Wednesday, January 27, 2016

25 يناير وحرامية الثورات


طبيعى أن يكون للثورة أعداء لايطيقون سيرتها ويتمنون لو أنهم لم يعيشوا حتى يروا اليوم الذى سقط فيه رأس الفساد وحاميه لأكثر من ثلاثة عقود هو والشلة المحيطة به والمقربة إليه .. وكل محاولات هؤلاء لكى يسقطوا هذا اليوم من ذاكرة التاريخ سوف تبوء بالفشل لأن التاريخ لايعترف بلصوص وحرامية الثورات ويخفى سجلاته للأجيال تتداولها ولايسمح لأحد بأن يعبث بها لا بالكشت ولا بالتغيير ولا بالتحشير بين السطور فما بالكم بمن يريد أن يمزق صفحة بأكملها كتبها التاريخ فى سجلاته بأحرف من نور.
نعم، فى علم المحاسبة لا يجوز الكشط أو التغيير أو "التحشير" فى القيود المحاسبية بسجلاتها المختلفة .. تصوروا بقى فيه ناس "حرامية تاريخ" مش بس بيحاولوا يغيروا فى القيود ، دول عايزين يقطعوا صفحة 25 يناير كلها من سجل التاريخ؟ مش عارفين إن التاريخ يُقرأْ ولاتعاد كتابته ، وأنصفحاتهم انكتبت من زمان، وهى بلون أعمالهم غبراء سوداء ملوثة بالدماء.
وكأنها حدثت بالأمس وليس من أربعة أعوام مضت : صوت هتافات هادرة نسمعه لأول مظاهرة تخرج من المعادى وزجتى الراحلة تقف إلى جوارى فى صالة منزلنا تبكى من التأثر وتكرر من قلبها دعاء للثوار أن ينصرهم الله ، وابنتى تجرى بكاميرا فى يدها بين الفراندة وأى شباك مفتوح تبكى هى الأخرى وتحاول أن تلتقط وتسجل الهتافات كلها حتى لايفوتها شيئ من أحداث يوم بالغ النبل والطهر والمعنى.
 لم تمنعيننى ياحبيبتى من أن أفتح الباب وأجرى على السلم إلى الشارع لكى أنضم للمتظاهرين أهتف معهم بسقوط الظلم والفساد وأسير معهم حتى التحرير .. وحينما عدت لم تسألينى عن شيئ كما لو كنت معى هناك.. تركتينى أحكى عن "الحالة" التى تعيشها مصر وسلوك أبنائها الثوار بكل مافيه من نبل وحب وتضحية وشجاعة وإنكار للذات ووحدة لاتفرق بين غفير وأمير ولايعنيها دين أو ملة فالكل يهتف لمصر ومستعد أن يموت فى سبيلها.. الضُرّة" الوحيدة التى قبلت عن طيب خاطر أن تشاركك فى كانت دائما مصر.. بل إنك كنت تحرضينى على أن أحبها أكثر منك.
 رحلت ياحبيبتى عن الحياة فى يناير العام الماضى، وكأن الله سبحانه كان يحقق لك أمنية بأن يختارك إلى جواره فى الشهر الذى يشهد ذكرى الثورة التى حضرتيها معى .. وبإذن الله سوف يبعثك مع من مات شهيدا لكى تعيش مصر.. لدى تصريح منك بأن أحب مصر .. حتى لو كان حبى لها يفوق حبى لك .. وسوف أحافظ على عهدى حتى ألقاك وقد نفذت كل وصاياك لى لكى نعيش معا بإذن الله ماوعد الله سبحانه عباده الصالحين.
أما المدعين والحواة والساجدين على كل باب ولاعقى الأحذية وأسطوات النفاق ومزورى التاريخ ونظار مدارس الفساد بكافة أنواعه فليس لهم مكان بين الثوار.. التاريخ حريص على أن يظلوا يحافظون على مكانتهم فى المزبلة التى تسع أمثالهم لكى يظل ثوب الثورة نظيف نقى طاهر.

Thursday, January 07, 2016

سد النهضة: درس فى فشل الإدارة وأساليب التفاوض



حالة عملية فى سوء الإدارة وأساليب التفاوض لاتتكرر كثيرا لخطورتها وندرة تكرار الزمن والأشخاص والظروف والقضية نفسها التى يتم التفاوض عليها .. ولن أكرر هنا مااستفاض فى شرحه المتخصصون فى الموارد المائية والسدود والجيولوجيا فهم المتخصصون الذين جاهروا برايهم دون خوف إما كلاما أو كتابة عن الخطر المحدق الذى يحيط بمصر من بناء سد النهضة من نقص مياه الشرب وبوار الأراضى الزراعية ونقص الغذاء، والكيفية التى خطط لها جيدا ويتم بها فرض أمر واقع تقبله مصر مرغمة وتعجز عن تغييره .. تماما مثلما فرضت إسرائيل دولتها على العالم كله وأصبح الكلام عن حقوق الفلسطينين الآن مجرد "فك مجالس" أو "طق حنك" كما يقول إخواننا اللبنانيون.
سوف أقصر كلامى كما قلت فى البداية على أسلوب إدارة المفاوضات وأسلوب التفاوض الذى يصلح تدريسة كحالة عملية عن فشل أى مفاوضات وخطورة هذا الفشل على نتائج تلتزم بها دولة ويرثها أجيال قادمة .. أقل مايمكن أن أقوله فى الأسلوب الفاشل للمفاوضات من الجانب المصرى هو أنه قد عصف بالمفاوض المصرى وتركه لعبة فى يد المفاوض الإثيوبى يوجهه كيف يشاء لكى يحقق من خلالة مكاسب كثير منها لم يكن حتى يحلم باكتسابها لولا ضعف المفاوض المصرى .. المفاوض المصرى واضح جدا أنه دخل المفاوضات وقد بالغ فى قيمة نفسه وقدرته على التأثير واقتناعه بقضيته وإيمانه بسهولة إقناع الطرف الإثيوبى بعدالة قضيته ومن ثم الوصول إلى النتائج التى نريدها .. أما المفاوض الإثيوبى فقد بنى كل استراتيجية على كسب الوضع والمماطلة وتشتيت الجهد فى تفسير كلمة أو عبارة وادعاء سوء الفهم وعدم الوضوح (نفس أساليب الصهاينة فى التفاوض).
المفاوض المصرى اتبع أسلوب الوضوح والإعلان عن النوايا والتنازلات والإغراءات للجانب الإثيوبى وبالتالى حين يعقد أى اجتماع لايضيع الجانب الإثيوبى وقتا فى تسجيل المكاسب التى حصل عليها دون جهد ويستمر فى الضغط بهدف الحصول على المزيد .. وساعد على ابتلاع المفاوض المصرى الطعم ظنه بأن السودان فى جانب مصر ولم يحسب حساب المكاسب التى تحصل عليها من الجانب الآخر حين تلعب دور الوسيط أو ماأفضل أن أسميه "العميل المزدوج".
والمتتبع لسير المفاوضات وتنازلات الجانب المصرى سوف يتأكد مما أقول ويوقن أن قضيتنا خاسرة وأن الحكم فيها قد صدر من مدة ولم يعد هناك أمل فى تدارك ماحدث ، وإن حدث تنازل من الجانب الإثيوبى فسوف يرتبط ذلك بمزيد من التنازلات من جانبنا تجعله هو المسيطر والمتصرف فى إدارة السد المبنى على أرضه.. بالبلدى كده ، سارت المفاوضات فى طريق مسدود أمام الجانب المصرى منذ البداية، والمفاوض الإثيوبى محدد لهدفه ويستفيد من تصريحات المفاوض المصرى قبل كل اجتماع ويأتى للإجتماعات مستعدا .. وأوجز سير المفاوضات للتدلي على ماأقول فيما يلى:
أوقفوا البناء حتى نتفق  .. أبدا
 لاتملأوا السد حتي ننتهى من الدراسات الفنية .. أبدا
 طب نتفق على المكاتب الإستشارية .. أبدا
  زودوا فتحات المياه بالسد حتى لاتنقطع المياه عن مصر لو تعطلت التوربينات .. أبدا
 سوف ندفع لكم تكاليف الفتحتين الإضافيتين اللتين إقترحناهما .. برضه أبدا
 بس إحنا قاعدين برضه وبنتفاوض .. ما أعرفش على إيه ......
بذمتكوا لو كنا بنينا السد وقدمناه هدية لإثيوبيا مش كانت تبقى بجميله ويمكن كانوا سمحولنا نشترك فى إدارته؟
وحتى لايمر المقال دون أن أنبه أبناءنا الشباب إلى الدروس المستفادة من هذا الموقف المصيرى فإنى أركز على أهمها وهى:
1-    حين تتفاوض على قضايا مصيرية لابد وأن يكون المفاوضون محترفون أصحاب خبرة فنية وإدارية حتى لاتتفاوض مع نفسك  .. وواضح النقص الهائل فى عدد الخبراء المطلوبين فى الوفد المصرى وبعضهم أستاذ وزير الموارد المالية الحالى.
2-    لاتسارع بإعلان نواياك واستعدادك للتنازل لأن الجانب الآخر سوف يستغل ذلك ويسجله عليك ويقبله ثم يتفاوض على أكثر منه.
3-     القضايا الإستراتيجية تحتاج لنفس طويل وليست شو إعلامى .. مفاوضات كامب ديفيد أجريت فى منتجع منعزل ومنع دخول الصحفيين إليه حتى انتهت المفاوضات وأعلنت نتائجها (فى نظرى أنها كانت أقل مصيرية من سد النهضة الذى يتوقف علي سوء إدارته كوارث لمصر واقتصادها)

حنلحق نعمل حاجة .. لاأظن .. أصبح السد أمرا واقعا وورقة ضغط تكسر إرادتنا الوطنية سوف تستغله إسرائيل وأمريكا أسوأ استغلال ..