سؤال يحيرنى من مدة طويلة : هل مصر فعلا دولة فقيرة ، أم أنها تملك مقومات الدولة " المستورة " ولكن سوء إدارة موارد الدولة أدى إلى أن ننضم إلى طابور الدول التى تجاهد لكى يملأ غالبية مواطنيها لكى يملؤوا بطونهم بالعيش الحاف ؟ الدخل القومى لمصر يبلغ 617 بليون جنيه ومعدل التنمية بها 2ر7% طبقا لتقديرات البنك الدولى لعام 2007 أى أن متوسط دخل الفرد من الناتج القومى ينبغى أن يكون 7700 جنيه فى العام . إذا أضفنا إلى ذلك 26 مليار دولار تلقتها مصر كمعونات أقتصادية من الولايات المتحدة وحدها وأنفقتها فى إطار برنامج التعاون الإقتصادى بين مصر وأمريكا منذ عام 1973 وحتى الآن (415 مليون دولار فى المتوسط سنويا باستثناء المعونة العسكرية التى تبلغ نصف ماتتقاضاه إسرائيل طفل أمريكا المدلل، خفضت هذا العام إلى 200 مليون فقط) .. انتبهت مصر مؤخرا – كما لو أننا كنا نجهل ذلك – أن بقاء المعونة رهن بشروط تخدم مصالح الجهة المانحة فى المنطقة فأبدت تحفظاتها على ربط المعونة بإجراء إصلاحات ديموقراطية وتحسن فى القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان والإنتهاكات التى تتم فى هذا الشأن .. وماذا عن حصيلة بيع القطاع العام والتى بلغت 48 مليار جنيه حتى آخر يونيه 2006 ؟ ثم ماذا عن ال 700 مليار الودائع الموجودة فى البنوك والتى لاتوظف فى خطط التنمية إما خوفا أو جهلا ..أغلب الظن أن معظمها وجه لسداد أقساط الدين المحلى والخارجى .. كيف يكون لدينا كل ذلك وهناك عجز فى الميزانية يبلغ 100 بليون جنيه و20% من مواطنينا يعيشون تحت خط الفقر ؟ لابد وأن هناك أسبابا لذلك التناقض .. هل يمكن أن تخرج الأسباب عن سوء إدارة إصول الدولة ومواردها بحيث لاتحقق خطط التنمية حتى الحد الأدنى من حاجات الناس فى عمل يضمن دخلا معقولا وسكن يؤويهم ومدرسة يتعلم بها أبناءهم ومستشفى يعالجون فيه ووطن ينعمون فيه بالإستقرار والأمان ؟ السؤال الأصعب هو : هل يسهم الناس أنفسهم فى تدهور أحوالهم الإقتصادية فيزيدون الأمر سوءا ويسهمون بسوء تخطيط حياتهم فى المعاناة التى يشكون منها ؟ هل يمكن أن يكون سوء التخطيط قاسما مشتركا بين الحكومة والشعب بما يؤدى إلى أن تسوء الأمور إلآ نقطة اللآعودة إلا بتغيير جذرى تفوق تكاليفه قدرتنا المحدودة على إدارة التغيير؟ للإجابة على هذا السؤال الصعب لابد وأن نرصد بعض الأمثلة الصارخة على ماآل إليه حالنا من سوء الإدارة:
· المعونة الأمريكية يصرف معظمها على 26 ألف خبير أمريكى يعملون فى مصر ويحصلون على 35% من إجمالى قيمة المعونة سنويا (11 ألف فى التعليم و8 آلاف فى الزراعة و5 آلاف فى مجالات البنية التحتية والخدمات) أما الباقون الذين يصل عددهم إلى حوالى ألف خبير فيعملون فى مراكز البحوث العلمية والمعلومات والأرصاد ،اسواق المال والعقارات .. يضاف إلى هؤلاء 22 مكتبا استشاريا أمريكيا يعملون فى مجال تقييم أصول الشركات العامة المطروحة للخصخصة فى إطار برامج "بيع مصر" الذى يجرى على قدم وساق .. هؤلاء يتقاضون وحدهم 35 مليون دولار سنويا عبارة عن أجور ورواتب لمساعدتنا فى الإسراع بعملية بيع أصول الوطن وليس بالضرورة لأعلى سعر. تستفيد أمريكا إقتصاديا من برنامج المعونة الإقتصادية أكثر بكثير مما تستفيد مصر .. ويكفى ان نعلم أن 1200 موردا أمريكيا حصلوا على مليار و634 مليون جنيه خلال السنوات العشر الماضية مقابل معدات وآلات تم توريدها لمشروعات المعونة فى مصر ، أى مايعادل 20% من حجم المعونات الأمريكية التى حصلت عليها مصر، بالإضافة إلى 60 شركة مقاولات أمريكية تعمل فى مصر وتتولى تنفيذ مشروعات المعونة وتسندها من الباطن لشركات مصرية.. وهناك دراسة أعدها المركز المصرى للدراسات الإقتصادية تقول أن إجمالى الاستشارات والمساعدات الفنية لمشروعات المعونة الأمريكية قد وصل خلال العقدين الماضيين إلى 4 مليارات دولار، وأن متوسط مايحصل عليه الخبير الأمريكى الواحد شهريا يتراوح مابين 6 آلاف إلى 10 آلاف دولار. المعنى أن مصر بجلالة قدرها لم تستطع خلال النصف قرن الماضى أن تعد خبراء مصريين يكفون لإدارة مشروعات التنمية بها والبركة فى نظام التعليم الفاسد الذى ينتج خريجين أسماءهم هى الشيئ الوحيد الذى يعرفونه ولايخطئون فى كتابته بلغتهم الأم فمابالك بأى لغة أخرى .
· من جهة أخرى تعالوا نطل على سلوك الإنفاق الشعبى وأولوياته لدى الناس .. فى مقابل مليارات الحكومة الضائعة فإن الناس فى مصر يصبح لهم الحق فى إنفاق المليارات "ومافيش حد أحسن من حد" .. المصريون يدخنون 4 مليارات علبة سجائر سنويا ، وهم بذلك ينتقمون من الحكومة مرتين : مرة بتلويث الجو ، ومرة بحاجتهم للعلاج المجانى الغير متوفر حاليا .. من بين المدخنين فى مصر 14 مليونا ممن هم تحت سن 15 سنة وهؤلاء أيضا فريسة لك أنواع المخدرات التى تعصف بالضئيل المتبقى من عقولهم وأجسامهم ويجعلهم طول الوقت يعيشون فى منطقة اللآوعى التى تهرب بهم من الواقع الأليم الذى يعيشونه .. والمصريون يتكلمون فى تليفوناتهم المحمولة بما قيمته 7 مليارات جنيه ، ويرسلون لبعضهم رسائل ب 600 مليون أخرى ، ويشتركون فى مسابقات الرنات والنغمات من أول هيفاء وهبى إلى الآذان والأدعية وطمعا فى الجوائز ب 600 مليون أخرى .. أصبح عدد المشتركين فى المحمول فى مصر 32 مليون مشترك بعد أن كان مجموعهم 18 مليون عام 2006 .. أما مشتركى التليفون الثابت فقد بلغ عددهم 12ر11 مليون حتى نهاية عام 2007 .. وبلغت إيرادات الشركة المصرية للإتصالات محتكر الخطوط الأرضية فى مصر عن نفس المدة 12ر10 مليار جنيه . الصناعة الوحيدة التى لن تبور ولن يلحقها أى أذى من جراء الأزمة الإقتصادية العالمية هى صناعة الإتصالات لأن المصريين يحبون أن يتكلموا .. وجدوا فى الموبايل متنفسا لأن يبوحوا بأسرارهم وأن يلعنوا الحكومة وأن " يفتوا " فيما يعرفون ومالايعرفون وأن يتبادلوا النكات يفلسفون بها عجزهم عن تغيير الواقع المرير الذى يعيشونه.. ينتقم الناس من الحكومة بطريقتهم الخاصة : ترتفع الضرائب فتنقص الإيرادات 30 مليارا .. المشكلة هنا ليس فى الكلام أو فى سوء استخدام أجهزة التليفون " للرغى " وإنما فى أنه بحساب الإقتصاد فإن المليارات التى تصرف تضيع هباء على الناس وتستفيد منها شركات الإتصالات ولايقابلها أى قيمة مضافة أو عائد ملموس على الناتج القومى لمصر ومن ثم لايستخدم كله أو جزء منه فى خطط التنمية ولا فى خلق فرص عمل ولا فى تحسين أحوال الناس ودخولهم .. هل ارتفاع معدلات الأمية فى مصر وراء تلك الظاهرة الفريدة فى استخدام المحمول ( الحكومة تقول أن عددهم 17 مليونا والمنظمات الدولية تقول ضعف ذلك ) ؟ .. من أين لبائع متجول أو عامل نظافة أو بواب أن يشترى تليفون حتى ولو كان صينيا يتحدث فيه طول الوقت، ومن أين له شراء خط أو شحن هذا التليفون بكارت ، وكيف يكون مع كل أسرة معدمة أكثر من تليفون فى يد الإبن والإبنة .. أعلم أن الحرفيين لايستعملون تليفوناتهم إلا لقضاء مصالحهم الخاصة وللدردشة مثل باقى خلق الله ، ويتركون عبء الإتصال بهم على عملائهم بطريق " حديك رنة وانت تطلبنى " ولكن يظل أمر تدبير تكاليف حمل تليفون محمول يحل تدريجيا محل التليفون الثابت الذى أصبح متوفرا يظل محل تساؤل عن معيار الفقر فى مصر .
· ترتيب مصر هو 120 من بين 177 دولة يشملها دليل التنمية البشرية ، بينما تأتى إسرائيل فى المرتبة 22 والبحرين 40 والكويت 44 وقطر 47 والإمارات 49 وكوبا 52 وهى المحاصرة إقتصاديا منذ الستينيات من هذا القرن .. شماعة العدد وتزايد السكان أصبحت حجة واهية بعد انطلاق التنين الصينى ليغزو دول العالم أجمع بسلع رخيصة يقبل عليها الناس فى الدول الفقيرة بعد أن تحول كل بيت فى الصين إلى وحدة منتجة وفشلنا نحن بكل الصناديق التى أنشأناها أن نخلق فرص عمل تستوعب أعداد الخريجين بمئات الألوف كل عام .. إن من يعيشون تحت معدل 2 دولار يوميا (خط الفقر طبقا لمؤشرات الأمم المتحدة) يبلغ عددهم 7ر52 % رغم أنف تصريحات وزير التخطيط الذى لايوافق حتى على التقديرات المتحفظة التى تحدد العدد ب 34 مليون مصرى .. التفاوت الطبقى فى مصر مخيف ومحير فى نفس الوقت .. أعنى 20% من السكان يحصلون على 6ر43% من الدخل القومى بينما أفقر 20% لايتحصلون سوى على 6ر8% .. والفارق بين الإثنين هو أن فى مصر أناس لايجدون نظريا رغيف عيش حاف يسدون به رمقهم ، وأناس ينفقون على الإحتفالات الصاخبة برأس السنة 5ر5 مليار جنيه سنويا ونفق الفرد منهم مابين 20 – 30 ألف جنيه يوميا .. حتى موظفو الدولة البالغ عددهم 5ر5 مليون موظف لم تتحرك مرتباتهم منذ عام 80 وهم بذلك ينضمون إلى طابور المحتاجين وتمثل الفجوة بين دخولهم المتدنية وسد حاجاتهم الأساسية حجم الرشوة والفساد المنتشرين على نطاق واسع الآن فى مصر.
المعنى أن الحكومة تسيئ إدارة موارد الدولة وتبيع أصولها وتدخل فى مغامرات غير مدروسة ومشاريع عملاقة لاتتوافر لها عناصر النجاح ولاتأتى بعائد سريع يساعد فى تحويل مصر تدريجيا إلى دولة نامية وليس دولة "نائمة" .. والناس بدورهم يعيشون فى جهل بما يدور حولهم .. تخدرهم كلمات الحكومة بأن الأحوال عال العال وأن المن والسلوى سوف يوزع على البيوت صباح كل يوم وأنه ليس مطلوبا منهم سوى الاستسلام للأمر الواقع وسوف تتولى الحكومة حل كل المشكلات إن لم يكن اليوم فباكر .. الحكومة توزع " مورفين الأمل " على الناس بالتساوى ، فلا يجدون حاجة لترشيد إنفاقهم ولا للتخطيط لحياتهم .. ليس هناك أدوار توزع ، وليس هناك التزام يحترم .. للناس حق الصراخ ، وللحكومة حق اتخاذ القرارات بموجب التوكيل على بياض الذى وقعته لنفسها نيابة عن شعب مصر بأكمله .
· المعونة الأمريكية يصرف معظمها على 26 ألف خبير أمريكى يعملون فى مصر ويحصلون على 35% من إجمالى قيمة المعونة سنويا (11 ألف فى التعليم و8 آلاف فى الزراعة و5 آلاف فى مجالات البنية التحتية والخدمات) أما الباقون الذين يصل عددهم إلى حوالى ألف خبير فيعملون فى مراكز البحوث العلمية والمعلومات والأرصاد ،اسواق المال والعقارات .. يضاف إلى هؤلاء 22 مكتبا استشاريا أمريكيا يعملون فى مجال تقييم أصول الشركات العامة المطروحة للخصخصة فى إطار برامج "بيع مصر" الذى يجرى على قدم وساق .. هؤلاء يتقاضون وحدهم 35 مليون دولار سنويا عبارة عن أجور ورواتب لمساعدتنا فى الإسراع بعملية بيع أصول الوطن وليس بالضرورة لأعلى سعر. تستفيد أمريكا إقتصاديا من برنامج المعونة الإقتصادية أكثر بكثير مما تستفيد مصر .. ويكفى ان نعلم أن 1200 موردا أمريكيا حصلوا على مليار و634 مليون جنيه خلال السنوات العشر الماضية مقابل معدات وآلات تم توريدها لمشروعات المعونة فى مصر ، أى مايعادل 20% من حجم المعونات الأمريكية التى حصلت عليها مصر، بالإضافة إلى 60 شركة مقاولات أمريكية تعمل فى مصر وتتولى تنفيذ مشروعات المعونة وتسندها من الباطن لشركات مصرية.. وهناك دراسة أعدها المركز المصرى للدراسات الإقتصادية تقول أن إجمالى الاستشارات والمساعدات الفنية لمشروعات المعونة الأمريكية قد وصل خلال العقدين الماضيين إلى 4 مليارات دولار، وأن متوسط مايحصل عليه الخبير الأمريكى الواحد شهريا يتراوح مابين 6 آلاف إلى 10 آلاف دولار. المعنى أن مصر بجلالة قدرها لم تستطع خلال النصف قرن الماضى أن تعد خبراء مصريين يكفون لإدارة مشروعات التنمية بها والبركة فى نظام التعليم الفاسد الذى ينتج خريجين أسماءهم هى الشيئ الوحيد الذى يعرفونه ولايخطئون فى كتابته بلغتهم الأم فمابالك بأى لغة أخرى .
· من جهة أخرى تعالوا نطل على سلوك الإنفاق الشعبى وأولوياته لدى الناس .. فى مقابل مليارات الحكومة الضائعة فإن الناس فى مصر يصبح لهم الحق فى إنفاق المليارات "ومافيش حد أحسن من حد" .. المصريون يدخنون 4 مليارات علبة سجائر سنويا ، وهم بذلك ينتقمون من الحكومة مرتين : مرة بتلويث الجو ، ومرة بحاجتهم للعلاج المجانى الغير متوفر حاليا .. من بين المدخنين فى مصر 14 مليونا ممن هم تحت سن 15 سنة وهؤلاء أيضا فريسة لك أنواع المخدرات التى تعصف بالضئيل المتبقى من عقولهم وأجسامهم ويجعلهم طول الوقت يعيشون فى منطقة اللآوعى التى تهرب بهم من الواقع الأليم الذى يعيشونه .. والمصريون يتكلمون فى تليفوناتهم المحمولة بما قيمته 7 مليارات جنيه ، ويرسلون لبعضهم رسائل ب 600 مليون أخرى ، ويشتركون فى مسابقات الرنات والنغمات من أول هيفاء وهبى إلى الآذان والأدعية وطمعا فى الجوائز ب 600 مليون أخرى .. أصبح عدد المشتركين فى المحمول فى مصر 32 مليون مشترك بعد أن كان مجموعهم 18 مليون عام 2006 .. أما مشتركى التليفون الثابت فقد بلغ عددهم 12ر11 مليون حتى نهاية عام 2007 .. وبلغت إيرادات الشركة المصرية للإتصالات محتكر الخطوط الأرضية فى مصر عن نفس المدة 12ر10 مليار جنيه . الصناعة الوحيدة التى لن تبور ولن يلحقها أى أذى من جراء الأزمة الإقتصادية العالمية هى صناعة الإتصالات لأن المصريين يحبون أن يتكلموا .. وجدوا فى الموبايل متنفسا لأن يبوحوا بأسرارهم وأن يلعنوا الحكومة وأن " يفتوا " فيما يعرفون ومالايعرفون وأن يتبادلوا النكات يفلسفون بها عجزهم عن تغيير الواقع المرير الذى يعيشونه.. ينتقم الناس من الحكومة بطريقتهم الخاصة : ترتفع الضرائب فتنقص الإيرادات 30 مليارا .. المشكلة هنا ليس فى الكلام أو فى سوء استخدام أجهزة التليفون " للرغى " وإنما فى أنه بحساب الإقتصاد فإن المليارات التى تصرف تضيع هباء على الناس وتستفيد منها شركات الإتصالات ولايقابلها أى قيمة مضافة أو عائد ملموس على الناتج القومى لمصر ومن ثم لايستخدم كله أو جزء منه فى خطط التنمية ولا فى خلق فرص عمل ولا فى تحسين أحوال الناس ودخولهم .. هل ارتفاع معدلات الأمية فى مصر وراء تلك الظاهرة الفريدة فى استخدام المحمول ( الحكومة تقول أن عددهم 17 مليونا والمنظمات الدولية تقول ضعف ذلك ) ؟ .. من أين لبائع متجول أو عامل نظافة أو بواب أن يشترى تليفون حتى ولو كان صينيا يتحدث فيه طول الوقت، ومن أين له شراء خط أو شحن هذا التليفون بكارت ، وكيف يكون مع كل أسرة معدمة أكثر من تليفون فى يد الإبن والإبنة .. أعلم أن الحرفيين لايستعملون تليفوناتهم إلا لقضاء مصالحهم الخاصة وللدردشة مثل باقى خلق الله ، ويتركون عبء الإتصال بهم على عملائهم بطريق " حديك رنة وانت تطلبنى " ولكن يظل أمر تدبير تكاليف حمل تليفون محمول يحل تدريجيا محل التليفون الثابت الذى أصبح متوفرا يظل محل تساؤل عن معيار الفقر فى مصر .
· ترتيب مصر هو 120 من بين 177 دولة يشملها دليل التنمية البشرية ، بينما تأتى إسرائيل فى المرتبة 22 والبحرين 40 والكويت 44 وقطر 47 والإمارات 49 وكوبا 52 وهى المحاصرة إقتصاديا منذ الستينيات من هذا القرن .. شماعة العدد وتزايد السكان أصبحت حجة واهية بعد انطلاق التنين الصينى ليغزو دول العالم أجمع بسلع رخيصة يقبل عليها الناس فى الدول الفقيرة بعد أن تحول كل بيت فى الصين إلى وحدة منتجة وفشلنا نحن بكل الصناديق التى أنشأناها أن نخلق فرص عمل تستوعب أعداد الخريجين بمئات الألوف كل عام .. إن من يعيشون تحت معدل 2 دولار يوميا (خط الفقر طبقا لمؤشرات الأمم المتحدة) يبلغ عددهم 7ر52 % رغم أنف تصريحات وزير التخطيط الذى لايوافق حتى على التقديرات المتحفظة التى تحدد العدد ب 34 مليون مصرى .. التفاوت الطبقى فى مصر مخيف ومحير فى نفس الوقت .. أعنى 20% من السكان يحصلون على 6ر43% من الدخل القومى بينما أفقر 20% لايتحصلون سوى على 6ر8% .. والفارق بين الإثنين هو أن فى مصر أناس لايجدون نظريا رغيف عيش حاف يسدون به رمقهم ، وأناس ينفقون على الإحتفالات الصاخبة برأس السنة 5ر5 مليار جنيه سنويا ونفق الفرد منهم مابين 20 – 30 ألف جنيه يوميا .. حتى موظفو الدولة البالغ عددهم 5ر5 مليون موظف لم تتحرك مرتباتهم منذ عام 80 وهم بذلك ينضمون إلى طابور المحتاجين وتمثل الفجوة بين دخولهم المتدنية وسد حاجاتهم الأساسية حجم الرشوة والفساد المنتشرين على نطاق واسع الآن فى مصر.
المعنى أن الحكومة تسيئ إدارة موارد الدولة وتبيع أصولها وتدخل فى مغامرات غير مدروسة ومشاريع عملاقة لاتتوافر لها عناصر النجاح ولاتأتى بعائد سريع يساعد فى تحويل مصر تدريجيا إلى دولة نامية وليس دولة "نائمة" .. والناس بدورهم يعيشون فى جهل بما يدور حولهم .. تخدرهم كلمات الحكومة بأن الأحوال عال العال وأن المن والسلوى سوف يوزع على البيوت صباح كل يوم وأنه ليس مطلوبا منهم سوى الاستسلام للأمر الواقع وسوف تتولى الحكومة حل كل المشكلات إن لم يكن اليوم فباكر .. الحكومة توزع " مورفين الأمل " على الناس بالتساوى ، فلا يجدون حاجة لترشيد إنفاقهم ولا للتخطيط لحياتهم .. ليس هناك أدوار توزع ، وليس هناك التزام يحترم .. للناس حق الصراخ ، وللحكومة حق اتخاذ القرارات بموجب التوكيل على بياض الذى وقعته لنفسها نيابة عن شعب مصر بأكمله .
No comments:
Post a Comment