إن كان لجيلى أى فضل في ثورة التغيير التى تحدث الآن فى مصر – وهى فى رأيى أنبل الثورات- فهو أننا كتبنا وقلنا كل مايتكشف الآن من فساد سياسى شامل وتخريب لمقدرات الشعب على يد عصابة يحميها البلطجية تحتل مواقعها حول الرئيس وتحكم مصر محتمية بسلطاته ، وألححنا إلى حد اليأس من كل إصلاح أن يتخلص النظام من هؤلاء ، وتنبأنا بكل مايحدث الآن وأكثر لو استمر الحال على ماهو عليه .. كنا نحسب أن صوت العقل سوف يتغلب فى النهاية وأن التغيير لابد آت وأن مصلحة الوطن سوف تنتصر وتعلو على أى مصالح شخصية وأن المسار سوف يتعدل وأن النظام سوف يقوم بتنظيف نفسه ذاتيا من الطحالب والمتسلقين الذين يخنقونه ويزينون له الباطل .. الآن وقد أرشدنا الشباب إلى الحل وإلى أقصر الطرق فى التغيير لصالح الوطن والأمة لابد لنا من أن نتوقف ونتأمل ونراجع ونقرر مستقبل مصر بقيادة من صنعوا التغيير وجعلوه أمرا واقعا.
صدر حكم الشعب وإرادته ياسيادة الرئيس ، وهو حكم لانقض فيه ولاإبرام ، وبذلك يصبح باتا لازم التنفيذ .. وبديهى أن من صدر ضده الحكم لايملك أن يختار موعد التنفيذ .. القاضى وحده – أى من أصدر الحكم– هو الذى يملك ذلك إن رأى أن هناك مبررات كافية تبرر تنفيذ الحكم .. وحتى لو تم تأجيل التنفيذ فإن ذلك لن يغير بحال من طبيعة الحكم وجوهر الحيثيات .. ويبدو ياسيادة الرئيس أنه فى حالتكم لم يقبل قضاة التاريخ مبررات التأجيل لأنك تحمل بحكم موقعك أوزار كل من حولك من الذين اخترتهم وسمحت لهم أن يستغلوا قربهم منك لكى يشيعوا الفساد ويستهتروا بمطالب الشعب وبتآمروا عليك وعلى مصر ويوصلوننا إلى الخراب الذى يحيط بنا من كل جانب الآن والأخطار التى تستنفذ طاقتنا وتنتظر الفرصىة المناسبة لكى تنقض على مصر فريسة سهلة يبتلعونها كما ابتلعوا غيرها بعد أن هيئوا الظروف لذلك.
أنا هنا – ياسيادة الرئيس – أدعوك وبصفة عاجلة أن تتخذ أشجع قرار يمكن أن تتخذه فى حياتك ، للتعجيل بتنفيذ حكم الشعب تغليبا لمصلحة مصر على على أى اعتبار آخر يكون وراء قرارك التمسك بإكمال فترة رئاستك ، وتنحيك عن السلطة فى الوقت الذى تحدده أنت .. نعلم ياسيادة الرئيس أن الكرامة والكبرياء قد تمنعك من أن تتنحى فورا امتثالا لهذا الحكم ، ونعلم أن المشاعر الإنسانية قد تؤثر على حكمك وقرارك فى تلك الظروف الحالكة التى يمر بها الوطن ، ولكنى وجيلى عشنا عهدين قبلك اتخذ فيها زعماءها قرارات أصعب بكثير من القرار الذى ننتظر منك اتخاذه حقنا لمزيد من الدماء ولمزيد من الخراب الذى يلحق بمصر ويتزايد كل يوم والأخطار التى تحيق بها وتهدد شعبها وأمنه وسلامته بما فى ذلك قرار التنحى الذى اتخذه رئيس البلاد لمسئوليته عن هزيمة 67 بغض النظر عما قيل عن حسابات مسبقة راهنت على عواطف الناس الذين رفضوا قرار التنحى وخرجوا يطالبون زعيم البلاد بالإستمرار ، وهو أمر لن يحدث بالقطع فى حالتكم.
لاأرضى لك ياسيادة الرئيس أن يكتب عنك التاريخ أنك بعنادك تعاقب شعب مصر على ثورتهم للتغيير لكى يستردوا – بأسرع مايمكنهم - حقوقهم الضائعة وثرواتهم المنهوبة وكرامتهم التى امتهنت بعد ثلاثين سنة من الصبر .. ولاأرضى أن يقال عنك أنك لم تهتم بالمليارات التى يفقدها الإقتصاد المصرى كل يوم نتيجة لتمسكك بموقفك ، وتجاهلك للأخطار الخارجية التى تهدد سلامة الوطن .. كل ذلك واضح لرجل الشارع البسيط ، وهو بالقطع لايغيب عنك .. لاتستكثر على الشعب استعجاله فى أن يأخذ مقدراته فى يده يحاول أن يعوض مافات بعد أن أعياه الصبر لثلاثين عاما من المحاولة .. تاريخك النضالى – ياسيادة الرئيس – فى كثير من النقاط المضيئة ، وربما لو كنت قد استجبت لنداءات المخلصين من أبناء هذا الوطن فى الوقت المناسب لكنا معا قد جنبنا البلاد ماتمر به الآن ولحققت مصر ماتستحقه من مجد ومكانة بين الأمم..ولاأرضى لك أن تقرأ وتشاهد وتسمع كل يوم مايقوله الناس ومايبدعه خيالهم فى وصف مايحدث ومسئوليتكم عنه.
لازلت آمل ياسيادة الرئيس أن تغلب كبرياء الشعب على كبريائك الشخصى ، وأن تتيح الفرصة والأجواء لحوار تاريخى مع من يخلفكم مرحليا ينهى حالة الإعتصام الشعبى الكاسح المعلق على قرار شجاع منك يحسبه لك التاريخ ويكسبك إحتراما يفوق بمراحل التمسك بشهور قليلة لن تغير واقعا تعيشه مصر الآن.
Wednesday, February 09, 2011
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment