تعجبنى حكمة صينية قديمة تقول " إذا إردت رخاء لمدة عام واحد فازرع قمحا .. وإذا أردت رخاء لمدة عشر سنوات فازرع شجرة .. أما إذا أردت رخاء لمدة مائة فازرع بشرا" .. تتسق تلك الحكمة مع ماينبغى لنا فى مصر أن نؤمن به وهو قيمة الناس وتأثيرهم – إذا أحسن تربيتهم وتعليمهم – على رخاء مصر وتنميتها وبناء قدرتها الذاتية .. ولايمكن أن نفكر فى مصر الدولة دون أن نفكر فى مصر بمؤسساتها المختلفة وقطاعات الأعمال بها والتى يمكن لو وعت دورها الإجتماعى ومسئوليتها تجاه موظفيها وأسرهم والمجتمع ككل أن تسهم بقدر كبير فى سد الفجوة بين مجتمعات الكفاف ومجتمعات الوفرة .. بين سكان العشش وسكان القصور .. بين المتاح من الإمكانات ومتطلبات تحقيق أهداف التنمية.. ولعل نظرة سريعة على واقع المجتمع الدولى اليوم تدق أجراس الخطر عن التدهور السريع فى أوضاع الدول النامية بالقياس إلى الدول المتقدمة وتؤكد على الدور الخطير الذى يمكن أن تلعبه مؤسسات الأعمال فى الإسهام فى تقريب تلك الفجوة ولو بقدر ضئيل .
ثلث سكان العالم يعيشون على أقل من نصف دولار يوميا ومحرومون من مياه الشرب النظيفة ومن الكهرباء .. ونصفه على أقل من دولارين فى اليوم ومحرومون من الصرف الصحى .. والعالم يحتاج إلى 950 مليار دولار إذا أردنا أن نتيح فرصة التعليم لكى طفل يولد ، وهذا الرقم على ضخامته لايعنى أكثر من 1% مما يصرفه العالم على شراء السلاح سنويا.. أما الأخطر من ذلك فهو أن 20% من سكان دول العالم المتقدم يستهلكون 86% مما ينتجه العالم من السلع ، بينما يستهلك 20% من الدول الأكثر فقرا فى العالم 3ر1% من تلك السلع .. فى وسط هذا التناقض الفظيع نجد أن إجمالى مبيعات أكبر مائتى مؤسسة عملاقة فى العالم تساوى 18 مرة إجمالى دخل 24% من كل سكان العالم ، وأنه على الرغم من أن الشركات المتعددة الجنسيات تمارس وحدها ربع النشاط الإقتصادى فى العالم إلا أن إجمالى العاملين بها لايزيد عن 1% من سكان العالم الذى يعانى أكثر من ثلث سكانه من القادرين على العمل والباحثين عنه من البطالة.. الذى يزيد الطين بلة أن دول العالم المتقدم تحافظ على عدد سكانها دون زيادة منذ عام 2000 وحتى عام 2050 ليقف عند 1 بليون بينما المتوقع أن يبلغ إجمالى عدد سكان الدول النامية إلى 8 مليار.
المسئولية الإجتماعية التى ننادى بها تعنى ببساطة أن تصبح المؤسسات جزءا من المجتمع ككل وأن مؤسسات المجتمع المدنى تملك حق مساءلتها عن نشاطاتها إذا لم تحافظ على البيئة وإذا أساءت إلى عملائها أو أهملت فى رعاية موظفيها وأنها تستثمر قدر استطاعتها فى تحسين أحوال المجتمع والمساهمة فى رفاهيته .. والمسئولية الإجتماعية لاتعنى أعمال الخير وإن كانت أعمال الخير جزءا من المسئولية الإجتماعية لمؤسسات اليوم التى تعد وسيلة فاعلة فى تنمية المجتمعات والقضاء على الفقر ورفع مستوى المعيشة بتلك المجتمعات ، ولذلك فإن المؤسسات العملاقة فى العالم المتقدم مثل مؤسسة فورد وبل جيتس تلتزم فى أدبياتها ومنظومة القيم التى تحكم عملها بمسئوليتها الإجتماعية وترصد لذلك مليارات الدولارات لأن العائد على صورة تلك المؤسسات وإقبال الناس على منتجاتها وبالتالى ماتحققه من أرباح يفوق بكثير ماتنفقه على تنمية المجتمعات التى تعمل بها .. هناك إلتزام أخلاقى وعقد اجتماعى يحكم العلاقة بين الطرفين ويحقق التكامل والقبول والإحترام المتبادل بينهما.. وهذا الجانب الأخلاقى بالذات يجعل من تأثير المساهمة المجتمعية قيمة كبرى وعاملا بالغ التأثير فى بناء " القدرة الذاتية " للمجتمعات وفى محاربة الفساد وتشجيع الصناعات الصغيرة ومساعدة الشباب على إيجاد فرص عمل والحفاظ على البيئة وتشجيع العمل التطوعى لخدمة المجتمع والحفاظ على الصحة العامة والمساهمة فى الأعمال الخيرية التى تقوم بها المنظمات غير الحكومية فى مجتمع ما .
ويتسع نطاق المسئولية الإجتماعية ليشمل عدم غش المستهلك ، والإصرار على تقديم سلع وخدمات عالية الجودة ، وعدم احتكار السلع ، وتقديم التسهيلات المناسبة التى تتيح للناس إقتناء المنتجات التى يحتاجونها بشروط تتناسب مع قدرتهم الشرائية وبالذات فى أوقات الكساد ..
وفى مصر نحن أحوج مانكون الآن أكثر من أى وقت مضى لآن تعى مؤسساتنا مسئوليتها الإجتماعية لكى تنهض بمستوى المجتمع .. ولدينا عدد من رجال الأعمال بادروا بإنشاء مؤسسات إجتماعية قصدوا بها ذلك وإن كانت لاتزال تركز على الأعمال الخيرية دون "بناء القدرة الذاتية للمجتمع لكى ينهض ويستمر فى التنمية" .. بل إن هناك أناس بسطاء يعتبرون روادا فى هذا المجال كثير منهم لم يتلقى سوى قسط ضئيل من التعليم وبعضهم لم يتح له أى قدر ولو ضئيل منه .. أتحدث هنا عن عن نماذج مصرية بسيطة أخرى لم تنل أى نصيب من العلم ولكنها كانت تتمتع بالموهبة الطبيعية "للإدارة المجتمعية" .. سيد جلال – يرحمه الله - الرجل البسيط الذى بدأ حياته حمالا ، عرف كيف يستثمر ثروته التى من الله عليه بها بعد سنوات من الشقاء والمعاناة فأنشأ مستشفى باب الشعرية الذى يعد مدرسة طبية تخرج فيها آلاف الأطباء الشبان على أيدى أساتذة عظام يجمعهم حب الخير ، ويستفيد من خدماتها مجانا فقراء المجتمع ومعدميه .. محمد مدبولى شاهدته وأنا فى الجامعة هو وأخيه يساعدان عمهما فى بيع الجرائد والمجلات أمام الكشك الذى كان يمتلكه فى قصر النيل بالقرب من ميدان طلعت حرب ثم ينامون جميعا على الرصيف آخر الليل .. أدار مدبولى – يرحمه الله – حياته بأمانة وبفطرة سليمه ورغبة جامحة فى التعلم فأصبح أكبر وأجرأ ناشر فى المنطقة بل إنه كان يساعد الطلبة من غير القادرين على اقتناء الكتب التى يحتاجونها إما بالتقسيط المريح أو مجانا .. مثلان فطريان رائعان من أمثلة إدارة الذات والوعى بالمسئولية الإجتماعية يحقق بها الإنسان لنفسه ولمجتمعه على السواء طموحات قد تبدو غاية فى الخيال وإفراطا فى التمنى ولكن الإيمان بالفكرة والمثابرة والإصرار على تحقيقها كفيلان بتحويل الحلم إلى حقيقة .
ثلث سكان العالم يعيشون على أقل من نصف دولار يوميا ومحرومون من مياه الشرب النظيفة ومن الكهرباء .. ونصفه على أقل من دولارين فى اليوم ومحرومون من الصرف الصحى .. والعالم يحتاج إلى 950 مليار دولار إذا أردنا أن نتيح فرصة التعليم لكى طفل يولد ، وهذا الرقم على ضخامته لايعنى أكثر من 1% مما يصرفه العالم على شراء السلاح سنويا.. أما الأخطر من ذلك فهو أن 20% من سكان دول العالم المتقدم يستهلكون 86% مما ينتجه العالم من السلع ، بينما يستهلك 20% من الدول الأكثر فقرا فى العالم 3ر1% من تلك السلع .. فى وسط هذا التناقض الفظيع نجد أن إجمالى مبيعات أكبر مائتى مؤسسة عملاقة فى العالم تساوى 18 مرة إجمالى دخل 24% من كل سكان العالم ، وأنه على الرغم من أن الشركات المتعددة الجنسيات تمارس وحدها ربع النشاط الإقتصادى فى العالم إلا أن إجمالى العاملين بها لايزيد عن 1% من سكان العالم الذى يعانى أكثر من ثلث سكانه من القادرين على العمل والباحثين عنه من البطالة.. الذى يزيد الطين بلة أن دول العالم المتقدم تحافظ على عدد سكانها دون زيادة منذ عام 2000 وحتى عام 2050 ليقف عند 1 بليون بينما المتوقع أن يبلغ إجمالى عدد سكان الدول النامية إلى 8 مليار.
المسئولية الإجتماعية التى ننادى بها تعنى ببساطة أن تصبح المؤسسات جزءا من المجتمع ككل وأن مؤسسات المجتمع المدنى تملك حق مساءلتها عن نشاطاتها إذا لم تحافظ على البيئة وإذا أساءت إلى عملائها أو أهملت فى رعاية موظفيها وأنها تستثمر قدر استطاعتها فى تحسين أحوال المجتمع والمساهمة فى رفاهيته .. والمسئولية الإجتماعية لاتعنى أعمال الخير وإن كانت أعمال الخير جزءا من المسئولية الإجتماعية لمؤسسات اليوم التى تعد وسيلة فاعلة فى تنمية المجتمعات والقضاء على الفقر ورفع مستوى المعيشة بتلك المجتمعات ، ولذلك فإن المؤسسات العملاقة فى العالم المتقدم مثل مؤسسة فورد وبل جيتس تلتزم فى أدبياتها ومنظومة القيم التى تحكم عملها بمسئوليتها الإجتماعية وترصد لذلك مليارات الدولارات لأن العائد على صورة تلك المؤسسات وإقبال الناس على منتجاتها وبالتالى ماتحققه من أرباح يفوق بكثير ماتنفقه على تنمية المجتمعات التى تعمل بها .. هناك إلتزام أخلاقى وعقد اجتماعى يحكم العلاقة بين الطرفين ويحقق التكامل والقبول والإحترام المتبادل بينهما.. وهذا الجانب الأخلاقى بالذات يجعل من تأثير المساهمة المجتمعية قيمة كبرى وعاملا بالغ التأثير فى بناء " القدرة الذاتية " للمجتمعات وفى محاربة الفساد وتشجيع الصناعات الصغيرة ومساعدة الشباب على إيجاد فرص عمل والحفاظ على البيئة وتشجيع العمل التطوعى لخدمة المجتمع والحفاظ على الصحة العامة والمساهمة فى الأعمال الخيرية التى تقوم بها المنظمات غير الحكومية فى مجتمع ما .
ويتسع نطاق المسئولية الإجتماعية ليشمل عدم غش المستهلك ، والإصرار على تقديم سلع وخدمات عالية الجودة ، وعدم احتكار السلع ، وتقديم التسهيلات المناسبة التى تتيح للناس إقتناء المنتجات التى يحتاجونها بشروط تتناسب مع قدرتهم الشرائية وبالذات فى أوقات الكساد ..
وفى مصر نحن أحوج مانكون الآن أكثر من أى وقت مضى لآن تعى مؤسساتنا مسئوليتها الإجتماعية لكى تنهض بمستوى المجتمع .. ولدينا عدد من رجال الأعمال بادروا بإنشاء مؤسسات إجتماعية قصدوا بها ذلك وإن كانت لاتزال تركز على الأعمال الخيرية دون "بناء القدرة الذاتية للمجتمع لكى ينهض ويستمر فى التنمية" .. بل إن هناك أناس بسطاء يعتبرون روادا فى هذا المجال كثير منهم لم يتلقى سوى قسط ضئيل من التعليم وبعضهم لم يتح له أى قدر ولو ضئيل منه .. أتحدث هنا عن عن نماذج مصرية بسيطة أخرى لم تنل أى نصيب من العلم ولكنها كانت تتمتع بالموهبة الطبيعية "للإدارة المجتمعية" .. سيد جلال – يرحمه الله - الرجل البسيط الذى بدأ حياته حمالا ، عرف كيف يستثمر ثروته التى من الله عليه بها بعد سنوات من الشقاء والمعاناة فأنشأ مستشفى باب الشعرية الذى يعد مدرسة طبية تخرج فيها آلاف الأطباء الشبان على أيدى أساتذة عظام يجمعهم حب الخير ، ويستفيد من خدماتها مجانا فقراء المجتمع ومعدميه .. محمد مدبولى شاهدته وأنا فى الجامعة هو وأخيه يساعدان عمهما فى بيع الجرائد والمجلات أمام الكشك الذى كان يمتلكه فى قصر النيل بالقرب من ميدان طلعت حرب ثم ينامون جميعا على الرصيف آخر الليل .. أدار مدبولى – يرحمه الله – حياته بأمانة وبفطرة سليمه ورغبة جامحة فى التعلم فأصبح أكبر وأجرأ ناشر فى المنطقة بل إنه كان يساعد الطلبة من غير القادرين على اقتناء الكتب التى يحتاجونها إما بالتقسيط المريح أو مجانا .. مثلان فطريان رائعان من أمثلة إدارة الذات والوعى بالمسئولية الإجتماعية يحقق بها الإنسان لنفسه ولمجتمعه على السواء طموحات قد تبدو غاية فى الخيال وإفراطا فى التمنى ولكن الإيمان بالفكرة والمثابرة والإصرار على تحقيقها كفيلان بتحويل الحلم إلى حقيقة .
No comments:
Post a Comment