وش القفص .. والمِفعّص ..؟!
التنافس الإعلامى
الشرس تلك الأيام والتسابق المحموم على التربيطات والتحالفات بين الأحزاب يطغى بصورة
ظاهرة على باقى أخبار مصر ومشكلاتها المستعصية ومانتعرض له من مخاطر بعضها ظاهر ومعظمها
غير مرئى ولا محسوس يفاجئنا بأحداث جسام تزلل أساس الإستقرار والإحساس بالأمن والأمان..ومشكلتى
إنى درست الإعلام المرئى ومارست الإعلام المكتوب على امتداد العشرين عاما الماضية بانتظام
كتابة وتعليقا ونقدا وأحاديثا مذاعة ومناقشات مفتوحة، الأمر الذى يلزمنى بأن أشاهد
واقرا وأسمع بعين الناقد دائما .. وأعترف أن ذلك يفقدنى جزءا كبيرا من متعة الإسترخاء
والتلقى دون مجهود عقلى كبير، ولكن الثائر بداخلى يأبى الإستسلام لكل مايعتقد أنه يضر
ولاينفع أو فى أحسن الأحوال لايضيف جديدا أو يتسم بالسطحية فى المعالجة والتناول..
عناوين براقة لامعة مغرية، أما المحتوى فكله فرز تانى.
الأمر يحتاج إلى
قدر كبير من المهنية، وقدر أكبر من الإدراك والفهم والذكاء الإجتماعى الذى يساعد فرق
الإعداد ومقدمى البرامج أن يرتبوا الأولويات بحيث تعبر بالفعل عن نبض الشارع وما يتطلع
إليه الناس .. هناك حاجات يعبر عنها الناس بالقول والفعل ولابد للإعلام لكى يكون معبرا
عن تلك الحاجات أن يتلتقط تلك الحاجات ويعبر عنها بما يعكس آراء أصحابها بأمانة وشفافية
.. وهنا يثور سؤال ملح عن تأثير نظم الحكم فى حرية الإعلام أن يفعل ذلك دون خطوط حمراء
كثيرة تهدد مصداقيته وتأكل من رصيد الثقة فيما يقول، وكلنا لايزال يذكر تعبير
"دا كلام جرايد" الذى رسخ فى أذهان الناس للتعبير عن الشك وعدم تصديق ماتكتبه
الصحف، ولو كان تعبير "دا كلام تليفزيونات" سهل النطق والتداول لاستخدمه
الناس تلك الأيام للسخرية مما يقال فى المحطات الفضائية التى تبدو منفصلة عن الواقع
أو تبث موادها من داخل استديوهات يعزلها عن الشارع ونبضه أسوار عالية معزولة بكواتم
صوت عالية الجودة تمنع رؤية وسماع مايدور به.
الحوارات التى
أجريت مع المرشحين ولازالت وبكثافة قبل حلول موعد الإنتخابات بأيام تدعم شكوكى بأن
الطبخات فى كثير من الأحيان لايعد لها جيدا ولاتمنح الوقت الكافى لكى تنضج والنتيجة
وجبات مسلوقة لم يكتمل نضجها غير مقبولة لمعظم المشاهدين أو وجبات سريعة روائحها شهية
ولكنها يلتهمها الناس بشراهة ولكنها ضارة بالصحة .. عانى الناس كثيرا من مشاكل صارت
مستعصية وبعضها قاتل يصيب الأمة فى مقتل مثل الأمية والبطالة وقلة الدخول وارتفاع الأسعار
وعدم توافر العلاج المجانى الكريم وفساد التعليم الذى يخرج جهالا بشهادات والمحليات
التى تركت العشوائيات تستشرى فى جسم الأمة وتأكل الأرض الزراعية وتحرم الناس من قوتها
.. أسمع كلاما عاما فى كل مرة يستضاف فيها أحد المرشحين وينتهى الحوار الذى يتناوب
عليه مذيعون فى محطات مختلفة منفردين أو مجتمعين دون أن نحصل على إجابات محددة عن كيفية
حل تلك المشكلات ولا من أين سيتم تدبير الموارد اللازمة لذلك.
المحاورون يتطرقون
إلى مسائل فرعية تافهة لاتهم الناخب كثيرا ، ولولا الملامة لسألوا المرشح لماذا سموك
بهذا الإسم، والمثير للضحك أنهم يحاولون أن يربطوا بين أسئلتهم السطحية التى لاتضيف
معلومة أو توثق حدثا أو تنبه لملمح فى الشخصية يعطى مؤشرا عن سلوك المرشح وردود فعله
بعد أن يتعلى كرسى السلطة ويحكم البلاد فى أرفع منصب يكن أن يصل إليه إنسان فى الدنيا
.. النتيجة أن المرشحين يتجاهلون معظم الأسئلة أو يجاملون بكلمات تعبر عن ضيقهم وحرجهم
وتشتت انتباههم، ويجدون أنفسهم مضطرين إلى مقاطعة المحاورين واستكمال ماجهزوه أو ماأعده
لهم فريق المعاونين لهم ويتحول الأمر إلى مونولوج منفرد للمرشح لاعلاقة له مطلقا بما
يطرح عليه من أسئلة، وينفض الناس من حول التليفزيون وينصرفون لشئون حياتهم أو لمشاهدة
تمثيلية أو مسلسل يسرى عنهم وينسيهم ولو إلى حين أوجاعهم.
No comments:
Post a Comment