Wednesday, February 22, 2012

المسئولية الإجتماعية - دور الفرد ودور المؤسسة


لدى قناعة أن أى إصلاح فى مصر أو أى تغيير أو تطوير لابد وأن ينطلق من أحساس مخلص وحقيقى بالمسئولية الإجتماعية للهيئة أو المؤسسة أو الفرد الذى يريد التغيير إلى الأحسن، وأرى أن الأحزاب السياسية الكبرى فى مصر وقد حظى أعضاؤها بشرف تمثيل الشعب الذى انتخبهم فى برلمان مابعد الثورة عليها دور هام فى تشكيل الوعى والوجدان العام للشعب بأهمية المسئولية الإجتماعية في كل مانفعل .. "اللآتعليم" الذى ابتلينا به على امتداد تاريخ الحكم العسكرى غسل عقول الناس وألغى كل "حارات" المخ وأبقى على حارة واحدة فقط للتفكير تتزاحم فيها أفكار الكارو مع الكارتة مع الجمال وأخيرا التكتك فى صراع على فهم ألف باء حياه .. حارة تؤدى إلى رصيف يقف عليه بائع فول أو أنابيب بوتاجاز أو طاولة عيش يتصارع الجميع على الإستحواز عليها بينما تشق الطرق والكبارى الخاصة خارج كردون الزحف الشعبى العام فى حارة المرور الوحيدة المتاحة لكى تسابق فيه المرسيدس والرولز رويس والبنتلى والهامر الريح ذهابا وعودة من أراض مصر ومتجعاتها ومزارعها لمن قسموا التركة على أنفسهم وأولادهم وأحفادهم من بعدهم .. ولولا أننا تربينا فى مدارس كانت تسير وقت أن التحقنا بها بقوة الدفع لنظام تعليمى جيد قبل ثورة 52 لم يكن التعليم بها يقتصر على مقررات وكتب نمطية فقط وإنما توافرت بها كل وسائل تربية الطلاب جسمانيا وعقليا وثقافيا لما وعى جيلى أهمية المسئولية الإجتماعية وكيف يكون الولاء للوطن والمجتمع عقيدة ومنهج حياه .. والسؤال هو: هل يمكن أن يربى المرء فى نفسه أو يزيد وعيه بمسئوليته تجاه المجتمع فى كل مايفعل ؟ والإجابة هى نعم بكل تأكيد بشرط أن يرغب فى ذلك ويحرص عليه قبل التخطيط أو القيام بأى عمل أو نشاط يمتد تأثيره على الآخرين.

ننبهر كلما سافرنا للخارج من حرص الناس على الهدوء فى الشارع وخلوها من القمامة وتخصيص أماكن لكل شيئ ونظام يضبط حركة الحياة حتى فى أوقات الراحة والحدائق العامة التى يتجول الناس بها ترويحا عن النفس أو يجلسون للقراءة فى هدوء أو يمارسون رياضة الجرى أوالمشى دون أن يضايق أى منهم الآخر أو ينتهك خصوصيته .. فى الشارع يلتزم الناس بالسرعات المقررة وبالحارات المخصصة لكل نوع من المركبات ، وفى المنازل لايستطيع كائنا من كان أن يركب طبق هوائى مالم يحصل على تصريح بذلك ولايمكن وضع طوبة زيادة دون إذن وموافقة السكان والحى التابع له، بل إنك لاتستطيع بعد موعد معين أن تحدث ضجيجا من أى نوع داخل سكنك الخاص حيث يحق لأى متضرر أن يستدعى الشرطة التى تحضر فى الحال لكى تحرر لك محضر إزعاج وتمنعك من الإستمرار فى إزعاج الغير وطبعا مكبرات الصوت والدق على أنابيب البوتاجاز والنداء على الخضار أو إذاعة الأغانى من الموتوسيكلات والسيارات المارة اختراع سوف تظل جميعها من علامات الدول التى شبعت تخلفا على أيدى حكام مجرمين تآمروا على شعوبهم واختزلوا الوطن فى أسرهم وحوارييهم وخصيانهم والمجموعة المحيطة بهم من "عبيد السلطان" المتحلقين حول القصور والضياع لكى ينالهم من الحظ جانب.

نعم يمكن لكل منا أن يصبح كيانا إصلاحيا ينشر حوله معان وقيم تعدل السلوك وترفع الوعى بحقوق الآخرين وتجعل من يرتبطون معنا بعمل أو صلة قربى يتأثرون بنا ويتغيرون ويؤمنون بأن لهم رسالة فى الحياة أن يعلموا غيرهم وأن يحرضوهم على تعليم غيرهم فى حدود ماأسميه المترX متر الخاص بهم أو "منطقة النفوذ" التى لهم مطلق الحرية فى استخدامها دون تدخل من أحد مثل الأسرة والأصدقاء والطلاب فى المدارس والمرءوسين فى العمل والناس الذين أتعامل معهم وبذلك تتسع دائرة تغيير السلوك العام فى دوائر تتقاطع مع بعضها حينا وتنفصل أحيانا وتتحسن بالتدريج جودة السلوك المصرى وجودة المجتمع ككل تبعا لذلك .. بجوار منزلى الذى يقع بشارع رئيسى بالمعادى وفى منطقة يحتل جزءا كبيرا منها مستشفى القوات المسلحة الشهير والمحكمة الدستورية العليا قرر بائع فول أن يحتل أحد الأرصفة محلا لنشاطه ولما لم يعترضه أحد أتى بنصف دستة ترابيزات حولها كراسى وحول الرصيف إلى مطعم شعبى يؤمه السائقين والعمال من كل جهة ويسدون نهر الطريق بل ويحولون المرور عمليا إلى مسار آخر لعدم الإزعاج أثناء تناولهم وجباتهم .. الأغرب أنه على بعد خطوات من هذا المطعم الشعبى مطعم آخر فرع لسلسلة مطاعم  متخصصة فى تقديم الوجبات الشعبية بما فيها الفول والطعمية ويستأجر العمال ويدفع الضرائب ويقوم بالحفاظ على نظافة المكان ولم يحرك أصحابه ساكنا ، وربما فعلوا ولكن أحدا لم يستجب لهم باعتبارهم "قطاعون أرزاق".

أظن ان لدى حزب الوفد فرصة ذهبية مواتية لكى يصبح نموذجا فى نشر الوعى بالمسئولية الإجتماعية مستغلا إمكاناته ومستثمرا فى كوادره وإعداد شباب الوفديين لكى يكونوا مع الهيئة البرلمانية للحزب "وسطاء للتغيير" .. الحزب يشهد حاليا إنطلاقة ثورية تبدأ بتطوير مؤسسى يجدد شباب الحزب ويعد كوادره لمواجهة تحديات التغيير المتسارع بالشارع المصرى وتلبية طموحات الناس وتحقيق مطالبهم العادلة فى الحرية والعدالة الإجتماعية والديموقراطية ويجعله نموذجا رائدا فى الأخذ بأسباب العلم وتطويعه لمقتضيات الواقع المجتمعى .. وللحديث بقية.

Sunday, February 19, 2012

المسئولية الإجتماعية .. مواقف ومعنى - 1




لدى قناعة أن أى إصلاح فى مصر أو أى تغيير أو تطوير لابد وأن ينطلق من أحساس مخلص وحقيقى بالمسئولية الإجتماعية للهيئة أو المؤسسة أو الفرد الذى يريد التغيير إلى الأحسن، وأرى أن الأحزاب السياسية الكبرى فى مصر وقد حظى أعضاؤها بشرف تمثيل الشعب الذى انتخبهم فى برلمان مابعد الثورة عليها دور هام فى تشكيل الوعى والوجدان العام للشعب بأهمية المسئولية الإجتماعية في كل مانفعل .. "اللآتعليم" الذى ابتلينا به على امتداد تاريخ الحكم العسكرى غسل عقول الناس وألغى كل "حارات" المخ وأبقى على حارة واحدة فقط للتفكير تتزاحم فيها أفكار الكارو مع الكارتة مع الجمال وأخيرا التكتك فى صراع على فهم ألف باء حياه .. حارة تؤدى إلى رصيف يقف عليه بائع فول أو أنابيب بوتاجاز أو طاولة عيش يتصارع الجميع على الإستحواز عليها بينما تشق الطرق والكبارى الخاصة خارج كردون الزحف الشعبى العام فى حارة المرور الوحيدة المتاحة لكى تسابق فيه المرسيدس والرولز رويس والبنتلى والهامر الريح ذهابا وعودة من أراض مصر ومتجعاتها ومزارعها لمن قسموا التركة على أنفسهم وأولادهم وأحفادهم من بعدهم .. ولولا أننا تربينا فى مدارس كانت تسير وقت أن التحقنا بها بقوة الدفع لنظام تعليمى جيد قبل ثورة 52 لم يكن التعليم بها يقتصر على مقررات وكتب نمطية فقط وإنما توافرت بها كل وسائل تربية الطلاب جسمانيا وعقليا وثقافيا لما وعى جيلى أهمية المسئولية الإجتماعية وكيف يكون الولاء للوطن والمجتمع عقيدة ومنهج حياه .. والسؤال هو: هل يمكن أن يربى المرء فى نفسه أو يزيد وعيه بمسئوليته تجاه المجتمع فى كل مايفعل ؟ والإجابة هى نعم بكل تأكيد بشرط أن يرغب فى ذلك ويحرص عليه قبل التخطيط أو القيام بأى عمل أو نشاط يمتد تأثيره على الآخرين.

ننبهر كلما سافرنا للخارج من حرص الناس على الهدوء فى الشارع وخلوها من القمامة وتخصيص أماكن لكل شيئ ونظام يضبط حركة الحياة حتى فى أوقات الراحة والحدائق العامة التى يتجول الناس بها ترويحا عن النفس أو يجلسون للقراءة فى هدوء أو يمارسون رياضة الجرى أوالمشى دون أن يضايق أى منهم الآخر أو ينتهك خصوصيته .. فى الشارع يلتزم الناس بالسرعات المقررة وبالحارات المخصصة لكل نوع من المركبات ، وفى المنازل لايستطيع كائنا من كان أن يركب طبق هوائى مالم يحصل على تصريح بذلك ولايمكن وضع طوبة زيادة دون إذن وموافقة السكان والحى التابع له، بل إنك لاتستطيع بعد موعد معين أن تحدث ضجيجا من أى نوع داخل سكنك الخاص حيث يحق لأى متضرر أن يستدعى الشرطة التى تحضر فى الحال لكى تحرر لك محضر إزعاج وتمنعك من الإستمرار فى إزعاج الغير وطبعا مكبرات الصوت والدق على أنابيب البوتاجاز والنداء على الخضار أو إذاعة الأغانى من الموتوسيكلات والسيارات المارة اختراع سوف تظل جميعها من علامات الدول التى شبعت تخلفا على أيدى حكام مجرمين تآمروا على شعوبهم واختزلوا الوطن فى أسرهم وحوارييهم وخصيانهم والمجموعة المحيطة بهم من "عبيد السلطان" المتحلقين حول القصور والضياع لكى ينالهم من الحظ جانب.

نعم يمكن لكل منا أن يصبح كيانا إصلاحيا ينشر حوله معان وقيم تعدل السلوك وترفع الوعى بحقوق الآخرين وتجعل من يرتبطون معنا بعمل أو صلة قربى يتأثرون بنا ويتغيرون ويؤمنون بأن لهم رسالة فى الحياة أن يعلموا غيرهم وأن يحرضوهم على تعليم غيرهم فى حدود ماأسميه المترX متر الخاص بهم أو "منطقة النفوذ" التى لهم مطلق الحرية فى استخدامها دون تدخل من أحد مثل الأسرة والأصدقاء والطلاب فى المدارس والمرءوسين فى العمل والناس الذين أتعامل معهم وبذلك تتسع دائرة تغيير السلوك العام فى دوائر تتقاطع مع بعضها حينا وتنفصل أحيانا وتتحسن بالتدريج جودة السلوك المصرى وجودة المجتمع ككل تبعا لذلك .. بجوار منزلى الذى يقع بشارع رئيسى بالمعادى وفى منطقة يحتل جزءا كبيرا منها مستشفى القوات المسلحة الشهير والمحكمة الدستورية العليا قرر بائع فول أن يحتل أحد الأرصفة محلا لنشاطه ولما لم يعترضه أحد أتى بنصف دستة ترابيزات حولها كراسى وحول الرصيف إلى مطعم شعبى يؤمه السائقين والعمال من كل جهة ويسدون نهر الطريق بل ويحولون المرور عمليا إلى مسار آخر لعدم الإزعاج أثناء تناولهم وجباتهم .. الأغرب أنه على بعد خطوات من هذا المطعم الشعبى مطعم آخر فرع لسلسلة مطاعم  متخصصة فى تقديم الوجبات الشعبية بما فيها الفول والطعمية ويستأجر العمال ويدفع الضرائب ويقوم بالحفاظ على نظافة المكان ولم يحرك أصحابه ساكنا ، وربما فعلوا ولكن أحدا لم يستجب لهم باعتبارهم "قطاعون أرزاق".
أظن ان لدى حزب الوفد فرصة ذهبية مواتية لكى يصبح نموذجا فى نشر الوعى بالمسئولية الإجتماعية مستغلا إمكاناته ومستثمرا فى كوادره وإعداد شباب الوفديين لكى يكونوا مع الهيئة البرلمانية للحزب "وسطاء للتغيير" .. الحزب يشهد حاليا إنطلاقة ثورية تبدأ بتطوير مؤسسى يجدد شباب الحزب ويعد كوادره لمواجهة تحديات التغيير المتسارع بالشارع المصرى وتلبية طموحات الناس وتحقيق مطالبهم العادلة فى الحرية والعدالة الإجتماعية والديموقراطية ويجعله نموذجا رائدا فى الأخذ بأسباب العلم وتطويعه لمقتضيات الواقع المجتمعى

Sunday, February 12, 2012

عناصر تكوين الشخصية

لا يزال العلم يكشف كل يوم أسرار النفس البشرية ومكونات الشخصية وتشكيل السلوك وعجائب الجينات التي نولد بها ولكنها تتحكم في كثير مما نفعل دون أن ندري أو حتي نستطيع أن نتحكم فيها بالقدر الذي نريد، أصبح المزاج وطريقة التفكير والحالة النفسية والسعادة
والشقاء جزءاً من الدراسات التي تجري لكشف مجاهل الجينات الوراثية ومادة دسمة للتجارب المعملية في التأثير الكيميائي للأدوية في تغيير الحالة النفسية ونمط التفكير والإدراك لما حولنا وتفسيره والتفاعل معه ولكن يظل العقل لغزاً يحير العلماء ودهاليز يتوه فيها العلم وتحتاج لجهود خارقة تسبر غور قدرته علي التكيف والتغييروالتحكم في كل حركة نقوم بها أوكلمة ننطلق بها أو رد فعل لما يجتاحنا كل يوم من أحداث أو مشاعر تتولد ولا نعرف لماذا تختلف من موقف لآخر، العلماء يميلون إلي الاعتقاد بأننا خلقنا وبداخلنا «نظم التشغيل» المطلوبة التي تدير عقولنا وتفكيرنا ومن ثم سلوكنا وأنماطنا الشخصية، أي المحتوي أو الإطار العام لكل منا، ثم يجيئ دور الخبرة المتراكمة في المواقف المختلفة خلال مراحل الحياة فتتشكل تبعاً لها أنماط عقلية تصبح هي المسيطرة علي ردود أفعالنا كما قلت.. نوع من التربية التي تلعب دوراً مهماً وحيوياً في استغلال الطاقة المختزنة لدينا التي ولدنا بها وتقويتها من خلال التجريب والتعلم من النجاح والفشل، وقد لخص العلماء تلك المؤثرات في خمسة خبرات حياتية تشكل وتعيد تشكيل «أنماطنا العقلية» هي:
< التعليم الذي يمدنا بالأساس المعرفي والمعلومات العامة التي تساعدنا علي معرفة العالم من حولنا وتشكل وعينا العام ويمدنا باللغة التي نتعامل بها مع الناس والأشياء، وتثير فينا النهم لمعرفة المزيد للإجابة عما يصادفنا من أسئلة لا نجد لها إجابات، والتعليم الجيد هو الذي يحرضنا علي التفكير ويدفعنا للبحث عن الإجابات التي نريدها في نوع الدراسة التي تتوافق مع الجينات التي تمثل كما قلنا نظم التشغيل لشخصية كل منا.
< التدريب المكمل للتعليم وهو مجال التجريب الذي يعد الخطوة الأولي نحو «التعلم» من خلال تطبيق العلم علي الواقع والتعلم من النجاح والفشل اللذين يدفعاننا إلي التفكير في الأسباب لكي نستفيد من الاثنين ونتعرف بالتدريج علي مواطن القوة الكامنة فينا ونقاط الضعف التي تحتاج إلي مزيد من التدريب لكي ننجح في الأعمال والتجارب الجديدة التي تسند إلينا أو نريد أداءها، والتدريب بطبيعته أكثر تحديداً وتركيزاً علي موضوعات بعينها علي عكس التعليم الذي يتميز بالشمولية العمومية حتي في مواد التخصص التي يتناولها بسطحية دون تعمق كاف، وتأثير التدريب علي نمط تفكيرنا تأثير طاغ يصعب أحياناً التخلص منه أو تغييره حتي لو تغير العالم من حولنا ما لم نخضع لتدريب آخر يجعلنا أكثر وعياً واقتناعاً بالحاجة إلي أن نغير نمط تفكيرنا وسلوكنا لكي نتواءم مع المتغيرات التي تحدث حولنا.
< أما تأثير الآخرين علينا مثل الوالدين ورموز الأسرة والمعلمين والرؤساء الذين نعمل معهم والخبراء والمدربين والأصدقاء فهو عميق ومستمر ما استمرت الحياة، هؤلاء ينقلون إلينا دون أن ندري فلسفتهم في الحياة والطريقة التي ينظرون إليها للمشكلات وكيف يتناولونها بالحل، كما يؤثر فينا الكتب التي نقرأها مثل الطفل الذي نجعله يقرأ أكثر كتب الخيال العلمي فنجده غالباً ما يميل للتخصص في العلوم بعكس من يقرأ في الأدب أو الفنون أو العلوم الإنسانية، خلال تجاربنا العملية نتأثر بلا شك بتوجيهات من يملكون توجيهنا ونعيد النظر فيما نفعل ونغير سلوكنا تبعاً لذلك لكي نرضيهم حتي قبل أن نقتنع نحن أنفسنا بضرورة التغيير، وقد يصبح التكرار عادة حسنة أو سيئة لا نستطيع التخلص منها.
< المكافآت والحوافز وتلك لها تأثيركبير علي العقل حيث ترتبط في عقولنا بخبرات سارة نتج عنها التكريم أو المكافأة فتحفزها علي تكرار التجارب لكي نحظي بالتكريم ومن ثم الشعور بالسعادة مرة أخري، ويتعدد شكل المكافآت والحوافز ومدي تأثيرها علي الناس بتعدد الاحتياجات، وتكون أكثر تأثيراً حين تلبي حاجة لدينا، فمثلاً بعضنا يحفزه المال أكثر لو كان بصدد مشروع يحتاج إلي المال كالزواج أو بدء مشروع صغير أو شراء سيارة، وبعضنا تحفزه الترقية والمكانة الاجتماعية التي توفرها له حتي لو تقاضي راتباً أقل وهكذا.. أنا شخصياً أعتبر التحفيز فناً وأسميه «فن إعادة شحن البطاريات البشرية» لأنه السبيل الوحيد لكي يجعل الناس تعمل بجد للوصول إلي أهداف يضعونها لأنفسهم أو أهداف مؤسسية يقتنعون بجدواها، وأعتبر أن المدير في أي موقع عمل يفقد كثيراً من فعالياته وصلاحيته للمنصب لو لم يكن يجيد هذا الفن.
< وأخيراً الخبرة الذاتية فنري أن الكثير من العلماء والفنانين قد علموا أنفسهم بأنفسهم من خلال التجربة وتربية حاسة حب الاستطلاع التي تجعلهم يفكرون «خارج الصندوق» ويكتشفون بأنفسهم ما يريدون معرفته ويعتبرون كل تجربة معرفية جديدة مغامرة تستحق أن يخوضوها سعياً وراء الإجابة عن أسئلة لا يجدون لها إجابة مقنعة في التعليم الرسمي أو فيما يدور حولهم، هؤلاء يعتمدون علي نظام «التلمذة» علي يد «أسطي» محترف يجيد مهنته يعلمهم أصول الصنعة ويتعهدهم بالرعاية حتي يشتد عودهم ويستقلوا بأنفسهم بعد أن تتكون شخصياتهم وتنضج بالتدريج، أهم ما في الخبرة الذاتية أننا نتعلم كيف نتعلم وهو مكون أساسي في شخصياتنا.



اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - عناصر تكوين السلوك البشري

Sunday, February 05, 2012

رقص الفيل .. واهتزت كل أشجار الجميز فى مصر


فى "سيرك مبارك القومى" تحدثنا عن نوع جديد من الإحتكار يمكن أن نسميه "احتكار دوله" ابتدعه النظام لكى يوفر على نفسه عناء الإحتكار القطاعى لكل مايملأ جيوب الرئيس المخلوع وزعماء المافيا من مساعديه والمقربين إليه وبالمرة كروشهم التى لاتشبع من النهب والسلب المنظم .. وهذا النوع من الإحتكار يتولى حصريا إدارة موارد الدوله لحسابه ويحولها إلى سيرك كبير له فروع اقتصادية وسياسية واجتماعية كلها مجرد "نمر" تسلى المتفرجين وتبهرهم لكى تخفى الهدف الحقيقى وراءها وتشتيت الإنتباه عما يقوم به حواة النظام من ألاعيب وحيل تنقل الذهب عبر القارات فى لمح البصر وتفتح الحسابات وتودع الأموال وتشترى العقارات بكلمة سر يهمس بها السحرة فى الهواء أو يختفى المعارضون دون أن يعرف أحد مصيرهم بإشارة أو نظرة.. أكثر من سيرك سياسى .. فروع "سيرك مبارك السياسى" بها مهرجون يقنعون بدور مضحك الملك لمن يجلس على كرسى الحكم ويبيعون "أبوهم عند أول محطة أتوبيس" كما يقول عنهم الناس تصويرا لبشاعة مايفعلون .... أفرز نظام مبارك انتهازيون يتنطعون على كل الموائد يجمعون الفتات من بقايا آباؤهم الروحيين ويحصدون المزايا لأنفسهم ولأبنائهم من بعدهم وظائفا وأراض.

حققت ثورة يناير المستحيل وجعلت الفيل يرقص واهتزت مع رقص الفيل كل أشجار الجميز فى مصر المحروسة وأصبح الشعب هو السيد الذى يأمر فيطاع وينادى فيسمع نداؤه ويعترض فلا يجرؤ أحد على أن يتجاهل اعتراضه .. وبدء الحساب لمن خانوا الأمانة واغتصبوا الحقوق وداسوا على الكرامة وبدأت رحلة استرداد الحقوق وعوده محتويات مغارة "على بابا" من فيللات وقصور وأراض وأموال منهوبة وأرصدة مجمدة بعدها يعود من فعلوا بالشعب ذلك إلى الحضيض الذى أتوا منه ويجمع شملهم سجون تليق بهم قبل أن تجمعهم جهنم فى الآخرة بما ارتكبوه فى حق مصر وشعبها رغم أنف مهرجى السيرك ممن حاولوا تصويرهم على أنهم ملائكة وشهداء ومظلومين لم تخلق مصر إلا لكى يحكموها إلى الأبد ولم يخلق شعب مصر إلا لكى يدين لهم بالولاء والعرفان بالجميل .. لن تعود مصر بعد اليوم سيركا يجرب فيه رئيسها أى  بهلوانيات سياسية أو يدعى ملكيته لأى من أصولها وإنما أرض مفتوحة تحتضن أبناءها وتبوح لهم بأسرارها وتفيض عليهم بخيراتها تراقب أداءهم وتفخر بإنجازاتهم وأصبح الإنفراد بالسلطة أمرا مستحيلا وتاريخا بغيضا طوى شعب مصر صفحته إلى غير رجعة.

أشعل البرادعى الشرارة الأولى للثورة ، وحضر إلى مصر غير طامع فى منصب رسمى ولاجاه بعد أن نال من الإثنين قدرا عظيما يليق بجهده وتميزه، ومن حقه أن يكمل المشوار أبا روحيا للثوار يضع خبرته تحت تصرفهم ويجمع شملهم ويوحد صفوفهم .. البرادعى هو مدرب الأسود المتمكن الذى أخضع اسود "سيرك مبارك القومى" لإرادته وأدخلها الأقفاص بعد أن حصرها فى دائرة الثوار وسط ميدان اللعب وحول زئيرها الذى كان مدويا إلى مواء قطط تتمسح فى الثوار تسترحم وتستعطف، وهو بانسحابه من سباق الرئاسة أكد بما لايدع مجالا للشك فى صدق نواياه وسلامة مقصده وطهاره أهدافه فى خدمة البلد الذى ولد به وافتخر بانتمائه إليه وأصبح أقوى بكثير من أى مرشح محتمل للرئاسة ولو ظل يمارس دوره محركا للثوار ومركز التقاء لرؤاهم وتوجههم لصار بمن حوله من شباب الثورة أكبر مجلس استشارى غير رسمى فى التاريخ يلجأ يحس نبض الشارع المصرى ويلعب دور الموصل الجيد لأحلام الناس.

وحسن يختار الشعب نوابه لابد وأن تذوب كل الفوارق الطبقية والحزبية وأيديلوجية ويصبح المجلس المنتخب سدا منيعا ضد أى محاولة لاختراق إرادة الشعب أو العبث بمقدراته أو الإلتفاف حول الشرعية التى يستمد منها الحاكم سلطته .. نواب الشعب لابد وأن لايروا أمامهم سوى هدف واحد يجمعهم ويسعون مجتمعين لكى يحققوه ويعتبرون ذلك شرفا يتوج رؤوسهم ويعطر سيرتهم وهو "خدمة مصر" وأن يصدروا قانونا بعمل أرفع وسام يمكن أن يناله مصرى فى العمل العام يسمى "خادم الشعب" .. إنتهى عهد السيرك السياسى التى تقسم فيه الأدوار بين أعضاء حزب واحد كان يحكم مصر، والأغلبية الكاسحة التى تمرر أو تلغى أو تعدل أى قانون، وأغلبية يسوقها زعيم بإشارة إصبع أو تحريك حاجب أو نظرة اشمئزاز أو استحسان، ونواب مرتزقة يستمتعون بدور البلطجى السياسى الذى يخيف المعارضة ويتوعدها بالشتائم أو برفع الأحذية .. لم يعد مجلس الشعب سبوبة يرتزق منها خدام الحاكم يقودهم طبال يرتدى ثياب السياسى ويحركه آخرون بالريموت كونترول يقبلون إهانة وزير لهم وممارسته لمتعة التشفى فيهم وفى عجزهم عن مساءلته وأصبحت الحكومة كلها ورئيسها موضع مساءلة المجلس ومحاسبته على حسن إدارة موارد مصر.. الأغلبية العددية بالمجلس أصبحت فى اختبار صعب تقرر مستقبلها لعقود كثيرة قادمة فإما أن تثبت للناخبين أنها تقدر المسئولية وتتحملها وسوف تنجح فى حمل أعباء التكليف، وإما أن تنكسر تحت ضغط تلك الأعباء فتقنع بالدور التقليدى الذى اعتادت عليه ولكن أصبح يزاحمها فيه خصوم أقوياء يقتحمون الملعب بقوة وإصرار قربا أو بعدا عن المنهج الذى يؤمن به الأغفلبية العددية التى لاتستطيع بحال أن تنفرد بقرار أو توزع أدوار أو تمنح فرصا.