أنظمة الحكم الديكتاتورية المستبدة تخلق من خدم السلطان أباطرة فى كل أنحاء الأمة، يجلسون على عروش تحميها السلطة ويتمتعون بكروش تتسع لنهب أوطان بأكملها، ولايتنازلون طواعية عن مكاسبهم إلا إذا أطيح بهم بإرادة شعبية تسترد الحقوق الضائعة وترمى بهم فى مزابل التاريخ.
ماأثير أخيرا من ضياع 7ر2 مليار جنيه مساعدات لوزارة التعليم صرفت كلها دون أى عائد إيجابى ولازال التعليم على حاله من التدهور والانحطاط، ينبغى أن يكون مفاجأة لأحد فكل الدراسات الموضوعية الجادة وليست الحكومية بالطبع التى تمت من قبل تؤكد أن أكثر من 80% من تلك الأموال - ومعظمها قروض يسددها الشعب المصرى - تضيع فى أوجه صرف لاعلاقة لها بتحسين جودة التعليم وإنما على شكل مرتبات ومكافآت لفرق من المرتزقة وكثير منهم لاعلاقة له بالتعليم أصلا لامن قريب ولا من بعيد، وتجهيز مكاتب لزوم الوجاهة الإجتماعية وبدلات سفر للإستجمام والتسوق.. والمثار الآن عن تلك المليارات الضائعة لم يتناول باقى منظومة الفساد والإهمال فى التعليم العالى والذى ليس بأحسن حالا مما يدعونا إلى التساؤل : ماذا أفرخت تلك المليارات الضائعة، وعلى ماذا صرفت ؟ إن فساد التعليم فى مصر يطغى على أى عملية فساد أخرى فى مصر حيث لاتستنزف فقط موارد دولة فقيرة أكثر من ثلثى سكانها أميون لايقرأون ولايكتبون ويعيشون على وتحت خط الفقر وإنما تستهدف عقل الأمة ورأسمالها الفكرى والعلمى ممثلا فى أجيال تمثل مستقبل مصر وتتحمل دون ذنب جنته نصيبها من سداد ديون مصر والتى تبلغ 810 مليار جنيه بنسبة 79% من الناتج القومى .
نتائج المرحلة الأولى للمشروعات الستة لتطوير التعليم العالى فى مصر والتى مولها البنك الدولى بقرض للحكومة المصرية قدره 44 مليون دولار تصرف على خمس سنوات (2002 – 2007) وتليها مرحلة ثانية خصص لها مليار جنيه مصرى لخمس سنوات تنتهى فى ديسمبر 2012 نتائج هزيلة فى ظل عشوائية التخطيط؟ بعض تلك المشروعات أنجزت جزءا من الدور المرسوم لها لزوم التلميع الإعلامى ، ولكن المسئولين عنها لابد وأن يحاسبوا ويساءلوا عن ضياع المال العام على نشاطات لاتصب فى خانة تطوير التعليم وفى غير الأغراض المخصصة لها. ونتساءل ماهى المهارات التى اكتسبها أعضاء هيئة التدريس بالجامعات وماهو العائد الفعلى من برامج تدريبية أرغموا على حضورها ولم يكتسبوا منها أية مهارات إضافية ، ومن الذين قاموا بالتدريب ومن الذى قام بتقييمها وقياس العائد منها ؟ أنا لاأتحدث هنا عن التقارير الورقية بآلاف الساعات من التدريب وأعداد من حضروا الدورات ، ولكن عن "العائد الفعلى" من وراء تلك الأنشطة على المنظومة التعليمية ككل.
أما عدد الجامعات التى لديها خططا استراتيجية ولو للخمس سنوات القادمة فيعد على أصابع اليد الواحدة، والوزير المختص صرح أخيرا – لافض فوه – أن التعليم ليس من أولويات الحكومة، والهيئة القومية للجودة والإعتماد والتى تصرف حاليا المليار الثانية من عمرها المديد لم تحقق على أرض الواقع بعد أربع سنوات من إنشائها سوى اعتماد عدد من مدارس الصفوة وكليات الجامعة يعد على أصابع اليدين.. الخلاصة أن المؤسسات المسئولة عن التعليم فى مصر والمفروض فيها أن تعتمد البحث العلمى منهجا لحل المشكلات التى تواجهها تضع العربة أمام الحصان وتقوم باعتماد بعض الكليات قبل اعتماد الجامعات التى تنتمى إليها تلك الكليات .. وتظل جامعاتنا بلا ترتيب بين جامعات العالم فى أى تصنيف محترم، وخريجونا لاتعتمد شهاداتهم فى الخارج ويطالبون بدراسات تكميلية تؤهلهم للوظائف التى يتقدمون إليها وتحتاج إلى دراسات متخصصة ، والبحث العلمى لاوجود له على خريطة مستقبل مصر.. فهل يجوز بعد ذلك أن نسأل: أين ضاعت المليارات؟
Wednesday, February 09, 2011
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment