Tuesday, January 31, 2012

سيرك "مبارك القومى"


قبل عصر مبارك كان هناك سيركان كبيران فى مصر هما "عاكف والحلو".. كانا يتنافسان على الزبائن ويجوبان كل محافظات مصر وموالدها ويجتهدان باستماته لتقديم الجديد والإعلان عنه بطرق بسيطة مبتكرة تجتذب المريدين وتقضى على المنافسة.. وبعد ظهور مبارك ومن حوله أصبح هناك سيرك واحد كبير بحجم مصر كلها يجمع كل الألعاب والحيل ويضم الحواة من كل نوع ويحتكر التهريج بكل أنواعه ويرغم المتفرجون من عموم الشعب على المشاهدة والتصفيق بغض النظر عن رداءة العروض وفجاجة الأسلوب.. تحولت مصر كلها إلى "مولد سيدى مبارك" وتحدثت النمر التى يقدمها لاعبوه لتواكب روح العصر فبدلا من الكيروسين فى فم اللاعب الذى ينفث النار فى الهواء أستخدم الغاز، وبدلا من المدفع الذى يدفعه ذوى العضلات على قضيب صاعد بزاوية حادة ليفجر "بومبة" أصبحت الطائرات الخاصة تطاول عنان السماء فى مهام خاصة لآل مبارك لتهريب ممتلكاتهم أو الإشراف على ثرواتهم بالخارج أو قبض العمولات والأتعاب نظير بيع مصر واستمرار السيرك فى تقديم عروضه.

 بدلا من الخيام التى كان السيرك التقليدى يستخدمها فى تنقلاته انتشرت القصور والفيللات والمنتجعات لكى تكون العروض الخاصة قاصرة على طبقة النبلاء الجدد فلا يختلطوا بعامة الشعب الذين تقدم لهم عروض أخرى تليق بهم، وبعد أن كان "شجيع السيما" يفك نفسه فى لحظات من السلاسل التى يقيده بها المتفرجون فينال تصفيقهم وتشجيعهم تطورت القيود والأغلال لكى يصبح من المستحيل الفكاك منها وخصصت أماكن تخفى لسنوات وربما للأبد أى "شجيع" يجرؤ على تحدى صلابة القيود، وبعد أن كان التنشين على البمب المعلق ببندقية رش لاتصيب الهدف أبدا ومن ثم لايحصل الزبون على العروسه الهدية أصبح هناك المطاطى والرصاص الحى وغاز الأعصاب يخترق الأعين والقلوب والأرجل فيصيب من يرتفع صوته اعتراضا بعاهات مستديمه أو بشلل أو تقضى عليه حتى لايستمر فى الإزعاج وكشف ألاعيب حواة السيرك أمام الناس فينفضوا من حوله .. أفرز سيرك مبارك على مدى أكثر من ثلاثين عاما من الاحتكار أنماطا مختلفة من خريجى السيرك ونجومه الذين لازالوا يملأون حياتنا خداعا ونهبا منظما ومؤامرات لحرق مصر.

أفرز نظام مبارك حواة القوانين المستعدون دوما لتفصيل أى قانون ليصبح على مقاس من يريد صاحب السيرك من توريث وتعيين فى الوظائف العامة بشروط خاصة وعقود تدعم مايحتاجه أعداؤنا من ثروات مصر أو خراب للبيوت بقوانين أحوال شخصية مستوردة تخرج لسانها لكل قيم وثوابت مجتمع جميل يقدس الأسرة وتماسكها وترتيب العمولات وفتح الحسابات الخاصة التى لايتصرف فيها سوى "المعلم الكبير" وأخيرا تصوير المجرم على أنه ضحية والبحث عن نصوص قانونية تنتزع من سياقها لكى تصور الجلاد على أنه شهيد وتطالب بحقه فى العودة إلى منصبه الذى طرد منه بإرادة شعبية ولم يعد سوى تحقيق رغبة مبارك التى أعلن عنها فى خطاب له قبل التنحى بأنه سوف يقاضى من أساءوا لسمعته وسمعة أسرته وادعوا أنهم قد هربوا أموالهم للخارج أو يخفونها فى مصر .. لاتستغربوا أن يرفع مبارك قضية تعويض على الشعب المصرى لما لحقه من إهانة وسب وقذف وتشكيك فى ذمته وذمة أسرته التى هى أنصع من الثلج لاسيما بعد أن أرجع محاميه نسبة للرسول صلى الله عليه وسلم وشبه شعب مصر بكفار مكة الذين آذوه وتلك قصة أخرى سوف أفرد لها مقالا خاصا أدعو فيه شعب مصر أن يرفع متضامنا دعوى سب وقذف ضد محامى الفساد ويطالب بمحاكمته فى نقابته لخروجه على القسم على نصرة المظلوم وقول الحق.

,أفرز نظام مبارك أراجوزات سياسيين يمثلون دور "شجيع السيما السياسى" بينما يتمسحون بأعتاب السلطة ويتذللون طلبا للرضا والمنح والعطايا يشترون الأحزاب مفروشة بأموالهم ويجمعون حولهم جماعات من "المسجلين خطر أحزاب" يعملون لدى المعلم أو من يفوضه يحركهم عن بعد وينفذون رغباته وينكلون بأعدائه ويشكلون ميليشيات تبقى على شكل الأحزاب بمسمياتها المختلفة التى تخدع الناس بينما هى فى الحقيقة "بوتيكات" يملكها صاحب السيرك الكبير يبيع فيها بضاعته وإكسسواراته السياسية الفالصو على أنها حقيقية .. أحزاب لاتزيد على كونها فروع لحزب "السيرك الوطنى الديموقراطى" بلافتات وشعارات وألوان مختلفة تخدع الناس يرأسها بهلوان سياسى تحت يده ثروات طائله قد لايملكها شخصيا يغرى بالمناصب والأموال من يلتفون حوله ويستفيدون منه نظير حمايته وتملقه وعمل جلسات تدليك يومية لذاته ولكنهم فى النهاية يتحالفون جميعا عليه لحماية مصالحهم الشخصية والدفاع عنها.. مهرجون يجيدون التخفى ويغيرون ملابسهم وأقنعتهم مع كل نظام ويقنعون بدور مضحك الملك لمن يجلس على كرسى الحكم ويبيعون "أبوهم عند أول محطة أتوبيس" كما يقول عنهم الناس تصويرا لبشاعة مايفعلون .. هؤلاء يصرخون أحيانا بادعاءات البطولة الزائفة ووقوفهم فى وجه الظلم ومحاربتهم للفساد وهم أنفسهم بؤر للفساد ينبغى استئصالهم حتى لاينتشر فسادهم فى جسم الأحزاب التى يرأسونها فيقضى على البقية الباقية منها..نعم أفرز نظام مبارك انتهازيون يتنطعون على كل الموائد يجمعون الفتات من بقايا آباؤهم الروحيين ويحصدون المزايا لأنفسهم ولأبنائهم من بعدهم وظائفا وأراض وفيللات سوف يستردها الشعب ليعودوا إلى الحضيض الذى أتوا منه ويجمع شملهم سجون تليق بهم قبل أن تجمعهم جهنم فى الآخرة بما ارتكبوه فى حق مصر وشعبها.