تناولنا فى سلسلة من المقالات أوجه الفساد المستشرى فى جسد التعليم العالى فى مصر .. بضاعة فسدت وانتهت صلاحيتها ولم تعد تصلح للإستهلاك الآدمى ، وتناولنا بالتحليل عناصر العملية التعليمية من نظام القبول إوالكثافة العددية للطلاب إلى البحث العلمى والكتاب الجامعى إلى نقص المناخ والبيئة الملائمة للإبداع والإبتكار إلى استقلال الجامعات وكرامة الأساتذة ، وكلها تصب فى خانة فساد العملية التعليمية برمتها . وعلى الرغم من أن كل مقال احتوى على أوجه النقص التى لم تعد خافية إلا على الذين يتولون صنع القرار بوزارة التعليم العالى ومعها اقتراحات محددة للإصلاح إذا توافرت النية لذلك ، إلا أنى سوف أخصص هذا المقال لإجمال الإقتراحات تعميما للفائدة وتأكيدا على الدعوة فى أن يتناول أصحاب المصلحة الحقيقيون وليسوا المدعين من هيئة المنتفعين ببقاء الحال على ماهو عليه فى إصلاح التعليم العالى فى مصر. أدعو زملائى أعضاء هيئة التدريس فى كل الجامعات لمناقشة الإقتراحات التالية واستخدام كل الوسائل المشروعة المتحضرة لكى يتم التغيير والإصلاح والتطوير الذى ننشده .
· أن يظل ملف التعليم مفتوحا وأن تعترف الدولة بشجاعة أن التعليم فى مصرقد وصل إلى مرحلة متأخرة لم يعد يجدى فيها مسكنات الألم ولابد من مبضع جراح متمكن لكى يزيل كل مايستطيع من أورام خبيثة تحاصر جسم الأمة . هذه خطوة أولى لابد منها لكى نبدأ مشوار إصلاح فساد التعليم ، وهو مشوار يزيد كثيرا عن الألف ميل التى يضرب بها المثل فى أى رحلة طويلة للتغيير. يلى ذلك أعطاء قضية التعليم أولوية أولى باعتبارها قضية أمن قومى وتعظيم لأهم موارد الدولة فى التنمية من خريجين مؤهلين وعلماء قادرين على تحمل أعباء التنمية والتحديث . وإذا كان هناك ظل من شك فى كل ماأثرناه فليتحمل نواب الشعب مسئولياتهم ويشكلوا لجنة لتقصى الحقائق للوقوف عن مستوى رضاء أعضاء هيئة التدريس عن الوزير وسياساته والنتائج التى تحققت فى عهده وماصرف على المشروعات التى لاتزال مفتوحة والتى سوف تستمر عشوائيا كسابقاتها.
· فصل وزارة البحث العلمى عن وزارة التعليم العالى فذلك يفوق بكثير إمكانات أى وزير ويحط من شأن البحث العلمى . ولعل العاملين فى المطبخ السياسى يعلمون كيف إتخذ القرار بجعل وزارة البحث العلمى وزارة دولة ، وكيف أن أحد وزراء التعليم العالى السابقين رفض أن يتولى تلك الوزارة لصغر شأنها وقيل وقتها فى كواليس الحزب " نعم .. وزارة البحث العلمى لاتليق بالدكتور فلان " . هذه الوزارة تعتبر الأساس فى مستقبل التنمية فى مصر ورفع مستواها وتخصيص الموارد اللازمة لها من قيادة علمية تحظى باحترام وتقدير الهيئات العلمية ومراكز البحوث يعكس جدية النظام فى خطط التنمية المعلنة . ولعلنا نتعلم من الرئيس الأمريكى الجديد الذى كان من أولوياته أن يعين عالما حاصلا على جائزة نوبل مستشاره للبحث العلمى استجابة لتوصيات العلماء الذين ناشدوه أن يجعل البحث العلمى من أولى أولوياته . يحدث ذلك فى دولة تحكم العالم ، ولكننا هنا نتصرف كما لو كنا لانحتاج إلى علماء ولا بحث علمى .
· أن تطور الوزارة خطة استراتيجية للتعليم للعشر سنوات القادمة على الأقل مقسمة إلى مراحل بأهداف محددة قابلة للقياس . ونؤكد أن مثل تلك الخطة لاوجود لها ، أى أن أمور التعليم العالى فى مصر تتم عشوائيا وبأسلوب " إطفاء الحرائق " وليس التخطيط العلمى الدقيق ...عيب أن تعمل الوزارة المسئولة عن التعليم العالى والبحث العلمى بطرق عشوائية وبردود الأفعال لنظم يضعها الجالسون فى المكاتب من المستفيدين ببقاء الحال على ماهو عليه والذين لايمكن أن يتم تطوير أو إصلاح حقيقى فى ظل وجودهم حول الوزير فهم لايملكون الرؤية ولا الإمكانات لمرحلة الثورة العلمية التى ننشدها . ونتحدى أن تكلف الحكومة مركز بحثى مستقل يقوم باستقصاء لآراء الجامعات يرصد ويقيس الصورة الذهنية الكريهة لهؤلاء الناس والأسباب وراء الكراهية التى يحظون بها. ولابد للوزارة أن تنشئ قطاعا أو إدارة عامة للتخطيط الاستراتيجى بدلا من "الوحدة" الموجودة حاليا باثنين من صغار أعضاء هيئة التدريس يرأسهم أحد مستشارى الوزير وهم بحكم سنهم وتواجدهم فى ديوان الوزارة لايؤدون إلا أعمالا إدارية لايمكن أن تكون تخطيطا إستراتيجيا للتعليم العالى فى مصر ولايملكون أدوات توجيه سياسة التعليم ولا الرقابة على أداء الجامعات أِو التنسيق بين الجهات والهيئات العاملة فى مجال تطوير التعليم .
· تحديد دور كل جهة وهيئة فى الدولة إنشئت لكى تساعد فى عملية تطوير التعليم العالى التى لايجمعها حاليا " خطة استراتيجية " بكل مكوناتها العلمية كما وضحنا فى مقالاتنا ولم يهتم أحد بالرد بغير ذلك مما يثبت ماذهبنا إليه وكررناه ويندى له الجبين خجلا من أن تكون تلك هى الطريقة التى نتعامل بها مع موضوع بالغ الخطورة مثل التعليم . الوضع الحالى ينذر بكثير من الكوارث والعواقب الوخيمة نتيجة للقرارات العشوائية التى تتخذ وبعضها مكرر تضيع فيه الموارد دون عائد ، ونظرا للعبة " توازن القوى " التى يركز عليها كل من يجلس على الكرسى ويدافع عنه حتى " آخر نفس " .
· وضع منهج لاختيار القيادات الجامعية ، وتغليب المصلحة الوطنية على " شهوة " تقسيم الكعكة على أهل الثقة ممن لاتؤهلهم إمكاناتهم العلمية والشخصية لتولى القيادة . والبداية هنا فى مقر الوزارة نفسها حيث تفتقد إلى الأجهزة المؤهلة اللازمة لقيادة وإحداث التغيير . وكذلك العودة إلى نظام انتخاب رؤساء الجامعات والعمداء حتى تسترد الجامعة حقها فى تسيير أمورها ويختار الأساتذة من يمثلهم ويعبر عن مصالحهم لا من يدافع عن الكرسى ومزايا المنصب . يكمل ذلك الإنصياع لحكم القضاء وإلغاء الحرس الجامعى الذى لايوجد له مثيل فى أى جامعة فى العالم وتحرير الجامعات من سلطة الأمن فى التعيين والترقية والنقل والإنتداب والإبتعاث التى تحكمها جميعا . يلى ذلك إلزام الجامعات بتطوير خططها الإستراتيجية خلال عام على الأكثر ، وإطلاق يد رؤساء الجامعات فى الإستعانة بالخبراء المناسبين لتحقيق ذلك حيث تفتقد الجامعات حاليا للكوادر القادرة على عمل تلك الخطط.
· إن يصدر قانون بأن تكون " الهيئة القومية لضمان الجودة والإعتماد " هيئة مستقلة وأن تنقل تبعيتها إلى رئيس الدولة بدلا من رئيس الوزراء فلا يعقل أن تكون الحكومة خصما وحكما فى نفس الوقت : هى التى تخطط وتنفذ وبالمرة تقوم بالتقييم ومنح الإعتماد (وزير التعليم العالى صاحب صفة رسمية فى توجيه أعمال الهيئة) وإعادة تشكيل مجلس إدارة الهيئة وتشكيلاتها المختلفة لكى تصبح تمثيلا حقيقيا لأصحاب المصلحة والعلماء والخبراء بدلا من مجموعة الموظفين من المحاسيب والهواة . وأسألوا د/ حسام بدراوى عضو لجنة السياسات والذى تبنى الفكرة وشارك فى صياغة مشروع القانون وكان يوما ما مرشحا لتولى الهيئة عن النص الأصلى لمشروع القانون فيما يختص بتبعية الهيئة . إسألوه عما تغير فى القانون ، ولماذا لم يتم تعيينه أو رفض أن يكون رئيسا للهيئة التى كان يعتبرها إنجازا شخصيا هاما.
· تشكيل لجنة محايدة على أعلى مستوى من الشخصيات العامة والعلماء والخبراء لمناقشة مشكلة الكتاب الجامعى واقتراح البدائل للنظام الحالى الذى يغبن حق الأساتذة من جهة ولايعوضهم عن الجهد الذي يبذلونه فى التأليف ولايمثل حافزا مقبولا لكى يداوموا على البحث وتحديث كتبهم تبعا لذلك . الكتاب الجامعى يحتاج إلى دعم إذا أصررنا على مجانية التعليم بشكلها الحالى ، ونظرة واحدة على الكتب الجامعية الواردة لنا من الخارج والتى نقررها على طلابنا فى الجامعات الخاصة (ممنوع أن يقرر الأساتذة كتبهم على الطلاب ) كفيلة بأن نرى الفارق الشاسع بين تلك الكتب وكتب أساتذتنا من حيث المادة العلمية والشكل والمضمون وجودة الطباعة وجاذبية العرض ومكملات المادة العلمية من أقراص مدمجة لكل من الأستاذ والطالب وبنك للأسئلة والحالات العملية .
· تعديل القانون 101 لسنة 92 بإنشاء الجامعات الخاصة والجامعات الأهلية لرفع يد الوزارة عن التعليم الخاص والأهلى فهى متنفس لمن يريد تعليما بمصروفات يستطيع أن يسددها ولو بالتقسيط ، والتوسع فى التعليم عن بعد والتعليم المفتوح لكل الكليات النظرية. ويقتضى ذلك تحديث المناهج الدراسية وإتاحتها إلكترونيا للطلاب للحد من الكثافة الرهيبة التى تعانى منها الجامعات وتخنق عملية " التعلم " وتنحو بالتعليم ناحية " حشو الأمخاخ بالمعلومات " السطحية التى لاتؤهل خريجا يستطيع أن يستخدم ماتعلمه فى أى عمل يلتحق به ، هذا إذا وجد عملا من الأساس .
· إحترام آدمية الطلاب وحقهم فى اختيار مايدرسون ، وإلغاء النظم البالية للوزارة فى قبول الطلاب والمفاضلة بينهم ، واحترام آدمية الأساتذة فى العمل فى بيئة تحقق على الأقل الحد الإدنى لكرامة المهنة التى يشرفون بها . رواتب أعضاء هيئة التدريس بحاجة إلى مراجعة دون مساس بكرامتهم ( الوزير يطنطن أحيانا فى أجهزة الإعلام بحالات فردية لأعضاء هيئة تدريس يسيئون التصرف ويعميه التعميم والإدراك المشوه فيتعامل مع كل الأساتذة على أنهم عمال مصنع مشاغبين يرفضون أن يربطوا الأجر بالإنتاج . الوزير مبتلى بمستشارى السوء وغرور المنصب .
الوعود التى سمعها أعضاء هيئة التدريس من الوزير لم ينفذ منها شيئ ، والشكوى مستمرة من صلاحيات تمنح لاوجود لها فى القانون‘ ومطالبات على استحياء برفع المرتبات إبقاء على كرامة المنصب يتم تجاهلها . إنصب اهتمام الوزير فى الإصلاح على إثبات حضور وانصراف أعضاء هيئة التدريس وملئهم لاستمارات "مضروبة" تفيد قضائهم 28 ساعة أسبوعيا فى أنشطة وهمية يعلم الوزير قبل غيره أنها لم تتحقق . وجود مبرر حتى ولو كان مزورا لزيادة دخل أعضاء هيئى التدريس وليس جودة العملية التعليمية أصبحت هى محور اهتمام الوزير وأجهزته. لذلك أقول لكل أصحاب المصلحة فى إصلاح فساد التعليم بأننا مطالبون بألا نجلس فى مقاعد المتفرجين نكتفى بمراقبة العرض ثم ينصرف كل منا إلى حال سبيله. لدينا العديد من القنوات الشرعية لإحداث التغيير ، ولعل ماطرحته من أفكار للمناقشة يمثل اختبارا جادا للمجالس التشريعية التى من واجبها أن تتقصى الحقائق ، وللحكومة لكى تبرهن على أنها حكومة الشعب وليست حكومة النخبة التى لايهمها كثيرا أن تخوض فى مشكلات قومية شائكة مثل التعليم ، وتكتفى بالتعامل السهل من باقى القضايا من على السطح دون أن تلطخ يديها بتراب الأرض أو تعفر وجهها بالهباب الذى يلف مصر من الإسكندرية إلى أسوان .
· أن يظل ملف التعليم مفتوحا وأن تعترف الدولة بشجاعة أن التعليم فى مصرقد وصل إلى مرحلة متأخرة لم يعد يجدى فيها مسكنات الألم ولابد من مبضع جراح متمكن لكى يزيل كل مايستطيع من أورام خبيثة تحاصر جسم الأمة . هذه خطوة أولى لابد منها لكى نبدأ مشوار إصلاح فساد التعليم ، وهو مشوار يزيد كثيرا عن الألف ميل التى يضرب بها المثل فى أى رحلة طويلة للتغيير. يلى ذلك أعطاء قضية التعليم أولوية أولى باعتبارها قضية أمن قومى وتعظيم لأهم موارد الدولة فى التنمية من خريجين مؤهلين وعلماء قادرين على تحمل أعباء التنمية والتحديث . وإذا كان هناك ظل من شك فى كل ماأثرناه فليتحمل نواب الشعب مسئولياتهم ويشكلوا لجنة لتقصى الحقائق للوقوف عن مستوى رضاء أعضاء هيئة التدريس عن الوزير وسياساته والنتائج التى تحققت فى عهده وماصرف على المشروعات التى لاتزال مفتوحة والتى سوف تستمر عشوائيا كسابقاتها.
· فصل وزارة البحث العلمى عن وزارة التعليم العالى فذلك يفوق بكثير إمكانات أى وزير ويحط من شأن البحث العلمى . ولعل العاملين فى المطبخ السياسى يعلمون كيف إتخذ القرار بجعل وزارة البحث العلمى وزارة دولة ، وكيف أن أحد وزراء التعليم العالى السابقين رفض أن يتولى تلك الوزارة لصغر شأنها وقيل وقتها فى كواليس الحزب " نعم .. وزارة البحث العلمى لاتليق بالدكتور فلان " . هذه الوزارة تعتبر الأساس فى مستقبل التنمية فى مصر ورفع مستواها وتخصيص الموارد اللازمة لها من قيادة علمية تحظى باحترام وتقدير الهيئات العلمية ومراكز البحوث يعكس جدية النظام فى خطط التنمية المعلنة . ولعلنا نتعلم من الرئيس الأمريكى الجديد الذى كان من أولوياته أن يعين عالما حاصلا على جائزة نوبل مستشاره للبحث العلمى استجابة لتوصيات العلماء الذين ناشدوه أن يجعل البحث العلمى من أولى أولوياته . يحدث ذلك فى دولة تحكم العالم ، ولكننا هنا نتصرف كما لو كنا لانحتاج إلى علماء ولا بحث علمى .
· أن تطور الوزارة خطة استراتيجية للتعليم للعشر سنوات القادمة على الأقل مقسمة إلى مراحل بأهداف محددة قابلة للقياس . ونؤكد أن مثل تلك الخطة لاوجود لها ، أى أن أمور التعليم العالى فى مصر تتم عشوائيا وبأسلوب " إطفاء الحرائق " وليس التخطيط العلمى الدقيق ...عيب أن تعمل الوزارة المسئولة عن التعليم العالى والبحث العلمى بطرق عشوائية وبردود الأفعال لنظم يضعها الجالسون فى المكاتب من المستفيدين ببقاء الحال على ماهو عليه والذين لايمكن أن يتم تطوير أو إصلاح حقيقى فى ظل وجودهم حول الوزير فهم لايملكون الرؤية ولا الإمكانات لمرحلة الثورة العلمية التى ننشدها . ونتحدى أن تكلف الحكومة مركز بحثى مستقل يقوم باستقصاء لآراء الجامعات يرصد ويقيس الصورة الذهنية الكريهة لهؤلاء الناس والأسباب وراء الكراهية التى يحظون بها. ولابد للوزارة أن تنشئ قطاعا أو إدارة عامة للتخطيط الاستراتيجى بدلا من "الوحدة" الموجودة حاليا باثنين من صغار أعضاء هيئة التدريس يرأسهم أحد مستشارى الوزير وهم بحكم سنهم وتواجدهم فى ديوان الوزارة لايؤدون إلا أعمالا إدارية لايمكن أن تكون تخطيطا إستراتيجيا للتعليم العالى فى مصر ولايملكون أدوات توجيه سياسة التعليم ولا الرقابة على أداء الجامعات أِو التنسيق بين الجهات والهيئات العاملة فى مجال تطوير التعليم .
· تحديد دور كل جهة وهيئة فى الدولة إنشئت لكى تساعد فى عملية تطوير التعليم العالى التى لايجمعها حاليا " خطة استراتيجية " بكل مكوناتها العلمية كما وضحنا فى مقالاتنا ولم يهتم أحد بالرد بغير ذلك مما يثبت ماذهبنا إليه وكررناه ويندى له الجبين خجلا من أن تكون تلك هى الطريقة التى نتعامل بها مع موضوع بالغ الخطورة مثل التعليم . الوضع الحالى ينذر بكثير من الكوارث والعواقب الوخيمة نتيجة للقرارات العشوائية التى تتخذ وبعضها مكرر تضيع فيه الموارد دون عائد ، ونظرا للعبة " توازن القوى " التى يركز عليها كل من يجلس على الكرسى ويدافع عنه حتى " آخر نفس " .
· وضع منهج لاختيار القيادات الجامعية ، وتغليب المصلحة الوطنية على " شهوة " تقسيم الكعكة على أهل الثقة ممن لاتؤهلهم إمكاناتهم العلمية والشخصية لتولى القيادة . والبداية هنا فى مقر الوزارة نفسها حيث تفتقد إلى الأجهزة المؤهلة اللازمة لقيادة وإحداث التغيير . وكذلك العودة إلى نظام انتخاب رؤساء الجامعات والعمداء حتى تسترد الجامعة حقها فى تسيير أمورها ويختار الأساتذة من يمثلهم ويعبر عن مصالحهم لا من يدافع عن الكرسى ومزايا المنصب . يكمل ذلك الإنصياع لحكم القضاء وإلغاء الحرس الجامعى الذى لايوجد له مثيل فى أى جامعة فى العالم وتحرير الجامعات من سلطة الأمن فى التعيين والترقية والنقل والإنتداب والإبتعاث التى تحكمها جميعا . يلى ذلك إلزام الجامعات بتطوير خططها الإستراتيجية خلال عام على الأكثر ، وإطلاق يد رؤساء الجامعات فى الإستعانة بالخبراء المناسبين لتحقيق ذلك حيث تفتقد الجامعات حاليا للكوادر القادرة على عمل تلك الخطط.
· إن يصدر قانون بأن تكون " الهيئة القومية لضمان الجودة والإعتماد " هيئة مستقلة وأن تنقل تبعيتها إلى رئيس الدولة بدلا من رئيس الوزراء فلا يعقل أن تكون الحكومة خصما وحكما فى نفس الوقت : هى التى تخطط وتنفذ وبالمرة تقوم بالتقييم ومنح الإعتماد (وزير التعليم العالى صاحب صفة رسمية فى توجيه أعمال الهيئة) وإعادة تشكيل مجلس إدارة الهيئة وتشكيلاتها المختلفة لكى تصبح تمثيلا حقيقيا لأصحاب المصلحة والعلماء والخبراء بدلا من مجموعة الموظفين من المحاسيب والهواة . وأسألوا د/ حسام بدراوى عضو لجنة السياسات والذى تبنى الفكرة وشارك فى صياغة مشروع القانون وكان يوما ما مرشحا لتولى الهيئة عن النص الأصلى لمشروع القانون فيما يختص بتبعية الهيئة . إسألوه عما تغير فى القانون ، ولماذا لم يتم تعيينه أو رفض أن يكون رئيسا للهيئة التى كان يعتبرها إنجازا شخصيا هاما.
· تشكيل لجنة محايدة على أعلى مستوى من الشخصيات العامة والعلماء والخبراء لمناقشة مشكلة الكتاب الجامعى واقتراح البدائل للنظام الحالى الذى يغبن حق الأساتذة من جهة ولايعوضهم عن الجهد الذي يبذلونه فى التأليف ولايمثل حافزا مقبولا لكى يداوموا على البحث وتحديث كتبهم تبعا لذلك . الكتاب الجامعى يحتاج إلى دعم إذا أصررنا على مجانية التعليم بشكلها الحالى ، ونظرة واحدة على الكتب الجامعية الواردة لنا من الخارج والتى نقررها على طلابنا فى الجامعات الخاصة (ممنوع أن يقرر الأساتذة كتبهم على الطلاب ) كفيلة بأن نرى الفارق الشاسع بين تلك الكتب وكتب أساتذتنا من حيث المادة العلمية والشكل والمضمون وجودة الطباعة وجاذبية العرض ومكملات المادة العلمية من أقراص مدمجة لكل من الأستاذ والطالب وبنك للأسئلة والحالات العملية .
· تعديل القانون 101 لسنة 92 بإنشاء الجامعات الخاصة والجامعات الأهلية لرفع يد الوزارة عن التعليم الخاص والأهلى فهى متنفس لمن يريد تعليما بمصروفات يستطيع أن يسددها ولو بالتقسيط ، والتوسع فى التعليم عن بعد والتعليم المفتوح لكل الكليات النظرية. ويقتضى ذلك تحديث المناهج الدراسية وإتاحتها إلكترونيا للطلاب للحد من الكثافة الرهيبة التى تعانى منها الجامعات وتخنق عملية " التعلم " وتنحو بالتعليم ناحية " حشو الأمخاخ بالمعلومات " السطحية التى لاتؤهل خريجا يستطيع أن يستخدم ماتعلمه فى أى عمل يلتحق به ، هذا إذا وجد عملا من الأساس .
· إحترام آدمية الطلاب وحقهم فى اختيار مايدرسون ، وإلغاء النظم البالية للوزارة فى قبول الطلاب والمفاضلة بينهم ، واحترام آدمية الأساتذة فى العمل فى بيئة تحقق على الأقل الحد الإدنى لكرامة المهنة التى يشرفون بها . رواتب أعضاء هيئة التدريس بحاجة إلى مراجعة دون مساس بكرامتهم ( الوزير يطنطن أحيانا فى أجهزة الإعلام بحالات فردية لأعضاء هيئة تدريس يسيئون التصرف ويعميه التعميم والإدراك المشوه فيتعامل مع كل الأساتذة على أنهم عمال مصنع مشاغبين يرفضون أن يربطوا الأجر بالإنتاج . الوزير مبتلى بمستشارى السوء وغرور المنصب .
الوعود التى سمعها أعضاء هيئة التدريس من الوزير لم ينفذ منها شيئ ، والشكوى مستمرة من صلاحيات تمنح لاوجود لها فى القانون‘ ومطالبات على استحياء برفع المرتبات إبقاء على كرامة المنصب يتم تجاهلها . إنصب اهتمام الوزير فى الإصلاح على إثبات حضور وانصراف أعضاء هيئة التدريس وملئهم لاستمارات "مضروبة" تفيد قضائهم 28 ساعة أسبوعيا فى أنشطة وهمية يعلم الوزير قبل غيره أنها لم تتحقق . وجود مبرر حتى ولو كان مزورا لزيادة دخل أعضاء هيئى التدريس وليس جودة العملية التعليمية أصبحت هى محور اهتمام الوزير وأجهزته. لذلك أقول لكل أصحاب المصلحة فى إصلاح فساد التعليم بأننا مطالبون بألا نجلس فى مقاعد المتفرجين نكتفى بمراقبة العرض ثم ينصرف كل منا إلى حال سبيله. لدينا العديد من القنوات الشرعية لإحداث التغيير ، ولعل ماطرحته من أفكار للمناقشة يمثل اختبارا جادا للمجالس التشريعية التى من واجبها أن تتقصى الحقائق ، وللحكومة لكى تبرهن على أنها حكومة الشعب وليست حكومة النخبة التى لايهمها كثيرا أن تخوض فى مشكلات قومية شائكة مثل التعليم ، وتكتفى بالتعامل السهل من باقى القضايا من على السطح دون أن تلطخ يديها بتراب الأرض أو تعفر وجهها بالهباب الذى يلف مصر من الإسكندرية إلى أسوان .
No comments:
Post a Comment