Wednesday, February 09, 2011

المزورون يعدلون الدستور

هل هناك استخفاف بعقول الناس أكثر من الذى يحدث فى مصر الآن ؟ ثورة شعبية بكل المقاييس ترفض إستمرار الظلم لعقد رابع ، تسقط نظام الحكم وتطالب بالديموقراطية وحكم الشعب وتطهير الفساد فيقال أن تعديل دستور البلاد لابد وأن يتم من خلال مجلس الشعب المزور المطعون فى شرعيته والذى كان المحرك الأول فى قيام الثورة؟
فى مصر قضاة وفقهاء دستوريون قدموا الحلول التى تحفظ لمصر كرامتها وتضمن خروجا آمنا لرئيس ظل يحكم لأكثر من ثلاثة عقود بمجموعة فاسدة أثرت وأسرها على حساب الشعب وتعفنت على يديها الحياة السياسية بأكملها فى مصر .. ويرفض الرئيس أن ينزل على إرادة الأمة ويترك منصبة لكى يختار الناس من يرونه أهلا للعبور بهم إلى المستقبل وينتشلهم من الضياع والخراب والقهر والهوان القومى الذى عانوا منه فى ظل حكم الرئيس الحالى .. ويضع الرئيس بعناده وإصراره على أن يكتب بنفسه سيناريو خروجه ويعهد لمن استعان بهم من معاونيه فى إخراجه لكى يأتى مقنعا ومؤثرا يعطى انطباعا بأن "كل" مطالب الثوار قد تحققت وأن كل القوى السياسية فى مصر شاركت فى الحل وتوافق عليه وتدعمه وتشارك فيه.
الثوار يعرفون أنه لن يتحقق شيئ مما ثاروا لأجله طالما أن من تسبب فى الحالة المتردية لمصر لايزال على رأس النظام محاطا بأكبر رؤوس الفساد ممن هيئوا المسرح لحكم منفرد ديكتاتورى يقصى كل المعارضة ويقصر الحكم على حزب واحد تعامل مع مصر على أنها عزبة خاصة يفعلون بها وفيها مايشاءون باعتبارهم ملاكها ومن يعمل فيها عبيد وخدم لابد أن يسبحوا بحمد سيدهم ليل نهار إذا أرادوا أن يهنأوا بالعيش فى العزبة .. ومن لايزالون يدافعون عن مصالحهم الخاصة ومكاسبهم التى اغتصبوها والثروات التى سرقوها يجتمعون بالرئيس وينظرون ويخططون لخروج يضمن لهم الإحتفاظ بثرواتهم وبما تبقى من ماء وجوههم قدر الإمكان .. يفعلون ذلك بدلا من الإعتذار للشعب وطلب الصفح والغفران وإبداء الندم على فعلوه وخضوعهم لحكم الشعب بعد ذلك إن شاء غفر وإن شاء حاسب وطبق العقاب العادل .
إجتماعات تدور ، ومجموعات تذهب وتجيئ ، ولقاءات مع أطياف مختلفة من القوى السياسية لايمثل أى منها الثوار حتى الآن .. ويحاول كل فصيل أن يتبنى مطالب الثوار ويسجل الكل المواقف دون أن يصلوا إلى حلول جذرية وإلتزامات معلنة للحكومة بتواريخ محددة للتنفيذ .. وفى كل اجتماع أو لقاء يرفع المطلب الأساسى للثوار بنزول مبارك عن الحكم وترك أمر البلاد للمصريين الذين حرموا من المشاركة فى حكم بلادهم طوال فترة حكمه منفردا بمعاونين يجيدون تزيين الباطل ، ويحكمون الحصار حول الشعب ، ويصوغون الدستور ومواده بطريقة تجعل من الحاكم إلها يمسك بيده كل مقاليد الأمور ويدير الدولة منفردا محصنا نفسه ومن حوله من أى رقابة شعبية أو حساب أو عقاب على ثروات البلاد التى أهدرت نهبت لصالح العصابة التى اغتصبت الحكم بالحديد والنار والنصب والفهلوة والقهر والظلم.
كل ماأرجوه الآن والشعب كله ومعه الشرفاء فى الدول الأخرى يقفون وراء الثوار أن يسارع الثوار فيختارون من بين أنفسهم قيادات تمثلهم وتحضر كل إجتماعات يدعو إليها نائب الرئيس أو رئيس الحكومة يدعمهم مجلس ينتخبونه من الحكماء – وهم كثر يشهد لهم تاريخهم الناصع البياض- يمدونهم بخبرتهم وآرائهم لكى يجمعوا بين حماس الثوار والمعرفة التى يتطلبها التعامل مع تدربوا على التفاوض والمناورة وكسب الوقت .. نيرون كان "يتسلى" وروما تحترق بالعزف على القيثارة ، وأخشى ان يتكرر المشهد فى مصر على مصطبة الحكم مصحوبا بالعزف على "الربابة".

No comments: