Tuesday, October 25, 2011

حين يبيع الإنسان مخه "عالزيرو


فى المجتمعات ذات نسب الأمية المرتفعة والمشاركة المنخفضة يأنفون كثيرا من التحدث بالعلم وتحليل المشكلات لتحديد الأسباب وإقتراح الوسائل للقضاء عليها وحلها جذريا .. الناس فى تلك المجتمعات يستسهلون الحلول السريعة الفورية كمن يرضى بقرص مسكن يريحه من الألم مؤقتا ولايهمه بعد ذلك أن يظل المرض كما هو بلا علاج يستشرى فى جسده حتى يصبح عضالا يحتاج إما إلى جراحة تستأصل دون تأجيل أو مسكنات من نوع خاص آلامها تفوق آلام المرض نفسه .. وحتى يهرب الناس من مسئولية المواجهة أو الإعتراف بالتقصير يلجأون إلى أساليب يخترعونها تعطيهم إحساسا زائفا بعدم الذنب وانعدام المسئولية تجاه مايحدث مثل إلقاء اللوم على شخص آخر أو ظروف تسببت فى المشكلات، أو سك تعبيرات يرددونها كثيرا حتى يصدقونها وتصبح أسلوبا ينتهجونه فى حياتهم مثل "كبر مخك" أو "ريح نفسك" أو "إشترى دماغك" بل إنهم يتمادون فى امتداح من يفعل كل ذلك فيخلعون عليه وصفا يميزه بأنه "دماغ".. ومن يقرأ الفلكلور المصرى والأمثال الشعبية والعامية سوف يجد آلافا من الأمثلة التى تكرس للسلبية وقتل الوقت وتجنب فعل الخير، وكثيرا مادعوت أن نعيد تدبر الأمثلة التى نتداولها كل يوم دون أن ندرى خطورتها على العلاقات بيننا مثل "إتق شر من أحسنت إليه" أو "خيِر تعمل شر تلقى".

طبيعى بعد ذلك أن يتصدى الكثيرون لأى محاولة جادة للتطبيق العلمى فى حل المشكلات وأن يتم التخلص من كل صاحب منهج بقوة الطرد المركزى لجهلاء الأمة وأنصاف المتعلمين بها الذين ولاهم النظام السابق بتدبير محكم وسبق إصرار وترصد للنخبة المثقفة وعلماء الأمة على أمور الدولة وزرعهم فى كل مؤسساتها بل ومراكز قيادة الفكر بها والأحزاب السياسية التى نجح فى جعلها "جوقة" تنشد وراء قياداته أى نشيد أو طقطوقة سياسية من تلحينه وأدائه ووزعهم على كوادر الحزب الحقيقى الأوحد بالملايين لكى يشكلوا معا أذرع وأنياب الديناصور الذى كان يجثم على صدر مصر كلها يخيف ويرعب ويلتهم من يريد وقتما يريد .. وطبيعى أيضا أن يكون كل هؤلاء قد تربوا على حكم الفرد وعبادة الذات والإيمان بأن اتخاذ القرارات المنفردة أكثر راحة وأسرع من ضياع الوقت فى أخذ رأى الجماعة المفروض أنها تشترك فى الحل وتحمل المسئولية، كما دربوا جيدا على استغلال من حولهم وجعلهم يبدون مؤيدين لقراراتهم ونسخ خيوط الإغواء بالمناصب والجاه والمال حول من يسكره ذلك ويسحره فيتحول إلى بوق يردد ويروج لما يريدون لإضفاء الشرعية على قراراتهم التى تخدم فقط مصالحهم.

الواقع المرير أن جحافل الوطنى أكثر بكثير من أن يحصيهم أحد أو يحد من حركتهم أو أنتشارهم فى كافة الأحزاب الموجودة على الساحة والتى يرى بعضها أن انضمامها إليه وترشحها على قوائمه سوف تضمن لهم عددا من كراسى المجلسين التشريعيين فلا "يخرجون من المولد بلا حمص"  والحسبة بسيطة: إذا كانت الحكومة قد فشلت أو خافت أو تباطأت فى إبعاد من شاركوا فى إفساد الحياة السياسية بالفعل من أسماء معروفة لازالت تتولى أعلى المناصب بمؤسسات الدولة الحيوية والهامة والحساسة وهم معروفون ويقدروا بالمئات وليس بالألوف ولا بالملايين وتداولت أجهزة الإعلام سيرتهم وتاريخهم منذ قيام الثورة فى يناير أى مايقرب من عام فكيف للأحزاب أن تحصر من كان عضوا بالحزب الوطنى وتمنعه من التسلل إلى صفوفها؟ بعضهم كان ولايزال معينا على درجة وزير قبل الثورة، وبعضهم عين وزيرا بعد الثورة ولم يتم اقتلاعه من منصبه إلا بعد ضغط جماهيرى هائل كان يهدد حكومة شرف بكاملها، وأكثرهم لايزال ينعم بمزايا المناصب التى أهديت إليهم من "أصحاب العزبة" على سبيل المكافأة والولاء الأعمى للنظام وسدنته.. جهاز الشرطة العاجز عن حماية الشارع المصرى حاليا خرب من الداخل ولايزال بعناصر لايزال بعضها يحتل مناصب قيادية فيه، والذين تركوا الخدمة طوعا أو كرها إنضموا للأحزاب بل ويترشحون الآن على رؤوس قوائمها.

وهناك سؤال بديهى هام يطرح نفسه هنا: من أين للناخبين أن يعرفوا هؤلاء فلا ينتخبونهم وقد ساهمت الأحزاب فى تضليلهم؟ المحصلة النهائية – وتلك كارثة كبرى – هى أن مجلس الشعب القادم سوف تكون غالبيته "حزب وطنى" طبعة جديدة مطعمة بأسماء أحزاب قائمة .. سوف يحتل معظم كراسى المجلس من كانوا معاول هدم فى عهد مبارك، فكيف نطلب منهم أن يستبدلوا تلك المعاول بأدوات تبنى مصر مابعد الثورة؟ كيف للذين كانت تأتيهم القوانين جاهزة فيوافقوا عليها بالإجماع أن يختاروا أو حتى يشتركوا فى اختيار الجمعية التأسيسية التى تضع دستور البلاد ويحاسبوا الحكومة ويراقبوا أداء الرئيس المنتخب القادم؟ أمريكا ليس بها عدد الأحزاب الموجودة بمصر الآن والتى تتصارع على كراسى المجلسين التشريعيين دون برامج سياسية تعالج وبسرعة مشاكل الناس معتمدة على مرشحين يستندون إلى عصبيات ومؤيدين وقواعد يملكون تغيير نتائج الإنتخابات لصالح مرشحيهم دون أن يعنى ذلك بالضرورة تلبية توقعات الجماهير وطموحاتهم .. صرفنا كثيرا من الجهد والوقت فى تعريف "الفلول" مع أن ذلك علميا من أبسط مايمكن، أى "كل من يحمل عضوية الحزب الوطنى وشارك فى إفساد الحياة السياسية ولو بالصمت ولم يستقل اعتراضا على مايحدث".. صعبة دى؟

Wednesday, October 19, 2011

Working for a Psychopathic Boss

That means they lack empathy and remorse, are egocentric, and prone to abusive treatment of others. That’s the bad news, and it’s pretty bad. If you’re one of the unlucky ones working for a psychopath, your only real options are to get transferred to a new post within your company or to find a new job altogether.
The good news, however, is that companies already have some pretty good clues as to who most of those psychopaths are. They just need to have the guts to get rid of them.
The researchers, consultant Paul Babiak, Craig S. Neumann of the University of North Texas, and Robert D. Hare of the University of British Columbia, were able to get personality information on 203 professionals who had been selected by their companies either as ‘high potentials’ or for leadership development. These are people who were deemed to have the skills that could eventually set them up to be senior managers within their companies. A few were already directors or vice-presidents, but were thought to have the ability to rise further.
Paul Babiak was already acting as a consultant to these companies, and had gained a level of trust with management when the research was conducted. Over a period of two years he interviewed many of the 203 professionals but also had access to their performance reviews and the 360 degree feedback provided by the people who reported to them. The main findings of the study:
  • About one in 25 managers qualified as psychopaths. Eight of the 203 subjects, or 3.9%, had scores on a test of psychotic traits that put them at the threshold for psychopathy. That compares with just 0.2% of the general population. An additional three study subjects had scores that were significantly higher, meaning their psychopathy was likely to be significantly worse.
  • The potential for “possible” psychopathy was much higher. In the corporate group, nearly six percent of the subjects qualified as potentially or possibly psychopathic (in addition to the four percent who clearly appeared psychotic), compared to just 1.2% of the population as a whole.
  • Psychopaths can and do get ahead. Of the nine people with the highest scores for psychopathy, seven were already managers. Two were vice presidents, two were directors, two were managers or supervisors, and one had another management position.
  • The “average” scores for psychopathy were not any different in the corporate sample than they are thought to be in the general population. But there’s clearly a lot of difference at the extremes.
Why would there be more psychopathy in the corporate world than elsewhere? Here’s how the researchers explain it:
Lack of realistic life goals, while a clearly negative trait which often leads the psychopath toward a downward spiraling personal life, when couched in the appropriate business language, can be misinterpreted as strategic thinking or ‘‘visioning,” a rare and highly valued executive talent. Even those traits that reflect a severe lack of human feelings or emotional poverty (lack of remorse, guilt, empathy) can be put into service by corporate psychopaths, where being ‘‘tough” or ‘‘strong” (making hard, unpopular decisions) or ‘‘cool under fire” (not displaying emotions in the face of unpleasant circumstances) can work in their favor. In sum, the very skills that make the psychopath so unpleasant (and sometimes abusive) in society can facilitate a career in business even in the face of negative performance ratings.
Identifying the dangerous ones
The group that tested high in psychopathy shared several traits that distinguished them from their colleagues, and these trends could all be seen in their performance reviews and in their evaluations by their employees. In general:
  • Psychopaths had very high ratings on communication, strategic thinking, and creative abilities
  • At the same time, they had been dinged for poor management style, failing to act as team players, and even had poor performance reviews. That’s right. Poor performance reviews–and they still managed to get selected as “high potential” performers. The researchers suggest this is testament to their superior communications skills and their ability to manipulate decision makers.
I don’t think anyone would suggest that these traits alone should be enough to get someone labeled a psychopath. But in a few instances, the companies being studied knew they had trouble on their hands. The researchers say that
Two individuals, both scoring high on the [test of psychopathic traits] were disciplined and placed on probationary review, one for conflict with his boss and the other for poor technical performance. Although still employed at the time, these latter two individuals initiated legal action against their respective companies, the outcomes of which are unknown.

Tuesday, October 18, 2011

إطفاء الحرائق بأسلوب الخرطوم المثقوب

الطريقة التى تعالج بها الحكومة مشاكل الوطن الملتهبة تشبه من يمشك بيده خرطوما مليئا بالثقوب يحاول أن يطفئ به حريقا هائلا يكتسح كل مايعترضه وينشرالدمار والخراب ، وأحيانا – وهذا هو الأسوأ –تكتفى بالدعاء والتمنى أن تسقط السماء مطرا يطفئ النيران ويخمدها دون حتى أن تحاول استبدال الخرطوم بآخر .. وأحيانا أخرى تستخدم الحكومة التصريحات والبيانات التى ترجع نشوب الحريق إلى جهات خارجية ومؤامرات تتربص بنا لترقيع الثقوب طنا منها أنها تمنع تسرب المياه بينما الحريق يتحول بسرعة مخيفة إلى إعصار مدمر مركزه سجن طره الذى يقطنه إرهابيون متمرسون يعيشون على حساب الشعب المصرى ويلعبون على عنصر الوقت لكى يغيروا إرادته ويعودوا إلى مواقعهم أو يقتصوا من الشعب الذى أطاح بهم وبحكمهم .. الحكومة تفكر بأسلوب "الهرم المقلوب" فتترك فعاليات الشارع للناس يطالبون ويخططون وينفذون، بينما تعقد الحكومة الإجتماعات فى غرف مغلقة تخطط لمستقبل مصر فى النصف قرن القادم بمشاريع عملاقة تحتاج إلى اقتصاد عملاق لانملكه وموارد متجدده جفت ينابيعها واستحوذ عليها أئمه نظام مبارك ودراويشه حتى خامس جيل.. والحكومة بهذا تشبه أى حكومة تكنوقراطية بيروقراطية تضع حلولا للمشكلات بالورقة والقلم وتنفتقد روح الثورة التى أطاحت برؤوس النظام فى ثمانية عشرة يوما وكان لابد وأن يواكب تقدمها حكومة ثورية تسابق الزمن لكى تواجه المشاكل الملحة العاجلة وتستكمل بناء الدولة وتسلم السلطة لنواب ورئيس منتخبين يديرون شئون البلاد ويعبرون بها إلى بر الأمان.
أنا – مثل غيرى من عقلاء الأمة – أرفض تماما أسلوب البلطجة وأدواتها فى التعامل مع المشاكل ، وهو أسلوب اعتمده النظام السابق لتصفية معارضيه وفرض إرادته وإذلال من يتجرأ على رفع صوته أمام أسياده، وطبيعى أن أرفض كذلك بلطجة الدولة فى الرد على أسلوب البلطجة بمثله مستخدمة كل ماتملك من أدوات قمع وترهيب .. أرفض ذلك لأنى مصرى أعيش على أرض هبطت عليها كل الرسالات السماوية التى تدعوا إلى السلام والأمان والمحبة والتواد والتراحم بين من يعيشون على ارضها حكاما ومحكومين، وارفض ذلك لأن لاأحب أن يطلق على أرض كانت منارة العلم وسلة غذاء العالم إلى أن ابتليت بحكام ظلموا شعبها ونهبوا ثرواتها وأفقروا عقولها وإضعفوا إرادتها وأذلوا كبريائها.. أتفهم مطالب الناس وأتعاطف معها وأشاركهم المطالبة بها وأضغط لتحقيقها ولكن دون أن أحرق أو أدمر أو أقتل .. العنف لايولد سوى العنف ، والدم يبدأ بنقطة ثم يصير بركه، والتخريب يستعدى أبناء الوطن بعضهم على بعض ويحصرهم فى دائرة جهنمية من الإنتقام والقصاص وإخضاع الآخر وتركيعه أو "تثبيته" بلغة البلطجة .. ألعن مافى دائرة العنف والتخريب أن الحقيقة تضيع والفاعل يظل مجهولا والإشاعات تصبح سيد الموقف ، تهدر الدماء وتزهق الأرواح وينتشر الدمار ولانجد أحدا نسائله أو ندينه أو نقتص منه بالقانون، وتتداخل دوائر الشر وتتقاطع وتختلط عناصره ويزيد حجم الفتن وتتقطع أوصال الوطن فنصبح لقمة سائغة لموتورين مأجورين يعيشون خارج مصر ويعبثون بأمنها لصالح أعدائها، وتفتح أبواب المعمورة على مصراعيها لأجهزة المخابرات التى يهمها ألا نتوحد وألا نقوى فنهدد مصالح دولها وحلفائها والدول التى ترعاها والأنظمة التى تحميها.
الحلول لوأد الفتنة متاحة فقط لو فكرنا بطرق غير تقليدية لاحتواء الخلافات وحل المشكلات .. أرفض أن أصدق أن يوم "الأحد الحزين" باحداثه الدامية المخيفة وتداعياته التى سنعانى منها طويلا يمكن أن يكون بسبب مخالفة قانونية هنا أو هناك، أو حتى حق اغتصب هنا أو هناك فالعقل والمنطق يرفضان مارأيناه وعشناه .. لايمكن أن يكون هناك دولة يلجأ أى من كان فيها إلى أخذ الحق بالقوة وإلى سد الشوارع وحرق المنشئات والممتلكات وإلى استخدام السلاح .. ولايمكن أن – إدا كان هناك دولة – أن يقتل جيشها أو شرطتها المتظاهرين مهما حدث أو تسويهم بالأرض وإذا كان ذلك قد حدث قلابد أن يحاكم المسئول أيا كان موقعه .. أي القاننف كل ماحدث ؟ هل حاول أحد الخروج عليه ويصر على ذلك أم أن من يقومون على تنفيذ القانون يتعسفون فى تطبيقه فيهيجون الخواطر ويزرعون الفتن ويأججون نيران البغض والكراهية بين أبناء الوطن؟ لماذا نخاف من نشر الحقيقة والإعتراف بالخطأ وإصلاحه بسرعة حتى لاتتفاقم المشاكل وتصل إلى حالة التدهور التى يتعصى معها كل إصلاح؟ أين قيادات أبناء الوطن من المتظاهرين الذين يفضلون البعد عن الشارع على الرغم من أن مكانهم الطبيعى لابد وأن يكون بين تابعيهم؟ أدعو الأزهر والكنيسة معا أن يصدرا بيانا مشتركا عاجلا بمطالبة المجلس العسكرى الذى يحكم البلاد حاليا أن يصدر قرارا بوقف بناء أى منشآت دينية إسلامية أو مسيحية تحت أى مسمى لحين صدور قانون دور العبادة الموحد، وأن يصدر هذا القانون فورا ويفعل تنفيذه ، وفى المقابل أدعو أبناء الوطن أن يحترموا القانون وأن يلتزموا بنصوصه وأن يتحركوا فى إطاره ولايخرجوا عليه .. الحلول موجودة ولكن البطء فى اتخاذ القرار والتلكؤ فى مواجهة المشكلات لابد وأن تشعر الناس بالقلق وعدم الأمان والتوجس ، وحينما يزيد الإحساس بعدم الأمان تضيع الثقة ويصبح العنف هو السبيل للدفاع عن المصالح وفرض الإرادة.

Sunday, October 09, 2011

التعليم والجودة : جناحا "عقل مصر" المكسورين


حديثان فى نفس الصحيفة فى نفس اليوم تجسدان مأساة مصر وجرائم نصف قرن مضى تم خلاله "تجريف" عقل مصر وتحويلها إلى أمة غالبيتها جهلاء أميون بمقاييس القرن التاسع عشر قبل ثورة تكنولوجيا المعلومات، أى لايقرأون ولايكتبون .. فارسى الحديثين مستشار وزير التربية والتعليم الذى ظل فى عهد النظام السابق يتولى مسئولية الهيئة القومية لمحو الأمية وتعليم الكبار لأكثر من ربع قرن صرف خلالها مليارات ولاتزال نسبة الأمية فى مصر تتحدى تلال التصريحات الوردية التى توالى صدورها لكى تبشر بمصر التى لايوجد بها أمى واحد قبل أن يتولى منصبه الجديد مستشارا لوزير التعليم ، والثانى رئيس الهيئة القومية لجودة التعليم الغير موجود أصلا لكى نقيس جودته والذى أهدر مايقرب من مليار جنيه مصر فى أقل من سبع سنوات لكى يصدر شهادات جودة "بالأمر المباشر" من سيدة مصر الأولى والأخيرة لعدد من المدارس التى كانت ترعاها أو تضع إسمها عليها تيمنا بأن ينالها نصيب من العطايا والمنح والتميز الذى لاتستحقه، وعدد لايتجاوز أصابع اليد الواحدة من كليات الجامعة ذرا للرماد فى العيون وتبريرا للأموال التى صرفت على المرتبات والمكافآت وسفريات المحظوطين واستيراد الخبراء من كل الدنيا يمنحونا "بالأجر" صكوك الصلاحية ويضفون شرعية على كيان حكومى يدعى أنه مستقل ومسئول عن "عقل" الأمة .. المفروض أن الجهاز المركزى للمحاسبات المسئول عن كل مليم تصرفه وزارة أو هيئة أو مؤسسة حكومية يراقب ميزانيات تلك الجهات ويتابع تنفيذها لخططها وأهدافها التى وعدت بها ويقارن ذلك بما صرف من ميزانية الدولة على حساب توفير فرص العمل للعاطلين ولقمة العيش للجائعين والعلاج لضحايا مبيدات يوسف والى وفقراء وضحايا بطرس غالى .

تعالوا نقرأ العجب فى حديث الرجلين .. مستشار التعليم يقول بالفم المليان أن التعليم فى مصر فى مأزق خطير لأن أدوات الحل ضد الحل ، ويضع الحلول التى جادت بها عبقريته ومنها اللجوء إلى التكنولوجيا وتغيير نظم الإمتحانات لكى تعتمد على الإبداع والتفكير وتشغيل العقل وربط المناهج بعضها ببعض وتخفيض عددها .. الحلول إذن موجودة لدى سيادته، فلماذا لم ينفذها على الأقل لكى يحلل مئات الألوف من الجنيهات التى تقاضاها نظير عمله حتى الآن؟ الإجابة حاضرة وجاهزة ولكنها تشى بحجم المأساة .. سيادته يصرح – لافض فوه – بأن الوزارة تطبع 500 مليون كتاب  بتكلفة 1ر1 مليار جنيه تكفى لسنوات قادمة ولذلك نحتاج من 3 – 5 سنوات لكى نستنفذ المخزون أولا قبل أن نغير المناهج، ويضيف بأن "القطار يسير ولا أحد يستطيع إيقافه" .. ولما سأله المحرر لماذا فشل فى برامج محو الأمية طوال السنوات الماضية أجاب قائلا بجرأة يحسد عليها وتجريم لنفسه يستحق تقديمه للمحاكمة بتهمة إهدار المال العام "كان الأمر مقصودا سياسيا، لأن الأمة الجاهلة أسهل واسلس فى القيادة من الأمة المتعلمة" .. إذن سيادته اشترك عمدا مع سبق الإصرار والترصد فى خداع الشعب المصرى "وتجهيله" وتقاضى على ذلك أجرا من نظام مبارك الفاسد ، والأدهى من ذلك أنه لايزال فى منصبه مستشارا لوزير التعليم الحالى ولايزال يقبض مخصصاته بمئات الألوف من جيب الشعب الذى أسهم فى تضليله وتدمير عقله .. إليست تلك جريمة ترقى إلى مستوى الخيانة العظمى وتستحق أن تقديمه ومن كان خلفه إلى المحاكمة؟

الفارس الثانى جريمته لاتقل فداحة حيث إنشئت هيئته لكى "تقنن" الخطأ وتضفى الشرعية على مؤسسات تعليمية لايوجد بفصولها كراسى لجلوس الطلاب، ولا مناهج متطورة تواكب العصر، ولا معلمين أكفاء محفزين أصحاب رسالة يؤدون عملهم بإتقان، ولا ملاعب تربى الجسم لكى يصح العقل فتكتمل منظومة التعليم .. الرجل يطالب فى صدر الحديث "بوضع قواعد حازمة ومعايير لضمان جودة المدارس الخاصة" ونسأل – وليعذر لنا عدم الفهم – من الذى سوف يضع تلك المعايير إذا لم يكن ذلك من صميم عمل الهيئة التى يرأسها؟ ويطالب – أى والله العظيم يطالب – بأن يكون هناك معايير عامة للسياسات التعليمية لاتتغير بتغير الوزراء والمسئولين " على أن يرعى تنفيذ هذه المعايير والسياسات مجلس أو جهاز دائم يقوم بمتابعتها ومحاسبتها على المستوى القومى" .. اليس ذلك من صميم عمل الهيئة ياسيادة رئيس الهيئة؟ إذن سيادتك وجيش مستشاريك ورؤساء القطاعات التى تكتظ بها الهيئة تجلسون بلا عمل وتتقاضون مئات الألوف شهريا من ميزانية الدولة لمجرد إصدار تقارير ودراسات لايستفيد بها أحد ولايلتزم بها أحد .. هل هناك تسمية أخرى لذلك سوى "إهدار المال العام" ؟ سيادته لايعترف فى الحديث بأن 300 مدرسة فقط من بين أربعين ألف مدرسة قد حصلت على شهادة الجودة ويصر على أن 1200 مدرسة قد تم اعتمادها كما لو كان ذلك إنجازا يستحق التسجيل ، ويقول – وليته ماقال – أن الهيئة ليست مسئولة عن تقدم المؤسسات التعليمية للحصول على الإعتماد .. بلاغ أتقدم به باعتبارى مواطنا مصريا ومعلما صاحب رسالة , مطالبا بالتحقيق مع هذين المسئولين بتهمة إهدار المال العام ، وأن تفتحوا ملف "تطوير التعليم فى مصر" والذى صرف عليه أكثر من 60 مليون دولار من أموال المعونات الأجنبية حتى الآن وسوف تكتشفون عجبا.