Sunday, February 03, 2008

أهمية العلاقات العامة فى الإدارة


لست هنا بصدد التعليق على أحكام القضاء فى قضايا النشر الأخيرة فمكان ذلك ساحات المحاكم أمام قضاء مصر العادل الذى كان وسيظل قلعة حصينة يحتمى بها أبناء الوطن من غوائل الهجمات التترية على أى منبر حر يرفع صوته بأنين المظلومين ليسمع الصم الذين يسدون آذانهم عن هتافات الشارع المصرى الذى فاض الكيل به حرمانا وتنكيلا ووعودا كالطبل الأجوف لها صوت ولكنها لاتطرب أحدا.

هل يصدق أحد أن الشعب المصرى الذى كافح وناضل على امتداد تاريخه فى ثورات متكررة على الاستعمار، وخاض الحروب ضد الغزاه - أحيانا من منطلق قومى تضامنا مع الغير- أصبح اليوم يستجدى ديموقراطية حقيقية وليس ديكورا سياسيا أو فصولا فى مسرحية هزلية لاتصلح للعرض إلا على مسرح العبث السياسى فى ظل الحزب الواحد الذى يطوق أى تحرك، ويخنق أى صوت لايلتزم بقواعد اللعبة الديموقراطية المخلقة خصيصا للشعب المصرى ... ديموقراطية " أنا ديموقراطى طالما توافق على رأيى".

الرئيس لأنه ليس فقط شخصية عامة وإنما هو رئيس لمصر، فإن صحته تصبح بهذا المعنى من الشأن العام الذى يهم المحكومين. وهى فى الدول الأكثر تقدما ليست سرا ولا خطا أحمر لاينبغى الاقتراب منه، بل أنه فى حالة مرض رئيس الدولة أو حتى توعكه من نزلة برد تجبره على الراحة فإن متحدثا رسميا من الرئاسة يدلى ببيان يومى عن صحة الرئيس ويجيب على أسئلة الصحفيين التى ترتبط بهذا الموضوع، بل إن الأطباء المعالجين – فى حالات المرض الشديد أو إذا خضع الرئيس لعملية جراحية - يسمح لهم بطمأنة الناس بصورة

الذى يدهشنى هو كيف تعامل الحزب الوطنى مع الأزمة – بافتراض أنه كان هناك أزمة بين الصحافة والحزب – بشكل لايمكن إلا أن يؤكد أن النية كانت مبيته لإسكات الأصوات المعارضة بشدة لسياسة الحزب والتى تملك التأثير فى الشارع المصرى . تعالوا نفترض أنه قد حدث تجاوز فى التناول فيما يخص صحة الرئيس ، فإن الأمر لم يكن يتطلب أكثر من بيان مقتضب ينفى أو يؤكد مانشر بهذا الشأن وتنتهى المسألة عند هذا الحد. متحدث رسمى دارس للعلاقات العامة والاتصال الجماهيرى كان كفيلا بأن يحجم المشكلة، بل ويسجل للحزب هدفا فى مرمى المعارضة (بفرض أن الذى نشر غير صحيح).

فى كل الدنيا هناك معارضة من حقها أن تستخدم كافة وسائل الاتصال الجماهيرى لكى تقيم عمل الحزب الحاكم ، وتعترض، وتنتقد، وتقترح، وتحاسب، وتعرض من خلال صحفها وجهات نظرها على الناس. وفى المقابل يستخدم الحزب الحاكم نفس الوسائل لكى يرد ويفند ويقنع الرأى العام بسلامة مواقفه وقراراته، فلماذا نشذ عن تلك القاعدة التى تعد سنة أولى حضانة فى الديموقراطية ؟
لماذا نصاب بالحساسية المفرطة تجاه الرأى الآخر – حتى لو تم بطريقة لانحبها – ولاننصت لما يقال فربما يحمل بين طياته سبل الإصلاح والتطوير التى تضمن أن يظل حزبا ما على الساحة تسانده الجماهير وتصر على بقائه فى السلطة ؟

ومن حقى أن أسأل كمواطن مصرى : إذا كانت كل تلك الضجة والقضايا المرفوعة قد ثارت بسبب تناول صحة الرئيس، فماذا سيحدث لو انتهجت الصحف نهج نظيراتها فى الخارج فى نقد رئيس الدولة سواء بالكلمة أو الصورة أو الكاريكاتير ؟ سوف تقوم الدنيا ولاتقعد، وسوف يزيد عدد "المحتسبين السياسيين" وينشغل الناس بتكوين جبهات الرأى مع أو ضد ، ويتناسوا ماهم فيه من شظف العيش . وفى النهاية فإن هؤلاء فى رأيى يسيئون لأى نظام يريد أن يبنى مشروعيته على الالتصاق بالجماهير حيث يجعلون قمة النظام فى برج عاجى يعلو على مستوى البشر ويكاد يرقى إلى مستوى الملائكة. أنهم فى الواقع لايدافعون عن النظام كما يتخيلون ، وإنما يوسعون الهوة بينه وبين الشعب الذى هو فى النهاية مهما خفت صوته هو الذى يعطى المشروعية لأى نظام.

No comments: