الإدارة بالكوارث تعبير يستخدم للدلالة على نمط إدارة تعتمد على ردود الفعل وعلى التعامل مع الكوارث حين تحدث، بدلا من التنبؤ العلمى بحدوث الكوارث والاستعداد لها بالخطط اللازمة لمنع حدوثها أولا، ثم بالتعامل معها حين تحدث. وعلى الرغم من أن ماقلت يعد بديهيا ومن مبادئ علم الإدارة إلا أن مايحدث فى مصر – وبالذات فى الآونة الأخيرة – يدعونى مع الأسف إلى أن أتوقف محاولا فهم مايحدث والذى أصبح يستعصى على أى فهم. وعلى الرغم من أنى من المؤمنين أن من يتعرض للعمل العام بدافع الإحساس بالمسئولية تجاه المجتمع لابد وأن يكون متفائلا بطبعه لكى يستمد القدرة على الإستمرار فى الخدمة العامة ويساعد غيره على تخطى الإحساس بالإحباط واليأس، إلا أن الكوارث المتلاحقة حولنا فاقت قدرتى على الملاحقة وعلى التفسير. حكومة معظم إن لم يكن كل وزرائها من رجال الأعمال، أداروا العديد من الشركات الكبيرة، جميعهم على أعلى قدر من العلم ، تخرجوا فى جامعات مرموقة، وطافوا العالم ، واختلطوا بالعديد من الثقافات، وحضروا مئات المؤتمرات الاقتصادية، ولابد أنهم قرأوا ويقرأون عن نظم الحكم فى العالم، ومع ذلك فإن أقل مايوصف به الأداء الحكومى لدينا أنه "عشوائى" يعتمد على تسكين الأزمات وليس حلها، وعلى "الترقيع" فى محاولات متكررة للتجميل. استلمت الحكومة الحالية ثوبا لم يعد به مكانا لرقعة جديدة فتفننت بأن يبقى الحال على ماهو عليه حتى تنتهى مدتها إن آجلا أو عاجلا مثلها فى ذلك مثل كل الحكومات التى سبقتها. تهتك الثوب عن الجسد حتى لم يبق منه بالكاد إلا مايستر العورة . حين أنظر حولى وأتساءل: " أين هى الخطط التى تحدثنا عنها الحكومة منذ سنوات، وماهو العائد منها؟" فلا أجد إلا الكارثة تلو الأخرى، أو نذر وبشائر كوارث بطريقها إلى الحدوث، وكأن حكومتنا الرشيدة تتفنن فى زيادة عدد الكوارث أو كأن بقاءها مرتبط بألا يجد الناس وقتا للتفكير فى شيئ سوى مشاكل الحصول على رغيف الخبز أو تحقيق المعادلة المستحيلة فى العيش فى وطن أصبح الحد الأدنى للعيش فيه صعب المنال ، وأصبح الوصول إلى مستوى خط الفقر حلما يداعب جفون المساكين الذين لايعرفون النوم إما جوعا أو فزعا مما تحمله الأيام . ولعله من المفيد هنا أن نستشهد بنماذج قليلة من الكوارث التى نعيشها أو التى نتوقعها نتيجة فى فشل التخطيط الاستراتيجى عندنا للتدليل على ماقلت:
· الفشل فى إدارة العملية التعليمية لأكثر من نصف قرن الآن حتى يتطور الأمر إلى فساد العملية التعليمية برمتها وامتحانات أصبحت مشاعا لكل من يرغب فى الارتزاق سواء من الإداريين المسئولين عن الطباعة أو مندوبى المناطق أو المراقبين، بل يتجاوز الأمر أن ترسل الأسئلة بالفاكس لمن يطلبها نظير ثمن، أو تباع ببعض المكتبات لمن يشترى. هذه كارثة قومية بكل المقاييس تمس 700 ألف أسرة ، فهل كان هناك خطة لدى الوزارة لكى تمنع حدوث ذلك، أو حتى لمواجهة الكارثة حين تحدث؟ هل فكرت الوزارة فى تطوير طبع الامتحانات وسريتها وتأمينها وطرق توزيعها، وهل وضعت خطة للمراقبة والسيطرة تضمن لها التحرك السريع لاحتواء الكارثة لو حدثت بدلا من التخبط فى التصريحات والقرارات التى تعالج أعراضا ولاتتطرق لأصل المشكلة لكى تحلها حلا جذريا؟ وماذا عن كارثة التعليم فى كل مراحله ؟ هل هناك خطة قومية حقيقية للنهوض به واستعادة عافيته أو حتى وقف التدهور الحاصل الآن حتى أصبحنا "أمة فى خطر" يجتاحها طوفان الأمية التقليدية من جهة، والأمية العلمية من جهة أخرى كفكى الكماشة، وأصبح البحث العلمى يعتمد على مبادرات شخصية هنا وهناك دون خطة؟ وماذا عن المليارات التى تصرف على التعليم، وبعضها من أموال دافعى الضرائب ومعظمها قروض بفوائد من الخارج ؟ إن اللجان القومية التى أنشئت لهذا الغرض مثل الهم على القلب، ولكن معظمها – إن لم يكن كلها – ليس لديها خططا قومية استراتيجية تعمل من خلالها، وإنما مجرد "أنشطة" توحى لمن يراقب أن شيئا ما يحدث، وأنا أتحدث هنا عن علم وليس مجرد تخمينات أو كلام مرسل بغير دليل وإلا فليكذبنى أحد بخطة استراتيجية قومية متكاملة تحتوى على كل العناصر التى تحدد أهدافها وطرق تحقيق تلك الأهداف وتوقيتاتها وتكلفة ذلك. وهل من أهداف تلك الخطط – وأوكد أنها غير موجودة – أن تقرر الحكومة فجأة أن تحرم المدارس والجامعات الخاصة التى يلتحق بها أكثر من مليون طالب حاليا ويتلقون تعليما متميزا من الإعفاءات الضريبية التى أقام المستثمرون مشروعاتهم على أساسها؟
· حين يتعرض الأمن القومى المصرى للتهديد فى مقتل من خلال تعدد سرقات كابلات ومعدات السد العالى على الرغم من عدد الجهات التى تقوم على تأمينه وحراسته، والمفروض أنها تستخدم فى ذلك أحدث الأجهزة والمعدات التى تصمم خصيصا لهذا الغرض وتستخدمها دول أخرى قبلنا وبعدنا. وهل يعقل أن نقنع بتفسيرات ساذجة بأنه تم القبض على من قاموا بأحد تلك السرقات من بين صيادى بحيرة ناصر؟ ألا يحق لنا أن نسأل كيف توصل الصيادون إلى الكابلات تحت الماء، وكيف قطعوها، وماهى وسيلة النقل التى استخدموها لنقل آلاف الأطنان من الكابلات؟ هل فى مراكب الصيد، أم على ظهور الحمير والبغال؟ ماهو الوقت الذى تستغرقه عملية السرقة، وأين الحراسة المشددة على جسم السد والتى تتواءم مع أهميته كهدف استراتيجى مستهدف من أكثر من جهة تخطط حاليا لضربنا فى مقتل ، بل إن بعضها قد صرح فى عنجهية واستهتار بنواياه فى استهداف السد لإغراق مصر كلها، وأين كانت كاميرات المراقبة ال 129 أم أنها قد سرقت هى الأخرى ؟ هل هناك خطط لمواجهة كارثة عظمى مثل تلك لو حدثت لاقدر الله ؟ وإذا كانت الإجابة بنعم ، أفلا يقتضى الأمر أن يكون هناك تدريبا عليها كل عدة سنوات مثلما يفعلون فى الخارج حين يدربون الطلاب فى المدارس على اللجوء إلى المخابئ فى حالة الهجوم الذرى وكيفية التعامل مع الفيضانات أو الأعاصير ؟
· هل فى مصر خطة لمواجهة الانفجار السكانى؟ كم مليارا صرفت على إعلانات ساذجة ربما وفرت تسلية للمستهدفين دون أن تؤثر فيهم، وماذا فعلت الدولة لكى تتابع تطور الزيادة السكانية ، ولماذا لم تتخذ السبل الكفيلة بتخطيط الزيادة السكانية بالتوعية والتشريعات مثلما فعلت دول كثيرة قبلنا؟ تلك كارثة بكل المقاييس ترتبط ارتباطا وثيقا بكارثة أخرى نعيشها هى العشوائيات التى انتشرت بالآلاف على طول البلاد وعرضها حتى امتلأت مصر ببقع وبؤر تهدد أمنها وسلامتها، وجرفت الأرض الزراعية وأصبحنا مهددين بمجاعة خلال السنوات القليلة القادمة. وتجاهلت الحكومات المتعاقبة التعمير للتنمية، وحل محلها التعمير للاستثمار والاستغلال والتربح. أضف إلى ذلك كارثة البطالة ومآسى الشباب الذى يفعل المستحيل للبحث عن فرصة عمل بالخارج فينتهى إما إلى قاع البحار أو إلى السجون على حدود الدول التى يحاولون الهروب إليها ، وارتفاع نسبة التضخم لأكثر من 22 %، وجنون الأسعار بصفة يومية، ونسب الأمية الغير مسبوقة وكلها قنابل موقوتة سوف تنفجر لامحالة مالم نواجهها بأساليب علمية عملية فاعلة ومؤثرة.
إن مصر بحكومتها الحالية التى تخلق الكوارث وتمهد لها، يمكن أن تكون نموذجا متفردا لدولة فى القرن الحادى والعشرين تدارطول الوقت وليس بعض الوقت بأسلوب "إطفاء الحرائق" فى الوقت الذى يعيش فيه العالم "عصر المعرفة" ويسخرها للتنبؤ ومسح المجال العالمى فى السياسة والاجتماع والاقتصاد ووضع الخطط طويلة المدى لتقوم عليها دعائم الدولة والتصرف فى أمكاناتها وضبط إيقاع الشارع ضمانا لعدم حدوث الكوارث والاستعداد لها لو حدثت نتيجة لظروف خاصة حالت دون التنبؤ بها. ويبدو أنه ليس لدينا مايدعونا للخوف من تكرار الأزمات مادامت حبال الصبر فى بلدنا لاتنتهى ، ولاخوف من شعب تم "تدجينه" لكى يتقبل الحد الأدنى وماهو أقل كثيرا من الحد الأدنى للعيش لكل من يكسب أكثر من 167 جنيها طبقا لتقدير الباشا الوالى وزير التخطيط والاقتصاد المصرى .
· الفشل فى إدارة العملية التعليمية لأكثر من نصف قرن الآن حتى يتطور الأمر إلى فساد العملية التعليمية برمتها وامتحانات أصبحت مشاعا لكل من يرغب فى الارتزاق سواء من الإداريين المسئولين عن الطباعة أو مندوبى المناطق أو المراقبين، بل يتجاوز الأمر أن ترسل الأسئلة بالفاكس لمن يطلبها نظير ثمن، أو تباع ببعض المكتبات لمن يشترى. هذه كارثة قومية بكل المقاييس تمس 700 ألف أسرة ، فهل كان هناك خطة لدى الوزارة لكى تمنع حدوث ذلك، أو حتى لمواجهة الكارثة حين تحدث؟ هل فكرت الوزارة فى تطوير طبع الامتحانات وسريتها وتأمينها وطرق توزيعها، وهل وضعت خطة للمراقبة والسيطرة تضمن لها التحرك السريع لاحتواء الكارثة لو حدثت بدلا من التخبط فى التصريحات والقرارات التى تعالج أعراضا ولاتتطرق لأصل المشكلة لكى تحلها حلا جذريا؟ وماذا عن كارثة التعليم فى كل مراحله ؟ هل هناك خطة قومية حقيقية للنهوض به واستعادة عافيته أو حتى وقف التدهور الحاصل الآن حتى أصبحنا "أمة فى خطر" يجتاحها طوفان الأمية التقليدية من جهة، والأمية العلمية من جهة أخرى كفكى الكماشة، وأصبح البحث العلمى يعتمد على مبادرات شخصية هنا وهناك دون خطة؟ وماذا عن المليارات التى تصرف على التعليم، وبعضها من أموال دافعى الضرائب ومعظمها قروض بفوائد من الخارج ؟ إن اللجان القومية التى أنشئت لهذا الغرض مثل الهم على القلب، ولكن معظمها – إن لم يكن كلها – ليس لديها خططا قومية استراتيجية تعمل من خلالها، وإنما مجرد "أنشطة" توحى لمن يراقب أن شيئا ما يحدث، وأنا أتحدث هنا عن علم وليس مجرد تخمينات أو كلام مرسل بغير دليل وإلا فليكذبنى أحد بخطة استراتيجية قومية متكاملة تحتوى على كل العناصر التى تحدد أهدافها وطرق تحقيق تلك الأهداف وتوقيتاتها وتكلفة ذلك. وهل من أهداف تلك الخطط – وأوكد أنها غير موجودة – أن تقرر الحكومة فجأة أن تحرم المدارس والجامعات الخاصة التى يلتحق بها أكثر من مليون طالب حاليا ويتلقون تعليما متميزا من الإعفاءات الضريبية التى أقام المستثمرون مشروعاتهم على أساسها؟
· حين يتعرض الأمن القومى المصرى للتهديد فى مقتل من خلال تعدد سرقات كابلات ومعدات السد العالى على الرغم من عدد الجهات التى تقوم على تأمينه وحراسته، والمفروض أنها تستخدم فى ذلك أحدث الأجهزة والمعدات التى تصمم خصيصا لهذا الغرض وتستخدمها دول أخرى قبلنا وبعدنا. وهل يعقل أن نقنع بتفسيرات ساذجة بأنه تم القبض على من قاموا بأحد تلك السرقات من بين صيادى بحيرة ناصر؟ ألا يحق لنا أن نسأل كيف توصل الصيادون إلى الكابلات تحت الماء، وكيف قطعوها، وماهى وسيلة النقل التى استخدموها لنقل آلاف الأطنان من الكابلات؟ هل فى مراكب الصيد، أم على ظهور الحمير والبغال؟ ماهو الوقت الذى تستغرقه عملية السرقة، وأين الحراسة المشددة على جسم السد والتى تتواءم مع أهميته كهدف استراتيجى مستهدف من أكثر من جهة تخطط حاليا لضربنا فى مقتل ، بل إن بعضها قد صرح فى عنجهية واستهتار بنواياه فى استهداف السد لإغراق مصر كلها، وأين كانت كاميرات المراقبة ال 129 أم أنها قد سرقت هى الأخرى ؟ هل هناك خطط لمواجهة كارثة عظمى مثل تلك لو حدثت لاقدر الله ؟ وإذا كانت الإجابة بنعم ، أفلا يقتضى الأمر أن يكون هناك تدريبا عليها كل عدة سنوات مثلما يفعلون فى الخارج حين يدربون الطلاب فى المدارس على اللجوء إلى المخابئ فى حالة الهجوم الذرى وكيفية التعامل مع الفيضانات أو الأعاصير ؟
· هل فى مصر خطة لمواجهة الانفجار السكانى؟ كم مليارا صرفت على إعلانات ساذجة ربما وفرت تسلية للمستهدفين دون أن تؤثر فيهم، وماذا فعلت الدولة لكى تتابع تطور الزيادة السكانية ، ولماذا لم تتخذ السبل الكفيلة بتخطيط الزيادة السكانية بالتوعية والتشريعات مثلما فعلت دول كثيرة قبلنا؟ تلك كارثة بكل المقاييس ترتبط ارتباطا وثيقا بكارثة أخرى نعيشها هى العشوائيات التى انتشرت بالآلاف على طول البلاد وعرضها حتى امتلأت مصر ببقع وبؤر تهدد أمنها وسلامتها، وجرفت الأرض الزراعية وأصبحنا مهددين بمجاعة خلال السنوات القليلة القادمة. وتجاهلت الحكومات المتعاقبة التعمير للتنمية، وحل محلها التعمير للاستثمار والاستغلال والتربح. أضف إلى ذلك كارثة البطالة ومآسى الشباب الذى يفعل المستحيل للبحث عن فرصة عمل بالخارج فينتهى إما إلى قاع البحار أو إلى السجون على حدود الدول التى يحاولون الهروب إليها ، وارتفاع نسبة التضخم لأكثر من 22 %، وجنون الأسعار بصفة يومية، ونسب الأمية الغير مسبوقة وكلها قنابل موقوتة سوف تنفجر لامحالة مالم نواجهها بأساليب علمية عملية فاعلة ومؤثرة.
إن مصر بحكومتها الحالية التى تخلق الكوارث وتمهد لها، يمكن أن تكون نموذجا متفردا لدولة فى القرن الحادى والعشرين تدارطول الوقت وليس بعض الوقت بأسلوب "إطفاء الحرائق" فى الوقت الذى يعيش فيه العالم "عصر المعرفة" ويسخرها للتنبؤ ومسح المجال العالمى فى السياسة والاجتماع والاقتصاد ووضع الخطط طويلة المدى لتقوم عليها دعائم الدولة والتصرف فى أمكاناتها وضبط إيقاع الشارع ضمانا لعدم حدوث الكوارث والاستعداد لها لو حدثت نتيجة لظروف خاصة حالت دون التنبؤ بها. ويبدو أنه ليس لدينا مايدعونا للخوف من تكرار الأزمات مادامت حبال الصبر فى بلدنا لاتنتهى ، ولاخوف من شعب تم "تدجينه" لكى يتقبل الحد الأدنى وماهو أقل كثيرا من الحد الأدنى للعيش لكل من يكسب أكثر من 167 جنيها طبقا لتقدير الباشا الوالى وزير التخطيط والاقتصاد المصرى .
No comments:
Post a Comment