جانب العذاب فى علم الإدارة أنك تأخذ حياتك بمنتهى الجدية ، وتطبق على نفسك ماتتمنى على الآخرين أن يفعلوه .. ويزيد من عذابك أن عينيك تصبحان كاميرا لاقطة لصور عديدة من سوء الإدارة ، أو القرارات التى تثير الشفقة وقد تؤدى إلى السخرية أحيانا من فرط سذاجتها وتجاهلها لأبسط قواعد الإدارة فتصبح كالنكتة البايخة لاتضحك ولكنها تثير نوازع الضيق والسخط .. وإليكم عينة من مسببات ضغط الدم عندى .. أشياء ألحظها بسهولة ، ولكنى الحظ معها أن الناس تمر عليها مر الكرام كما لو كانت شيئا طبيعيا لايستحق الوقوف عنده أو الإلتفات إليه :
· أعلنت وزارة الداخلية عن توزيع المثلث وشنطة الإسعاف مجانا على المواطنين عند تجديد رخص القيادة فى إدارات المرور التابعين لها .. صدق الناس ولكنهم حين يذهبون لتسلم المنحة يفاجئون بمن يخبرهم بأن الكميات نفذت وعليهم مداومة المراجعة للإستلام.. وطبيعى أن يسأل الناس عن تاريخ ولو تقريبى فيقابلون بالسخرية والإستهزاء والإدعاء بأن أحدا فى أى إدارة مرور لايعلم متى تتوافر أى كميات يمكن توزيعها ، وإذا اشتكى أحدهم لرئيس وحدة المرور التابع لها – هذا إذا تكرم وقابله – سيقابل بما هو أسوأ : عبارات مثل " إنت وحظك " أو " دى تبرع من رجال الأعمال ، واحيانا يرسلون كميات وأحيانا لأ ، فماذا نفعل؟".. سوف ينسى الناس بعد حين حكاية المثلث والشنطة ، وقد يمل البعض المطالبة بهما فيشتريهما توفيرا للوقت الضائع والإنفعال الأكيد.. وقد "تبور" البضاعة المجانية لدى إدارات المرور فيطرح المخزون للبيع بالجملة أو تنشئ إدارات المرور محارق للتخلص منها .. الأمر المؤكد أن المواطن صاحب السيارة سوف يظل مسئولا عن توفير المثلث والشنطة وسوف يدفع غرامة عدم وجودهما فى كل الأحوال حيث لايمكن أن تحاكم إدارة المرور نفسها وتعترف بأنها لم تكن تعنى ماأعلنته ولكنها فوجئت بأن الناس صدقوا ماقيل وتعاملوا معه على أنه واقع .
· تذهب إلى إدارة السجل المدنى لتغيير بيان فى بطاقة الرقم القومى فتفاجئ بالموظف المختص يطلب منك كتابة تقرير يفيد بفقدان بطاقتك القديمة .. ولو اعترضت بأنك لم تفقدها فسوف يخبرك أن ذلك لمصلحتك حيث أنك لن تتسلم البطاقة الجديدة إلا بعد شهر تقريبا ، ولايمكن أن تظل بغير بطاقة هذه المدة .. وسوف تزيد دهشتك ومعها عصبيتك من أن "الحكومة" تطلب منك مخالفة القانون فى الوقت الذى تصر فيه أنت على احترامه، حين يخبرك نفس الموظف بأنه لن يسترد البطاقة القديمة منك قبل استلامك للجديدة على الأقل لكى يختمها بخاتم يفيد إلغائها مثلما هو الحال فى الجوازات .. كثير من المواطنين إذن سوف يحملون بطاقتى رقم قومى .. صحيح أنهما بنفس الرقم ولكن ببيانات مختلفة قد تكون العنوان أو الوظيفة أو الحالة الإجتماعية : هل أحتاج لمزيد من التساؤل عما يمكن أن يحدث نتيجة لذلك فى حالات الزواج والطلاق والتعاقدات والسفر واستلام الإخطارات القانونية ؟ الأدهى من ذلك وأمر أنك تجد منشورا كبيرا فى برواز بحجم الحائط موجه لجميع المواطنين طالبى الخدمة يحثهم فيها على الإتصال بالسيد مساعد الوزير فى حالة وجود أى شكوى .. أسلوب متحضر راق ، ولكن المشكلة هو أن من كتب المنشور لم يكتب أى تليفونات تستطيع الإتصال بها .. ولعله أشفق على الناس من طلب تليفونات لاترد .
· النظافة الشخصية ، وبالذات غسيل الأيدى بعد كل نشاط إنسانى تستعمل فيه الأيدى مثل المصافحة وتداول أوراق النقد واستخدام عربات السوبر ماركت ومقابض الأبواب ، هى أهم الإجراءات الوقائية التى أكدت عليها وزارة الصحة فى حملاتها لتجنب الإصابة بأنفلونزا الخنازير .. كذلك ركزت الحملة على خطورة الإستمرار فى بعض العادات الإجتماعية الذميمة مثل الأحضن والقبلات .. الغريب أن المشاهد لنشرات الأخبار ولقاءات المسئولين فى المواقع المختلفة بالدولة سوف يفاجأ بأن هؤلاء المسئولين لم يتوقفوا عن اللقاءات الحارة بالأحضان والقبلات لزوارهم وكأنهم محصنون ضد الفيروسات التى تهاجم عامة الناس .. وقد تتباطئ الكاميرا عند المشهد العاطفى المؤثر لكى تؤكد على مدى دفء العلاقة بين المسئول وضيفه وقدر الكرم الذى يتمتع به فى الترحيب به . وفى بعض الدول العربية التى ظهر بها المرض لايكتفوا بقبلة واحدة وإنما عدة قبلات زيادة فى الترحيب .. وهكذا وتفقد اى حملة مصداقيتها فى لحظات بعد أن نصرف الملايين دون تأثير يذكر.
· مدير يحاسب مرءوسيه على بعض مظاهر السلوك السلبى دون أن ينتبه أنه يفعل ماينهى عنه ، أو يعتقد أنه مادام مديرا فقد خرج من نطاق المساءلة عن السلوك السلبى الذى يعافب عليه مرءوسيه : لايحترم وقت العمل ، ويدخن ، ويتحدث بصوت عال ، ويؤجل اتخاذ القرارات الهامة .. أو طبيب تخسيس تدخل عليه فتجد أن السمنة قد استوطنت جسده ، ولكنه لايجد بأسا فى إسداء النصائح للمرضى ويكتب وصفات الدواء التى سوف تساعدهم على أن يصبحوا مثل غصن البان .. أو طبيب اسنان تذهب إليه لعلاج أسنانك وتنظيفها فتجد أنه يحتاج هو نفسه إلى زميل يتولى تقويم أسنانه وإعطائها المظهر البراق الذى والإبتسامة المشرقة التى تعلن عنها الحسناء الموجودة بالإعلان المعلق فى عيادة نفس الطبيب .. هل هناك مبرر لكى يكون "باب النجار مخلع" سوى أن النجار إختار أن يحاضر فى النجارة دون أن يمارسها لأن الكلام دائما أسهل وأرخص من تحمل أعباء العمل والخسائر المحتملة للإنتاج ؟ ترى هل يلخص هذا بلوى مصر من قلة الإنتاج وكثرة الكلام والجدل؟
· أعلنت وزارة الداخلية عن توزيع المثلث وشنطة الإسعاف مجانا على المواطنين عند تجديد رخص القيادة فى إدارات المرور التابعين لها .. صدق الناس ولكنهم حين يذهبون لتسلم المنحة يفاجئون بمن يخبرهم بأن الكميات نفذت وعليهم مداومة المراجعة للإستلام.. وطبيعى أن يسأل الناس عن تاريخ ولو تقريبى فيقابلون بالسخرية والإستهزاء والإدعاء بأن أحدا فى أى إدارة مرور لايعلم متى تتوافر أى كميات يمكن توزيعها ، وإذا اشتكى أحدهم لرئيس وحدة المرور التابع لها – هذا إذا تكرم وقابله – سيقابل بما هو أسوأ : عبارات مثل " إنت وحظك " أو " دى تبرع من رجال الأعمال ، واحيانا يرسلون كميات وأحيانا لأ ، فماذا نفعل؟".. سوف ينسى الناس بعد حين حكاية المثلث والشنطة ، وقد يمل البعض المطالبة بهما فيشتريهما توفيرا للوقت الضائع والإنفعال الأكيد.. وقد "تبور" البضاعة المجانية لدى إدارات المرور فيطرح المخزون للبيع بالجملة أو تنشئ إدارات المرور محارق للتخلص منها .. الأمر المؤكد أن المواطن صاحب السيارة سوف يظل مسئولا عن توفير المثلث والشنطة وسوف يدفع غرامة عدم وجودهما فى كل الأحوال حيث لايمكن أن تحاكم إدارة المرور نفسها وتعترف بأنها لم تكن تعنى ماأعلنته ولكنها فوجئت بأن الناس صدقوا ماقيل وتعاملوا معه على أنه واقع .
· تذهب إلى إدارة السجل المدنى لتغيير بيان فى بطاقة الرقم القومى فتفاجئ بالموظف المختص يطلب منك كتابة تقرير يفيد بفقدان بطاقتك القديمة .. ولو اعترضت بأنك لم تفقدها فسوف يخبرك أن ذلك لمصلحتك حيث أنك لن تتسلم البطاقة الجديدة إلا بعد شهر تقريبا ، ولايمكن أن تظل بغير بطاقة هذه المدة .. وسوف تزيد دهشتك ومعها عصبيتك من أن "الحكومة" تطلب منك مخالفة القانون فى الوقت الذى تصر فيه أنت على احترامه، حين يخبرك نفس الموظف بأنه لن يسترد البطاقة القديمة منك قبل استلامك للجديدة على الأقل لكى يختمها بخاتم يفيد إلغائها مثلما هو الحال فى الجوازات .. كثير من المواطنين إذن سوف يحملون بطاقتى رقم قومى .. صحيح أنهما بنفس الرقم ولكن ببيانات مختلفة قد تكون العنوان أو الوظيفة أو الحالة الإجتماعية : هل أحتاج لمزيد من التساؤل عما يمكن أن يحدث نتيجة لذلك فى حالات الزواج والطلاق والتعاقدات والسفر واستلام الإخطارات القانونية ؟ الأدهى من ذلك وأمر أنك تجد منشورا كبيرا فى برواز بحجم الحائط موجه لجميع المواطنين طالبى الخدمة يحثهم فيها على الإتصال بالسيد مساعد الوزير فى حالة وجود أى شكوى .. أسلوب متحضر راق ، ولكن المشكلة هو أن من كتب المنشور لم يكتب أى تليفونات تستطيع الإتصال بها .. ولعله أشفق على الناس من طلب تليفونات لاترد .
· النظافة الشخصية ، وبالذات غسيل الأيدى بعد كل نشاط إنسانى تستعمل فيه الأيدى مثل المصافحة وتداول أوراق النقد واستخدام عربات السوبر ماركت ومقابض الأبواب ، هى أهم الإجراءات الوقائية التى أكدت عليها وزارة الصحة فى حملاتها لتجنب الإصابة بأنفلونزا الخنازير .. كذلك ركزت الحملة على خطورة الإستمرار فى بعض العادات الإجتماعية الذميمة مثل الأحضن والقبلات .. الغريب أن المشاهد لنشرات الأخبار ولقاءات المسئولين فى المواقع المختلفة بالدولة سوف يفاجأ بأن هؤلاء المسئولين لم يتوقفوا عن اللقاءات الحارة بالأحضان والقبلات لزوارهم وكأنهم محصنون ضد الفيروسات التى تهاجم عامة الناس .. وقد تتباطئ الكاميرا عند المشهد العاطفى المؤثر لكى تؤكد على مدى دفء العلاقة بين المسئول وضيفه وقدر الكرم الذى يتمتع به فى الترحيب به . وفى بعض الدول العربية التى ظهر بها المرض لايكتفوا بقبلة واحدة وإنما عدة قبلات زيادة فى الترحيب .. وهكذا وتفقد اى حملة مصداقيتها فى لحظات بعد أن نصرف الملايين دون تأثير يذكر.
· مدير يحاسب مرءوسيه على بعض مظاهر السلوك السلبى دون أن ينتبه أنه يفعل ماينهى عنه ، أو يعتقد أنه مادام مديرا فقد خرج من نطاق المساءلة عن السلوك السلبى الذى يعافب عليه مرءوسيه : لايحترم وقت العمل ، ويدخن ، ويتحدث بصوت عال ، ويؤجل اتخاذ القرارات الهامة .. أو طبيب تخسيس تدخل عليه فتجد أن السمنة قد استوطنت جسده ، ولكنه لايجد بأسا فى إسداء النصائح للمرضى ويكتب وصفات الدواء التى سوف تساعدهم على أن يصبحوا مثل غصن البان .. أو طبيب اسنان تذهب إليه لعلاج أسنانك وتنظيفها فتجد أنه يحتاج هو نفسه إلى زميل يتولى تقويم أسنانه وإعطائها المظهر البراق الذى والإبتسامة المشرقة التى تعلن عنها الحسناء الموجودة بالإعلان المعلق فى عيادة نفس الطبيب .. هل هناك مبرر لكى يكون "باب النجار مخلع" سوى أن النجار إختار أن يحاضر فى النجارة دون أن يمارسها لأن الكلام دائما أسهل وأرخص من تحمل أعباء العمل والخسائر المحتملة للإنتاج ؟ ترى هل يلخص هذا بلوى مصر من قلة الإنتاج وكثرة الكلام والجدل؟