Sunday, March 01, 2015

عداوات القـــلم

.. أما عن عداوات القلم فهى كثيرة والحمد لله .. من وجهة نظرى أن من يعادوننى (ولاأعنى النقد طبعا فمن حق كل من يقرأ أن يكون رأيا) بسبب ماأكتب منتقدا وضعا يضر ببلدى أو بالناس أو يخل بمنظومة الأخلاق لايستحقون أن ألتفت إليهم وأمنحهم متعة أن يزرعوا طريقى بالشوك، ولكن بالطبع لكل أسبابه التى تتدرج من الضيق إلى العداوه حسب تفسيره لما قصدت.
الأقلام كما قلت ونِوَتْ الكتابة من كل شكل ونوع وحجم تملأ كل ركن فى بيتى وفى مكتبى وسيارتى وحتى حين اخترت هاتفا محمولا أو كمبيوتر كان ولابد أن يكونا من النوع الذى يسمح بالكتابة على الشاشة .. ولكنى مع ذلك لو خرجت دون كتاب أو
ورق كتابة أشعر أنى ينقصنى شيئ هام يكتمل به مظهرى.
نشرت مقالاتى كل الصحف الكبرى فى مصر حكومية وغير حكومية وتفاوتت فى طول المدة التى تنشر تلك المقالات بانتظام (من الوفد التى ظللت أكتب بها مقالا اسبوعيا لمدة 20 سنة إلى الأهرام صاحب أوطى سقف حرية لايمكن أن يتجاوزه فى انتقاد الحكومة).
لم أتقاضى مليما واحد من صحيفة أو مجلة تنشر مقالاتى .. والسبب أنى أرفض أن أضع قيدا على حرية رأيى التى ينحصر دائما فى تسليط الضوء على فساد أو فرصة لجعل بلدى أحسن ومواطينها أكثر علما وعزة .. وكان شرطى الوحيد للإستمرار فى الكتابة هو ألا يتدخل أحد تغيير ماأكتب فيتغير المعنى الذى قصدته ، فإما أن تنشر المقالة كما هى أو لاتنشر

ضريبة المعرفة وحرية الرأى

عد أن حكيت لكم قصتى مع الكتاب ومع القلم .. تعالوا نشوف الضريبة اللى لازلت أدفعها نظير تمسكى بالعلم وبحرية الرأى وبطاعتى لله ورسوله فى طلب العلم والجهر بالرأى وعدم كتمان الشهادة.
فلنأخذ ضريبة المعرفة أولا (وهى عندى نتاج مئات الكتب التى قرأتها منذ مرحلة
الإعدادية ثم الخبرة العملية فى كل منصب تقلدته) .. المعرفة تثير فى بعض من تتعامل معهم نوازع الشر والبغض والكراهية، ويرون فيك تهديدا لأمنهم وصورتهم عن أنفسهم ، مثل:
* طالب يصر على ألا تخرج به عن دائرة "المقرر" ويريد العلم فى "برشامه" ولايعنيه مطلقا أن يبدأ الحكايه من أولها لكى يفهم من؟ ولماذا؟ وكيف؟ وهدفه أن يحصل على شهادة دون أن يتعلم.
* رئيس يريد من يقول "حاضر" و "نعم" ولايعبأ بشيئ غير تنفيذ مايريد وبالشكل الذى يريده.
* صاحب عمل فكرته عن الإستشارى أنه يتقاضى أتعابا لكى "يقنن" مايقرره ويطمئنه بأنه على الحق ويرفض التغيير مهما كان للأحسن.
* مسئول يريد أن يعلق الجرس فى رقبة أحد فيحتمى وراءك ويتهمك بأنك وراء كل قرار سيئ اتخذه أو يتخذه.
* فرق عمل "متجانسة" متقاربة فى افكارها ومستواها العلمى والثقافى ويرون فى فيك تهديدا "لحالة" يعيشونها ومجالا للفت الأنظار إلى أخطائهم التى تراكمت.
*
* صورة ذهنية عامة لمن تتعامل معهم بصورة يومية أنك "مثير للشغب" لايعجبك شيئ وتجنب التعامل معك أفضل مادمت تعترض كثيرا على ماتراه خطأ أو لاتقبل أن تظلم وتقول "كمان".
* أصحاب مصلحة فى أن "يظل الحال على ماهو عليه" حتى لاتتهدد مصالحهم بالتغيير وتظهر الأخطاء التى تضامنوا معا على إخفائها لتجنب الحساب.
* أشخاص مرضى بعقد نفسية يعتبرون أنفسهم فى مهمة مقدسة أن يعرقلوا مسيرتك لكى تفشل ويثبتوا أنهم أحسن منك.

رحلتى مع الكتاب والقلم

إثنين من الأصدقاء ظلا على حالهما معى منذ نعومة أظفارى وحتى الآن دون أن يتغير ولاؤهما أو يتخليا عنى وقت الحاجة أو يبخلا على بالرأى والمشورة: الكتاب والقلم.
الكتاب يشجعنى على ألا أتوقف عن الإستثمار فى عقلى لكى ينمو ويتطور باستمرار ويؤهلنى لكى اقطع مشوار الحياة فى أى وقت ومكان أفهم مايدور وأتفاعل معه وأواجه المشكلات وأقبل التحديات مسلحا بالعلم ... والكتاب هو الذى أغرانى فى بدء حياتى أن أكون شخصا "مجربا" لاأكف عن محاولة تطبيق ماقرأت على الواقع فى المواقف الحياتية التى تعرضت لها لكى بتحول العلم بالشيئ إلى معرفة أتحدث عنها حديث الخبير الذى مارس مايتحدث عنه وعاشه وذاق طعم النجاح وطعم الفشل لكى يتعلم .
والكتاب هو الذى جعلنى أزداد يقينا بالله سبحانه وأجاب على كل تساؤلاتى عن عظمته وقدرته وعلمه حين كنت أجول بين العلوم والآداب أنهل منها بلا شبع وأغرف من ابحاث من سبقونى بنهم وعطش لايرتوى : أسرار الكون، والتاريخ، وطبيعة النفس البشرية، والعلاقات بين الناس، وأسباب المشكلات، وكنه العقل وكيف يفكر ويبدع.
أما القلم فحكايته معى حكايه.
فى حفل تكريم بالمدرسة الإبتدائية أهدانى ناظر المدرسة قلم حبر ألمانى لازلت أذكر ماركته "بلاتِجْنِمْ" .. ولم يكن ذلك لتفوقى - فلم أكن كذلك فى تلك المرحلة - وإنما لتميزى فى الأعمال الكشفية ولأمانتى حين وجدت شيئا ثمينا (لاأذكره الآن) فى حوش المدرسة قبل طابور الصباح وسلمته لضابط المدرسة (مدرس التربية الرياضية فى ذلك الوقت).
من فرط اعتزازى بالقلم لم استخدمه، وظللت أستخدم قلمى الحبر القديم (غالبا
باركر وكان قلما شعبيا على أيامنا عقبال عندكم) .. وأظن أن ذلك التكريم كان السر فى ولعى بهواية "جمع الأقلام" من كل شكل ونوع ولون على مكتبى وفى شنطتى وأمامى وأنا أعمل (الغالى منها لايزال حبيس العلب بعد أن انتشرت الأقلام الرخيصة وبعد أن اصبحت سرقة الأقلام عادة لدى المصريين ضمن عادات أخرى قبيحة قبح الأخلاق التى أصبحت تلوث إسمنا هذه الأيام).
شهد قلمى معارك رأى عديدة ولايزال .. أكسبنى قليلا من الصداقات وكثيرا من العداوات ممن يعتبرون سن القلم خنجرا ساما ينبغى تجنبه وفعل المستحيل للقضاء على من يحمله باعتباره قاتلا محترفا يفضح من يكتب عنه ويقتله بالكلمات.