لدينا فى مصر أكثر من كيان إنشئت فى عهد مبارك بأسماء براقة الغرض منها كما أعلن التنمية المجتمعية مثل وزارة السكان والصندون الإجتماعى والمجلس القومى للأمومة والطفولة ووزارة التضامن الإجتماعى .. وزارات ومؤسسات يتبعها هيئات يعمل بها عشرات الألوف من الموظفين ويصرف عليها مئات الملايين كل عام من ميزانية الدولة لكى تحقق أهدافا نبيلة ليتها تحققت ولم تظل أحلاما تراود الخيال ويتم استغلالها فى جلب المعونات الخارجية التى تنتفخ بها جيوب رأس النظام وأسرته وأعوانه، والقروض التى تثقل كاهل مصر ويسددها الشعب من قوته دون عائد يسهم ولو بقدر ضئيل فى تحسين أحوال الغالبية العظمى من شعبنا العظيم .. إنتظرنا من تلك المؤسسات أن تعمل معا فى تكامل لو حدث لكنا قضينا على البطالة والفقر والمرض وغيرها من الأمراض الإجتماعية المزمنة التى ابتلينا بها فى عهد مبارك ، ولكن المشكلة أن كل تلك الكيانات لم تنشأ أصلا لكى تؤدى أدوارا فاعلة لنهضة الأمة وإنما واجهات تبرر أنشطة زوجة الرئيس المخلوع ، أو "الهانم" كما كانوا يسمونها، وديكورات تبرر صرف الميزانيات المليونيةعلى الإجتماعات والسفر والمؤتمرات وجيوش الموظفين من أصحاب الحظوة أبناء وأقارب ومعارف كبار المسئولين فى الدولة من الموجودين خلف القضبان الآن وأتباعهم وذيولهم ممن سيلحقون بهم فى القريب العاجل.
أقول ذلك وفى ذهنى نموذج لفرد واحد إستطاع دون مؤسسات ولاهيئات ولا مجلس قومية ولا حتى مقار مريحة ولا سيارات فارهة أو طائرات يتنقل بها أن يغير أمة بأكمها، ويمسح عن وجهها عار الفقر والأمية والتخلف بمشروع بدأ بسبعة وعشرين دولارا أخرجها الرجل من جيبه وأقرضها دون ضمانات لعدد من فقراء بلده واشترط عليهم أن يسددوها له حين ميسرة .. وثق بهم فلم يخيبوا ظنه وبدأ بهم تجربة رائدة تدرس فى كليات الإقتصاد فى العالم والمؤسسات المالية العالمية والبنك الدولى إلا فى مصر حيث كانت مثل تلك المشروعات تمثل تهديدا لمصالح النخبة وتفوت الفرصة على اللصوص والنهابين لثروات الشعوب وتقضى على الفساد والمتاجرة بأحلام الفقراء البسطاء فى حياة كريمة.. ظل نظام مبارك يلوم الشعب على حالة الفقر التى وصلنا إليها (40% تحت خط الفقر ومثلهم على خط الفقر) نظرا لتكاثرنا كما لو كان أى شعب فى الدنيا يظل ثابتا على حاله دون زيادة سكانية، ويعايرنا بافتقاد الحس الوطنى لأننا نزيد بمقدار مليون نسمة سنويا كما لو كان ذلك سببا وحجة لتدهور الأحوال الإقتصادية والإجتماعية والثقافية وإنتشار الأمية وتفشى الأمراض، فى الوقت الذى صدعوا به رؤوسنا بخطط التنمية الوهمية .. أقنعونا أننا دولة فقيرة معدمة جفت مواردها بسبب استهتارنا كشعب يعطل كل خطط التنمية بينما كانت كروشهم تكبر وتتورم من الثروات التى ابتلعوها ولم يكن يتصور أكثر الخيالات جموحا أنها بهذا الحجم وعروشهم تعلو بعيدا عن مستوى الشارع لتبلغ عنان السماء فى أبراج عاجية عازلة للصوت تمنع عنهم آهات المظلومين المنهوبين باعتبارهم عورة ينبغى إخفاؤها.
إخترت تجربة بنجلاديش – وترتيبها الثامن من حيث الكثافة السكانية فى العالم – لأنها أكثر فقرا من مصر وتعانى من نفس الأمراض الإجتماعية المزمنة التى خلفها لنا نظام مبارك، لكى نبطل بالعلم كل الأكاذيب التى ابتلعناها خلال ثلاثة عقود مضت .. بنجلاديش التى نتحدث عنها يبغ تعدادها 140 مليون نسمة (طبقا لتعداد 2000) يعيشون على مساحة 144 ألف كيلومتر مربع أى أن الكثافة السكانية تبلغ 1000 مواطن فى الكيلومتر المربع تقريبا بواقع متر مربع لكل مواطن ويتوقع أن يبلغ عدد السكان 158 مليونا فى عام 2011 ويمثل الذكور 23ر53% من عدد السكان ، والإناث 13ر48% .. أنفصلت مع باكستان عن الهند عام 47 وحصلت على استقلالها عن باكستان عام 71 وقاست العديد من المجاعات والكوارث الطبيعية ولكنها الآن دولة ديموقراطية برلمانية.
أما الرجل الذى آمن بفكرة وشرع فى تنفيذها وأصر على نجاحها بفكر علمى بسيط ولكنه مخلص ووطنى فلم يكن فى موقع مسئولية ، ولاصاحب منصب رسمى فى حكومة بلده ، ولا جاه يزيل العوائق من أمامه ويجعله يتخطى عقبات تنوء بها الجبال فى سبيل تحقيق الأهداف التى وضعها لنفسه وبدأها منفردا بمغامرة محسوبة .. هذا الرجل هو محمد يونس أستاذ اقتصاد حصل على الدكتوراه من أمريكا بمنحة دراسية مجانية ولكنه عاد إلى بلده وقريته التى ولد بها لكى ينفذ مشروعه الذى بدأه بسبعة وعشرين دولارا كما قلت ، وانتهى بتأسيس بنك للفقراء أسماه "بنك جرامين" أى بنك القرية باللغة البنغالية والذى له الآن أكثر من 1178 فرعا فى جميع أنحاء العالم بما فى ذلك الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، ويعمل به مايزيد عن 11777 موظفا ويبلغ إجمالى القروض الصغيرة التى منحها البنك لعملائه من الفقراء منذ إنشائه فى عام 83 حتى الآن 9ر3 بليون دولار والذى أصبح شعاره " عالم بلا فقر " .. حصل إسم البنك على جائزة نوبل فى العمل الإجتماعى على اعتبار أن ماتحقق يعد تنمية مجتمعية متكاملة تضافرت فى تحقيقها جهود جيش من المؤمنين بالفكرة المصرين على إنجاحها مهما قابلوا من صعاب وعراقيل وتحديات وأرسوا قواعد ثقافة بنكية جديدة تسمى " القروض متناهية الصغر".. قصة لابد أن تحكى لكى يتضح لنا الفارق بين مايمكن أن يحققه أصحاب الرسالات من خدام الشعوب، وأصحاب المعالى ممن تخدمهم الشعوب.. وللحديث بقية.
أقول ذلك وفى ذهنى نموذج لفرد واحد إستطاع دون مؤسسات ولاهيئات ولا مجلس قومية ولا حتى مقار مريحة ولا سيارات فارهة أو طائرات يتنقل بها أن يغير أمة بأكمها، ويمسح عن وجهها عار الفقر والأمية والتخلف بمشروع بدأ بسبعة وعشرين دولارا أخرجها الرجل من جيبه وأقرضها دون ضمانات لعدد من فقراء بلده واشترط عليهم أن يسددوها له حين ميسرة .. وثق بهم فلم يخيبوا ظنه وبدأ بهم تجربة رائدة تدرس فى كليات الإقتصاد فى العالم والمؤسسات المالية العالمية والبنك الدولى إلا فى مصر حيث كانت مثل تلك المشروعات تمثل تهديدا لمصالح النخبة وتفوت الفرصة على اللصوص والنهابين لثروات الشعوب وتقضى على الفساد والمتاجرة بأحلام الفقراء البسطاء فى حياة كريمة.. ظل نظام مبارك يلوم الشعب على حالة الفقر التى وصلنا إليها (40% تحت خط الفقر ومثلهم على خط الفقر) نظرا لتكاثرنا كما لو كان أى شعب فى الدنيا يظل ثابتا على حاله دون زيادة سكانية، ويعايرنا بافتقاد الحس الوطنى لأننا نزيد بمقدار مليون نسمة سنويا كما لو كان ذلك سببا وحجة لتدهور الأحوال الإقتصادية والإجتماعية والثقافية وإنتشار الأمية وتفشى الأمراض، فى الوقت الذى صدعوا به رؤوسنا بخطط التنمية الوهمية .. أقنعونا أننا دولة فقيرة معدمة جفت مواردها بسبب استهتارنا كشعب يعطل كل خطط التنمية بينما كانت كروشهم تكبر وتتورم من الثروات التى ابتلعوها ولم يكن يتصور أكثر الخيالات جموحا أنها بهذا الحجم وعروشهم تعلو بعيدا عن مستوى الشارع لتبلغ عنان السماء فى أبراج عاجية عازلة للصوت تمنع عنهم آهات المظلومين المنهوبين باعتبارهم عورة ينبغى إخفاؤها.
إخترت تجربة بنجلاديش – وترتيبها الثامن من حيث الكثافة السكانية فى العالم – لأنها أكثر فقرا من مصر وتعانى من نفس الأمراض الإجتماعية المزمنة التى خلفها لنا نظام مبارك، لكى نبطل بالعلم كل الأكاذيب التى ابتلعناها خلال ثلاثة عقود مضت .. بنجلاديش التى نتحدث عنها يبغ تعدادها 140 مليون نسمة (طبقا لتعداد 2000) يعيشون على مساحة 144 ألف كيلومتر مربع أى أن الكثافة السكانية تبلغ 1000 مواطن فى الكيلومتر المربع تقريبا بواقع متر مربع لكل مواطن ويتوقع أن يبلغ عدد السكان 158 مليونا فى عام 2011 ويمثل الذكور 23ر53% من عدد السكان ، والإناث 13ر48% .. أنفصلت مع باكستان عن الهند عام 47 وحصلت على استقلالها عن باكستان عام 71 وقاست العديد من المجاعات والكوارث الطبيعية ولكنها الآن دولة ديموقراطية برلمانية.
أما الرجل الذى آمن بفكرة وشرع فى تنفيذها وأصر على نجاحها بفكر علمى بسيط ولكنه مخلص ووطنى فلم يكن فى موقع مسئولية ، ولاصاحب منصب رسمى فى حكومة بلده ، ولا جاه يزيل العوائق من أمامه ويجعله يتخطى عقبات تنوء بها الجبال فى سبيل تحقيق الأهداف التى وضعها لنفسه وبدأها منفردا بمغامرة محسوبة .. هذا الرجل هو محمد يونس أستاذ اقتصاد حصل على الدكتوراه من أمريكا بمنحة دراسية مجانية ولكنه عاد إلى بلده وقريته التى ولد بها لكى ينفذ مشروعه الذى بدأه بسبعة وعشرين دولارا كما قلت ، وانتهى بتأسيس بنك للفقراء أسماه "بنك جرامين" أى بنك القرية باللغة البنغالية والذى له الآن أكثر من 1178 فرعا فى جميع أنحاء العالم بما فى ذلك الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، ويعمل به مايزيد عن 11777 موظفا ويبلغ إجمالى القروض الصغيرة التى منحها البنك لعملائه من الفقراء منذ إنشائه فى عام 83 حتى الآن 9ر3 بليون دولار والذى أصبح شعاره " عالم بلا فقر " .. حصل إسم البنك على جائزة نوبل فى العمل الإجتماعى على اعتبار أن ماتحقق يعد تنمية مجتمعية متكاملة تضافرت فى تحقيقها جهود جيش من المؤمنين بالفكرة المصرين على إنجاحها مهما قابلوا من صعاب وعراقيل وتحديات وأرسوا قواعد ثقافة بنكية جديدة تسمى " القروض متناهية الصغر".. قصة لابد أن تحكى لكى يتضح لنا الفارق بين مايمكن أن يحققه أصحاب الرسالات من خدام الشعوب، وأصحاب المعالى ممن تخدمهم الشعوب.. وللحديث بقية.
No comments:
Post a Comment