Thursday, July 10, 2008

إدارة الوقت

حين نتحدث عن الموارد المتاحة فى علم الإدارة فإننا نعنى الناس والأموال والأجهزة والمعدات التى يحتاجها الإنسان ثم الوقت اللازم لإنجاز عمل ما. ذلك يمثل حركة الحياة فى مجملها والتى لاتخرج عن كونها أهداف يسعى الناس لتحقيقها باستخدام الموارد المتاحة فى إطار وقت محدد. وإذا نظرنا إلى كل تلك الموارد وجدنا أنها جميعها – مهما بلغت قيمتها يمكن استعواضها أو أحلالها وتجديدها إذا فقدت أو أصابها العطب، يتساوى فى ذلك الإنسان والماكينات بعد أن تقدم العلم فأصبحت "قطع الغيار" متوافرة للآلات والإنسان على السواء. أما الوقت فهو المورد الوحيد الذى يستحيل استعواضه إذا أضعناه، فلا يستطيع أحد مهما بلغت قدرته وإمكاناته أن يجعل اليوم 25 ساعة أو يزيد فى عمره الذى كتبه الله له ثانية واحدة. الساعات المنتشرة حولنا إذن فى البيت والمكتب والسيارة وأحيانا فى الشارع – إذا كانت تعمل – ينبغى أن تذكرنا بهذه الحقيقة البسيطة والمخيفة فى نفس الوقت فنحاول ان نستغل الوقت فيما ينفعنا وينفع بالتالى وطننا وأمتنا. وبديهى أن دول العالم الثالث التى نحن منها أحوج ماتكون إلى إدراك قيمة الوقت إذا إرادت أن تحفظ ماء وجهها بالتمسك بصفة " النامية " والتى تطلق عليها من باب أدب التخاطب.
قضيت حياتى ولازلت أجاهد فى أن يستخدم من أعرفهم أو طلابى أو من أعمل معهم أن يستخدموا ساعاتهم فى الغرض الذى صنعت من أجله فى ضبط أيقاع حياتهم وتنظيم شئونها فلم أحقق فى ذلك نجاحا يذكر. يستمع الناس لما أقوله فى هذا الشأن، وربما ينبهرون بحرصى الشديد على الوقت ومحافظتى عليه إلا فى حالات القوى القاهرة التى "ترغمنى" على تأخير موعد ما أو إلغاؤه، ثم يعود كل لنمط حياته الذى درج عليه: تلقائية فى التخطيط ، وتلقائية فى الإنجاز، وأعذار جاهزة تصور قضية احترام الوقت فى مصر على أنها أمر ميئوس منه، وكأن الناس قد استراحوا إلى وجود معوقات حولهم تشكل عقبات وتحديات تجعل من الصعب عليهم – لو أرادوا – أن يحافظوا على الوقت. وأنا أقول " لو أرادوا " هنا عامدا، فإنى أعجب من دقة التزامهم بالوقت لو كان الأمر يتعلق بحلقة من مسلسل يتابعونه، أو مباراة ينتظرونها، أو سفر لقضاء أجازه، أو لقاء هام يسعون لإتمامه. هنا يكونون قمة فى الإنضباط ، وتختفى كافة الأعذار، ويكثر نظرهم إلى الساعات التى فى أيديهم ترقبا واستعجالا.
الموضوع إذن يتعلق بشيئ آخر أعمق بكثير من مجرد معوقات تحيط بنا. لابد وأن هناك أسبابا أخرى للقصور الذاتى الذى نعانى منه محكومين وحكاما لايحترمون وقتا معلنا لانتهاء مشروع أو حضور مناسبة والمفروض فيهم أنهم قدوة. نحن مصابون بالعجز عن تقدير الوقت اللازم لأى عمل، و نستريح إلى الطريق السهل فى تعليق التأخير على أسباب أكثرها من صنعنا وليست مفروضة علينا ولاتدخل فى نطاق القوى القاهرة الخارجة عن إرادتنا. أصبح عدم احترام الوقت والاستخفاف به بل " وتحقيره " ثقافة عامة وجريمة قومية نشترك جميعا فيها. إضاعة الوقت وتبديده سرقة ونهب لموارد الوطن تجفف منابع الثروة فيه فتزيدنا فقرا وجهلا وتخلفا لم يفرضه علينا أحد وإنما من صنع أيدينا، ومالم نفعل شيئا سريعا للتداوى من هذا المرض المزمن الذى يفتك بجسم الأمة فلا أمل فى نهضتنا وتطورنا. ومادام سوء تنظيم المرور هو المتهم الأول فى التسبب فى فقدان مصر لملايين من ساعات العمل المنتجة وتحويل الشارع المصرى إلى غابة تحكمها الكلاب المسعورة ممن يفرضون قوانينهم الخاصة لتسجيل رقم قياسى من المخالفات التى لايسجلها أحد ويقودون مركبات لاترقى إلى مستوى الخردة فى أحقر مزابل السيارات فى العالم فتعالوا نطرح بعض الحلول التى تتغلب على تلك المشكلة ، والتى لو نفذت بسوف تساعد على تعظيم قيمة الوقت وزيادة الإنتاجية:
· نحتاج إلى شجاعة فى اتخاذ قرار يسمح لقطاع كبير من الموظفين الذين يمكن قياس عائد عملهم، وليس من الضرورى حضورهم إلى العمل وخاصة السيدات منهم أن يعملوا من منازلهم، وأن يتواصلوا من أماكن عملهم باستخدام التكنولوجيا الحديثة التى تسهل هذا الأمر وتتيح لرئيس العمل أن يتابع عمل مرؤوسيه بنفس الكفاءة كما لو كانوا متواجدين فى أماكن العمل. بهذا يخف الضغط على الشوارع ونوفر الوقود ونقضى على تكدس المكاتب ونحقق الراحة لقطاع كبير من العاملين بالدولة. ولن يكلف ذلك الدولة سوى توفير كمبيوتر لكل موظف ينطبق عليه شروط العمل من المنزل. بل إن الدولة تستطيع أن تجعل الانضمام إلى مثل هذا البرنامج طوعا لمن يريد نظير خصم نسبة بسيطة من الراتب، وأنا على ثقة أن المقبلين عليه ممن يثقل كاهلهم الإلتزامات الأسرية سوف يكونون بعشرات الألوف. أنا هنا أدعوا وزارة التنمية الإدارية أن تتبنى هذا المشروع وتنظمه وتفعله فى كل دواوين الحكومة فى نطاق مسئوليتها عن رفع كفاءة الجهاز الحكومى. وليس فيما أطالب به بدعة، وإنما هو اتجاه عالمى الآن حيث يتوقع الخبراء أن تصل نسبة العاملين الغير المؤقتين والعاملين بعض الوقت حوالى نصف طاقة العمل مع نهاية عام 2009.
· فى المقابل يمكن أن نطبق فى باقى مؤسسات الدولة والقطاع الخاص ( وهو القطاع الذى يتمتع العاملون فيه بسيارات خاصة أو عامة تنقلهم إلى جهات عملهم) مايسمى بنظام "مرونة الوقت" وهو نظام معمول به أيضا فى كثير من الدول الصناعية ويطلق عليه Flexi Time ويقسم هذا النظام الموظفين إلى مجموعات عمل طبقا لتوقيتات الاحتياج إليهم، ويربط حضورهم إلى العمل بمواعيد العملاء الذين يخدمونهم ومقدار الحاجة إليهم وبشرط قضاء ساعات عمل متساوية لكل العاملين، أى أن من يأتى إلى العمل مبكرا ينصرف مبكرا، ومن يأتى متأخرا ينصرف بالتالى فى موعد متأخر طبقا لاحتياج العمل ورغبة الموظف. إننا بهذا نكون قد واءمنا بين احتياجات العمل وكفاءة الأداء، وبين تلبية الاحتياجات الإنسانية للموظفين. ولاشك أن ذلك سوف ينعكس إيجابا على إنتاجيتهم ويحفزهم للإجادة والتميز.
· وأخيرا لابد من رصد الميزانية اللازمة لتحسين المواصلات العامة فى مصر والوصول بها إلى مستوى إنسانى محترم يشجع ملاك السيارات على استخدامها إلى جانب فئات الشعب الأخرى التى تحتاج إلى الانتقال اليومى من وإلى أعمالهم. ولقد كان لدينا تجربة رائدة هى مترو الأنفاق الذى كان قمة فى الانضباط واستخدمه الناس فى تنقلاتهم إلى أن لحق به مايلحق بكل مشروعاتنا من أهمال وتسيب وسوء إدارة فانصرف أصحاب السيارات عنه وتركوه لمن يستطيع أن يجاهد ويناضل على موقع قدم وسط زحام ضاغط وظروف لاإنسانية.
· ثم الناس أنفسهم. لماذا لايتعاون سكان كل عقار فى مصر من بين أصحاب السيارات مثلما يحدث فى الخارج فى استخدام سيارة أو إثنين فقط خلال أيام الأسبوع فى الوصول إلى أعمالهم لو كانت متقاربة أو توصيل أبنائهم إلى نفس المدارس. يستطيع كل مالك سيارة أن يتطوع يوما فى الأسبوع لأداء العمل فيحقق ذلك الراحة لباقى السكان لأسبوع كامل ويوفر استهلاك الوقود ويقضى على تكدس الشوارع بالسيارات، بل ويزيد من الترابط الاجتماعى بين الجيران وأسرهم من خلال التواصل والتواد الذى يوفره العمل الجماعى المنظم .

الفرق بينا وبين الدول الأكثر تقدما فى مسألة احترام الوقت هو أنهم يشاهدون القمر فى السماء فيتملكهم هاجس امتلاكه ويخططون للوصول بالمثابرة والعمل الجاد، بينما نكتفى نحن بالانبهار ونذوب فيه عشقا وهياما. هم يستغلون الوقت فى السفر عبرالزمن فى صواريخ تقربهم من استكشاف غموض الكواكب حولنا لإعمارها بينما نقنع نحن بزحف السلاحف لتحقيق لمجرد النظر والتأمل. يوم العمل المنتج عندهم من 8 – 10 ساعات إنتاج، وعندنا 26 دقيقة فى الحكومة، وحوالى 3 ساعات فى المتوسط فى القطاع الخاص. السلاحف يكفيها عدة أمتار فى متاحف مغلقة تصلح للفرجة على سلالات تنقرض، بينما الصواريخ تحتاج إلى رحابة وفضاء لايحد من انطلاقها . هل أحتاج إلى أن أقول أكثر؟

إدارة الوقت

حين نتحدث عن الموارد المتاحة فى علم الإدارة فإننا نعنى الناس والأموال والأجهزة والمعدات التى يحتاجها الإنسان ثم الوقت اللازم لإنجاز عمل ما. ذلك يمثل حركة الحياة فى مجملها والتى لاتخرج عن كونها أهداف يسعى الناس لتحقيقها باستخدام الموارد المتاحة فى إطار وقت محدد. وإذا نظرنا إلى كل تلك الموارد وجدنا أنها جميعها – مهما بلغت قيمتها يمكن استعواضها أو أحلالها وتجديدها إذا فقدت أو أصابها العطب، يتساوى فى ذلك الإنسان والماكينات بعد أن تقدم العلم فأصبحت "قطع الغيار" متوافرة للآلات والإنسان على السواء. أما الوقت فهو المورد الوحيد الذى يستحيل استعواضه إذا أضعناه، فلا يستطيع أحد مهما بلغت قدرته وإمكاناته أن يجعل اليوم 25 ساعة أو يزيد فى عمره الذى كتبه الله له ثانية واحدة. الساعات المنتشرة حولنا إذن فى البيت والمكتب والسيارة وأحيانا فى الشارع – إذا كانت تعمل – ينبغى أن تذكرنا بهذه الحقيقة البسيطة والمخيفة فى نفس الوقت فنحاول ان نستغل الوقت فيما ينفعنا وينفع بالتالى وطننا وأمتنا. وبديهى أن دول العالم الثالث التى نحن منها أحوج ماتكون إلى إدراك قيمة الوقت إذا إرادت أن تحفظ ماء وجهها بالتمسك بصفة " النامية " والتى تطلق عليها من باب أدب التخاطب.
قضيت حياتى ولازلت أجاهد فى أن يستخدم من أعرفهم أو طلابى أو من أعمل معهم أن يستخدموا ساعاتهم فى الغرض الذى صنعت من أجله فى ضبط أيقاع حياتهم وتنظيم شئونها فلم أحقق فى ذلك نجاحا يذكر. يستمع الناس لما أقوله فى هذا الشأن، وربما ينبهرون بحرصى الشديد على الوقت ومحافظتى عليه إلا فى حالات القوى القاهرة التى "ترغمنى" على تأخير موعد ما أو إلغاؤه، ثم يعود كل لنمط حياته الذى درج عليه: تلقائية فى التخطيط ، وتلقائية فى الإنجاز، وأعذار جاهزة تصور قضية احترام الوقت فى مصر على أنها أمر ميئوس منه، وكأن الناس قد استراحوا إلى وجود معوقات حولهم تشكل عقبات وتحديات تجعل من الصعب عليهم – لو أرادوا – أن يحافظوا على الوقت. وأنا أقول " لو أرادوا " هنا عامدا، فإنى أعجب من دقة التزامهم بالوقت لو كان الأمر يتعلق بحلقة من مسلسل يتابعونه، أو مباراة ينتظرونها، أو سفر لقضاء أجازه، أو لقاء هام يسعون لإتمامه. هنا يكونون قمة فى الإنضباط ، وتختفى كافة الأعذار، ويكثر نظرهم إلى الساعات التى فى أيديهم ترقبا واستعجالا.
الموضوع إذن يتعلق بشيئ آخر أعمق بكثير من مجرد معوقات تحيط بنا. لابد وأن هناك أسبابا أخرى للقصور الذاتى الذى نعانى منه محكومين وحكاما لايحترمون وقتا معلنا لانتهاء مشروع أو حضور مناسبة والمفروض فيهم أنهم قدوة. نحن مصابون بالعجز عن تقدير الوقت اللازم لأى عمل، و نستريح إلى الطريق السهل فى تعليق التأخير على أسباب أكثرها من صنعنا وليست مفروضة علينا ولاتدخل فى نطاق القوى القاهرة الخارجة عن إرادتنا. أصبح عدم احترام الوقت والاستخفاف به بل " وتحقيره " ثقافة عامة وجريمة قومية نشترك جميعا فيها. إضاعة الوقت وتبديده سرقة ونهب لموارد الوطن تجفف منابع الثروة فيه فتزيدنا فقرا وجهلا وتخلفا لم يفرضه علينا أحد وإنما من صنع أيدينا، ومالم نفعل شيئا سريعا للتداوى من هذا المرض المزمن الذى يفتك بجسم الأمة فلا أمل فى نهضتنا وتطورنا. ومادام سوء تنظيم المرور هو المتهم الأول فى التسبب فى فقدان مصر لملايين من ساعات العمل المنتجة وتحويل الشارع المصرى إلى غابة تحكمها الكلاب المسعورة ممن يفرضون قوانينهم الخاصة لتسجيل رقم قياسى من المخالفات التى لايسجلها أحد ويقودون مركبات لاترقى إلى مستوى الخردة فى أحقر مزابل السيارات فى العالم فتعالوا نطرح بعض الحلول التى تتغلب على تلك المشكلة ، والتى لو نفذت بسوف تساعد على تعظيم قيمة الوقت وزيادة الإنتاجية:
· نحتاج إلى شجاعة فى اتخاذ قرار يسمح لقطاع كبير من الموظفين الذين يمكن قياس عائد عملهم، وليس من الضرورى حضورهم إلى العمل وخاصة السيدات منهم أن يعملوا من منازلهم، وأن يتواصلوا من أماكن عملهم باستخدام التكنولوجيا الحديثة التى تسهل هذا الأمر وتتيح لرئيس العمل أن يتابع عمل مرؤوسيه بنفس الكفاءة كما لو كانوا متواجدين فى أماكن العمل. بهذا يخف الضغط على الشوارع ونوفر الوقود ونقضى على تكدس المكاتب ونحقق الراحة لقطاع كبير من العاملين بالدولة. ولن يكلف ذلك الدولة سوى توفير كمبيوتر لكل موظف ينطبق عليه شروط العمل من المنزل. بل إن الدولة تستطيع أن تجعل الانضمام إلى مثل هذا البرنامج طوعا لمن يريد نظير خصم نسبة بسيطة من الراتب، وأنا على ثقة أن المقبلين عليه ممن يثقل كاهلهم الإلتزامات الأسرية سوف يكونون بعشرات الألوف. أنا هنا أدعوا وزارة التنمية الإدارية أن تتبنى هذا المشروع وتنظمه وتفعله فى كل دواوين الحكومة فى نطاق مسئوليتها عن رفع كفاءة الجهاز الحكومى. وليس فيما أطالب به بدعة، وإنما هو اتجاه عالمى الآن حيث يتوقع الخبراء أن تصل نسبة العاملين الغير المؤقتين والعاملين بعض الوقت حوالى نصف طاقة العمل مع نهاية عام 2009.
· فى المقابل يمكن أن نطبق فى باقى مؤسسات الدولة والقطاع الخاص ( وهو القطاع الذى يتمتع العاملون فيه بسيارات خاصة أو عامة تنقلهم إلى جهات عملهم) مايسمى بنظام "مرونة الوقت" وهو نظام معمول به أيضا فى كثير من الدول الصناعية ويطلق عليه Flexi Time ويقسم هذا النظام الموظفين إلى مجموعات عمل طبقا لتوقيتات الاحتياج إليهم، ويربط حضورهم إلى العمل بمواعيد العملاء الذين يخدمونهم ومقدار الحاجة إليهم وبشرط قضاء ساعات عمل متساوية لكل العاملين، أى أن من يأتى إلى العمل مبكرا ينصرف مبكرا، ومن يأتى متأخرا ينصرف بالتالى فى موعد متأخر طبقا لاحتياج العمل ورغبة الموظف. إننا بهذا نكون قد واءمنا بين احتياجات العمل وكفاءة الأداء، وبين تلبية الاحتياجات الإنسانية للموظفين. ولاشك أن ذلك سوف ينعكس إيجابا على إنتاجيتهم ويحفزهم للإجادة والتميز.
· وأخيرا لابد من رصد الميزانية اللازمة لتحسين المواصلات العامة فى مصر والوصول بها إلى مستوى إنسانى محترم يشجع ملاك السيارات على استخدامها إلى جانب فئات الشعب الأخرى التى تحتاج إلى الانتقال اليومى من وإلى أعمالهم. ولقد كان لدينا تجربة رائدة هى مترو الأنفاق الذى كان قمة فى الانضباط واستخدمه الناس فى تنقلاتهم إلى أن لحق به مايلحق بكل مشروعاتنا من أهمال وتسيب وسوء إدارة فانصرف أصحاب السيارات عنه وتركوه لمن يستطيع أن يجاهد ويناضل على موقع قدم وسط زحام ضاغط وظروف لاإنسانية.
· ثم الناس أنفسهم. لماذا لايتعاون سكان كل عقار فى مصر من بين أصحاب السيارات مثلما يحدث فى الخارج فى استخدام سيارة أو إثنين فقط خلال أيام الأسبوع فى الوصول إلى أعمالهم لو كانت متقاربة أو توصيل أبنائهم إلى نفس المدارس. يستطيع كل مالك سيارة أن يتطوع يوما فى الأسبوع لأداء العمل فيحقق ذلك الراحة لباقى السكان لأسبوع كامل ويوفر استهلاك الوقود ويقضى على تكدس الشوارع بالسيارات، بل ويزيد من الترابط الاجتماعى بين الجيران وأسرهم من خلال التواصل والتواد الذى يوفره العمل الجماعى المنظم .

الفرق بينا وبين الدول الأكثر تقدما فى مسألة احترام الوقت هو أنهم يشاهدون القمر فى السماء فيتملكهم هاجس امتلاكه ويخططون للوصول بالمثابرة والعمل الجاد، بينما نكتفى نحن بالانبهار ونذوب فيه عشقا وهياما. هم يستغلون الوقت فى السفر عبرالزمن فى صواريخ تقربهم من استكشاف غموض الكواكب حولنا لإعمارها بينما نقنع نحن بزحف السلاحف لتحقيق لمجرد النظر والتأمل. يوم العمل المنتج عندهم من 8 – 10 ساعات إنتاج، وعندنا 26 دقيقة فى الحكومة، وحوالى 3 ساعات فى المتوسط فى القطاع الخاص. السلاحف يكفيها عدة أمتار فى متاحف مغلقة تصلح للفرجة على سلالات تنقرض، بينما الصواريخ تحتاج إلى رحابة وفضاء لايحد من انطلاقها . هل أحتاج إلى أن أقول أكثر؟

Saturday, July 05, 2008

Types of Followers

Recent books have examined every aspect of leadership. Few have addressed challenges for those of us who follow, that is to say everyone at some time in our lives. There are a few exceptions. Abraham Zaleznik wrote about "The Dynamics of Subordinacy" more than four decades ago. Fifteen years ago, Jack Gabarro and John Kotter published a piece called "Managing Your Boss," in which they advocated: (1) understanding your boss and his or her "goals and objectives, pressures, strengths, weaknesses, blind spots, and preferred work styles"; (2) understanding yourself and your needs, including "strengths and weaknesses, personal style, and predisposition toward dependence on authority figures"; and (3) developing and maintaining a relationship that is centered around such things as frequent communication, an understanding of mutual expectations, dependability and honesty, and selective use of "your boss's time and resources."
Now Barbara Kellerman in her new book, Followership, asks where leaders would be without good followers. This question may be particularly significant in an age when followers find it easier to organize by means of the Internet at the same time that, in Kellerman's opinion, "cultural constraints against taking on people in positions of power, authority, and influence have been weakened." Kellerman goes on to say: "The fact is that followers are gaining power and influence while leaders are losing power and influence." In fact, in recent years we have seen management experiments with teams in which it is difficult to identify a leader.
Kellerman describes five types of followers: isolates (completely detached), bystanders (observers only), participants (engaged), activists (who feel strongly and act accordingly, both with and against leaders), and diehards (deeply devoted). Dismissing the first two groups as antithethical to good followership, and by extension, potentially supportive of bad leadership (as in Nazi Germany), she focuses on behaviors of the other three types. Of these three, "participants" seem to me to offer the most potential for long-term, productive relationships between subordinates and their bosses, particularly in large organizations. Participants work hard either in support of or against the policies and practices of their leaders. As Kellerman puts it, "they care enough … to try to have an impact."
Clearly it's in the best interests of successful leaders to understand and capitalize on the needs of such subordinates. Leaders need to be constantly aware of something that several of us have discovered in our research: Every decision made by a leader—particularly decisions involving hiring, recognizing, and firing people—is judged by 10 or 15 subordinates, who regard the "fairness" of those decisions as one of the most important factors in the quality of their work life.
This observation raises some questions for us. As a follower, what advice would you give to other followers wishing to have an impact on their jobs and organizations? As a leader, what do you do to foster good followership? Why isn't followership addressed by business school curricula along with leadership? Does it belong in a course of study? Or does this just run the risk of deteriorating into a discussion of how to manipulate your boss? What do you think?

Tuesday, July 01, 2008

إدارة التغيير وسد فجوة التخلف

تستفزنى جدا أخبار الإنتصارات العلمية التى أتابعها بصفة دائمة باعتبارها مؤشرا على التقدم الإنسانى لحل مشكلات العالم وتحقيق الرفاهية لسكانه. أفرح لإنى جزء من هذا العالم ولأنى صاحب رسالة أحاول عن طريق أدواتى أن أحدث التغيير فى نطاق مساحة التأثير التى أمتلكها. ولكنى فى المقابل أصاب بمزيج من الإحباط وخيبة الأمل أن العلم لم يتوصل بعد إلى اكتشاف يمكن الدول المتخلفة من أن تعدل جيناتها السياسية والإقتصادية والإجتماعية لكى تلحق بركب التقدم الإنسانى ولو وقوفا فى عربة السبنسة. آخر تلك الانتصارات عن مكوك الفضاء " فينكس" الذى لم يصل فقط إلى المريخ، ولكنه قام بأخذ عينة من القشرة الأرضية بعمق 5ر2 سم وقام بتحليلها فى الفضاء وإرسال النتائج إلى المحطة الأرضية التى تتابعه لكى تقرر ماإذا كان هناك مياه على ظهر هذا الكوكب والذى يبلغ قطره 6785 كيلومترا ويبعد عن الأرض مابين 100 – 380 مليون كيلومترا (طبقا للاختلافات التى تطرأ على المدار) وعما إذا كانت التربة تصلح للزراعة وهل هناك حياة على ظهره.
أما سر ضيقى فهو أن " فجوة التخلف " تزداد اتساعا بيننا وبين دول العالم المتقدم يوما بعد يوم نتيجة للتسارع المخيف فى إيقاع تقدمهم العلمى وتخلفنا، ففى الوقت الذى يتجول فيه مكوك الفضاء ليحقق تلك لمعجزات دون حادث واحد يعوق تحركه أو يؤثر فى دقة توجيهة، لازلنا فى مصر نحاول أن نحسن من مستوى خدمة القطارات لتجنب الأعطال والحوادث الناتجة عن سوء الصيانة. تلك هى للأسف الشديد مساحة الفجوة بيننا وبينهم والتى يمكن مجازا أن نقيسها بالمسافة بين الأرض والمريخ وبين القاهرة وطنطا فى القطار. ولابد أن أتساءل هنا ويتساءل غيرى: وماالعمل وقد أصبح هذا حالنا؟ ألايزال هناك أمل فى أن نلحق ولو من بعيد بركب التقدم العلمى فينصلح حالنا ولو بعد حين؟ وأبادر فأقول : ممكن بشروط بديهية أولها أن نقبل الاعتراف بأننا تخلفنا كثيرا وأننا نزيد تخلفا كلما انتظرنا واكتفينا بالجلوس فى مقاعد المتفرجين، وثانيها أن شيئا لابد وأن يتم لكى تقل الفجوة حتى لو سلمنا بأنه لايمكن سدها بالكامل فى وقت قصير، وثالثها أنه لابد من توافر الإرادة للعمل الجاد المضنى المتواصل لكى نحقق أقصى مانستطيع، ورابعها الأخذ بأسباب العلم فى التخطيط طويل المدى، وخامسها التوقف عن النظر إلى زيادة السكان باعتبارها عورة وإعاقة تزيدنا تخلفا وإنما طاقة جبارة لو – ولو هذه هامة جدا – أحسن استغلالها وتوجيهها. تلك هى الركائز الخمسة التى ينبغى أن توجه كل جهودنا القومية للإفاقة من غيبوبة النوم فى عسل الأوهام الكاذبة الخادعة، وتخدير المسكنات التى تريحنا بعض الوقت من الألم بينما مرض التخلف ينهش فى عظام الوطن بلا رحمة. تعالوا نأخذ عينة من الثوابت التى نريد أن نخطط لاستعادتها كركائز لتغيير مجتمعى يستعيد ثقافتنا وقيمنا وتقاليدنا العريقة وتمثل فى ذات الوقت خريطة طريق للتغيير الذى نحتاجه فى مصر:
· التغيير إدارة وإرادة لذلك فإن إختيار وإعداد قيادات قادرة على إحداث التغيير والتغلب على المقاومة يعد القاطرة التى تقود التدخل الجراحى الذى نحتاجه للإصلاح.لذا لابد من توافر مواصفات خاصة لهؤلاء القادة فى جميع مواقع العمل ليس بينها بالطبع المحسوبية ولا القرابة ولا أن يكونو من أهل الثقة. لابد من وضع منهج ومعاييرموضوعية لاختيار القيادات، فالقيادات الضعيفة الباهتة أو التى تغلب المصالح الشخصية على المصلحة العامة، والتى لم تعد إعدادا علميا كافيا بالدراسة والتدريب تفتقر إلى الرؤية ولاتؤمن بالتخطيط وتتضارب قراراتها وترتعش أيديها أمام القرارات الصعبة التى تكون أحيانا من ضرورات التغيير. وفى بعض المواقع كالتعليم تعتبر القيادات الجاهلة والضعيفة والغير متخصصة كارثة قومية حيث أن لعب العيال هنا سوف يكون فى " عقل الأمة " وليس شيئا آخر.
· منظومة التعليم بحاجة إلى ثورة. وفى عصر تكنولوجيا المعلومات فإن كل عناصرالعملية التعليمية لدينا غاية فى التخلف، وعلى الرغم من كثرة ماقيل ويقال كل يوم فى المؤتمرات التى أصبحت تنافس فى عددها الحفلات التى تقام بالفنادق الكبرى فإن قرارا واحدا لم يتخذ لكى يتغير مسار التعليم بمراحله المختلفة ليلبى احتياجات المجتمع من خريجين تتوافر فيهم المهارات الفنية والجدارات الشخصية التى تؤهلهم لسوق العمل سواء فى مصر أو خارجها. المدارس والجامعات ينبغى أن تتوقف عن "أصدار الشهادات" التى لاتعنى بالضرورة أن حاملها قد تعلم شيئا. والسوق السوداء للتعليم والتى تتحول بفضله عقول الطلاب إلى ماكينات يتم برمجتها بأسئلة وإجابات نموذجية يحفظونها وتكفى لاجتياز الامتحانات والحصول على شهادات رسمية تقنن جهلهم (هناك أكثر من 56% آخرون من شعب مصر أميون دون شهادات). مالم نؤمن أن التربية والتعليم توأمان متلازمان فسوف تظل المدارس والجامعات على أكثر تقدير مجرد نوادى ومقاه يلتقى فيها الشباب لكى يمارسوا بعض الحرية بعيدا عن أعين الأهل. إن الغش والفساد الذى يحاصرنا ماهو إلا نتيجة طبيعية لغياب دور التربية فى المراحل الأولى من التعليم وافتقاد التعاون بين المدرسة والبيت فى متابعة الطالب مثلما كان يحدث من قبل. التربية وجودة التعليم لايمكن ان يكونا لعبة الهواه ممن يجربون عن غير علم فيخربون العقول ويطمسون معالم الشخصية المصرية. التعليم هو البداية لأى إصلاح مجتمعى له قيمة.
· التخطيط الشامل للموارد البشرية باعتبار أن الناس إذا أحسن الإستثمار فيهم أصبحوا قوة ضاربة منتجة وركيزة للتطور والتنمية. ينبغى لنا أن نتوقف عن التعامل مع الزيادة السكانية على أنها عورة ، وأن نستفيد من تجارب شعوب تفوقنا عددا بكثير مثل الصين والهند اللذان يضمان وحدهما ثلث سكان العالم. لماذا لاندرس بجدية مافعلته الدولتان لكى تتحول الطاقة البشرية لديهما إلى طاقة عمل منتجة تتجاوزالوظائف الرسمية، وكيف تحولت الأسر إلى وحدات منتجة تضيف إلى الدخل القومى وتفتح أسواقا خارجية بسلع يحتاجها الناس وبأسعار يصعب منافستها. ولاية " بنجالور" الهندية تصدر وحدها برامج وأجزاء كمبيوتر لحوالى 80% من قطاع الأعمال فى الولايات المتحدة، والمحاسبين الهنود الذين يعملون من منازلهم أو فى مؤسسات صغيرة يقومون بإعداد الإقرارات الضريبية لمن يريد من الأمريكين نظير أتعاب وإرسالها إليهم بالبريد الإلكترونى. حولوا البطالة إلى فرص عمل حقيقية بتفكير غير نمطى لحل المشكلة.
· ثم يأتى دور القانون فى تنظيم حياة الناس وضبط أيقاع الحياة وضمان الفرص المتساوية فى الحقوق والواجبات. ينبغى أن يكون هناك قانون واحد يطبق على الكل بغير استثناء، فالتفرقة بين أبناء الوطن الواحد تعمق الإحساس بالظلم، وتدمر الثقة بالنفس، وتقضى على الولاء للوطن. حق المواطنة يقتضى أن يكون الناس سواسية أمام القانون، وقبضة الدولة لاينبغى أن تسترخى فى التعامل مع الفساد ، ولا مع الاحتكار الذى يستنزف الموارد لمصلحة أفراد " معدودين " ويحول باقى الناس إلى " مهدودين " لايقوون على المساهمة بجهد ولا التطوع بفكر. هناك أناس نهبوا أموال البنوك وهربوا بها، وأناس سمموا شعب مصر بمبيدات فتكت وتفتك بهم كل يوم ومحتكرين يعيثون فى الأسواق فسادا دون رادع بل ويشتركون فى تشريع القوانين التى تحميهم وتحصنهم من العقاب. كل هؤلاء لابد وأن يخضعوا لسلطان القانون فالدول التى لاتحترم مواطنيها تصبح دولا طاردة للعمالة يصاب الناس فيها باليأس ويهربون من الضغوط التى تحاصرهم بشتى الوسائل من جحيم البطالة والفقر والحاجة والظلم والإحباط وفقدان الأمل حتى لو قضوا نحبهم فى قاع البحار أو مجاهل الصحراء أو فى السجون عند القبض عليهم.
الوصول إلى المريخ من أى مكان فى العالم ، ومحاولة الوصول إلى طنطا من أى مكان فى مصر يمثلان حجم فجوة التخلف التى نعيشها، والقرار الصعب الآن هو: هل نسلم بأن ذلك هو قدرنا ولاأمل فى التغيير، أم نؤمن بأن مصر التى أنجبت زويل وفاروق الباز ومجدى يعقوب لديها المزيد غيرهم لو استفدنا بهم فى التصدى الجاد لحجم التحدى فنضع أرجلنا على أول الطريق فيصبح هناك أمل فى مستقبل أفضل ؟ ا