Wednesday, June 08, 2011

دليل المدير الذكى فى الحفاظ على الثورة

الثورات لاتخضع لإيقاع الحياة العادى .. يفور البركان بحمم تتدافع بقوة من فوهته ثم تسيل مندفعه تكتسح فى طريقها كل مايعترضها فتحرقه وتبتلعه وتظل فى اندفاعها وقوتها إلى أن تبرد وتهدأ لتبدأ مرحلة حصر الخسائر وإعادة البنيان والتعايش مع الوضع الجديد الذى ينشأ لكى يفرض واقعا جديدا على أنقاض الوضع القديم .. وطبيعى أن يكون هناك أخطاء ترتكب وقرارات متسرعة تأتى نتيجة لردود أفعال وضغوط تفرضها وتحركها قوة الدفع لحركة الثورة وخلافات فى الرأى والتوجه بين قيادات الثورة وأطياف المجتمع التى شاركت فيها وساندتها وتدافع عنها .. لذلك لايقلقنى ولايخفينى كل مايدور على الساحة فى مصر حاليا من تصارع بين القوى المختلفة، ومايحاك فى الخفاء والعلن من مؤامرات تستهدف "تبريد" الثورة وإعادة تشكيلها والإيحاء بأن الحمم الباردة للبركان يمكن أن تتمحور إلى محاريب وتماثيل يتم نحتها وتوزيعها تذكارات ينتغى بجمالها ومهارة صانعيها وننسى الأصل الذى جاد بالمادة الخام التى صنعنا منها التذكارات.


محترفو الألعاب القذرة من "مرتزقة النظام" الذين احترفوا تلك المهنة لمدة طولة وتمرسوا عليها كانوا وسيظلوا هم أصحاب المصلحة الحقيقية فى تأجيج الخلافات بين الثوار، وإشعال الفتن، واختلاق الأزمات ، وبث روح الفرقة والصدام .. لن يستسلموا بسهولة لطوفان التغيير الذى يهدد كل مانهبوه لأكثر من ثلاثين عاما ، ولايمكن أن يقبلوا بسهولة أن يتنازلوا عنه أو يسلموا بجرائم تضعهم خلف القضبان وقد تودى ببعضهم إلى الإعدام جزاء على جرائم القتل المنظم التى ارتكبوها فى حق أصحاب مصر الحقيقيين .. عصابات الحزب الوطنى تستخدم أقوى سلاح يملكونه الآن بعد أن فشلت تجارب البلطجة المنظمة فى إخافة الناس وإشاعة الإحساس بعدم الأمان والخوف والفزع بين الناس، وذلك بتشتيت "قوة الدفع الثورى" لإضعاف قوتها وتفرقها شيعا وأحزابا وجماعات "وائتلافات" تتنازع فيما بينها على أيها أحق بتمثيل الثورة والكلام باسمها وفرض إرادتها وتحقيق أهدافها كاملة .. وطبيعى حين يحدث ذلك – دون وجود قيادة موحدة يجتمع تحت لواءها كافة الإئتلافات _ ألا يتحقق الإجماع على رأى ولا توجه ولا استراتيجية ولا حتى تكتيكات تحقق أهداف أنبل ثورة فى التاريخ .. أعداء الثورة من عصابات وفلول الحزب الوطنى لديهم قنابل موقوتة مخبأة فى كل مكان يرتاده الثوار، وهم يشعلون فتائل تلك القنابل فى أكثر من مكان فى توقيتات محسوبة ومخطط لها بعقلية الإرهابيين المتمرسين فى أحداث أكبر ضرر ممكن حين تنفجر القنابل مرة على شكل فتنة طائفية تذرع بذور الكراهية والحقد والرغبة فى الإنتقام بين المصريين، ومرة على شكل "بلطجة شعبية" تقطع الطرق وتخرب المنشئات، وتعطل مصالح الناس حتى تتحقق مطالبهم، ومرة على شكل اعتصامات وإضرابات تشل حركة الحياة وتدفع فى اتجاه الصدام بين الشعب والجيش تمهيدا لحرب أهلية.

تأجيج المشاعر والإتجاه بالثورة فى مناح تحيد بها عن أقصر الطرق لتحقيق الأهداف والعمل على ألا يجتمع الثوار على كلمة أو قيادة تمثلهم كلها كروت يلعب بها مقامرون خطيرون وصلوا إلى مرحلة الحيوان الجريح المحاط بصياديه، وأنهم لن يخسروا شيئا لو قامروا بما تبقى لديهم – وهو كثير – لكى يستعيدوا جزءا مما كانوا فيه ، أو توسيع نطاق التخريب قبل أن يودعوا حياة الرفاهية والتكبر والتجبر والتعالى التى كانوا يعيشونها.. وكلما هدأت الأمور قليلا دعوا إلى مؤتمر موسع يرفع لافتة "الحوار" ويحشدون فيه بلطجية يتخفون فى ملابس الشرفاء ويحملون أسماءهم يتآمرون فى العلن ويثيرون قضايا تخرج عن سياق الأحداث مستخدمين سلاح "الرفض" لكل ماتم حتى الآن والرجوع إلى المربع واحد من جديد وكأن الثورة لم تقم وكأن شيئا لم يتحقق على الإطلاق منذ أن قامت .. يستدرجون إلى جلسات "مؤامراتهم" حسنى النية من الوطنيين الذين ينادون بالحوار مع كافة الأطياف دون إقصاء لأحد متناسين دم آلاف الشهداء والمعتقلين والمنهوبين وحق القصاص العادل لشعب سلب ونهب وتم إذلاله ولايزال من فعلوا ذلك يتمسكون بحقهم فى حجز كراسيهم على طاولة الحوار رفض كل شيئ يؤدى إلى تحقيق أهداف الثورة.

ياشباب الثورة ، جبهة واحدة قوية بقيادات تتحدث باسمكم هى السبيل الوحيد لاستكمال مسيرة الثورة. ولايمكن لعاقل أن يتخيل أن هناك أكثر من مائتى إئتلاف يمثل الثورة، وتتوه الحقيقة بين نبل المقاصد وشرعية المطالب ، وينفرط عقد الإجماع، وتتشتت القوى، وتتصارع الأهداف ، وتندس العناصر التى تجيد التخفى فى مسوح الثوار لكى تفسد الصورة الجميلة وتنفث سمومها بين الصفوف تدبر لانقلاب على الثورة بقيادة مماليك الحزب الوطنى المنحل رسميا النشط فعليا والمتربص بمن أذاقوه من نفس الكأس التى كان يفرض تجرعها على شعب مصر على أنها العسل وهى فى حقيقة الأمر سما زعافا.

No comments: