوب أو الأخطاء التى وردت بالخطاب والتى تثبت ماآل إليه حال التعليم فى وطننا العربى كله وإهمالنا للغتنا الأم: "...استفدت كثيراً من هذه المادة لدرجة أنني اكتشفت بعض اعمالي لا اخلاقية ولكن مع العاده لا اعلم بنوعها أخلاقية أم لا أخلاقيه ، أصبحت وأنا اسوق السيارة اردد جملا أثرت في كثيرا لدرجة أنني اشك بنفسي انني صرت موسوس من كثرة التفكير بالامور، ليس كل اعمالنا صحيحه فنحن بشر نصيب ونخطيء وخير الخطائين التوابين .. لا اخفيك يادكتور أنى اتسائل كثيراً عن دوركم في نشر التوعيه عن اخلاقيات العمل ، نرى اخلاقيات العمل ككلام فقط لا تطبيق نجده في الشركات وفي المؤسسات وفي المنظمات الكبيرة وبالواقع في المجتمع العربي البعض منهم وضع هذه الاخلاقيات كتمثال عند باب الشركة ومن ناحية التطبيق لا يلتزم الشخص بها ، فلولا انني بحثت عن الماجستير وإلا لن استفيد من هذا العلم الذي ارى ومن وجهه نظري أن يتم تعليمة لأبنائنا في المدارس الابتدائية ويستمر معهم حتى المرحلة الجامعية فهو علم يطبق ما جاء في الشريعة والدين أتمنى ان يكون هنالك توعيه أكثر كما كانت في محاضراتك لنا ويحزنني كثيراً بأنني لا اسمع عن دورات تدريبية عن اخلاقيات العمل فأنا سأكون أول الاشخاص في التسجيل لها ليس مجامله لسموكم الكريم وإنما هوحرص لنفسي من الانجراف وراء التيار الخاطيء .. ثم ختم بكلمات شكر كثيره أجتزئ بعضها لدلالتها التى سوف استشهد بها وليس لآى غرض آخر: "... واسأل الله أن يجزيك خير الجزاء على ما قدمته لنا من فتح أعيننا على علم كنا نجهله، علم يفتح به الضمير ويصقله... "

والعبارة الأخيرة بالذات هى التى تهمنى فى هذا السياق وتدعونى إلى التساؤل: هل نحن فعلا نجهل هذا العلم ؟ وهل تدريسه يفتح الطريق أمام تنبيه الضمائر وصقلها كما حاول الطالب أن يقول؟ كلنا نعلم المقولة الشهيرة للشيخ محمد عبده حين زار باريس ضمن البعثات التى أرسلها محمد على للخارج لكى تنقل إلى مصر علوم الغرب وتقدمه فى ذلك الزمان "رأيت إسلاما ولم أرى مسلمين" والتى أراد بها أن يؤكد على أن الإسلام كمثال لأديان السماء يحض على الفضيلة والتمسك بمكارم الأخلاق سلوكا وعملا يطبقها الغرب ويحقق بها التقدم الذى ذهبت بعثاتنا تنشده وتنقله إلى مصر .. ولايزال الغرب يولى مسألة أخلاقيات العمل أو مايسمى Business Ethics عناية كبيرة ويجعلها مقررا إجباريا فى مدارسه وجامعاته، ومعها حزمة قوانين تحاسب أصحاب المهن غير الملتزمين وتعتبر ذلك إساءة كبرى فى حق المجتمع وجريمة يعاقب عليها مرتكبها بالغرامة أو السجن أو كلاهما طبقا لظروف كل حالة .. وطبيعى ألا يكون لمثل هذا المقرر مكان فى دول الفساد كما حدث عندنا حيث الأمانة والإلتزام أستثناء يطارد أصحابه ويستبعدون ويراقب أصحابه باعتبارهم خطرا يهدد أمن المجتمع "واستقراره" ، وأظن أن خطاب الطالب قد فتح شهيتى للكتابة عما يقوله العلم (وأعنى هنا مجموعة العلوم التى تشكل معا أساسا يقوم عليه) وعن تجارب شخصية كاشفة تقرب المعانى إلى الأذهان .. وللحديث بقية.

أخلاقيات العمل: مقدمة أم نتيجة؟

أتاحت لى تجربة حياة عشتها متنقلا بين بلاد كثيرة فى ظروف عمل متنوعة أن أشهد مواقف وسلوكيات تترجم عمليا مستوى إيمان والتزام من تعاملت معهم بحسن الأخلاق، وتعلمت أن أغوص فى تحت السطح أكتشف الجذور التى شكلت ذلك الإيمان وترجمته إلى سلوك ونمط فى التعامل.. كنن فى مرحلة الشباب مثاليين لدينا مقاييس ثابتة للصواب والخطأ، والفضيلة والرذيلة، والأخلاقى واللاأخلاقى ، ولكنى كلما ازددت خبرة واحتكاكا بالناس كلما زاد فهمى للدوافع التى تعلمت أن أفسر على ضوئها أى قرار أتخذه أو يتخذه غيرى ممن أتعامل معهم ، اكتملت ألوان الطيف الأخلاقى فلم تعد تقتصر على الأبيض والأسود فقط بل درجات لمساحات رمادية إزدادت معها حيرتى وازداد معها نهمى لفهم وتفسير ماأفعله ومايحدث أمامى .. ومن هنا تربت حساسية الوعى لكل مايدور حولى أعايشه وأتعلم منه لكى تزداد حيرتى فى النهاية من أشياء كانت قديما من المحظورات وكان مجرد التفكير فيها يولد إحساسا بالذنب والقلق والأرق، أصبحت اليوم سلوكا عاديا لايستنكره أحد وربما يحميه القانون .. تغيرت الدنيا وتغير معها أشياء كثيرة تطرح أسئلة أكثر مثل : هل الإلتزام بالقانون يعنى أن سلوكنا اصبح أخلاقيا؟ أم أن الإلتزام بالقانون هو الحد الأدنى للإلتزام الأخلاقى الذى يفوق ذلك بكثير؟


والسؤال الأهم الآن هو: هل التمسك "بأخلاقيات العمل" موقف ينشأ من فراغ بقرار من القائمين على أمر المؤسسة ومن ثم يصبح مقدمة لما يأتى بعده، أم أنه نتيجة لعوامل كثيرة تسهم فى تشكيل هذا السلوك وتحوله إلى نمط أخلاقى يصبح ملازما للإنسان فى كافة تعاملاته ؟ سؤال يبدو سهلا فى الطرح ولكنه منتهى التعقيد فى التطبيق العملى كما سنرى من خلال الأمثلة التى سوف نطرحها تباعا .. بمعنى آخر من أين تبدأ التربية الأخلاقية للفرد وغرس القيم والمبادئ الأساسية التى تشكل وجدانه الأخلاقى وتحكم نظرته وتؤثر على إدراكه لما يدور حوله ومن ثم ردود فعله تجاهه ؟ هل فى البيت أم المدرسة أم بيئة العمل أم كل تلك المؤثرات معا؟ وإذا كان ذلك صحيحا فأيها صاحب التأثير الأكبر على موقف الفرد من الحياة ككل ومدى مرونته فى تقبل مايخالف قيمه ومبادئه ومعتقداته؟ ولعل هذا السؤال الأخير بالذات هو أهم الأسئلة التى سوف نتعرض لها لاحقا حيث يمثل الخطوط الحمراء التى يضعها كل منا لنفسه ولايسمح لها بتجاوزها والمناطق الأخرى التى يسهل اختراقها، ومنطقة ثالثة تتغير مع الزمن ليحل محلها قيم ومبادئ أخرى "معدلة" ترتبط ىفى الذهن بتحقيق مصالح خاصة أو عامة حسب الأحوال.

ولابد أن يبرز هنا موقع الضمير ودوره فى القيام بدور "الموجه" الداخلى الذاتى لسلوك الفرد، والرقيب على إلتزامه بما يعلنه أمام الناس ويمارسه سلوكا مرئيا ملموسا، وهل الضمير سلطة تفوق سلطة القوانين التى تنظم الإلتزام بالحد الأدنى لأخلاقيات العمل وتعاقب على الخروج عليها، وماإذا كان هذا العقاب رادعا بما يكفى لضمان الإلتزام الأخلاقى، ومانوع الصراع الذى يحدث حينما يفاجئ الفرد بمواقف تتعارض مايؤمن به، والتضحيات التى يقدمها لو إختار محاربتها، ومثلها تماما لو آثر السكوت عليها جلبا لمنفعة أو حرصا على مال أو جاه؟ الضمير الذى يمثل السلطة العليا على الذات والذى لو لم يكن متوافرا فإن الفرد يصبح بلا حصانة ويخضع طائعا أو مجبرا على الإستجابة لما حوله من مغريات .. ولعل ماعانته مصر خلال الثلاثين عاما الماضية من مظاهر الفساد والتفنن فى أساليب الإغواء والإفساد سوف يظل مصدرا خصبا غير مسبوق للباحثين فى الأخلاقيات بوجه عام "وأخلاقيات العمل" بوجه خاص تترجم بدقة كل المعانى التى تدور حول معنى كلمة Ethos اليونانية التى اشتقت منها كلمة "أخلاقيات" والتى تتراوح بين العادة أو الشخصية أو وسائل الإستخدام ، والتى استمدت منها قواعد الفلسفة الأخلاقية وعلم الأخلاق الذى يبحث فى تكوين وسمات الشخصية الإنسانية المثالية والواجب الأخلاقى الذى تتسم به.

كنا ونحن صغارا يلقنوننا صفات الكشاف الجيد ، وكان معنى قبولنا فى فريق الكشافة واستمرارنا فيه وإسناد المزيد من الواجبات إلينا يعنى أننا نتمتع بتلك الصفات التى لازلت أذكر بعضها مثل الشجاعة والثقة والوفاء والأدب والصدق والإحترام وحسن التدبير والتفاؤل، وكنا نحاول جاهدين أن نترجم كل ذلك سلوكا يميزنا عن غيرنا من الناس ويمنحنا فخرا وكبرياء يجعلنا نحس أننا أطول قامة واعظم قدرا .. وحين أقارن ذلك بنتيجة بحث أجراه أخيرا معهد "جالوب" الشهير لاستقصاءات الرأى وتوصل فيه إلى أن 17% فقط من العملاء الأمريكيين – بكل مالديهم من قوانين صارمة تحمى المستهلك - يعتقدون أن التنفيذيين فى الشركات التى يتعاملون معها يتمسكون بأخلاقيات العمل بصورة كبيرة فإنى استطيع أن أتصور حجم المشكلة التى تتتفاقم وتزداد تعقيدا فى ظل غياب الإلتزام بأخلاقيات العمل وغياب القوانين الرادعة التى تعاقب على ذلك حماية للأسواق وفوق هذا وذاك الرقابة الشعبية الجادة والمنظمة للمجتمع المدنى .. ثلاثة أسئلة بسيطة اعتمد عليها الإستفتاء وقادت إلى تلك النتيجة هى: هلى تدهور مستوى أخلاقيات العمل من وجهة نظرك؟ وهل زاد تناول أجهزة الإعلام للمشكلة؟ وأخيرا، هل أصبحت بعض الممارسات الإجتماعية التى كانت مقبولة فيما مضى مقبولة الآن؟ ومن هنا نبدأ رحلتنا مع هذا الموضوع الهام.

قواعد الأخلاق ولعبة السياسة

وعدت القارئ فى المقال السابق من تلك السلسلة عن "أخلاقيات العمل" والتى بدأتها بخطاب جاءنى من أحد طلابى يثير فيه قضية الإيمان بأخلاقيات العمل ويطالب بأن يقرر تدريسها بجميع مراحل التعليم إذا أردنا أن تصبح سلوكا طبيعيا فى أى موقع وأى موقف، أن نقتحم الموضوع بطريقة عملية تقرب المعانى وتحرض على التفكير لكى يصبح القارئ جزءا من الموضوع وشريكا فى تحديد بوصلته.. وأعنى بالتحريض على التفكير هنا أن نتساءل سويا لماذا؟ ولماذا لا؟ حين نعرض لموضوع أو لمثال واقعى ، أى لماذا حدث ماحدث ولماذا لايحدث؟ بهذا نكون قد عبرنا عتبة التفكير الإبتكارى الذى يعين على الفهم ويقترح الحلول.


أما لماذا أبدأ بالأخلاق فى السياسة، فذلك لأنى أحاول أن ألاحق إيقاع الأحداث التى يمر بها الوطن والقوى التى تتصارع لكى تعبر به – من وجهة نظرها – إلى آفاق المستقبل تحقيقا لأهداف الثورة أو لأجندات ترى أنها "روشتة" علاج شاملة لكل أوجاع مصر .. ولابد للمراقب لما يدور على المسرح السياسى الآن أن يتعرض لشحنة مركزة من الإنفعالات والتساؤلات والإحباطات تجعله يردد مقولات كثيرة عن لعبة السياسة ومدى قربها أو بعدها عن قواعد الأخلاق بما فى ذلك "أن الغاية تبرر الوسيلة" والتى تلخص فى إيجاز كل ماورد فى كتاب نيكولو ماكيافيللى "الأمير" الذى يعتبر مرجعا فى النذالة السياسية ونظم الحكم منذ أكثر من خمسمائة عام وترجم إلى معظم لغات العالم ولابد أن النظم الدكتاتورية منذ ذلك الحين قد وعته وحفظته ظهرا عن قلب وطبقت ماجاء به لقهر شعوبها وإحكام السيطرة على مقدراتها وإخضاعها لأبدية حكم الطغاة.. الكتاب الذى أشير إليه كتاب صغير حجما ومقسم إلى فصول قصيرة تبلغ 26 فصلا أهداه ماكيافيللى للأمير لورنزو أحد أفراد عائلة دى ميديتشى الحاكمة فى فلورنسا فى القرن السادس عشرة ليصبح بذلك من أوائل الكتب – وربما أولها – فى الفلسفة السياسية وفى ابتداع كلمة "مكيافيللى" التى نستخدمها للتدليل على الخسة والنذالة فى سلوك البعض ممن يقفزون بشتى السبل على كل العوائق التى تحول بينهم بين بلوغ أهدافهم.

أحد أساتذتى – يرحمه الله – كان يرى جانبا مكيافيليا حتى فى علم الإدارة، فمن وجهة نظره أن المدير الناجح يجيد "استغلال" مرءوسيه وبحكم معرفته الوثيقة بهم يعرف نقاط ضعفهم ويستثمرها فى التأثير عليهم وتحفيزهم لمضاعفة جهودهم وشحز هممهم وبالتالى سهولة السيطرة عليهم .. بعض مديرى اليوم يلجأون إلى إزكاء روح التنافس بين مرءوسيهم وخلق نوع من التوتر المدروس والصراعات البسيطة اعتقادا منهم أن ذلك يجعلهم على علم بما يدور فى الخفاء ويجعل المرءوسين يتسابقون على إرضاء الرئيس ومحاولة التقرب منه .. ولعل ذلك يفسر بالتالى بداية تكوين مراكز القوى التى تنجح فى الإلتفاف حول صاحب القرار وفهم شخصيته وميوله وإسماعه مايحب وإظهار الطاعة العمياء وتنفيذ كل رغباته وبناء سياج فولاذى حوله لايسمح لغيرهم بتجاوزه وبالتدريج يصبحون ضرورة لاغنى عنها له ويصبحون هم من يفكر وينفذ وتنقلب الآية فيصبحون هم من يرقص الرئيس على إيقاعاتهم ويصبح ألعوبة فى ايديهم لأنهم الأقوى .. يستغلونه كمجموعة مصالح تحافظ على بقائها فى الوقت الذى يستغلهم هو فى إنفاذ إرادته وكواجهة يلصق بها عند الحاجة أى فشل ويختار من بينها كباش الفداء للتغطية على أخطائه ويتحملون عنه المساءلة القانونية عند الحاجة .. كل شيئ بثمن محدد سلفا فى غايات ومقاصد وأهداف ومكاسب تعرفها كل أطراف اللعبة الذين يتخفون خلف أقنعة تساعدهم على خداع الضحايا وبث الأمل الكاذب فى نفوسهم وبيع الوهم وتخدير الهمم فيسهل قيادتهم وتسخيرهم كمبرر لبقاء أمثال تلك العصابات، وبذلك تكتمل الدائرة الجهنمية للفساد السياسى.

هل هناك علاقة بين هذا النوع من الإدارة والعمل السياسى بوجه عام؟ نعم، ولكن السؤال الأهم هو: هل كل السياسيين كذلك؟ الإجابة بالقطع لا ، وإلا لما كان لدينا سعد زغلول زعيما تجمع عليه الأمة وتفوضه أن يتحدث باسمها دون استقصاء رأى مزور يصدره مركز ملاكى تابع لنظام الحكم ، ولما كان لدينا مصطفى النحاس الذى ذهب لقسم البوليس لكى يحرر محضرا لمواطن أخرق من المعارضة صفعه على وجهه وهو ينتظر القطار على رصيف محطة مصر مثل أى مواطن لكى تأخذ العدالة مجراها بدلا من أن يلقى به فى السجن أو يبعث به وراء الشمس، ولما كان لدينا فؤاد سراج الدين الذى يحكى عنه زعيم الوفد الحالى وأحد تلامذته سيد البدوى أن بيته هو الآخر كان بيتا للأمة مثل سعد، وأن طلابه وزملاءه ومريديه كانوا يذهبون لرؤيته فى بيته فى أى وقت ويصعدون حتى إلى غرفة نومه فيفتحون الباب إن كان مغلقا ويدخلون إلا فى حالة واحدة فقط : أن يكون الزعيم على سريره يستريح فى إغفائة قصيرة من عناء يوم طويل، ولما وقف النائب عباس محمود العقاد أثناء مناقشة البرلمان للميزانية يهدد بقطع "أكبر رأس فى البلاد" أى ملك مصر والسودان .. ويظل السؤال الذى يفرض نفسه ويحرض على مزيد من التفكير: هل يزيد التمسك بالأخلاق فى ظل الديموقراطية باعتبار أنها تسلط أضواءها الكاشفة على سلوك الحكام وتجعل من نواب الشعب رقباء يرصدون أى انحراف يضر بمصالح الناس ويخضعون الحاكم للحساب والعزل والعقاب إن خان الأمانة؟

قالوا لى: "التطهير يبدا من هنا

أمانة الكلمة عبء ثقيل ينوء بحمله كل شريف صاحب رسالة "يعرف الحقيقة" ويسكنه ضمير متيقظ لاينام فلايستطيع السكوت على فساد ولايخضع لإغراء المنصب أو الجاه أو الثراء لكى يشيح بوجهه ويتظاهر بأنه لايعرف ولا يرى ومن ثم لايتكلم فيصبح تجسيدا للصورة التقليدية للقردة الثلاثة التى يضعها بعض المسئولين على مكاتبهم لكى تذكرهم دائما بأنهم مجرد دمى يجلسون على الكراسى يحركهم صاحب الفضل عليهم بتقليدهم تلك المناصب، ويمنعهم من مجرد التفكير بأنهم يملكون حق الإعتراض على مايدور حولهم من مفاسد وإلا أطيح بهم .. يصبحون بالتدريج "عبيدا" بمستويات مختلفة لظالم فاسد يفعل بهم وبمن حولهم مايشاء ويحركهم على رقعة الفساد المتاحة له مثلما يحرك اللآعب الماهر قطع الشطرنج، ثم يتحولون إلى أدوات قهر وقمع لكل من يعترض أو يشكو بل ومن يرفض "المشاركة" ويعتبرونه عدوا ينبغى تصفيته والخلاص منه.. ذلك تلخيص لعهد مبارك الذى مهما تبارينا فى اختيار المسميات فإن "عهد الفساد" تظل هى التسمية التى الجامعة المانعة لثلاثة عقود من التخريب والنهب والسلب وتحطيم الإرادة الوطنية وتحويل وطن المصريين جميعا إلى عزبة تملكها أسرة سمحت لبضعة مئات من خصيانهم بإقطاعيات وأطلقوا أيديهم فى معاملة باقى الشعب المصرى كأجراء يعملون معهم نظير لقمة العيش التى يحرمون منها إذا لم يرض عنهم "السيد".


فجرت ثورة يناير ينابيع الكرامة الوطنية للمصريين، ورفعت الغطاء عن الصمت الذى كان مفروضا عليهم وأطلقت العنان لألسنتهم التى ألجمها الخوف لفترة طويلة حتى كادت تنسى الحروف والكلمات التى تعبر عن السخط وعدم قبول الظلم، وبدأ الشارع المصرى يشارك فى الحكم ويختار الحكام بعد أن انقلب السحر على الساحر وأطلق سراح الشعب وبدأت بالفعل محاكمات من أجرموا فى حقه ووضعهم فى أقفاص الإتهام خلف القضبان بدلا من كل معارض شريف تجرأ على المطالبة بحقه .. بل وخرجت حكومة الثورة لكى تؤكد أن الثورة لم تطح فقط برؤوس النظام وإنما سوف تطال ذيولهم وخصيانهم وأغواتهم المتمركزين فى كل مؤسسات الدولة وتطهير تلك المؤسسات منهم لكى تعود خالصة نقية لأصحابها ومالكيها الحقيقيين .. استقبل الناس تصريحات الحكومة بحماس وصدقوها وتشجعوا ووجدوا فى ذلك فرصتهم للمشاركة فى تطهير مؤسساتهم ومعاونتها فى تلك المهمة الصعبة ، وإن كان ذلك قد زاد من عبء إلتزام الحكومة بتفيذ وعدت به .. وكان طبيعيا أن يتوقع الناس – وهذا حقهم – بأن تبدأ الحكومة بنفسها فتطهر المؤسسات التابعة لها مباشرة أولا لكى تزيد من مصداقيتها في أنها عازمة بالفعل أن تقضى على ذيول نظام مبارك وتسليم السلطة إلى المؤهلين من جيل الثورة لكى يصلحوا ماأفسده النظام ويعبروا بمصر إلى المستقبل الذى تستحقه.

قابلت وفدا حضر إلى منزلى لكى يسلمنى وثيقة بأسماء قيادات مركز تابع لمجلس الوزراء بها ارقام عضوية هؤلاء بلجنة السياسات واللجان المختلفة للحزب الوطنى ، ومعها أرقام القضايا التى رفعت على هؤلاء بتهم التربح وإهدار المال العام من الغيورين على أمر هذا المركز الذى لم يكن فى الماضى سوى بوقا للحزب الوطنى يسهم فى غسل مخ الشعب المصرى ويمهد للتوريث، ومرفق بكل ذلك قصاصات الصحف – بما فى ذلك صحف الحكومة نفسها - التى تناولت بالمستندات مظاهر الفساد السياسى الفجة وإهدار المال العام فى هذا المركز الذى خرج رئيسه السابق فى التشكيل الوزارى الأخير استجابة لإرادة شعبية كاسحة مع غيره من رموز النظام السابق من الوزراء .. هدأت من روع زوارى وأكدت لهم أن التطهير قادم لامحالة وأنها مسألة وقت ، ونصحتهم بالحق الذى يملكونه أن يسلموا مطالبهم إلى مكتب رئيس الوزراء وهو على بعد خطوات منهم ، ووعدت بأن أفعل نفس الشيئ فى إطار الأمانة التى حملونى إياها باعتبارى كنت شاهدا على كل مايقولون حين التحقت بالعمل فى هذا المركز تحت إلحاح من رئيسه السابق الذى أكد لى أنه جاد فى إعادة هيكلته، ولكنى أكملت عاما بالكاد أجاهد بما أعطانى الله من علم وخبرة يسيرين فى أن أنفذ الخطة التى صدقت بسذاجة أن الرجل كان جادا فى تفعليها وأنه قادر على إلزام جماعات المصالح التى تحاصره بتنفيذها، وأكدت لهم استعدادى للشهادة رسميا أمام أى جهة تحقيق تستدعينى للشهادة فذلك واجب والتزام لاينبغى لأى مواطن شريف أن يتحلل منه .. كان أكثر مالفت انتباهى أثناء النقاش نقطتان: أولهما أن أصحاب تلك القضايا من المتهمين من قيادات المركز قد تمت ترقيتهم منذ أسابيع وأحدهم يدير المركز فعليا، وثانيهما تلك العبارة التى ترددت كثيرا وبإصرار بما يدل على أنها تمثل هاجسا ملحا فى إذهان أصحاب الحق "التطهير لابد وأن يبدأ من هنا إذا كانت الحكومة جادة فى وعودها".. عبارة يقف لايستطيع أى منطق أن يتحداها لبلاغتها وصدق مدلولها.