Monday, September 19, 2011

درس فى اقتناص الفرص

لن أتعرض هنا لما حدث وقد يحدث فى مبارتى كرة القدم للتأهل لكأس العالم فمن حسن حظى أنى أحب كرة القدم ضمن باقة من الرياضات الراقية التى يشدنى إليها مستوى المهارات المطلوبة للتفوق فيها والتشويق والإثارة التى تحدثها فيمن يتابعون فنونها وقوة الإحتمال التى يتمتع بها لاعبوها وقدرتهم على الصراع والكسب تحت ضغوط نفسية رهيبة عرفتها حين كنت أمارس أحد تلك الألعاب الفردية العنيفة وقرر والدى يرحمه الله أن يحضر مباراة البطولة فكدت أخسر البطولة لأن تركيزى قد تشتت بين صوت المدرب وتعليماته واختلاسى النظر إلى الوالد بين الحين والآخر وأصوات المشجعين لى ولخصمى على الحلقة.
أريد هنا أن أهدى إلى شبابنا نموذجا لاقتناص الفرص يتعلمون منه كيف يبدأون عملا بسيطا يتطور ليصبح كبيرا لو نظروا حولهم ورصدوا مايحتاجه الناس وهو كثير وقاموا بتوفيره إما بتصنيعه أو التوسط لجلبه أو بيعه لحساب الغير .. لو فعلنا ذلك لما كان بيننا عاطل بالمعنى الحرفى للكلمة .. الصين أصبحت نموذجا للتسويق المقتحم الذى يراقب الأسواق بعينى الصقر وينقض على الفرص المتاحة بسرعة خاطفة يعجز أهل البلد أنفسهم عن الظفر بها .. وإليكم أمثلة نتعلم منها أسلوب الكوماندوز فى فنون التسويق والبيع:
• السعودية سوق عملاقة باعتبارها ملتقى العالم العربى والإسلامى يرتادها ملايين الناس طوال العام لزيارة الأماكن المقدسة وأداء شعائر الحج والعمرة .. وهؤلاء يحتاجون إلى ثلاثة أشياء أساسية يستكملون بها مشاويرهم الروحانية : ملابس إحرام وسجاجيد صلاة وسبح بأشكالها المختلفة .. ولايقتصر الأمر على الإستخدام الشخصى وإنما يتجاوز ذلك إلى إصطحاب تلك الأشياء معهم كهدايا لأحبائهم فى البلدان التى قدموا منها .. يدخل الصينيون منافسين شرسين يقدمون تلك السلع بأسعار رخيصة فى متناول كل الطبقات تكتسح أمامها كل ماعداها .. فرصة نادرة استغلها الصينيون واقتنصوها لسد حاجة ماسة إلى منتجات بأعداد ضخمة ومستوى أسعار منخفض وجودة معقولة تتناسب مع الأسعار.
• فى مصر لايزال الناس يقبلون الشراء من الباعة الجائلين الذين يدقون الأبواب يعرضون بضاعتهم ويفاوضون على السعر على الرغم من المحاذير الأمنية .. فرص كثيرة متاخة فى مجتمع الكثافة السكانية التى يتركز معظمها فى الأحياء الفقيرة التى يجاهد الناس فيها لكى يوفروا لأنفسهم وأسرهم سلعا ضرورية بأسعار تتناسب مع دخولهم الضعيفة .. يحمل الصينى أو الصينية شنطة ضعف حجمه ، يدخل العمائر ويدق أبواب الشقق يبيع بضاعته من الملابس والأجهزة المنزلية والإلكترونية والإكسسوارات الرخيصة المهربة دون كلل أو تعب .. جزء ليس بالقليل منهم إختاروا وسيلة أقل مخاطرة وهى مشاركة مصرى فى محل يعرضون فيه بضاعتهم يستهدفون المجمعات فى الأماكن الراقية ويظلون على اتصال دائم بالعملاء والأسواق يحددون احتياجاتها ويلبون تلك الإحتياجات بسرعة.. بل إن بعضهم أصبح ينافس الحرفيين فى أعمال الكهرباء والسباكة والنجارة بل وقص الشعر بالمنازل بأسعار تبلغ نصف مايدفع عادة فى مثل تلك الأمور .. اسواق موازية اصطنعوها مستفيدين من ضعف الرقابة واستهانة الأجهزة المعنية وسلبيتها.
• وأخيرا تنزل فرق من الصينين إلى مصر تحدد احتياجات مشجعى كرة القدم فى المباريات ذات الأهمية الخاصة مثل التأهل لكأس العالم فتغرق السوق بأعلام متقنة الصنع وبأحجام مختلفة تناسب كل الأغراض ومستويات الدخول .. ملايين الأعلام بيعت وسوف تباع يحملها الناس ويعلقونها ويزينون بها سياراتهم .. والذى يغيظ فى كل ذلك أن صناعة الأعلام بالذات لاتحتاج إلى تكنولوجيا متقدمة ولا ماكينات معقدة ولا تكلفة مرتفعة للإنتاج ، ولكن أحدا فى مصر لم يفكر فيما فكر فيه الصينيون ، فماذا حدث لنا لكى نفضل الإستهلاك على الإنتاج ، والراحة والكسل على السعى والتعب ، والوظيفة التى لاتجيئ على العمل الحر بكل مكاسبه ؟
حتى الأفكار الإبتكارية أصبحت وسيلة لاقتناص الفرص فنجد البليونير الأمريكى "وارن بافيت" يدعو ثمانية أشخاص كل عام لكى يتناولوا العشاء معه من خلال مزاد يشعل نار المنافسة بين من يريدون أن يحظوا بتلك الفرصة لحجز مقعد على مائدة رجل الأعمال الأسطورة .. ويفتح المزاد عادة بحد أدنى قدره 35 ألف دولار للمقعد الواحد وصلت هذا العام إلى أكثر من 860 ألف دولار.. ولما استغرب الإعلام من ضخامة المبالغ التى يتسابق أصحاب الملايين على دفعها والتى يخصصها بافيت كلها لأعمال الخير قال أحد المزايدين " لم يكن ممكنا لقاء بافيت بغير هذه الطريقة والحصول على استشارة من خبير مثله تزدهر بها أعمالى فأصبح مليارديرا مثله"

Writing Job Descriptions

Writing Job Descriptions include summarizing job functions using the Internet and traditional methods.

The employer almost uses the job analysis to (at least) produce a job description. A job description is a written statement of what the worker actually does, now he or she does it, and what the job’s working conditions are. You use this information to write a job specification; this lists the knowledge abilities and skills required to perform the job satisfactorily.

There is no standard format for writing a job description. However most descriptions contain sections that cover

1) Job identification
2) Job summary
3) Responsibilities and duties
4) Authority of incumbent
5) Standards of performance
6) Working conditions
7) Job specifications.

Job Identification: The job identification section (on top) contains several types of information. The job title specifies the name of the job such as supervisor of data processing operations, marketing manager, or inventory control clerk. In the United States, the status under fair Labor Standards Act (FLSA status) identifies whether a job is exempt or non exempt. Under the Fair labor standards act, certain positions, primarily administrative and professional, are exempt from the act’s overtime wage provision. A comparable system does not exist in India though mentioning unionized and non-unionized status will help in quick identification of job status. Date is the date the job description was actually written.

There may also be a place to indicate who approved the description and perhaps a space that show the location of the job in terms of its facility / division and department / section. This section might also include the immediate supervisor’s title and information regarding salary and/or pay scale. Here provide space for the grade / level of the job, if there is such a category. For example, a firm may classify programmers as programmer II, programmer III, and so on.

Job summary:

The job summary should summarize the essence of the job, and include only its major functions or activities. Thus the “telesales rep” is responsible for selling college textbooks. For the job of materials manager, the summary might state that the materials manager purchases economically, regulates deliveries of, stores and distributes all materials necessary on the production line. For the job mailroom supervisor, the mailroom supervisor receives, sorts, and delivers all incoming mail properly and he or she handles all outgoing mail including the accurate and timely posting of such mail.

While it’s common to do so, include general statement like performs other assignments as required with care. Such statements do give supervisors more flexibility in assigning duties. Some experts, however state unequivocally that one item frequently found that should never be included in a job description is a cop-out clause like other duties as assigned since this leaves open the nature of the job and the people needed to staff it. However, to avoid any ambiguities in case the assignment does not work out, it’s advisable to make it clear in the job summary that the employer expects the job incumbent to carry out his or her duties efficiently attentively an conscientiously.

Relationships:

There may be a relationships statement (not in the example) which shows the jobholder’s relationships with others inside and outside the organization. For a human resource manager, such a statement might look like this:

Reports to: Vice president of employee relations:

Supervises: Human resource clerk, test administrator labor relations director and one secretary

Works with: all department managers and executive management

Outside the company: Employment agencies, executive recruiting firms, union representatives, state and federal employment offices, and various vendors.

حين تحسن الحكومات إدارة الموارد

المقارنة بين حكوماتنا وبين حكومات الدول المتقدمة مقارنة ظالمة بكل المقاييس ، فلا يمكن مقارنة من يتعلم السباحة بمن يعبر المانش ، ولا من يجرب ركوب الدراجة بمن يقود النفاثة .. هناك حكومات لاتملك إلا أن تخدم شعوبها وإلا رحلت ، وهناك حكومات تعتقد أن الشعب موجود لكى يحافظ على بقائها يلهج بالشكر والثناء على تفضلها بقبول حكمه وتحمل سخافاته ورزالته والمعانة الرهيبة التى تتحملها فى الحفاظ على نحطاطه وتخلفه.
كلما عدت من رحلة عمل بالخارج أظل لعدة أيام أحاول أن أطرد أفكارا وهواجس تؤرقنى وتزلزل كيانى ، وبين كل هاجس وهاجس تبرز لافتة مشهورة تحتفظ حكوماتنا المتعاقبة بآلاف النسخ منها فى مخازنها لكى تستعملها كلما عن لها أن تخرج علينا ببدعة أو قانون جديد ترقع به الثوب المهلهل للحكم الرشيد .. لافتة "لسنا وحدنا الذين نفعل ذلك ..." التى زاد استخدامها خلال الثلاثين عاما الماضية أصبحت مثل المحلل الذى يعلم أن الزواج باطل ولكنه يقنع نفسه أنه يتطوع لكى يجمع راسين فى الحلال .. تعالوا نأخذ بعض الأمثلة :
• صحيح أن الضريبة العقارية تدفع عن كل وحدة سكنية والهروب من دفعها مستحيل وإن حدث فهو جريمة تستوجب العقاب .. ولكن المواطن يراقب أوجه صرف تلك الضريبة التى يدفعها للحى الذى يتبعه بالمليم .. تتواصل الأحياء مع الملاك والسكان الجدد وتقوم بإرسال خطاب رقيق يرحب بهم ومرفق به كتيب مفصل يحتوى على كل السياسات والنظم التى تحكم عمل الحى فيما يختص بالصيانة الدورية للطرق والمرافق والحدائق بما فى ذلك خدمات المرور والبوليس والمطافى والمستشفيات التابعة لكل حى .. وليس ذلك فقط وإنما يقوم كل حى بإرسال فاتورة شهرية مفصلة بأوجه صرف الضريبة المحصلة موزعة على كل قطاعات الخدمات لكى يراجعها المواطن ويعترض عليها إذا اراد .. هل هناك احترام لرأى المواطن ورقابة أدق من ذلك ؟ هنا يتصرف وزير المالية فى أى أموال على أنها جزء من بيت المال حتى لو كانت صناديق خاصة أو أموال المعاشات التى تديرها الدولة ولكنها بالقطع ليست بندا من بنود ميزانيتها ولاتملك حرية التصرف فيها فى غير الغرض المخصصة لأجله.. المواطن هناك يدفع ويحصل فى المقابل على خدمات منتظمة بمستوى وهنا يدفع دون أن يكون له حتى حق السؤال عن العائد على مايدفعه.
• شوارع عواصم الدول ليست أوسع من شوارع القاهرة ولكن الإلتزام يجعلها تكفى وتزيد لكى تستوعب كل أنواع المركبات التى تسير فى مسارات محددة لكل نوع منها .. الإنتظار مسموح به فى كل الشوارع ولكن بنظام دقيق وصارم يحدد الوقت المسموح به والغرض من الإنتظارعلى امتداد أيام الأسبوع وفى أيام العطلات الرسمية وبألوان تحدد ذلك .. الشوارع هناك مخصصة فقط للسيارات والمشاة بأرصفة عريضة تسمح بحرية الحركة وسلاستها والتمتع بالنظر إلى ماتعرضه المحال من منتجات .. حتى حين يتهافت الناس على منتج جديد يريدون أن يكونوا أول من يقتنيه فإنهم يقفون فى صفوف منتظمة لعدة أيام فى حراسة عدد قليل من رجال الشرطة .. وطبيعى أن يكون ذلك هو نفس السلوك عند التظاهر الذى يتم دون إذن مسبق من أى جهة ولكن فى حراسة الشرطة المتواجدة فى كل وقت دون استعراض للقوة ودون كثافة عددية كما هو الحال عندنا.. الإستجابة سريعة عند طلب النجدة فتالشرطة والإسعاف عندك خلال دقائق جاهزة للحركة طبقا للحالة .. فوضى اللوحات الإعلانية التى تخنق شوارعنا وتلوثها جماليا وتحتل أرصفة المشاة لكى تحرم الناس من حقها فى التجول بحرية على الأقدام غير موجودة فى التدول المتقدمة .. اللآفتات الوحيدة المسموح بها هى اللافتات الرسمية المكتوب عليها تعليمات المرور والإنتظار وأماكن الإتصال بالخدمات العاجلة والمطلوب من الناس أن يركزوا عليها ويستوعبونها حتى لايخالفوا القانون فضلا عن الشكر المزرى والفوضى التى تسببها لوحات الإعلان لوتركت لسلطان المال بغير تنظيم ، وقد تتسبب فى حجب الرؤية والحوادث للمشاة والسيارات على السواء.
• أما مايثير الإعجاب فعلا فهو أن الناس يستغلون بمهارة فائقة المساحات المتاحة لهم والإمكانات والأجواء التى توفر لهم الراحة فى أداء أعمالهم فتجد المقاهى منتشرة فى كل مكان بما فى ذلك المحال الكبرى ولكنها تستغل لأكثر من تناول قدح من القهوة أو الشاى .. هناك أماكن بسيطة ومريحة ومجهزة لاستقبال إشارات الإتصال لاستخدام الإنترنت المجانى مخصصة لإجتماع بسيط تناقش فيه الأعمال أو تعقد الصفقات أو تجرى المقابلات الشخصية لطالبى الوظائف فى جو غير رسمى فيضرب صاحب المكان عصفورين بحجر واحد : تزداد مبيعاته وشهرته ويصبح التنافس على قدر الراحة التى يحس بها من يرتاد المكان، ويقلل من التوتر المعتاد فى بعض لقاءات العمل التى قد لاتتطلب فى أحد مراحلها أجواء العمل الرسمية التى تفرض قيودا وضغوطا يمكن تجنبها.. طبعا لاأريد هناك أن أتحدث عن مستوى النظافة وحسن السلوك والتسابق على إرضاء العميل والإنصات باهتمام لأى ملاحظة أو اقتراح من شأنه أن يحسن من مستوى الخدمة .. العاملون فى تلك الأماكن يعرفون أن بقاءهم فى وظائفهم رهن بتفانيهم فى خدمة العميل وتتأثر دخولهم تبعا لذلك ومعها مستوياتهم الوظيفية .. الحدائق المجانية موجودة فى كل مكان لمن يريد الإستمتاع المجانى بالطبيعة ، وفى كل مجمع سكنى صغير حديقة مشتركة يقوم الحى على صيانتها ويحافظ عليها الناس.. يحافظون على أى مساحة خضراء وحين تنحسر المياه عن الأنهار فى بعض مواسم الزراعة يسارع الناس باللقاء على الشاطئ فى أجازات قصيرة يقتنصونها ومعهم كراسيهم ووسائل التسلية البسيطة يتعارفون ويتسامرون فى لهو برئ .
أعلم أن الإتهامات بسوء السلوك والسمعة للناس فى لعبة البيضة والفرخة التى تلعبها معنا حكومات مصر المتعاقبة جاهزة، ولكنى أعلم أيضا أن الإصرار على تطبيق القانون على المسيئ وبالتساوى دون تفرقه كفيل بأن يردع من يتعمدون إفساد المرافق العامة أو يسهمون فى انتشار العشوائيات .. وتلك قصة أخرى.

الحوار الوطنى فى مصر وتسليم الفار مفتاح الكرار

أثارت افتتاحية الوفد يوم الجمعة الماضى شجونى بخصوص بدء جلسات الحوار الوطنى وماشابها من سوء تنظيم وعدم وضوح الأهداف وتجاهل تمثيل الأحزاب وعلى رأسها حزب الوفد أكبر وأعرق الأحزاب الموجودة على الساحة .. ولقد تابعت الجلسة الأولى كاملة ، والحقيقة أن السادة المتحدثين فى الجلسة وجميعهم من رموز المجتمع المحترمين الذين لهم كل التقدير قد عبروا عن خيبة أملهم فى فعاليات الجلسة وعدم تمثيل شرائح المجتمع المختلفة فيها وبالذات شباب الثورة الذين على مايبدو أنهم قاطعوها لعدم تأكدهم من جدواها ولديهم كل الحق فى ذلك مالم يتم تدارك الأخطاء الفادحة التى ارتكبت فى أول حوار وطنى كان يمكن أن يكون نموذجا لما ينبغى أن يكون عليه التوافق المجتمعى على مستقبل مصر بعد ثورة 25 يناير.


والحقيقة أن مادار فى الجلسة الأولى لم يكن مفاجأة بالنسبة لى وكذلك جدوى استمراره بنفس التوجه ، وقد كتبت أكثر من مرة عن مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء ونبهت إلى دوره الهامشى ومظاهر الفساد به والملايين التى تصرف عليه دون عائد يذكر، وتصدى للرد على أعضاء جمعية المنتفعين ممن يهمهم بقاء الحال على ماهو عليه .. والمركز هو الجهة التى نظمت الحوار من خلال وحدة من وحداته تسمى "العقد الإجتماعى" وهو عنوان براق لايحمل فى طياته أهدافا واقعية تسهم فى تطوير المجتمع، وأظن أن رئيس المركز الذى يشغل حاليا منصب وزير الإتصالات كان له دور فى ذلك .. ولدى الأسباب التى تدعم وحهة نظرى وتجعلنى على يقين مما ذهبت إليه:

 تاريخ المركز المذكور – على الأقل فى ظل حكومة نظيف الأولى والثانية – لايؤهله على الإطلاق للقيام بدور المنظم لأهم آليات التوافق الوطنى ، فقد اكتفى – رغم الملايين التى صرفت عليه من ميزانية الدولة – باستقصاءات رأى تجمل وجه الحكومة والنظام .. وكلنا نذكر الفضيحة المشهورة بنتائج استقصاءات رأى ساذجة بأن أكثر من 86% من المصريين يشعرون بالرضى على حكومة نظيف ، وأن مستويات المعيشة فى مصر قد ارتفعت فى ظل حكومة الفساد بدليل زيادة عدد الموبايلات فى أيدى الناس والثلاجات وأجهزة التكييف فى منازلهم .. ويوم تجرأ المركز بنشر نتيجة استقصاء عن زيادة شعبية أحد رموز المعارضة فى مجلس الشعب على أحمد عز كاد رئيس المركز أن يفقد منصبه.

 رئيس المركز من "شلة" رئيس الوزراء السابق الذى زامله فى نفس المركز قبل أن يصبح رئيسا للوزراء ولصيق الصلة به وكان يتبعه شخصيا وهو الذى أتى به إلى منصبه ،ومن ثم فهو من نفس المدرسة وله نفس التوجه الخاص بإقصاء المعارضة واعتبار رموزها أعداء يهددون مصالح الحزب الحاكم واتباعه ومريديه ، ومن ثم لايكون منطقيا أن يدعى إلى جلسات الحوار من يملك الكلام عن خطايا النظام السابق وجرائمه لثلاثة عقود مضت والوفد على رأس هؤلاء.

 الوحدة التى نظمت الحوار تعيش على المعونات الأجنبية وتركز على نشر الدراسات والبحوث النظرية عن تطوير القرى ومشروعات وهمية مثل "الألف قرية" التى رفعت شعارا فى مرحلة ما للتسويق لتوريث الحكم دون أن يحدث أى تطوير أو تتحقق أى نتائج تمثل ولو جزءا يسيرا من الملايين التى صرفت على تلك البحوث ومن قاموا بها وهم يعلمون أنها عديمة الجدوى وغير قابلة للتنفيذ .. وفى كل الأحوال شتان بين بحوث مجتمعية تستهدف شريحة مجتمعية بعينها، وبين حوار وطنى يرسم خريطة لمصر المستقبل بعد ثورة أطاحت بالنظام القديم ولكن رموزه وأتباعهم لايزالون يشغلون مراكز هامة فى مؤسسات الدولة ، بل ويتجرأون على تنظيم آليات ترسم لمصر طريقها للمستقبل.

أكرر أن كل من تم دعوتهم للحوار رموز مجتمعية محترمة ولكنهم تم اختيارهم بغرض "الشو الإعلامى" للمركز المذكور لاأكثر وتلميعا إعلاميا لرئيسه فى موقعه الجديد لتثبيته حين يعاد تشكيل الوزارة، وإلا فأين رموز الأحزاب السياسية، وممثلى النقابات العمالية والمهنية، والفلاحين وممثلى شباب الثورة أنفسهم ؟ إذا كانت الحكومة جادة فى بدء حوار وطنى فليختاروا لجنة من المؤهلين لهذا العمل تضع أهدافا واضحة يتم الحوار عليها ويدعى للحوار حولها "أصحاب المصلحة" جميعهم وليس "عينة" منتقاه، وأن يتم ذلك بعيدا عن ذيول الفساد وإلا نكون كمن "يسلم الفار مفتاح الكرار".

قواعد الأخلاق ولعبة السياسة

الفربق بين "تأسيس" حزب .. و "تأثيث" حزب


الفرق حروف قليلة قد تتشابه كثيرا فى النطق بعد أن أهملنا لغتنا العربية الجميلة وأصبحنا نباهى بأن ثقافتنا غربية وبعدد اللغات الأجنبية التى نجيدها ، ولكن الفرق فى المعنى بعيد بعد الشمس عن القمر فى الحياة السياسية .. كثير من الأحزاب الموجودة على الساحة الآن تعانى من مياه بيضاء وزرقاء تحجب رؤيتها لما تحتاجه مصر مابعد ثورة يناير، وتحتاج إلى مشرط الجراح لكى يعيد إليها بصرها .. وقد لايجدى ذلك  إذا كان المرض بسبب عيوب خلقية ولدت بها تلك الأحزاب أوفيروسات نقلت إليها عبر من تسللوا إلى قواعدها وتنظيماتها وتمكنوا من جهازها المناعى وأضعفوه إلى الحد الذى أصبح يتقبل السلوك البهلوانى على أنه نشاط حزبى، والصوت العالى على أنه تأثير شعبى، والنفاق والتودد والابتذال فى الطلب لتولى المناصب على أنه ولاء مطلوب، والتسابق على احتلال الغرف وتأثيثها على أنه تواجد مطلوب.

أى حزب سياسى مؤسسة، والمؤسسات تدار بالعلم ومقتضيات الواقع معا لكى تقوم على رؤية واضحة ورسالة محددة وخطة استراتيجية بأهداف محددة واستراتيجية عامة ينتهجها الحزب ، وخطط عمل تفصيلية تترجم كل ذلك إلى برامج تتحقق بها الأهداف وتقاس فاعليتها وتأثيرها، وبمرور الوقت تتشكل "ثقافة" الحزب وهى بمثابة البوصلة التى تحدد إتجاه الحزب والقيم الحاكمة التى تحكم سلوك أعضائه  .. والمؤسسات تحتاج إلى هياكل تنظيمية تحدد العلاقة بين الكيانات المختلفة للحزب والعلاقة بينها، وكذلك عملية اتخاذ القرار والآليات المختلفة لكى يأتى القرار متوافقا مع رأى الأغلبية ومحققا للأهداف التى تم الإتفاق عليها من قبل.. ومالم تتحدد الأدوار بدقة داخل تنظيمات الحزب تحول الأمر إلى فوضى وضاعت المسئولية وتكاثر عدد من نسميهم Free Riders أى "المتسلقون" من هواة ركوب القطار دون تذكرة أو يتنطعون على الطرق أملا فى "توصيلة" مجانية .. هؤلاء الذين يعيشون على جهد الآخرين وينسبون الفضل لأنفسهم فى أى نجاح ويتنصلون بسهولة من أى فشل أو تقصير ومن ثم أى حساب.. خطورة ذلك أنه بمرور الوقت تضيع هوية الحزب ويتحلل من قيمه ومبادئه، ويصبح ساحة للصراع على المصالح وبدلا من أن يحتل مكانا متقدما بين القوى السياسية المؤثرة يرضى بالجرى لاهثا على القضبان لعله يلحق بآخر عربة فى القطار .

الجالس على مقعد القيادة فى الأحزاب التى وصفناها لابد وأن يكون لدية خارطة طريق واضحة المعالم يشترك فى إعدادها من جاءوا به وتكون نابعة من احتياجات مشروعة لجموع الشعب وليس فقط من ينتمون إلى الحزب، ولأن كل حزب لابد وأن يسعى إلى الحكم وإلى تحقيق الأغلبية فى المجالس النيابية فبديهى أن يكون لدى الحزب "كشافون للمواهب" يضعون أعينهم على الكفاءات التى تتوافر بالحزب وتصعيدها لكى يكون لها دور مؤثر فى رسم سياسات الحزب ، وهى مهمة تعترضها كثير من الألغام التى يضعها أصحاب المصالح وجماعات الضغط فى طريق كل تسول له نفسه أن يهدد مصالحهم أو يحاول أن يكون موضوعيا فى اختياره لمن يجلسون فى الصفوف الأولى التى تمثل الواجهة التى تعلن عن الحزب وتروج لبرامجه وتجتذب الأعضاء الجدد والمؤيدين لبرامجه والذين يمثلون قاعدة إطلاق الصواريخ لمستقبل الحزب وحائط الصد ضد أى تآمر عليه أو محاولات إضعافه.. الأحزاب كلها لديها الشخصيات والكوادر التى تستطيع ذلك وأكثر ، ولكن المشكلة أنهم لايجيدون فنون "عرض البضاعة" أمام أعين صاحب القرار والتفرغ للإلتفاف حوله وعزله عن القاعدة والاستئثار بأذنه فلا يسمع سواهم واعتراض مجال رؤيته فلا يرى غيرهم.

أما "تأثيث" الأحزاب فأمر سهل طالما توفر المال الذى سوف يتوافر دائما طالما فتح الحزب أبوابه لمن يريد أن يشترى إسما أو منصبا أو جاها أو واجهة تقدمه للناس حتى لو كانت شبه شرفية لاتحقق للحزب أى قيمة مضافة سوى زيادة رصيد البنك بعدة آلاف وأحيانا ملايين يصرف جزء منها على تأثيث المقرات والمكاتب التى يمكن أن تغطى كل مدينة وشارع وحاره فى طول البلاد وعرضها ولكن معظمها يظل لافتة بلا مضمون أو نشاط أو أعضاء تجمعهم مبادئ وأهداف وإرادة فى مواصلة العمل لخدمة أهداف قومية عليا من خلال الحزب .. تلك المكاتب واللجان قد تكون نوعا من بيع الوهم تعطى انطباعا بوجود أخطبوط حزبى تمتد أذرعه إلى كل شبر من الوطن ولكنها ليست بالقطع مصادر قوة حقيقية لقدرة الحزب على الوصول للقواعد العريضة من الناخبين وتعبئتهم وتحريكهم وكسب تأييدهم لكى يصل الحزب إلى الحكم.. مستقبل الحياة السياسية إذن لايتحقق إلا من خلال "مأسسة" الأحزاب ، أى تحويلها إلى أحزاب مؤسسية بالمعنى الذى شرحناه، وليس بتأثيث الأحزاب لكى تمتلئ "بورد قاعد على الكراسى" يحولونه طوال الوقت إلى "مكلمة" على غرار الحزب الوطنى تناقش وتنظر وتعطى انطباعا زائفا بالحركة والنشاط دون أن يتحقق من وراءها أى عائد فعلى .

الكم والكيف .. وقيمة الأحزاب


واضح أن معظم الأحزاب تسعى لزيادة عدد اعضائها ويرون فى ذلك دليلا قويا على شعبية الحزب. لذلك نرى كل اساليب الترغيب لكى تتضاعف أرقام العضوية ويتباهى الحزب بالقاعدة التى يبنى عليها وجوده .. الخطورة فى ذلك أن كل من ينضم إلى حزب لايكون بالضرورة مؤمنا بمبادئه وثوابته التى تقوم عليها نشاطاته وسعيه للوصول إلى الحكم لكى يطبقها. مبادئ الحزب هى الدستور الذى يحكم توجهاته ويعتبر الخروج عليها خرقا للدستور يستوجب الفزع والحساب باعتباره جريمة حزبية كبرى تهدد مصداقيته، ولكننا إذا سألنا أى عضو جديد ينضم إلى الحزب عن تلك المبادئ لفوجئنا بأنه لايحفظها عن ظهر قلب وإذا كان لايحفظها فقد لايعمل بها ويجعلها الأساس الذى يحكم سلوكه الحزبى .. والحزب فى ذلك مثله مثل أى مؤسسة يجتهد مديروها التنفيذيون فى وضع اللافتات على جدرات المؤسسة لتغطى كل ركن فيها تحمل رؤية ورسالة المؤسسة ولكنهم هم أنفسهم يرسبون فى أول اختبار يطلب منهم ترديد تلك الشعارات أو شرح معناها .. مارست ذلك مع طلابى الذين يمثلون الصفوة فى مؤسسات الأعمال  وفى العديد من الدورات التدريبية لمثلهم من القيادات التى أسهمت فى تدريبها على علوم وفنون الإدارة وتنمية الموارد البشرية .. وحتى يصدقنى القارئ تعالوا نجرى تجربة بسيطة على عينة ممن ينضمون إلى الأحزاب والمفترض فيهم أنهم فعلوا ذلك إيمانا بمبادئ وبرنامج  تلك الأحزاب فنسألهم: هل أتيح لهم فرصة قراءة المطبوعات الفاخرة للحزب والتى تتضمن برنامجه، وهل ناقشهم أحد فيها قبل التصديق على عضويتهم والتأكد من استيعابهم لها؟ وفى المقابل دعونا نسأل الأحزاب عن الوسائل التى تتبعها – إن وجدت - للتأكد من أن من ينضمون إليها يمثلون قيمة مضافة تضيف إلى رصيد الحزب من الخبرات فى المجالات المختلفة التى تضمن تنفيذ برنامجه .. لو فعلنا ذلك سوف نجد عجبا.

كما حزبا يضع شروطا للعضوية ومنهجا لاختيار أعضائه ؟ وأعنى هنا التمسك بتلك الشروط عند قبول العضوية وليس مجرد صياغتها وطباعتها فى كتيبات أنيقة .. كم واحدا من هؤلاء يرى فى برنامج الحزب "قضية" تعبر عن آماله وطموحاته فى مستقبل أفضل ، وكم واحدا من هؤلاء مستعد أن يناضل بكل مايملك من قوة وإمكانات من أجل تلك القضية ولكى يصل حزبه إلى الحكم ويحقق تلك الطموحات والآمال؟ بل إنى سوف أكون أكثر جرأة وأسأل كم طلبا للإنضمام رفضه الحزب – أى حزب – لأن صاحب الطلب لاينطبق عليه شروط العضوية، وكم عدد الذين استقالوا احتجاجا على الواقع المغاير لما توقعوه حين انضموا للحزب بشرط أن يكونوا قد استنفذوا كل الوسائل لتعديل المسار ؟ كثرة العدد إذن لاتعكس قوة الحزب وإلا أصبح المشهد السياسى مزادا يباهى فيه كل حزب بعدد أعضائه وتغلغله فى الشارع المصرى .. حسابيا نعم ، علميا لا وألف لا خاصة وأننا نتحدث عن العمل السياسي الذى هو فى جوهره عمل يهدف إلى التغيير المجتمعى من خلال "وسطاء تغيير" يقودون الجماهير ويؤثرون فيها ويستنهضون هممها ويجمعون طاقاتها لإحداث هذا التغيير.. بغير ذلك يصبح العدد "لمة" أو "عزوة" أو تجمع قبلى يناصر شيخ القبيلة ظالما أو مظلوما وتضيع الرؤية وتتغير الرسالة بتغير الموقف وتغير مراكز القوى داخل الحزب .. هناك فارق بين الإستراتيجية والتكتيك، فبينما الإستراتيجية تهدف إلى تحقيق غاية وهدف أسمى لإحداث تغيير بحجم الوطن كله يلبى احتياجات الغالبية العظمى من الناس ، تختلف التكيتيكات التى تمثل الوسائل والأساليب التى يمكن استخدامها لتحقيق ذلك .

من هنا فإن العمل داخل أى حزب لابد وأن يكون جماعيا مؤسسيا منظما توزع فيه الأدوار داخل منظومة متكاملة العناصروتضامن فى المسئولية تجاه أى قرار هام يتخذ باعتبار أن عضوية الحزب تعنى على أقل تقدير المشاركة بسهم يتيح لصاحبه أن يكون له رأى فيما يحدث وصوت فيما سيحدث وحق اختيار من يمثله والإعتراض على مايخالف العقد الضمنى بينه وبين الحزب ممثلا فى قياداته والتزامهم بمبادئ الحزب وسياساته.. أما الإنضمام إلى الأحزاب لتحقيق أهداف ومصالح شخصية استغلالا لاسم الحزب فهو إعادة لسيناريو كئيب متهتك من وضع حزب التوريث والذى كان مقررا علينا لأكثر من ثلاثة عقود متوالية ونتج عنه نمو طبقة جديدة من المصريين محترفى سياسة المصالح تكتشف الثغرات التى ينفذون منها إلى أى حزب ويتغلغلون فى تنظيماته بأساليب تدربوا عليها جيدا فى حضن نظام بوليسى فيحكمون سيطرتهم عليه ويوجهون سياساته لاسيما فى ظل قيادات ضعيفة تسمع وتتكلم أكثر مما تفعل .. عمليات "القرصنة" تلك والتى تمارس على الأحزاب تعيد إلى الإذهان ممارسات "الحزب غير الوطنى" الذى عاث فى مصر فسادا ضربت جذوره فى الأرض لأعماق سحيقة ويحتاج اقتلاعها إلى عشرات السنين من العمل الشاق والوعى واليقظة وشجاعة  المواجهة .. لابد أن تقتنع قيادات الأحزاب بأن ضمان بقاءها على الساحة رهن بوجود معارضة داخلية موضوعية وبناءة ، وأن سر قوتها يكمن فى استغلال الطاقات المعطلة واكتشاف مواهب الكوادر الموجودة بها وتصعيدها دون خوف من عصبيات أو تكتلات .. تطهير الأحزاب لأنفسها اصبح أمرا مقضيا والمشهد السياسى الهزلى الذى كان سائدا قبل الثورة سوف يختفى بالتدريج.

قصة الزبالة .. ومركز المعلوما


لم أصدق عينى وأنا أقرأ المنشور على الصفحة الرسمية لرئاسة مجلس الوزراء الأسبوع الماضى .. رئيس الحكومة يعلن أنه سيتم اتخاذ إجراءات فورية تلتزم بها محافظتى القاهرة والجيزة تحت إشراف السادة المحافظين شخصيا بعملية نظافة شاملة تظهر نتيجتها خلال 72 ساعة بالإمكانيات الذاتية لكل محافظة ، على أن يقوم مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار برصد التقدم فى عملية نظافة وتطهير الشوارع والمحاور الرئيسية ورفع تقرير بذلك لرئيس الوزراء.. خبر كوميدى يستدر الضحك والبكاء على ماصرنا إليه .. رئيس الوزراء يحاول أن يجد عملا للمركز الذى نبهنا مرارا وبالمستندات التى نقلتها عن "الوفد" أكثر من صحيفة إلى مظاهر الفساد به والذى كان ذراعا "للحزب اللاوطنى" فى تضليل الرأى العام والتمهيد للتوريث وتلميع حكومات عهد مبارك، والذى يعمل به مايقرب من 600 موظف نصفهم عمالة مؤقتة اشتكوا لطوب الأرض يطلبون التثبيت لاسيما وأنهم من يقوم بالعمل الحقيقى بالمركز بينما يعيش على جهدهم باقى قوة العمل من استشاريين بالعشرات تتراوح رواتبهم مابين 15-30 ألف جنيه لكل واحد شهريا، وباقى الموظفين من المحظوظين أبناء المسئولين الذين عينهم رئيس المركز السابق بمرتبات مجزية ومزايا لايحلمون بها ترضية لذويهم وإبقاء على منصبه الذى تسلل من خلاله إلى تقلد منصب وزارى خرج منه بعد أن اقتنع رئيس الحكومة بأنه كان قياديا فى حزب الفساد الذى سقط .. وبدلا من إعادة هيكلة المركز لكى يستغنى عن أصحاب الدخول المنتفخة ممن يجلسون بلا عمل ويستوعب العمالة الفنية الحقيقية المنتجة أصبح متابعة رفع القمامة ضمن اختصاصات المركز.

لم يقل لنا رئيس الوزراء كيف سيمارس المركز دوره المكلف به .. هل المقصود إنتاج إحصاءات تافهة "مضروبة" مثلما كان يفعل فى الماضى تجميلا لوجه النظام تقول أن كل شوارع القاهرة والجيزة نظيفة "وزى الفل" ومغسولة بالشامبو، وأن شكاوى الناس المفترية من أهل المحروسة بتحويل شوارع القاهرة الكبرى إلى مقلب كبير للزبالة مبالغ فيها؟ أم أنه سيقوم بوزن الزبالة المرفوعة ومطابقتها بالفعلى حتى لايحدث تلاعب أو خداع فى حجم العمل باعتبار أن المركز مدرب على مثل هذا الألاعيب بحكم معايشته للنظام الفاسد السابق؟ وهل سيقوم أخصائيو المركز بتتبع عربات رفع القمامة إلى المقالب والتأكد من التخلص منها بطريقة آمنة تقلل من التلوث البيئى الذى فاق كل تصور وأحاط بعاصمة مصر يوزع الأمراض ويرفع فاتورة العلاج ومعها عدد الضحايا والأموات ؟ هل هناك نيه لتغيير إسم المركز إلى "مركز معلومات زبالة مصر" وإذا كانت الإمكانات الذاتية لمحافظتى القاهرة والجيزة تكفيان لرفع أطنان الزبالة من الشوارع فلماذا الملايين التى تصرف على شركات النظافة الأجنبية التى تلحق فقراء المصريين للعمل بها وتحولهم رسميا إلى متسولين بزى ومقشة يقفون على النواصى وتلتقط لهم الصور بجوار أكوام الزبالة التى يبتزون بها الناس حتى يدفعوا لهم إذا أرادوا أن يزيلوها؟

ياسيادة رئيس الوزراء .. طالبتك فى مقال سابق أن تدخل من الباب الفاصل بين مكتبك وبين مركز المعلومات التابع للمجلس الذى ترأسه لكى تكتشف بنفسك حجم الفساد وصدق كل كلمة قلناها، وحذرت حين وقع اختيارك لرئيس المركز السابق وزيرا فى حكومتك إلى أن قررت تحت ضغط مطالب الثوار أن تستغنى عنه مع من خرجوا فى التعديل الوزارى الأخير من أتباع وذيول النظام السابق واستبداله برئيس جديد للمركز كل همه أن يحافظ على وظيفته ويسلم رقبته لنفس المجموعة التى أحاطت برئيس المركز السابق بل ويمنحهم الترقيات لكى يستمروا فى أداء نفس الأدوار التى كانوا يقومون بها من قبل .. واليوم أقول لك : لو أنك – بدلا من هذا البيان الهزيل الذى ظهر على صفحتكم – ارسلت نداء لثوار 25 يناير لتنظيف بلدهم لتدافع المتطوعون منهم لاليراقبوا رفع القمامة فحسب وإنما ليقضوا عليها ويزيلونها من الشوارع بأنفسهم لأنهم لايقبلون أبدا على مصر التى ضحوا بدمائهم من أجلها ولم يتركوا ورقة على أرض ميدان التحرير عقب كل مليونية تشوه الميدان أو الشوارع المحيطة به .. ولعلك لازلت تذكر صورة الثائر المصرى القعيد وهو يشترك على كرسى متحرك فى تنظيف ميدان التحرير.

أرجو ألا تراهن ياسيدى على أن الناس فى مصر ينسون بعد حين ، وأن مطالبهم بتطهير مؤسسات الدولة من الفاسدين والمفسدين ممن أكلوا حتى التخمة على موائد الفساد لعقود طويلة قد وهنت وضعفت فلايزال ذلك مطلبا شعبيا ضمن مطالب الثورة التى تعجز حكومتك عن تلبيتها بالسرعة والأولويات التى تفرضها الظروف.. فساد المحليات ياسيدى يتجاوز بكثير تحويل مصر إلى مزبلة كبيرة ، وأدعوك لزيارة حى مثل المعادى تحولت شوارعه إلى "مدقات" بعد أن هجم تتار المحليات ومقاولوهم قبل رمضان على كل الشوارع الرئيسية يحفرونها ويحولونها إلى أكوام من التراب والحجارة دون إبداء الأسباب ، ويرصعون جدران المبانى بأكوام الزبالة ومخلفات الحفر بما فى ذلك مستشفى القوات المسلحة نفسه .. كلما احتاج المقاولون ومن يشرفون عليهم إلى قرشين شرعوا فى هدم مابنوه وسفلته ماتم سفلتته وتعلية الأرصفة بأرتال من البلاط ترص إلى جانب بعضها البعض دون تثبيت لزوم إعادة الرصف.. من يطهر الشوارع لابد وأن يكون طاهرا .. مش كده وإلا إيه؟!

البيضة والفرخة .. ولعبة السياسة


فى بعض الأحزاب فئة يمكن أن نطلق عليها "مسجلون خطر أحزاب" ، وهم مجموعة من محترفى النصب السياسى يجيدون رسم الخطط التى تضمن لهم السيطرة على الحزب والإستئثار بالقرب من صانع القرار والحرص على أن الإحاطة به وتطويقه بسياج عازل يمنع عنه أى كفاءة مخلصة أو خبرة متميزة يحتاجها الحزب حتى لاتهدد وجودهم وتتيح فرصة المقارنة بينهم وبين تلك الكفاءات فيختفى نفوذهم وتضعف سطوتهم وتتعطل مصالحهم الخاصة التى انضموا للحزب لتحقيقها دون أى اعتبار لمصلحة الحزب ومبادئه وثوابته وأخلاقه .. يطلقون على هؤلاء فى الخارج Street Smarts أى بلطجية النواصى وهم يتمتعون بذكاء النصابين وخفة يد النشالين وانتهازية رموز الحزب الوطنى المنحل، وتلك إشكالية تهدد كيان الأحزاب التى ينضم إليها هؤلاء على المدى الطويل نتيجة لتراكمات من المشاكل والصراعات والألعاب القذرة التى تشغل قيادات الأحزاب عن الأهداف الإستراتيجية التى يبنون عليها سمعة الحزب وخلق قبول له لدى الجماهير..تجد الأحزاب التى تبتلى بمثل هؤلاء نفسها نهبا لاستنفاذ طاقاتها وكوادرها داخل دائرة جهنمية يدورن بداخلها تبدأ من نقطة وتنتهى عندها فى جو تآمرى لايشجع على التفكير الإيجابى والمبادرة ويجهض أى مشروع يبتغى صالح الحزب مالم يكن لهم فيه نصيب .. أدواتهم فى السيطرة على الأحزاب عيون فى كل مكان وتجسس على مايدور، وكتائب استطلاع تراقب أى محاولات لاختراق الشرنقة التى يحبسون فيها قيادة الحزب، والدس والوقيعة بين تلك القيادات وبين الكوادر التى تندفع بإخلاص لخدمة الحزب وتقوية دعائمه وستر عوراته.

بهذا تجد الأحزاب نفسها رهائن تحتاج إلى من يحررها من هؤلاء حتى لو بدفع فدية منصب أو جاه أو سلطان أو كسب مادى أو معنوى بغض النظر عن القيمة المضافة لتأثير الحزب فى الشارع وسمعته وإسمه.. المهم أن يستمر العرض وإعطاء انطباع بالحركة والنشاط بأسماء براقة ولافتات خادعة دون محتوى ولا عائد حقيقى .. والعصابات المنظمة التى تدربت فى معسكرات "الحزب اللاوطنى" الذى إنهار سريعا تحت وقع ضربات الأطهار المخلصين من أبناء هذا الوطن الغير طامعين فى مغانم شخصية العازفين عن التكالب المسعور على متاع الدنيا وصلوا بنا مانحن فيه الآن .. 9 ملايين فتاه بدون زواج، ونصف أطفال مصر مطابون بالأنيما وسوء التغذية، ومثلهم بالتقزم وربعهم قصار القامة، فضلا عن 8 ملايين مواطن مصرى مصابون بأمراض مزمنة مختلفة .. تلك العصابات التى اختطفت مصر كلها بمؤسساتها وأحزابها جعلت مصر تحتل المركز 57 من بين 60 دولة فى تقرير الؤس العالمى على مؤشر بلومبرج، وأصبح 40% من سكان مصر يعيشون تحت خط الفقر، ومثلهم على خط الفقر، وانتشرت العشوائيات حتى بلغ عددها 1109 منطقة فى دولة القانون كما كان نصابو الحزب يروجون، وبلغ عدد من لايجدون سقف ينامون تحته 12 مليون مصرى، ونسبة البطالة أكثر من 22%.. هل يهتم خريجى مدرسة حزب الفساد أن يكون فى مصر أحزاب وطنية قوية ذات رسالة ورؤية تحققان العدالة الإجتماعية والديموقراطية وحقوق المواطنة وقد اعتادوا أن يعيشوا كالخفافيش فى الظلام يمتصون دماء الناس بلا تفرقة أو تمييز؟

كتائب "المسجلين خطر أحزاب" يساندها خارج الأحزاب قيادات لازالت تقبع فى كل مؤسسات الدولة، تختبئ وتتوارى عن الأنظار إلى حين ترتب أوراقها وتتخلص من أدلة إدانتها بالفساد والتربح وتبديد المال العام، وتغرف بغير حساب من أموال المعونات الأجنبية التى لازالت تنهال على تلك المؤسسات – وبعضها للأسف تابع لمجلس وزراء مصر – بمسميات براقة ولافتات بلا مضمون ولا معنى حتى لايكتشف أحد الغاية من وراء ضخ تلك الأموال .. واحد من تلك المؤسسات نظم حملة إعلامية مرئية ومسموعة ومنشورة تطلب من المواطنين أن يشاركوا فى صياغة "العقد الإجتماعى" ولاأدرى أى عقد اجتماعى يتحدثون عنه ولم تتفق القوى الوطنية والإئتلافات حتى الآن على المبادئ التى سوف تجرى عليها الإنتخابات .. لم يقل لنا أحد كيف سيشترك الناس فى صياغة هذا العقد، وهل يفهم الأميون فى مصر الذين يبلغون نصف السكان تقريبا معنى ذلك ؟ هل الناس بحاجة إلى عقد اجتماعى أم إلى عقد عمل يعينهم على الحياة الكريمة ويرفع عن كاهل أسر الشباب هما ثقيلا وعبئا تنوء بحمله الجبال؟ ومثلما تتحالف الأحزاب بعد طول انتظار لكى يشتد عودها وتتعاظم قوتها ، فإن عناصر الثورة المضادة التى تسللت إليها تتشح بأثواب الطهر والعفاف والنقاء الثورى تتآمر على حقن تلك الأحزاب بفيروسات ضعف المناعة السياسية ، وتعطل أى قرار يمكن أن يقوى أجهزتها المناعية لكى تظل نمورا من ورق تحدث ضجيجا وتزأر فى الهواء دون مخالب أو أنياب تظهر شراستها فى الحق وفى التمسك بحقوق الناس والدفاع عن مطالبهم المشروعة وتبنى قضاياهم وتعظيم قدراتهم على التغيير .. فى مصر هيئة قومية لمحو الأمية أنشئت منذ عشرات السنين وصرف عليها مئات الملايين دون أن تتحرك نسبة الأمية إلى أى مستوى محترم يمكن اعتباره إنجازا ولم يحاسب أحد، وفى مصر هيئة قومية لضمان جودة التعليم صرف عليها هى الأخرى أكثر من مليارى جنيه حتى الآن ولم يتم اعتماد سوى أعداد بائسة من المدارس والجامعات ولم يحاسب أحد ..هل تطهر الأحزاب نفسها أولا قبل أن تخوض معركة الإنتخابات، أم تدخل الإنتخابات بخطاياها ومفسديها ثم تطهر نفسها بعد ذلك بقوة الطرد المركزى؟ تلك هى لعبة البيضة والفرخة ..!