Friday, April 08, 2011

المواكب بين قصور الرئاسة وقصور العدالة

المشهد واحد لايتغير .. سيادة الوزير يتحرك إلى مكتبه أو إلى قصر الرئاسة فتتوقف حركة الحياة وتغلق الشوارع فى وجوه الناس ويحبسون فى سياراتهم بالساعات ويصطف على جانبى الطريق تشريفه من الرتب الكبيرة لادخل لها بما يحدث فى الشارع سوى ترقب وصول موكب الوزير لأداء التحية له ولفتح الطريق أمامه حتى لايتعطل عن المهام المصيرية الجسام التى ينوء بها كاهله والتى صدعوا بها رؤوسنا لثلاثة عقود باعتبارها تضحيات يقدمها الحاكم ومن حوله وينبغى لنا أن نقدرها ونعترف بفضلها ونقنع بها .. أما إذا حدث وقرر من كان "يحتل" قصر الرئاسة أن ينتقل فى سيارة للذهاب إلى مجلس الشعب أو الشورى لزوم "الشو" الإعلامى وتوزيع المنح والعطايا على عبيد السلطان، فإن مصر كلها تتوقف وليس مهما بعد ذلك من كان يعانى سكرات الموت فى عربة إسعاف أو سعيا وراء الرزق يحاول أن يوفر الحد الأدنى من احتياجاته التى حرم منها لصالح جيوب "السادة اللصوص".


نفس المشهد يتكرر هذه الأيام ولكن فى إطار مختلف .. السادة اللصوص فى مواكب من السيارات المصفحة يذهبون إلى قصور العدالة لكى يحاكموا على جرائمهم ضد الشعب ونهبهم لثروات مصر وإشاعتهم للفساد فى كافة ربوع مصر الجميلة التى لطخوا وجهها وثوبها بأقذر وأحط الأفعال .. الرتب الكبيرة لم تعد تنتظر مرور مواكبهم لتحييهم وإنما لتحميهم من سخط الناس وغضبهم وإن كانوا لايستطيعون أن يفعلوا شيئا أمام صيحات الإستنكار واللعنات التى تنهال عليهم فى مظاهرات حاشدة تنتظرهم على أبواب المحاكم وعلى طول الطريق إليها.. الشيئ الوحيد الذى لم يتغير فى الحالتين هو خوف المسئول من الناس وحاجته إلى الحماية من احتمال اعتدائهم عليه لو أتيحت لهم الفرصة لذلك .. اللصوص الذين خربوا مصر بيعا بالجملة والقطاعى يعرفون جيدا أنهم مستهدفون ممن ائتمنوهم على تسيير أمور حياتهم فجاءوا لاليحكموا بالعدل وإنما ليسرقوا بالعدل.

وكثيرا ماجلست إلى نفسى أحاورها ويجنح بى الخيال محاولا أن أفكر بطريقة مبتكرة فى شيئ يجعلنا لاننسى ماحدث ونستفيد منه ولانكرر أخطاءنا وخطايانا فى قبول القهر والخوف من العقاب والسكوت على الإغتصاب الممنهج حتى لشبر الأرض الذى يعيش فيه المواطن المصرى ثم يدفن فيه بعد مماته واقفا بعد أن باع السادة اللصوص أرض مصر بملاليم دخلت خزينة الدولة وملايين دخلت جيوبهم وتضخمت بعد ذلك لتصبح مليارات سوف تتحول إلى نار تحرقهم هم وكل من اشترك معهم فى جريمة خيانة الوطن .. أحاول أن أتخيل نفسى مطالبا بقانون جديد يضيف كلمة " الغير" إلى العقوبة التى سوف يحكم بها على رؤوس الفساد فى مصر لكى تعريهم وتصفهم على حقيقتهم بدلا من الأسماء التى لايستحقونها وأصبحت بعد كشف المستور تثير التهكم والسخرية .. هم لايستحقون أن يكون فى أسمائهم كلمات تنم عن البركة والشرف والبهجة والإنبساط أوالعزيمة والإصرار على أن يحتلوا أعلى المناصب ويتربعوا على كراسى السلطة بالتزوير والقهر حتى الممات .

كلمة "الغير" التى أقترح إلزامهم بوضعها أمام أسمائهم – بعد أن يقول القضاء العادل كلمته فيهم وبعد أن يستعيد الشعب ماسرقوه منه - سوف تعيد الأمور إلى نصابها وتصفهم بما هم أهل له ، ولكى يعتاد الناس على مناداتهم بأسمائهم الجديدة أقترح أن توضع شارة بالإسم الجديد بلون لافت على بدل السجن التى يرتدونها أثناء تنفيذ العقوبة .. لو فعلنا ذلك فلن يكونوا فقط أمثلة حية ماثلة أمامنا دروسا وعبرا طول الوقت ، وإنما يمكن أن يكونوا عنصر ردع لغيرهم ممن تداعبهم أحلام القفز على السلطة ويؤمنون بمبدأ "الغاية تبرر الوسيلة".. وأثنى على ذلك باقتراح أن تتضمن المناهج التعليمية فى المرحلتين الإعدادية والثانوية نسميها "أخلاقيات العمل والمسئولية الإجتماعية" تنمى فى الطلاب قيم العمل وخدمة المجتمع فى إطار أخلاقى يحفظ للمجتمع ثوابته وقيمه ومثله.

No comments: