كم يتقاضى المطرب الذى تتهافت عليه البنات ويقطعن أنفسهن ويعرضنها للتحرش طواعية من أجل "طلة" على محياه وهو يرمى بإيماءاته ونظراته محرضا على مزيد من التفسخ والإنحلال ؟ وكم تقاضى زميله الذى أحيا حفل "أسبوع شباب الجامعات" فى نفس الجامعة العام الماضى بهز الوسط والتغزل الوقح فى جسم المرأة تحت سمع وبصر قيادات الجامعة التى تجلس فى الصفوف الأولى ثم حين يتحول الحفل إلى "معجنة" يختلط فيها الحابل بالنابل بناء على طلب المطرب الذى تستجيب إدارة الجامعة والأمن لطلباته التى لاترد تستغيث بالأمن لكى ينهى الحفل بعد سقوط الضحايا تحت أقدام الرمز الذى اختارته الجامعة لشبابها والرغبات المحمومة المكبوتة للشباب والتى انفجرت دون عوائق داخل الحرم الجامعى وبحماية من سلطات الأمن ؟ هل لدى الجامعات الحكومية ميزانيات لمثل تلك الحفلات الماجنة ، وإذا كان هناك فائض فى ميزانياتها فلماذا لايصرف على العملية التعليمية التى أصبحت فى الحضيض تحت خط الفقر العلمى بفضل سياسة التعليم العالى الذى يتولاه الوزير الحالى ومستشاروه ؟ المؤكد أن الجامعات تصرف 80% من ميزانياتها على الأجور والمرتبات والمكافآت ولايبقى لها سوى 20% فقط المفروض أن تصرفها على العملية التعليمية ، والتى من الواضح أنها تقتطع منها عشرات الآلاف كل عام لكى تدعم بها مطربين وراقصات يحيون لياليها احتفالا بخيبتها وتدهور أحوالها .
كان أسبوع شباب الجامعات فى الماضى احتفالا محترما تعرض فيه المسرحيات ذات المضمون ، وتكتشف فيه المواهب للطلاب والطالبات ، وتبرز فيه إنجازات الجامعة وطلابها فى مجالات خدمة المجتمع والبيئة ، وتعرض فيه مشاريع الجامعة للتطوير وخدمة الطلاب ، فماذا حدث لكى تتحول الجامعات إلى "كباريه" يصلح خلفية لكليبات تحرض على التحرش وتدعو إليه ؟ ولكى يحدث ذلك تسخر الجامعة التى تستضيف "أسبوع شباب الجامعات" كل إمكاناتها من مكان يعد سلفا ولجان تخطط للحفل وتعد له وتشرف على تنفيذه وتوجه الدعوات لمن يحيون الحفل ولمن يحضرونه ، وتصرف المكافآت وتمنح الدروع والكئوس فى نهاية الحفل لكل تلك الإنجازات العظيمة التى لاتمت للعملية التعليمية بصلة وتجافى أبجديات كرامة الجامعة وأصول التربية . ويحزننى أن الجامعة التى لم أكن أضن عليها تطوعا بمساعدة بحكم إيمانى برسالة أؤمن بها ، وبحكم مولدى بالإقليم الذى توجد به قد أضطرت لتأجيل مؤتمر علمى كانت تنوى عقده فى شهر مارس المقبل لآن كل الأساتذة الذين وكل إليهم تنظيم المؤتمر والإعداد له قد تم سحبهم لكى يتفرغوا للإعداد لحفل يعلمون مقدما ماسوف يحدث فيه ، ومدى عجزهم عن السيطرة عليه . أساتذة كنت أظن أنهم سوف يبادرون بالرفض احتراما لهيبة الجامعة ودفاعا عن كرامتها وحتى لايتحول الحرم الجامعى الذى يشرفون بالإنتماء إليه إلى حرام مقنن وسلوكيات منفلتة ، بل وتحرش صريح بالطالبات ، ناهيك عن الضحايا من المصابين نتيجة للفوضى التى عمت والهياج الذى ساد ونتج عنه أكثر من 150 مصابا. ماذا ننتظر حين نضع البنزين بجوار النار ؟ من السذاجة أن نظن للحظة أن الحريق لن يحدث وان " الحرارة " مهما بلغت شدتها لن تتحول إلى نار تحرق كل من حولها ؟ وأعلم يقينا أن نفس الجامعة التى استضافت المناسبة العام الماضى وهذا العام لم يكن عليها الدور فى استضافة تلك المناسبة العظيمة التى توليها وزارة التعليم العالى كل الإهتمام وتصدر توجيهات الوزير فيمن يستضيف الأسبوع فيما يشبه المسابقة التى تتهافت على الفوز بها كل الجامعات لكى تحظى بشرف الرضا السامى للوزير الذى ينظم الأسبوع تحت رعايته .
الذى يحزننى أن نفس الجامعة التى جرى بها كل تلك المهازل ، هى نفس الجامعة التى يوجد بها صرح طبى عالمى شديد الإحترام ، وأساتذة رواد مثل الدكتور غنيم لايرضون بالقطع عما حدث ويعتبرونه سبة فى جبين الجامعة التى يشرف بالانتساب إليها طلاب من كل أنحاء العالم العربى ، ويحج إلى " مركز الكلى " بها علماء أجلاء من جميع أنحاء العالم . علماء الجامعة وزوارهم لابد أنهم يعرفون قدر من يدعى إلى حرم الجامعة حتى لو كان من غير الأكاديميين ، ويعلمون أن هناك معايير للتعامل حتى مع من يمتهنون الفن بأنواعه ، وخاصة فى " ثقافة " لازالت تؤمن بالقيم وتعلى من قدر الإلتزام والإحترام . الجامعة فى رأيى إرتكبت خطأ مزدوجا بأن استضافت مطربين ليسوا ذوى قدر وقيمة ، وسمحت بأن يطبق هؤلاء معايير النوادى الليلية والأفراح الرخيصة على مسرح الجامعة الذى يتحدث من على منبره العلماء الأجلاء الذين ذكرتهم . بل إن المطرب الأخير الذى سمحت له الجامعة باعتلاء مسرحها موصوم بفقدان الأهلية حين تهرب من شرف الجندية وصدر حكم بحبسه فإذا بالمعجبين يشكلون قوى ضغط نجحت للأسف فى استصدار عفو رئاسى عنه لكى يعود إلى معجبيه وقد انتفخ زهوا وكبرياء . نفس المطرب يجاهر بأنه صديق لداعية إسلامى شاب اعتقد خطئا أنه يستطيع أن يستغل إعجاب الناس بالمطرب لكى يدعو من خلاله قطاعا من الشباب . وتلك هى المرة الأولى التى أسمع فيها عن دعوة باستخدام الكليبات العارية . إختلت القيم والموازين وأصبح الجو العام فى وطننا ملبدا بغيوم تحجب الرؤية عن الشباب ، وتداخلت السبل ، وتقاطعت الطرق ، وفقدت القدوة ، فأصبحوا يسيرون بلا هدى ولاأمل فى حاضر ولا مستقبل . وياليتهم يحصلون بعد ذلك علما ، بل إنهم يخرجون من الجامعة كما ولدتهم أمهاتهم على الفطرة يحتاجون إلى أن يتعلموا كيف يكتبون خطابا بلغتهم الأم دون أخطاء إملائية .. أمية علمية بشهادة تمنحها الجامعات ويكفى على مايبدو أنها رفهت عن طلابها وجعلتهم يرقصون ويتلامسون ويتكدسون فى انتظار مطرب تأخر عليهم 3 ساعات كاملة ، وحين جاء استيقظت فى المساكين من الشباب رغبات محمومة مكبوتة أطلقوا لها العنان . سوف تكون تلك ذكراهم التى انحفرت فى أذهانهم ، وليس علما درسوه ولاخبرة تعلموها تربطهم بجامعتهم وتضمن ولاءهم لمجتمعهم .
ألا يحق لنا أن نسأل أين موقع تلك المساخر من تأهيل الجامعات للإعتماد ، ومشروعات الجودة فى التعليم التى تبغبغ بها الوزارة حاليا ، والتى أنشئ من أجلها هيئة قومية تتبع رئيس الوزراء ؟ هلى ستتضمن الخطط الإستراتيجية للجامعات عنصرا يقيس مدى نجاح طلابها فى هز الوسط والتصفيق والمشاركة فى الغناء أو لعب دور " السنيد " للمطربين الذين تتعاقد معهم الجامعة ؟ هل أصبح الترفيه "غير البرئ " مؤشرا لنجاح الجامعات فى تأدية دورها الإجتماعى ؟ وحتى لايتطرق إلى الذهن أنى ضد الترفيه والإحتفالات بوجه عام أبادر فأقول أن الفرحة بالإنجازات أمر مشروع ، والإحتفال بالنجاح مطلوب .. بشرط أن يكون هناك إنجاز ونجاح يحتفى بهما .. التفوق العلمى ، ومشروعات خدمة البيئة ، والمساهمة الفعلية فى تطوير الجامعة ، والتفكير الإبتكارى فى حل مشكلات الجامعة ، والتكريم الذى يحصل عليه أساتذة الجامعة وقياداتها فى المحافل العلمية الدولية .. كلها مناسبات يصبح الإحتفال فيها واجبا ولازما لتحفيز مجتمع الجامعة للمزيد من التألق والتفرد والمنافسة المشروعة ، وبشرط أن يتناسب الإحتفال مع كرامة الجامعة وفى إطار من الإحترام والإلتزام يليق بها أساتذة وطلابا .. الدكتور سليمان حزين كان رئيسا لجامعة أسيوط قبل أن يتولى وزارة الثقافة فى إحدى حكومات الثورة .. كانت الجامعة فى عهده منارة للثقافة والعلوم ، وكان وزوجته السيدة عزيزة شعرانى يؤمنان برسالة الجامعة فى التنوير والإنفتاح على المجتمع .. النتيجة أن الجامعة خرجت من العلماء فى مصر عددا يوازى كل ماخرجته جامعات مصر ، ودأبت حرم رئيس الجامعة على جمع التراث الذى يميز أسيوط عن باقى محافظات مصر مثل "التللى" الذى كانت ترتديه جداتنا من الحرير وعليه نقوش بخيوط الفضة تحكى قصصا وحكايات تسجلها الأمهات لبناتهن ‘ بل إنها ذهبت إلى حد تعليم بنات أسيوط أصول التطريز .. تلك كانت إنجازات الجامعات فى زمن التعليم فى مصر ، فما هو التراث الذى يتركه رؤساؤها الآن للأجيال القادمة من أبنائنا ؟
ومادام أسبوع شباب الجامعات سوف يستمر تحت رعاية الوزير الذى يبارك على مايبدو الجهد الذى تبذله الجامعات فى تنظيمه والصرف عليه ، فإنى أقترح على سيادته تعيين مستشار جديد لهيئة مستشاريه يختص بشئون الترفيه والحفلات ، حيث أن العلاقات العامة بالوزارة ليس لديها الإمكانات البشرية ولا الخبرة العملية فى هذا الشأن .. ويشترط فى الإستشارى المطلوب أن يكون صاحب خبرة طويلة فى ثقافة الكليبات والمدارس الفنية المختلفة والمقامات الموسيقية لكى يساعد الجامعات على التحضير الجيد لمثل تلك المناسبات بما يحقق الأهداف التعليمية والتربوية الرفيعة التى تقوم عليها منظومة التعليم العالى فى مصر ، وأن يستفيد بالخبرات المتراكمة لوزارة التعليم فى هذا الشأن والتى سبقت التعليم العالى بمراحل حين اجازت لبعض المدارس الخاصة التى تشرف عليها أن تحيى حفلاتها السنوية بالرقص البلدى .. وأن تتعاقد مع أشهر راقصات هز الوسط وبطلة أشهر حوادث التحرش بوسط القاهرة وفى وضح النهار لتكون نجمة الحفل .. مثل هذا المستشار أصبح ضرورة ملحة " لترشيد " الإنفاق وتعظيم قيمة العائد من مثل تلك الحفلات .. وقد يستطيع تنمية موارد الجامعات باعتبارها مؤسسات لاتبغى الربح بإنشاء وحدات خاصة تسوق لحفلات الجامعة وتبيع التذاكر وتحصل على دخل يحسن الميزانيات الضئيلة للجامعات لعل وعسى أن ينصلح حال التعليم العالى ويعود إلى ماكان عليه من نصف قرن .. وقد تقرر الجامعات أن تنشئ شركات خاصة واستثمارية تحيى حفلاتها وتتنافس فيما بينها فى نشر ثقافة " الإنبساط " .. وأخيرا ياسيادة الوزير "إذا كان رب الدار بالدف ضاربا ، فشيمة أهل البيت كلهم الرقص " .. حتى ولو كان رقصا أكاديميا ..!
كان أسبوع شباب الجامعات فى الماضى احتفالا محترما تعرض فيه المسرحيات ذات المضمون ، وتكتشف فيه المواهب للطلاب والطالبات ، وتبرز فيه إنجازات الجامعة وطلابها فى مجالات خدمة المجتمع والبيئة ، وتعرض فيه مشاريع الجامعة للتطوير وخدمة الطلاب ، فماذا حدث لكى تتحول الجامعات إلى "كباريه" يصلح خلفية لكليبات تحرض على التحرش وتدعو إليه ؟ ولكى يحدث ذلك تسخر الجامعة التى تستضيف "أسبوع شباب الجامعات" كل إمكاناتها من مكان يعد سلفا ولجان تخطط للحفل وتعد له وتشرف على تنفيذه وتوجه الدعوات لمن يحيون الحفل ولمن يحضرونه ، وتصرف المكافآت وتمنح الدروع والكئوس فى نهاية الحفل لكل تلك الإنجازات العظيمة التى لاتمت للعملية التعليمية بصلة وتجافى أبجديات كرامة الجامعة وأصول التربية . ويحزننى أن الجامعة التى لم أكن أضن عليها تطوعا بمساعدة بحكم إيمانى برسالة أؤمن بها ، وبحكم مولدى بالإقليم الذى توجد به قد أضطرت لتأجيل مؤتمر علمى كانت تنوى عقده فى شهر مارس المقبل لآن كل الأساتذة الذين وكل إليهم تنظيم المؤتمر والإعداد له قد تم سحبهم لكى يتفرغوا للإعداد لحفل يعلمون مقدما ماسوف يحدث فيه ، ومدى عجزهم عن السيطرة عليه . أساتذة كنت أظن أنهم سوف يبادرون بالرفض احتراما لهيبة الجامعة ودفاعا عن كرامتها وحتى لايتحول الحرم الجامعى الذى يشرفون بالإنتماء إليه إلى حرام مقنن وسلوكيات منفلتة ، بل وتحرش صريح بالطالبات ، ناهيك عن الضحايا من المصابين نتيجة للفوضى التى عمت والهياج الذى ساد ونتج عنه أكثر من 150 مصابا. ماذا ننتظر حين نضع البنزين بجوار النار ؟ من السذاجة أن نظن للحظة أن الحريق لن يحدث وان " الحرارة " مهما بلغت شدتها لن تتحول إلى نار تحرق كل من حولها ؟ وأعلم يقينا أن نفس الجامعة التى استضافت المناسبة العام الماضى وهذا العام لم يكن عليها الدور فى استضافة تلك المناسبة العظيمة التى توليها وزارة التعليم العالى كل الإهتمام وتصدر توجيهات الوزير فيمن يستضيف الأسبوع فيما يشبه المسابقة التى تتهافت على الفوز بها كل الجامعات لكى تحظى بشرف الرضا السامى للوزير الذى ينظم الأسبوع تحت رعايته .
الذى يحزننى أن نفس الجامعة التى جرى بها كل تلك المهازل ، هى نفس الجامعة التى يوجد بها صرح طبى عالمى شديد الإحترام ، وأساتذة رواد مثل الدكتور غنيم لايرضون بالقطع عما حدث ويعتبرونه سبة فى جبين الجامعة التى يشرف بالانتساب إليها طلاب من كل أنحاء العالم العربى ، ويحج إلى " مركز الكلى " بها علماء أجلاء من جميع أنحاء العالم . علماء الجامعة وزوارهم لابد أنهم يعرفون قدر من يدعى إلى حرم الجامعة حتى لو كان من غير الأكاديميين ، ويعلمون أن هناك معايير للتعامل حتى مع من يمتهنون الفن بأنواعه ، وخاصة فى " ثقافة " لازالت تؤمن بالقيم وتعلى من قدر الإلتزام والإحترام . الجامعة فى رأيى إرتكبت خطأ مزدوجا بأن استضافت مطربين ليسوا ذوى قدر وقيمة ، وسمحت بأن يطبق هؤلاء معايير النوادى الليلية والأفراح الرخيصة على مسرح الجامعة الذى يتحدث من على منبره العلماء الأجلاء الذين ذكرتهم . بل إن المطرب الأخير الذى سمحت له الجامعة باعتلاء مسرحها موصوم بفقدان الأهلية حين تهرب من شرف الجندية وصدر حكم بحبسه فإذا بالمعجبين يشكلون قوى ضغط نجحت للأسف فى استصدار عفو رئاسى عنه لكى يعود إلى معجبيه وقد انتفخ زهوا وكبرياء . نفس المطرب يجاهر بأنه صديق لداعية إسلامى شاب اعتقد خطئا أنه يستطيع أن يستغل إعجاب الناس بالمطرب لكى يدعو من خلاله قطاعا من الشباب . وتلك هى المرة الأولى التى أسمع فيها عن دعوة باستخدام الكليبات العارية . إختلت القيم والموازين وأصبح الجو العام فى وطننا ملبدا بغيوم تحجب الرؤية عن الشباب ، وتداخلت السبل ، وتقاطعت الطرق ، وفقدت القدوة ، فأصبحوا يسيرون بلا هدى ولاأمل فى حاضر ولا مستقبل . وياليتهم يحصلون بعد ذلك علما ، بل إنهم يخرجون من الجامعة كما ولدتهم أمهاتهم على الفطرة يحتاجون إلى أن يتعلموا كيف يكتبون خطابا بلغتهم الأم دون أخطاء إملائية .. أمية علمية بشهادة تمنحها الجامعات ويكفى على مايبدو أنها رفهت عن طلابها وجعلتهم يرقصون ويتلامسون ويتكدسون فى انتظار مطرب تأخر عليهم 3 ساعات كاملة ، وحين جاء استيقظت فى المساكين من الشباب رغبات محمومة مكبوتة أطلقوا لها العنان . سوف تكون تلك ذكراهم التى انحفرت فى أذهانهم ، وليس علما درسوه ولاخبرة تعلموها تربطهم بجامعتهم وتضمن ولاءهم لمجتمعهم .
ألا يحق لنا أن نسأل أين موقع تلك المساخر من تأهيل الجامعات للإعتماد ، ومشروعات الجودة فى التعليم التى تبغبغ بها الوزارة حاليا ، والتى أنشئ من أجلها هيئة قومية تتبع رئيس الوزراء ؟ هلى ستتضمن الخطط الإستراتيجية للجامعات عنصرا يقيس مدى نجاح طلابها فى هز الوسط والتصفيق والمشاركة فى الغناء أو لعب دور " السنيد " للمطربين الذين تتعاقد معهم الجامعة ؟ هل أصبح الترفيه "غير البرئ " مؤشرا لنجاح الجامعات فى تأدية دورها الإجتماعى ؟ وحتى لايتطرق إلى الذهن أنى ضد الترفيه والإحتفالات بوجه عام أبادر فأقول أن الفرحة بالإنجازات أمر مشروع ، والإحتفال بالنجاح مطلوب .. بشرط أن يكون هناك إنجاز ونجاح يحتفى بهما .. التفوق العلمى ، ومشروعات خدمة البيئة ، والمساهمة الفعلية فى تطوير الجامعة ، والتفكير الإبتكارى فى حل مشكلات الجامعة ، والتكريم الذى يحصل عليه أساتذة الجامعة وقياداتها فى المحافل العلمية الدولية .. كلها مناسبات يصبح الإحتفال فيها واجبا ولازما لتحفيز مجتمع الجامعة للمزيد من التألق والتفرد والمنافسة المشروعة ، وبشرط أن يتناسب الإحتفال مع كرامة الجامعة وفى إطار من الإحترام والإلتزام يليق بها أساتذة وطلابا .. الدكتور سليمان حزين كان رئيسا لجامعة أسيوط قبل أن يتولى وزارة الثقافة فى إحدى حكومات الثورة .. كانت الجامعة فى عهده منارة للثقافة والعلوم ، وكان وزوجته السيدة عزيزة شعرانى يؤمنان برسالة الجامعة فى التنوير والإنفتاح على المجتمع .. النتيجة أن الجامعة خرجت من العلماء فى مصر عددا يوازى كل ماخرجته جامعات مصر ، ودأبت حرم رئيس الجامعة على جمع التراث الذى يميز أسيوط عن باقى محافظات مصر مثل "التللى" الذى كانت ترتديه جداتنا من الحرير وعليه نقوش بخيوط الفضة تحكى قصصا وحكايات تسجلها الأمهات لبناتهن ‘ بل إنها ذهبت إلى حد تعليم بنات أسيوط أصول التطريز .. تلك كانت إنجازات الجامعات فى زمن التعليم فى مصر ، فما هو التراث الذى يتركه رؤساؤها الآن للأجيال القادمة من أبنائنا ؟
ومادام أسبوع شباب الجامعات سوف يستمر تحت رعاية الوزير الذى يبارك على مايبدو الجهد الذى تبذله الجامعات فى تنظيمه والصرف عليه ، فإنى أقترح على سيادته تعيين مستشار جديد لهيئة مستشاريه يختص بشئون الترفيه والحفلات ، حيث أن العلاقات العامة بالوزارة ليس لديها الإمكانات البشرية ولا الخبرة العملية فى هذا الشأن .. ويشترط فى الإستشارى المطلوب أن يكون صاحب خبرة طويلة فى ثقافة الكليبات والمدارس الفنية المختلفة والمقامات الموسيقية لكى يساعد الجامعات على التحضير الجيد لمثل تلك المناسبات بما يحقق الأهداف التعليمية والتربوية الرفيعة التى تقوم عليها منظومة التعليم العالى فى مصر ، وأن يستفيد بالخبرات المتراكمة لوزارة التعليم فى هذا الشأن والتى سبقت التعليم العالى بمراحل حين اجازت لبعض المدارس الخاصة التى تشرف عليها أن تحيى حفلاتها السنوية بالرقص البلدى .. وأن تتعاقد مع أشهر راقصات هز الوسط وبطلة أشهر حوادث التحرش بوسط القاهرة وفى وضح النهار لتكون نجمة الحفل .. مثل هذا المستشار أصبح ضرورة ملحة " لترشيد " الإنفاق وتعظيم قيمة العائد من مثل تلك الحفلات .. وقد يستطيع تنمية موارد الجامعات باعتبارها مؤسسات لاتبغى الربح بإنشاء وحدات خاصة تسوق لحفلات الجامعة وتبيع التذاكر وتحصل على دخل يحسن الميزانيات الضئيلة للجامعات لعل وعسى أن ينصلح حال التعليم العالى ويعود إلى ماكان عليه من نصف قرن .. وقد تقرر الجامعات أن تنشئ شركات خاصة واستثمارية تحيى حفلاتها وتتنافس فيما بينها فى نشر ثقافة " الإنبساط " .. وأخيرا ياسيادة الوزير "إذا كان رب الدار بالدف ضاربا ، فشيمة أهل البيت كلهم الرقص " .. حتى ولو كان رقصا أكاديميا ..!
No comments:
Post a Comment