Friday, April 08, 2011

حين يصبح تجريس الشرفاء مهنة

حين أقرأ الحوارات التى يدلى بها رئيس مجلس الشعب السابق منذ فترة تنتابنى مشاعر مختلفة تتراوح بين الضحك والغيظ والشفقة وكثير من العجب .. الرجل يؤكد على أنه لم يكن "سيد قراره" وأن أحمد عز والشريف وعزمى كانوا هم من يملون على مجلس الشعب مايفعل ومايقول ومايوافق أو لايوافق عليه، وأن بعض وزراء عهد الفساد وعلى رأسهم وزير الداخلية كانوا يترفعون عن الحضور إلى المجلس الذى يرأسه ولايملك أن يجبرهم على ذلك بل إن القوانين كانت تأتيه جاهزة من الحكومة فيوافق عليها نواب الأغلبية وأنه فكر أكثر من مرة ألا يرشح نفسه لرئاسة المجلس ولكن الرئيس السابق كان يبلغه من خلال الشريف أو عزمى أن يرشح نفسه .. كان إذا معينا من قبل الرئيس المخلوع وكان يرأس مجلسا جلس نوابه على المقاعد بالتزوير وليس بإرادة الناخبين ، وكان المجلس الذى تولى رئاسته لأكثر من عقدين من الزمان لايملك أن يحاسب وزير أو يقيل وزارة ولكن الرجل لم يحترم نفسه ويستقيل احتجاجا أو يتفرغ لعمله ومكتبه مادام لايستطيع أن يؤدى عمله فى حماية الدستور والقانون وإنفاذ إرادة الشعب المفروض أنه أتى به .. ومع ذلك استحل الرجل كل مخصصات الوظيفة ومزاياها ومكانتها ولم يجد فى ذلك غضاضة ولم يتكلم إلا الآن بعد أن أمن شر من كانوا يحيطون بمبارك ويملون عليه وعلى مجلسه إرادتهم بالبلطجة السياسية تارة والترغيب تارة أخرى.


ساهم الرجل إذن من خلال موقعه فى إفساد الحياة السياسية فى مصر ضمن عصابة المستفيدين الشريف وعزمى وهلال وشهاب والعادلى ونظيف وعملوا بهمة ونشاط لإفراز خط ثانى من "وزراء الأعمال" الذين احتلوا مقاعد الوزارة ومقاعد مجلسى الشعب والشورى يدافعون عن مصالحهم ويشرعون قوانين تحميهم وتحمى ذريتهم من بعدهم ويجنون الثروات الحرام أراض ومناصب لذويهم ومليارات ينهبونها نهبا منظما يخفونها فى خزائن البنوك الأجنبية بعيدا عن متناول أصحابها الحقيقين الذين كانوا ينظرون إليهم على أنهم عبيد وأغوات فى قصر السلطان .. وحين جاء وقت الحساب بعد ثورة يناير سارع بعضهم إلى الهرب خارج البلاد ، واستطاع الباقون أن ينقذوا ماسرقوه من المصادرة والتجميد من خلال شبكة الفساد التى أنشأوها وبنوك يقوم على إدارتها مريديهم من المرتشين الذين باعوا أصول مصر وحصلوا على عمولاتهم وتقاضوا الملايين من وظائف لايستحقونها ثمنا لسكوتهم .. رئيس وزراء مصر الذى بدأ فى عهده بيع القطاع العام بهمة ونشاط يصبح رئيسا لبنك لايخضع لرقابة البنك المركزى ، ووزير المالية فى الحكومة السابقة يهرب إلى الخارج بعد أن استنزف كل مليم من جيوب المصريين لصالح "السادة اللصوص" حتى لايحاسب ، ورئيس وزراء حكومته لايستحى من إلحاق زوجته وأبنائه وأبناء أخيه وأخته فى مؤسسات تدفع مرتبات خاصة وبعضها بالدولار.

وكان من الطبيعى أن ينشأ طبقا لذلك مؤسسات وكيانات لاتحتاجها مصر استمرارا للدجل السياسى الذى كنا نعيشه ولايزال يمارس علينا لأن ذيول الفساد لايزالون يحتلون إدارة تلك المؤسسات التى لاتزال تدار لصالح من نهبوا مصر وتخلوا إلى حين حتى تسنح الفرصة للإنقضاض على الثورة واستعادة مواقعهم بمسميات وأدوار مختلفة .. ويتكشف لنا كل يوم فضائح جديدة "لدور إيواء" لأبناء وأقارب المسئولين فى كل مواقع الدولة المنهوبة بمرتبات وبدلات خيالية ، وبعضها جعلوه يتبع مجلس الوزراء مباشرة هربا من أى حساب أو رقابة سوى حتى لاينكشف المستور مثل الإعلام ومركز معلومات مجلس الوزراء والصندوق الإجتماعى ووزارة الإستثمار ناهيك عن المناصب الجامعية المميزة وجيوش مستشارى حزب الفساد .. إعلام مصر الشريف بدأ يفتح ملفات تلك الجهات ويحصل بالأسماء على الدلائل والقرائن التى سوف تقود إلى محاكمات سوف تكشف بدورها حجم الفساد فى تلك الجهات ومدى الظلم الإجتماعى الذى تمثله وانتهاك حقوق الإنسان والفرص المتكافئة وتبديد موارد الدولة لتدخل جيوب من لايستحق عن أعمال لاتتم ووظائف لاوجود لها ومؤتمرات ديكورية يصرف عليها الملايين ولانحتاجها.. نجح الحزب الوطنى على امتداد ثلاثين عاما فى خلق بلطجية بهوات يجلسون فى مكاتب فخيمة ويديرون مؤسسات الفساد ، وبلطجية شارع يطلقونهم كالكلاب الضالة تعقر الشرفاء "وتجرسهم" حتى لايتصدوا للفساد ويهددوا إمبراطوريات رؤس الفساد وصبيانهم ، ولكن الحصون سوف يتوالى سقوطها وسوف تتطهر مصر من "الأرزقية" وبائعى الوهم ومحترفى الإفساد.

No comments: