دعيت إلى مؤتمر دولى عن الإتجاهات المعاصرة فى التعليم العالى فى جامعة مصرية كبيرة ، وأصبت بالنكد مرتين : مرة لما سمعته عن خطط إصلاح التعليم فى مصر ، ومرة حين عرضت بحثى عن توجهات التطوير فى العالم من حولنا والفجوة الرهيبة بين مانحن فيه وبين مستقبل التعليم كما يخطط له بالخارج حتى عام 2050.. لدينا فى مصر أكثر من هيئة وجهة خصصت لها الحكومة مبالغ طائلة إلى جانب الإتفاقات الدولية التى تعقد مع الجهات المانحة لتقديم الدعم المالى والفنى كقروض أو منح .. هناك أكثر من جهة وهيئة فى مصر المفروض أنها أنشئت لكى تتولى تطوير التعليم فى مصر أملا فى أن تحتل جامعاتنا مكانا ولو متأخرا فى ترتيب الجامعات وتصنيفاتها دوليا . خصصت الحكومة 2 مليار جنيه للهيئة القومية لضمان جودة التعليم والإعتماد ولمشروع تأهيل الجامعات للحصول على الإعتماد باضافة إلى وحدة للتخطيط الإستراتيجى بوزارة التعليم العالى تتبع الوزير شخصيا ، ومضى أكثر من أربعة سنوات ولم يحقق أيا منهما أهدافه التى كان مقررا لها ثلاث سنوات ، وصرفت الميزانية أو كادت على سفريات ومكافآت وبدلات ورواتب ولم يطرأ أى تحسين فى جودة التعليم المتوسط والجامعى بينما العالم يخطط كما قلت ليصل بهما إلى مسارات فلكية تخرج عن نطاق الجاذبية الأرض إلى أعلى درجات الفضاء الخارجى.
الجهات الثلاثة التى ذكرتها لايربط بينها أى خطة استراتيجية تحدد الأدوار ، وتقوم جميعها بعمل بعضها البعض فى نواحى كثيرة فتتبدد الموارد وتضيع الجهود ولايتحقق أى عائد .. لازلنا فى مصر نتكلم عن تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس فى إلقاء المحاضرات ، وفى تطوير بعض المناهج والمقررات ، وتوفير كتاب جامعى متخلف للطلاب ، وتجهيز معامل بأبسط الأجهزة التى عفا عليها الزمن ونعتبر ذلك إنجازا تستحق أن تحصل الجامعة بموجبه على الإعتماد .. جامعاتنا – وبالقطع مدارسنا – ليس بها دورات مياه آدمية ، وليس بها أماكن ملائمه يستريح بها أعضاء هيئات التدريس ، وفوق هذا وذاك لاوجود لما يسمى بالبحث العلمى الذى هو جوهر العملية التعليمية كلها وبدونه لايمكن أن تدرج جامعاتنا فى أى تصنيف عالمى حتى المتواضع منها .. وفى نهاية المطاف نعرف جميعا المستوى المتدنى لجودة المخرج النهائى وهو الطالب الذى يحمل شهادة بلا علم ولاعمل.. تعالوا نأخذ عينة من توجهات تطوير التعليم العالى بالخارج لكى نعرف حجم الفجوة التى تفصل بيننا وبينهم:
• يفكرون فى الخارج فى إنشاء جامعات "تفصيل" تلبى احتياجات الطلاب وظروفهم من حيث أوقات المحاضرات والبرامج التعليمية المقدمة التى تناسب تلك الظروف بحيث يصبح التعلم متعة وقيمة مضافة وليس عبئا يحتاج إلى ترتيبات خاصة .. سوف يستطيع الطالب بالخارج أن يختار البرامج التى يريد أن يتعلمها بحيث تنمى قدراته أو تخدم عمله ويسقط من حسابه أى برامج أخرى "حشو" تمتلئ بها برامجنا الدراسية .. وسوف يختار الطالب مواعيد الدراسة والإختبارات التى سوف تتطور هى الأخرى لكى تقيس مستوى تحصيل الطالب وليس مستوى حفظه أو "صمه" للمقرر الدراسى ، بل إن الطالب فى نطاق اتفاقات التآخى بين الجامعات فى البلدان المختلفة يستطيع ان يستكمل دراسته فى أى جامعة فى موطنه دون أن يسافر إلى الجامعة التى يريد أن يتخرج فيها.
• ويفكرون فى إلغاء الكتاب الجامعى الذى يرون أنه لم يعد ضروريا فى ظل إنتشار تكنولوجيا الإتصال وسهولة وسرعة الحصول على المعلومات .. سوف يتواصل الأستاذ والطالب إلكترونيا فى أوقات متفق عليها دون حاجة إلى أن ينتقل الطالب إلى الجامعة دون أى ضياع للوقت.. سوف يتحدد إطار عام للمقرر الدراسى الذى اختاره الطالب لنفسه ومتطلبات استيفاء المقرر من خلال البحوث التى يجريها الطالب باستخدام مصادر المعرفة المتاحة فى الموضوع وخبرته الشخصية العملية .. هناك يلغون الكتاب الجامعى بجاذبيته وألوانه والأقراص المدمجة التى تصاحبه ، وهنا لازلنا نحتفظ بأيدينا بكتاب متخلف ردئ الطباعة قديم المعلومات لايفخر أحد باقتنائه ناهيك عن الإحتفاظ به كمرجع.
• التوسع فى الجامعات المؤسسية هو توجه مستقبلى فى الخارج حيث تتولى المؤسسات الكبرى ذات الإمكانات العملاقة إنشاء جامعاتها الخاصة المعتمدة والتى تمنح الدرجات العلمية لطلابها من بين العاملين بها والذين سوف تتجه دراساتهم وأبحاثهم لكى تصب فى تطوير العمل بتلك المؤسسات وزيادة الإنتاج وجودته وتلبية احتياجات السوق من المنتجات التى يحتاجها العملاء ومعها تنمية ذاتية للمجتمعات التى تعمل بها تلك المؤسسات وتعتبر اسهاماتها فى هذا السبيل واجبا عليها ينبغى الوفاء به.
أكبر صدمة اصابت الحاضرين حينما قلت أن الناس فى الخارج يتجهون نحو إلغاء الجامعات تماما بحلول عام 2050 ، وأنهم يفكرون فى توفير ميزانيات الجامعات بمبانيها وصيانتها ومعاملها وقاعاتها وملاعبها وأنهم سوف يستعيضون عنها بمراكز البحوث والنوادى المنتشرة فى كل مكان باعتبار أن المجتمع المدنى شريك فاعل فى النهوض بالتعليم .. الأستاذ الجامعى سوف يشرف على طلابه ويلتحم معهم خارج أسوار الجامعة وسوف يجرون أبحاثهم فى البيئة التى يعيشون فيها والتى يعرفون أكثر من غيرهم احتياجاتها .. نحن أحوج مانكون إلى نوفير المليارات التى اقتطعها الشعب من قوته والتى يستفيد بها فئة الموظفين والمنتعفين من وراء تخريب التعليم ، ونتوقف عن الحديث عن جودة التعليم الذى هو غير موجود أصلا ..!
الجهات الثلاثة التى ذكرتها لايربط بينها أى خطة استراتيجية تحدد الأدوار ، وتقوم جميعها بعمل بعضها البعض فى نواحى كثيرة فتتبدد الموارد وتضيع الجهود ولايتحقق أى عائد .. لازلنا فى مصر نتكلم عن تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس فى إلقاء المحاضرات ، وفى تطوير بعض المناهج والمقررات ، وتوفير كتاب جامعى متخلف للطلاب ، وتجهيز معامل بأبسط الأجهزة التى عفا عليها الزمن ونعتبر ذلك إنجازا تستحق أن تحصل الجامعة بموجبه على الإعتماد .. جامعاتنا – وبالقطع مدارسنا – ليس بها دورات مياه آدمية ، وليس بها أماكن ملائمه يستريح بها أعضاء هيئات التدريس ، وفوق هذا وذاك لاوجود لما يسمى بالبحث العلمى الذى هو جوهر العملية التعليمية كلها وبدونه لايمكن أن تدرج جامعاتنا فى أى تصنيف عالمى حتى المتواضع منها .. وفى نهاية المطاف نعرف جميعا المستوى المتدنى لجودة المخرج النهائى وهو الطالب الذى يحمل شهادة بلا علم ولاعمل.. تعالوا نأخذ عينة من توجهات تطوير التعليم العالى بالخارج لكى نعرف حجم الفجوة التى تفصل بيننا وبينهم:
• يفكرون فى الخارج فى إنشاء جامعات "تفصيل" تلبى احتياجات الطلاب وظروفهم من حيث أوقات المحاضرات والبرامج التعليمية المقدمة التى تناسب تلك الظروف بحيث يصبح التعلم متعة وقيمة مضافة وليس عبئا يحتاج إلى ترتيبات خاصة .. سوف يستطيع الطالب بالخارج أن يختار البرامج التى يريد أن يتعلمها بحيث تنمى قدراته أو تخدم عمله ويسقط من حسابه أى برامج أخرى "حشو" تمتلئ بها برامجنا الدراسية .. وسوف يختار الطالب مواعيد الدراسة والإختبارات التى سوف تتطور هى الأخرى لكى تقيس مستوى تحصيل الطالب وليس مستوى حفظه أو "صمه" للمقرر الدراسى ، بل إن الطالب فى نطاق اتفاقات التآخى بين الجامعات فى البلدان المختلفة يستطيع ان يستكمل دراسته فى أى جامعة فى موطنه دون أن يسافر إلى الجامعة التى يريد أن يتخرج فيها.
• ويفكرون فى إلغاء الكتاب الجامعى الذى يرون أنه لم يعد ضروريا فى ظل إنتشار تكنولوجيا الإتصال وسهولة وسرعة الحصول على المعلومات .. سوف يتواصل الأستاذ والطالب إلكترونيا فى أوقات متفق عليها دون حاجة إلى أن ينتقل الطالب إلى الجامعة دون أى ضياع للوقت.. سوف يتحدد إطار عام للمقرر الدراسى الذى اختاره الطالب لنفسه ومتطلبات استيفاء المقرر من خلال البحوث التى يجريها الطالب باستخدام مصادر المعرفة المتاحة فى الموضوع وخبرته الشخصية العملية .. هناك يلغون الكتاب الجامعى بجاذبيته وألوانه والأقراص المدمجة التى تصاحبه ، وهنا لازلنا نحتفظ بأيدينا بكتاب متخلف ردئ الطباعة قديم المعلومات لايفخر أحد باقتنائه ناهيك عن الإحتفاظ به كمرجع.
• التوسع فى الجامعات المؤسسية هو توجه مستقبلى فى الخارج حيث تتولى المؤسسات الكبرى ذات الإمكانات العملاقة إنشاء جامعاتها الخاصة المعتمدة والتى تمنح الدرجات العلمية لطلابها من بين العاملين بها والذين سوف تتجه دراساتهم وأبحاثهم لكى تصب فى تطوير العمل بتلك المؤسسات وزيادة الإنتاج وجودته وتلبية احتياجات السوق من المنتجات التى يحتاجها العملاء ومعها تنمية ذاتية للمجتمعات التى تعمل بها تلك المؤسسات وتعتبر اسهاماتها فى هذا السبيل واجبا عليها ينبغى الوفاء به.
أكبر صدمة اصابت الحاضرين حينما قلت أن الناس فى الخارج يتجهون نحو إلغاء الجامعات تماما بحلول عام 2050 ، وأنهم يفكرون فى توفير ميزانيات الجامعات بمبانيها وصيانتها ومعاملها وقاعاتها وملاعبها وأنهم سوف يستعيضون عنها بمراكز البحوث والنوادى المنتشرة فى كل مكان باعتبار أن المجتمع المدنى شريك فاعل فى النهوض بالتعليم .. الأستاذ الجامعى سوف يشرف على طلابه ويلتحم معهم خارج أسوار الجامعة وسوف يجرون أبحاثهم فى البيئة التى يعيشون فيها والتى يعرفون أكثر من غيرهم احتياجاتها .. نحن أحوج مانكون إلى نوفير المليارات التى اقتطعها الشعب من قوته والتى يستفيد بها فئة الموظفين والمنتعفين من وراء تخريب التعليم ، ونتوقف عن الحديث عن جودة التعليم الذى هو غير موجود أصلا ..!
1 comment:
صدقت يادكتور فالجودة حينما نبحث عنها فى بلادنا فإننا نبحث عن أسلوب إلقاء المحاضر وهى فى الخارج أصبحت من الأمور البديهية ولكن كيف الإبداع وإنتاج هذا الإبداع وجعله فى بيئة ربحية وتطويره لخروج إبتاكرات أكثر هو دا الكلام وكيفية إستغلال الموارد الإستغلال الأمثل.
Post a Comment