Monday, May 30, 2011

دليل المدير الذكى فى إدارة الحوار الوطنى

حوار يعنى حوار، وليس معنى آخر لو غيرنا حرفا فى الكلمة ، ولكى يكتمل الحوار فمن البديهى أن يجمع كل اطياف المجتمع وفئاته وشرائحه من المثقفين والكتاب والفنانين والعمال والفلاحين وأساتذة وطلاب الجامعات، وكلهم كانوا ممثلين فى ملايين المصريين الذين قاموا بثورة 25 يناير وحققوا بتوفيق من الله وإصرارهم واستشاهدم ومساندة الجيش معجزة الإطاحة بنظام حكم فاسد تعفن بعد أن انتهت صلاحيته منذ عقود ولكن أصحابه من التجار الفاسدين أصروا على أن ينحشر فى حلوق المصريين يبتلعونه على مضض قبل أن ينزل إلى أمعائهم مخلوطا بالقليل من الطعام الملوث بالمبيدات السامة التى أجازها النظام لكى تمتلئ خزائنه العمولات التى يتقضاها على بيع كل موارد مصر وتخريب مالا يصلح للبيع .. السؤال هو : من يدير هذا الحوار ومن يحضره ممثلا لكل الشرائح التى ذذكرناها ومن الذى يختار هؤلاء لكى يمثلوا شعب مصر الثورة؟


بدأ الحوار حكوميا وفشل من أول جلسة ، وتغيرت الوجوه لكى يبدأ من جديد بنفس الإسم مع استمرار الحوار الحكومى وتغيير إسمه إلى "الوفاق الوطنى" حفظا لماء الوجه .. أصبح لدينا حوارات يتباريان على استمرار العرض واستخلاص النتائج والخروج بها إلى الناس على أنها إنجاز وطنى كبير ، لكى تزداد حيرة الناس فى أى الحواريين يمثل آراءهم ومن الذى فوض من يتحدثون باسمه ويعبرون عن آماله ويعرضون مشاكله ورؤاه عن مستقبل البلد الذى ثار لكى لكى يحققه ؟ دخل الشباب قاعة الحوار التى دعوا إليها ليجدوا أن "خدام" النظام السابق يحتلون كراسى الحفل ويديرون حواراته ولجانه ، ولم يكن لذلك أى معنى سوى أن العرض سوف يستمر ولاأمل فى إصلاح وأن من اشتركوا فى التخريب والفساد بالأمس ولو بالسكوت عليه هم نفس الوجوه التى دعيت للمؤتمر لكى تضع خريطة مصر مابعد الثورة .. رموز لم يكن لدى أحد منهم شجاعة الكلام ولا الإستقالة ولا حتى الإنضمام إلى حزب قائم يفضح من خلاله ممارسات النظام إذا لايستطيع أن ينشئ حزبا ، ولكنهم يجلسون بكل جرأة لكى يحاوروا جيل الثورة فى إصلاحات لم يكفهم ثلاثين عاما كانوا فيها فى مواقع السلطة ولم يتحقق منها شيئ .. كيف نلوم الشباب على رفضهم الحوار مع هؤلاء باعتبارهم أعداء الثورة بالضرورة ، وكيف ترتفع الأصوات "العاقلة" الآن تنادى بالديموقراطية التى تفرض الرأى والرأى الآخر ؟

قلت أن العرض مستمر حتى لو تغيرت الوجوه وإليكم دليل واحد لم ينتبه إليه أحد .. الحوار الحكومى الذى لم يستمر سوى جلسة واحدة لفشله بإجماع آراء من حضروه قانم بتنظيمه وإدارته مركز المعلومات الذى لايزال تابعا لمجلس الوزراء وشاركت أحدى مديرات المركز فى إدارة الحوار .. نفس المديرة التى كانت الرموز المرفوضة الحاضرة للحوارات الدائرة حاليا بمسميات مختلفة ضيوفا دائمين على المؤتمرات التى تنظمها باسم المركز لمناقشة قضايا صرف عليها الملايين من أموال المعونات الأجنبية وميزانية الدولة على السواء لكى تناقش قضايا "مستوردة" لاعلاقة لها بالشعب المصرى يساندها إعلام رسمى يظهرها على أنها إنجازات رائعه ويتيح لمن حضروا تلميعا إعلاميا يذكر قيادات الفساد بهم إذا ماخلا كرسى حول طاولة المتآمرين على مستقبل مصر.. نفس المركز الذى كان يديره أحمد عز من وراء ستار – والذى قادت "الوفد" حملة بالمستندات ولم يجرؤ أحد من قيادات المركز على إرسال تكذيب واحد لما ورد بها من وقائع هى الآن محل تحقيق عدد من الجهات – هو الذى يساعد فى إدارة الحوار الوطنى بنفس المديرة التى شاركت فى إدارة الحوار الحكومى من قبل .. هل هناك ضحك على العقول أكثر من ذلك ؟ وهل هناك نتيجة ترجى من حوارات يدعى إليها من نعرفهم فى ظل النظام السابق بدلا من أصحاب المصلحة الحقيقيين فى إزالة آثار العدوان الذى وقع على مصر بأيدى هؤلاء ؟

لازلنا نحتاج إلى "الإفراج" عن مصير مصر من أيدى هؤلاء، ولازلنا نحتاج من حكومة شرف أن تنظف صفوفها من بقايا من كانوا أعضاء بارزين فى مؤسسات النظام المخلوع حتى لايلوثها ماعلق بأيديهم من فساد ودماء لشهداء الثورة .. مؤسسات كان يديرها "طبال" نظام مبارك بإشارة من يده ويسخرها لخدمة الحزب، يسانده مهندس اقذر عملية "بغاء سياسى" فى تاريخ مصر وجوقة من المنشدين تحايلت ثلاثين عاما تبيع الوهم وتنشر الفساد وتحاول أن تجعل من الكباريه كعبة .. وإذا كان قضاء مصر العادل يثقل كاهله الآن حجم تلك المفاسد المتهم بها رؤوس النظام الموجودون الآن خلف القضبان ، فإن ذيولهم وأتباعهم لايزالون طلقاء يمارسون أدوارهم القديمة بواجهات جديدة وصلت إلى دوائر الحوار الوطنى لوضع خريطة مصر المستقبل وينبغى أن يشملهم الدور قبل أن يمكنوا من التغلغل فى مؤسسات تحاول أن تتطهر والإشتراك فى لعب أخطر الأدوار فى تقرير مصير الوطن .. ولرئيس الحكومة نقول: كان النظام المخلوع "يعاند" الشعب فيبقى على من يطالب الناس بإقالته أو محاسبته ويقصى الشرفاء – وأنت منهم – لذلك نثق أنك سوف تعيد النظر حولك بإمعان وتتخلص ممن سوف يسيئ بقاءهم فى حكومتك إلى ماضيك المشرف ، ويأكل من رصيدك لدى ثوار التحرير الذين نصبوك نائبا عنهم فى إدارة حكومة الثورة.

No comments: