حالة عملية فى سوء
الإدارة وأساليب التفاوض لاتتكرر كثيرا لخطورتها وندرة تكرار الزمن والأشخاص
والظروف والقضية نفسها التى يتم التفاوض عليها .. ولن أكرر هنا مااستفاض فى شرحه
المتخصصون فى الموارد المائية والسدود والجيولوجيا فهم المتخصصون الذين جاهروا برايهم
دون خوف إما كلاما أو كتابة عن الخطر المحدق الذى يحيط بمصر من بناء سد النهضة من
نقص مياه الشرب وبوار الأراضى الزراعية ونقص الغذاء، والكيفية التى خطط لها جيدا ويتم
بها فرض أمر واقع تقبله مصر مرغمة وتعجز عن تغييره .. تماما مثلما فرضت إسرائيل
دولتها على العالم كله وأصبح الكلام عن حقوق الفلسطينين الآن مجرد "فك
مجالس" أو "طق حنك" كما يقول إخواننا اللبنانيون.
سوف أقصر كلامى كما قلت فى البداية على أسلوب إدارة المفاوضات وأسلوب التفاوض
الذى يصلح تدريسة كحالة عملية عن فشل أى مفاوضات وخطورة هذا الفشل على نتائج تلتزم
بها دولة ويرثها أجيال قادمة .. أقل مايمكن أن أقوله فى الأسلوب الفاشل للمفاوضات من
الجانب المصرى هو أنه قد عصف بالمفاوض المصرى وتركه لعبة فى يد المفاوض الإثيوبى
يوجهه كيف يشاء لكى يحقق من خلالة مكاسب كثير منها لم يكن حتى يحلم باكتسابها لولا
ضعف المفاوض المصرى .. المفاوض المصرى واضح جدا أنه دخل المفاوضات وقد بالغ فى
قيمة نفسه وقدرته على التأثير واقتناعه بقضيته وإيمانه بسهولة إقناع الطرف
الإثيوبى بعدالة قضيته ومن ثم الوصول إلى النتائج التى نريدها .. أما المفاوض
الإثيوبى فقد بنى كل استراتيجية على كسب الوضع والمماطلة وتشتيت الجهد فى تفسير
كلمة أو عبارة وادعاء سوء الفهم وعدم الوضوح (نفس أساليب الصهاينة فى التفاوض).
المفاوض المصرى
اتبع أسلوب الوضوح والإعلان عن النوايا والتنازلات والإغراءات للجانب الإثيوبى
وبالتالى حين يعقد أى اجتماع لايضيع الجانب الإثيوبى وقتا فى تسجيل المكاسب التى
حصل عليها دون جهد ويستمر فى الضغط بهدف الحصول على المزيد .. وساعد على ابتلاع
المفاوض المصرى الطعم ظنه بأن السودان فى جانب مصر ولم يحسب حساب المكاسب التى
تحصل عليها من الجانب الآخر حين تلعب دور الوسيط أو ماأفضل أن أسميه "العميل
المزدوج".
والمتتبع لسير
المفاوضات وتنازلات الجانب المصرى سوف يتأكد مما أقول ويوقن أن قضيتنا خاسرة وأن
الحكم فيها قد صدر من مدة ولم يعد هناك أمل فى تدارك ماحدث ، وإن حدث تنازل من
الجانب الإثيوبى فسوف يرتبط ذلك بمزيد من التنازلات من جانبنا تجعله هو المسيطر
والمتصرف فى إدارة السد المبنى على أرضه.. بالبلدى كده ، سارت المفاوضات فى طريق
مسدود أمام الجانب المصرى منذ البداية، والمفاوض الإثيوبى محدد لهدفه ويستفيد من
تصريحات المفاوض المصرى قبل كل اجتماع ويأتى للإجتماعات مستعدا .. وأوجز سير
المفاوضات للتدلي على ماأقول فيما يلى:
أوقفوا البناء حتى نتفق .. أبدا
لاتملأوا السد
حتي ننتهى من الدراسات الفنية .. أبدا
طب نتفق على المكاتب
الإستشارية .. أبدا
زودوا فتحات المياه بالسد حتى لاتنقطع المياه عن
مصر لو تعطلت التوربينات .. أبدا
سوف ندفع لكم تكاليف
الفتحتين الإضافيتين اللتين إقترحناهما .. برضه أبدا
بس إحنا قاعدين
برضه وبنتفاوض .. ما أعرفش على إيه ......
بذمتكوا لو كنا بنينا السد وقدمناه هدية لإثيوبيا مش كانت تبقى بجميله ويمكن
كانوا سمحولنا نشترك فى إدارته؟
وحتى لايمر المقال
دون أن أنبه أبناءنا الشباب إلى الدروس المستفادة من هذا الموقف المصيرى فإنى أركز
على أهمها وهى:
1-
حين تتفاوض على
قضايا مصيرية لابد وأن يكون المفاوضون محترفون أصحاب خبرة فنية وإدارية حتى لاتتفاوض
مع نفسك .. وواضح النقص الهائل فى عدد الخبراء المطلوبين
فى الوفد المصرى وبعضهم أستاذ وزير الموارد المالية الحالى.
2-
لاتسارع بإعلان
نواياك واستعدادك للتنازل لأن الجانب الآخر سوف يستغل ذلك ويسجله عليك ويقبله ثم يتفاوض
على أكثر منه.
3-
القضايا الإستراتيجية تحتاج لنفس طويل وليست
شو إعلامى .. مفاوضات كامب ديفيد أجريت فى منتجع منعزل ومنع دخول الصحفيين إليه حتى
انتهت المفاوضات وأعلنت نتائجها (فى نظرى أنها كانت أقل مصيرية من سد النهضة الذى يتوقف
علي سوء إدارته كوارث لمصر واقتصادها)
حنلحق نعمل حاجة .. لاأظن .. أصبح السد أمرا واقعا وورقة ضغط تكسر إرادتنا الوطنية
سوف تستغله إسرائيل وأمريكا أسوأ استغلال ..
No comments:
Post a Comment