طبيعى أن يكون
للثورة أعداء لايطيقون سيرتها ويتمنون لو أنهم لم يعيشوا حتى يروا اليوم الذى سقط
فيه رأس الفساد وحاميه لأكثر من ثلاثة عقود هو والشلة المحيطة به والمقربة إليه ..
وكل محاولات هؤلاء لكى يسقطوا هذا اليوم من ذاكرة التاريخ سوف تبوء بالفشل لأن
التاريخ لايعترف بلصوص وحرامية الثورات ويخفى سجلاته للأجيال تتداولها ولايسمح
لأحد بأن يعبث بها لا بالكشت ولا بالتغيير ولا بالتحشير بين السطور فما بالكم بمن
يريد أن يمزق صفحة بأكملها كتبها التاريخ فى سجلاته بأحرف من نور.
نعم، فى علم المحاسبة
لا يجوز الكشط أو التغيير أو "التحشير" فى القيود المحاسبية بسجلاتها المختلفة
.. تصوروا بقى فيه ناس "حرامية تاريخ" مش بس بيحاولوا يغيروا فى القيود ،
دول عايزين يقطعوا صفحة 25 يناير كلها من سجل التاريخ؟ مش عارفين إن التاريخ يُقرأْ
ولاتعاد كتابته ، وأنصفحاتهم انكتبت من زمان، وهى بلون أعمالهم غبراء سوداء ملوثة
بالدماء.
وكأنها حدثت بالأمس وليس من أربعة أعوام مضت : صوت هتافات هادرة نسمعه لأول
مظاهرة تخرج من المعادى وزجتى الراحلة تقف إلى جوارى فى صالة منزلنا تبكى من
التأثر وتكرر من قلبها دعاء للثوار أن ينصرهم الله ، وابنتى تجرى بكاميرا فى يدها بين
الفراندة وأى شباك مفتوح تبكى هى الأخرى وتحاول أن تلتقط وتسجل الهتافات كلها حتى لايفوتها
شيئ من أحداث يوم
بالغ النبل والطهر والمعنى.
لم تمنعيننى
ياحبيبتى من أن أفتح الباب وأجرى على السلم إلى الشارع لكى أنضم للمتظاهرين أهتف معهم
بسقوط الظلم والفساد وأسير معهم حتى التحرير .. وحينما عدت لم تسألينى عن شيئ كما لو
كنت معى هناك.. تركتينى أحكى عن "الحالة" التى تعيشها مصر وسلوك أبنائها
الثوار بكل مافيه من نبل وحب وتضحية وشجاعة وإنكار للذات ووحدة لاتفرق بين غفير وأمير
ولايعنيها دين أو ملة فالكل يهتف لمصر ومستعد أن يموت فى سبيلها.. الضُرّة"
الوحيدة التى قبلت عن طيب خاطر أن تشاركك فى كانت دائما مصر.. بل إنك كنت تحرضينى على
أن أحبها أكثر منك.
رحلت ياحبيبتى
عن الحياة فى يناير العام الماضى، وكأن الله سبحانه كان يحقق لك أمنية بأن يختارك إلى
جواره فى الشهر الذى يشهد ذكرى الثورة التى حضرتيها معى .. وبإذن الله سوف يبعثك مع
من مات شهيدا لكى تعيش مصر.. لدى تصريح منك بأن أحب مصر .. حتى لو كان حبى لها يفوق حبى
لك .. وسوف أحافظ على عهدى حتى ألقاك وقد نفذت كل وصاياك لى لكى نعيش معا بإذن الله
ماوعد الله سبحانه عباده الصالحين.
أما المدعين
والحواة والساجدين على كل باب ولاعقى الأحذية وأسطوات النفاق ومزورى التاريخ ونظار
مدارس الفساد بكافة أنواعه فليس لهم مكان بين الثوار.. التاريخ حريص على أن يظلوا
يحافظون على مكانتهم فى المزبلة التى تسع أمثالهم لكى يظل ثوب الثورة نظيف نقى
طاهر.