أنظر حولى فإرى الحياة تتبدد والناس تتصرف كما لو كان العمر مشوارا نحدد طوله ونقرر متى وكيف نقطعه .. ألغى الناس عنصر الوقت من حساباتهم وأصبحوا يرتدون الساعات استكمالا للمظهر العام وليس لحساب الوقت والإلتزام به .. أليست نكتة سخيفة أن تحاصرنا أدوات ضبط الوقت فى كل مكان نذهب إليه ولكننا نتجاهلها ولانلتفت إليها ؟ ساعات الحائط فى كل مكان ، أجهزة المحمول تظهر الوقت على الشاشة ، والساعات أشكال والوان نرتديها حول معاصمنا ولكننا نصر فى كل مانفعل أن نؤكد على عدم فائدتها وضآلة قيمتها.. حجم الفرص الضائعة عندنا يساوى حجم عدم تنظيم الوقت واحترامه ، والخسارة الناتجة عن ذلك جسيمة وهائلة على المستوى الشخصى والمستوى القومى والإقليمى .. حسن إدارة الوقت ثقافة نفتقدها ، أما "قتل الوقت" فصناعة مصرية تحتل مكانا مرموقا فى موروثاتنا الثقافية على كل مستويات وشرائح المجتمع ، وتعالوا نأخذ بعض الأمثلة على تفننا فى إهدار الوقت:
أصبنا بما يمكن أن نسميه "شهوة الكلام" حتى لأدهش من الذى يستمع فى مصر. خمسة وخمسين مليونا من المصريين يحملون تليفونا يصاحبهم فى أى وقت وفى أى مكان بصورة مرضية توحى باخترع يسمح بأن يصبح المحمول جزءا من الأذن حتى لايضطر أحد إلى تحمل عبء فتح وإغلاق التليفون أو إعادته إلى جيبه أو جرابه حين الرد على مكالمة أو الإنتهاء منها .. شعب يصرف 36 مليار على الكلام كل سنة ، ولو حسبنا العائد على الدخل القومى من وراء ذلك فلن يتجاوز 10% والباقى يدخل فى جيوب شركات المحمول الثلاثة بالإضافة إلى مايصرف على التليفونات الأرضية .. لايمكن أن نسمى مايحدث "صناعة الإتصالات" بل نسميها وبحق "صناعة الكلام" ويحق لنا أن نسجل الإسم وحق الإختراع إذا لزم الأمر.
زادت مشكلة المرور تعقيدا لأسباب لانعلمها بعد ثورى يناير وأصبحت وجعا قوميا مزمنا يسيطر على المراكز العصبية لمصر ويصيبها بالشلل فى معظم الأحيان بعد أن حظينا بسلوك متحضر فى الشارع من قائدى السيارات لأسابيع قليلة عادت بعدها "ريمة لعادتها القديمة" ، وبحسبة بسيطة للوقت الضائع فى الذهاب إلى العمل والعودة أو فى حضور اجتماع أو قضاء الحاجات اليومية سوف نكتشف أننا نضيع ربع حياتنا على الأقل داخل وسائل المواصلات المختلفة أو داخل سياراتنا على حساب الإنتاج وزيادة الناتج القومى .. بل إن الأخطر من ذلك أننا نحتاج إلى مزيد من الوقت لكى نعالج توابع التلوث الذى يحدثه عادم تلك السيارات بأنواعها المختلفة وموديلاتها القديمة وحالتها المتردية ، وسواء اقعدنا المرض فى المنزل أو فى المستشفى فإن النتيجة المؤكدة أننا نضيع مزيدا من الوقت حين نؤجل الحلول الجذرية للمشاكل فتصبح مزمنة أو مستعصية تحتاج لمزيد من الوقت للتصدى لها .. أكثر من 50% من الفاقد فى الناتج القومى الإجمالى يرتبط بتصلب شرايين الشارع المصرى بصورة تجعل العاصمة تعيش على جهاز التنفس الصناعى .
• عشق الإجتماعات فى مؤسساتنا أكبر مضيعة للوقت حين تتحول تلك الإجتماعات إلى "مكلمات" وفرصة للفضفضة أو لتبادل الإتهامات أحيانا .. وكثير من اجتماعات العمل لايحدد لها جدول أعمال ولاإطار زمنى تبدأ وتنتهى عنده ، وحتى لو كان هناك جدول أعمال قلامانع من الخروج عليه للأعلى صوتا الذى يريد أن يفرض إرادته على الآخرين .. الإجتماعات مالم تنتهى بالإتفاق على شيئ وتوزع التكليفات ويتم متابعة تنفيذها تتحول إلى لقاءات نميمة أو مناسبة اجتماعية للدردشة .. أكثر من نصف الوقت المخصص للعمل يضيع فى اجتماعات لالزوم لها لمناقشة موضوعات روتينية بسيطة يمكن التعامل معها واتخاذ قرارات سريعة بشأنها دون إضاعة وقت فريق العمل الذى حضر الإجتماع .. الناس فى مصر يحسبون وقت الإجتماع بحساب الفرق بين وقت بدء الإجتماع وانتهائه ، ولكن الصحيح هو أن وقت أى إجتماع ينبغى أن يكون حاصل ضرب عدد الحاضرين فى الوقت الذى استغرقه الإجتماع.
السرد والتكرار والإستطراد ملامح تحدد نمط التواصل بيننا .. نحن حكائون بطبعنا والقصة التى نحكيها نعيدها أكثر من مرة بسيناريوهات وطرق مختلفة زيادة فى التأكد من أن الرسالة التى نريد أن تصل للطرف الآخر .. نفعل ذلك حتى فى أبسط الأمور التى لاتحتاج إلى شرح كثير والمقدمات فى كثير من الأحيان تكون أطول من الموضوع نفسه ودائما مايسرقنا الوقت فلا نجد وقتا كافيا لقول المفيد بعد أن استهلكنا الوقت فى المقدمة للموضوع والتمهيد له .. ويكفى مشاهدة أى برنامج حوارى لكى نتأكد من أن مايدور ليس "حوارا" بين طرفين وإنما عزف منفرد للمتكلم دون أن يلقى بالا للوقت ولا لحق الآخرين فى التعبير عن أرائهم.. ومهما جاهد مقدم البرنامج أو مقدمته لكى تذكر الضيف بأن الوقت يداهمهم، كلما أصر الضيف على الإستفاضة وتكرار ماقال بطرق أخرى، دون مراعاة لحق باقى الضيوف فى طرح آرائهم فى القضية المثارة، وينتهى الوقت ولاتزال الأسئلة التى بدأ بها النقاش عالقة فى الهواء وبذلك يضيع وقت الهواء ووقت المشاهدين على السواء .. نحن إذن بحاجة إلى إعادة تربيه لأسلوب التواصل واحترام الوقت فى البيت والعمل والجامعة والشارع فى المرحلة القادمة التى نعيد فيها تشكيل مستقبل مصر، وليتنا ندرك أن الوقت هو المورد الوحيد المتاح لنا فى الحياة الذى حين نضيعه ونهدره فلا يمكن تعويضه.
أصبنا بما يمكن أن نسميه "شهوة الكلام" حتى لأدهش من الذى يستمع فى مصر. خمسة وخمسين مليونا من المصريين يحملون تليفونا يصاحبهم فى أى وقت وفى أى مكان بصورة مرضية توحى باخترع يسمح بأن يصبح المحمول جزءا من الأذن حتى لايضطر أحد إلى تحمل عبء فتح وإغلاق التليفون أو إعادته إلى جيبه أو جرابه حين الرد على مكالمة أو الإنتهاء منها .. شعب يصرف 36 مليار على الكلام كل سنة ، ولو حسبنا العائد على الدخل القومى من وراء ذلك فلن يتجاوز 10% والباقى يدخل فى جيوب شركات المحمول الثلاثة بالإضافة إلى مايصرف على التليفونات الأرضية .. لايمكن أن نسمى مايحدث "صناعة الإتصالات" بل نسميها وبحق "صناعة الكلام" ويحق لنا أن نسجل الإسم وحق الإختراع إذا لزم الأمر.
زادت مشكلة المرور تعقيدا لأسباب لانعلمها بعد ثورى يناير وأصبحت وجعا قوميا مزمنا يسيطر على المراكز العصبية لمصر ويصيبها بالشلل فى معظم الأحيان بعد أن حظينا بسلوك متحضر فى الشارع من قائدى السيارات لأسابيع قليلة عادت بعدها "ريمة لعادتها القديمة" ، وبحسبة بسيطة للوقت الضائع فى الذهاب إلى العمل والعودة أو فى حضور اجتماع أو قضاء الحاجات اليومية سوف نكتشف أننا نضيع ربع حياتنا على الأقل داخل وسائل المواصلات المختلفة أو داخل سياراتنا على حساب الإنتاج وزيادة الناتج القومى .. بل إن الأخطر من ذلك أننا نحتاج إلى مزيد من الوقت لكى نعالج توابع التلوث الذى يحدثه عادم تلك السيارات بأنواعها المختلفة وموديلاتها القديمة وحالتها المتردية ، وسواء اقعدنا المرض فى المنزل أو فى المستشفى فإن النتيجة المؤكدة أننا نضيع مزيدا من الوقت حين نؤجل الحلول الجذرية للمشاكل فتصبح مزمنة أو مستعصية تحتاج لمزيد من الوقت للتصدى لها .. أكثر من 50% من الفاقد فى الناتج القومى الإجمالى يرتبط بتصلب شرايين الشارع المصرى بصورة تجعل العاصمة تعيش على جهاز التنفس الصناعى .
• عشق الإجتماعات فى مؤسساتنا أكبر مضيعة للوقت حين تتحول تلك الإجتماعات إلى "مكلمات" وفرصة للفضفضة أو لتبادل الإتهامات أحيانا .. وكثير من اجتماعات العمل لايحدد لها جدول أعمال ولاإطار زمنى تبدأ وتنتهى عنده ، وحتى لو كان هناك جدول أعمال قلامانع من الخروج عليه للأعلى صوتا الذى يريد أن يفرض إرادته على الآخرين .. الإجتماعات مالم تنتهى بالإتفاق على شيئ وتوزع التكليفات ويتم متابعة تنفيذها تتحول إلى لقاءات نميمة أو مناسبة اجتماعية للدردشة .. أكثر من نصف الوقت المخصص للعمل يضيع فى اجتماعات لالزوم لها لمناقشة موضوعات روتينية بسيطة يمكن التعامل معها واتخاذ قرارات سريعة بشأنها دون إضاعة وقت فريق العمل الذى حضر الإجتماع .. الناس فى مصر يحسبون وقت الإجتماع بحساب الفرق بين وقت بدء الإجتماع وانتهائه ، ولكن الصحيح هو أن وقت أى إجتماع ينبغى أن يكون حاصل ضرب عدد الحاضرين فى الوقت الذى استغرقه الإجتماع.
السرد والتكرار والإستطراد ملامح تحدد نمط التواصل بيننا .. نحن حكائون بطبعنا والقصة التى نحكيها نعيدها أكثر من مرة بسيناريوهات وطرق مختلفة زيادة فى التأكد من أن الرسالة التى نريد أن تصل للطرف الآخر .. نفعل ذلك حتى فى أبسط الأمور التى لاتحتاج إلى شرح كثير والمقدمات فى كثير من الأحيان تكون أطول من الموضوع نفسه ودائما مايسرقنا الوقت فلا نجد وقتا كافيا لقول المفيد بعد أن استهلكنا الوقت فى المقدمة للموضوع والتمهيد له .. ويكفى مشاهدة أى برنامج حوارى لكى نتأكد من أن مايدور ليس "حوارا" بين طرفين وإنما عزف منفرد للمتكلم دون أن يلقى بالا للوقت ولا لحق الآخرين فى التعبير عن أرائهم.. ومهما جاهد مقدم البرنامج أو مقدمته لكى تذكر الضيف بأن الوقت يداهمهم، كلما أصر الضيف على الإستفاضة وتكرار ماقال بطرق أخرى، دون مراعاة لحق باقى الضيوف فى طرح آرائهم فى القضية المثارة، وينتهى الوقت ولاتزال الأسئلة التى بدأ بها النقاش عالقة فى الهواء وبذلك يضيع وقت الهواء ووقت المشاهدين على السواء .. نحن إذن بحاجة إلى إعادة تربيه لأسلوب التواصل واحترام الوقت فى البيت والعمل والجامعة والشارع فى المرحلة القادمة التى نعيد فيها تشكيل مستقبل مصر، وليتنا ندرك أن الوقت هو المورد الوحيد المتاح لنا فى الحياة الذى حين نضيعه ونهدره فلا يمكن تعويضه.
No comments:
Post a Comment