Wednesday, February 22, 2012

المسئولية الإجتماعية - دور الفرد ودور المؤسسة


لدى قناعة أن أى إصلاح فى مصر أو أى تغيير أو تطوير لابد وأن ينطلق من أحساس مخلص وحقيقى بالمسئولية الإجتماعية للهيئة أو المؤسسة أو الفرد الذى يريد التغيير إلى الأحسن، وأرى أن الأحزاب السياسية الكبرى فى مصر وقد حظى أعضاؤها بشرف تمثيل الشعب الذى انتخبهم فى برلمان مابعد الثورة عليها دور هام فى تشكيل الوعى والوجدان العام للشعب بأهمية المسئولية الإجتماعية في كل مانفعل .. "اللآتعليم" الذى ابتلينا به على امتداد تاريخ الحكم العسكرى غسل عقول الناس وألغى كل "حارات" المخ وأبقى على حارة واحدة فقط للتفكير تتزاحم فيها أفكار الكارو مع الكارتة مع الجمال وأخيرا التكتك فى صراع على فهم ألف باء حياه .. حارة تؤدى إلى رصيف يقف عليه بائع فول أو أنابيب بوتاجاز أو طاولة عيش يتصارع الجميع على الإستحواز عليها بينما تشق الطرق والكبارى الخاصة خارج كردون الزحف الشعبى العام فى حارة المرور الوحيدة المتاحة لكى تسابق فيه المرسيدس والرولز رويس والبنتلى والهامر الريح ذهابا وعودة من أراض مصر ومتجعاتها ومزارعها لمن قسموا التركة على أنفسهم وأولادهم وأحفادهم من بعدهم .. ولولا أننا تربينا فى مدارس كانت تسير وقت أن التحقنا بها بقوة الدفع لنظام تعليمى جيد قبل ثورة 52 لم يكن التعليم بها يقتصر على مقررات وكتب نمطية فقط وإنما توافرت بها كل وسائل تربية الطلاب جسمانيا وعقليا وثقافيا لما وعى جيلى أهمية المسئولية الإجتماعية وكيف يكون الولاء للوطن والمجتمع عقيدة ومنهج حياه .. والسؤال هو: هل يمكن أن يربى المرء فى نفسه أو يزيد وعيه بمسئوليته تجاه المجتمع فى كل مايفعل ؟ والإجابة هى نعم بكل تأكيد بشرط أن يرغب فى ذلك ويحرص عليه قبل التخطيط أو القيام بأى عمل أو نشاط يمتد تأثيره على الآخرين.

ننبهر كلما سافرنا للخارج من حرص الناس على الهدوء فى الشارع وخلوها من القمامة وتخصيص أماكن لكل شيئ ونظام يضبط حركة الحياة حتى فى أوقات الراحة والحدائق العامة التى يتجول الناس بها ترويحا عن النفس أو يجلسون للقراءة فى هدوء أو يمارسون رياضة الجرى أوالمشى دون أن يضايق أى منهم الآخر أو ينتهك خصوصيته .. فى الشارع يلتزم الناس بالسرعات المقررة وبالحارات المخصصة لكل نوع من المركبات ، وفى المنازل لايستطيع كائنا من كان أن يركب طبق هوائى مالم يحصل على تصريح بذلك ولايمكن وضع طوبة زيادة دون إذن وموافقة السكان والحى التابع له، بل إنك لاتستطيع بعد موعد معين أن تحدث ضجيجا من أى نوع داخل سكنك الخاص حيث يحق لأى متضرر أن يستدعى الشرطة التى تحضر فى الحال لكى تحرر لك محضر إزعاج وتمنعك من الإستمرار فى إزعاج الغير وطبعا مكبرات الصوت والدق على أنابيب البوتاجاز والنداء على الخضار أو إذاعة الأغانى من الموتوسيكلات والسيارات المارة اختراع سوف تظل جميعها من علامات الدول التى شبعت تخلفا على أيدى حكام مجرمين تآمروا على شعوبهم واختزلوا الوطن فى أسرهم وحوارييهم وخصيانهم والمجموعة المحيطة بهم من "عبيد السلطان" المتحلقين حول القصور والضياع لكى ينالهم من الحظ جانب.

نعم يمكن لكل منا أن يصبح كيانا إصلاحيا ينشر حوله معان وقيم تعدل السلوك وترفع الوعى بحقوق الآخرين وتجعل من يرتبطون معنا بعمل أو صلة قربى يتأثرون بنا ويتغيرون ويؤمنون بأن لهم رسالة فى الحياة أن يعلموا غيرهم وأن يحرضوهم على تعليم غيرهم فى حدود ماأسميه المترX متر الخاص بهم أو "منطقة النفوذ" التى لهم مطلق الحرية فى استخدامها دون تدخل من أحد مثل الأسرة والأصدقاء والطلاب فى المدارس والمرءوسين فى العمل والناس الذين أتعامل معهم وبذلك تتسع دائرة تغيير السلوك العام فى دوائر تتقاطع مع بعضها حينا وتنفصل أحيانا وتتحسن بالتدريج جودة السلوك المصرى وجودة المجتمع ككل تبعا لذلك .. بجوار منزلى الذى يقع بشارع رئيسى بالمعادى وفى منطقة يحتل جزءا كبيرا منها مستشفى القوات المسلحة الشهير والمحكمة الدستورية العليا قرر بائع فول أن يحتل أحد الأرصفة محلا لنشاطه ولما لم يعترضه أحد أتى بنصف دستة ترابيزات حولها كراسى وحول الرصيف إلى مطعم شعبى يؤمه السائقين والعمال من كل جهة ويسدون نهر الطريق بل ويحولون المرور عمليا إلى مسار آخر لعدم الإزعاج أثناء تناولهم وجباتهم .. الأغرب أنه على بعد خطوات من هذا المطعم الشعبى مطعم آخر فرع لسلسلة مطاعم  متخصصة فى تقديم الوجبات الشعبية بما فيها الفول والطعمية ويستأجر العمال ويدفع الضرائب ويقوم بالحفاظ على نظافة المكان ولم يحرك أصحابه ساكنا ، وربما فعلوا ولكن أحدا لم يستجب لهم باعتبارهم "قطاعون أرزاق".

أظن ان لدى حزب الوفد فرصة ذهبية مواتية لكى يصبح نموذجا فى نشر الوعى بالمسئولية الإجتماعية مستغلا إمكاناته ومستثمرا فى كوادره وإعداد شباب الوفديين لكى يكونوا مع الهيئة البرلمانية للحزب "وسطاء للتغيير" .. الحزب يشهد حاليا إنطلاقة ثورية تبدأ بتطوير مؤسسى يجدد شباب الحزب ويعد كوادره لمواجهة تحديات التغيير المتسارع بالشارع المصرى وتلبية طموحات الناس وتحقيق مطالبهم العادلة فى الحرية والعدالة الإجتماعية والديموقراطية ويجعله نموذجا رائدا فى الأخذ بأسباب العلم وتطويعه لمقتضيات الواقع المجتمعى .. وللحديث بقية.

No comments: