Saturday, April 09, 2011

رد على سؤال خطير للشاعر فاروق جويدة

تناول الشاعر الكبير فاروق جويدة فى مقاله الرائع بأهرام الجمعة 8/4 الذى أنصح بقراءته لمن لم يقرأه وإعادة قراءته بإمعان وتدبر لمن قرأه بالفعل لما يحتوى عليه من نظرة نافذة تتغلغل إلى عمق الأخطار التى يعيشها الوطن حاليا وتنبه إلى المخاطر التى تدبرها ماأسماه "حكومة اللهو الخفى" التى لازالت تعبث بمقدرات مصر وتتحين الفرص لتمهد لعودة الأحوال إلى ماكانت عليه قبل 25 يناير.


ألقى الكاتب فى مقاله بسؤال خطير وهام يجسد مدى الفجر (بضم الفاء) الذى يتمتع به فلول وأتباع النظام المخلوع والذين لايزالوان يحتلون مناصب هامة فى مؤسسات حيوية بالدولة تمكنهم من استغلال إمكاناتها والتأثير على مجريات الأحداث وتشكيلها لصالح استعادة السيطرة والإنقلاب على الثورة وعودة النظام الذى تربوا فى أحضانه وحصدوا بسببه كل ماطالته أيديهم من مكاسب ، ليست لهم وحدهم وإنما من ذويهم ومعارفهم وأصداقائهم وباقى فرق "إمبراطورية الفساد" التى امتدت لتشمل مساحة الوطن وتتجاوزه لكل مصالحه وهيئاته ومؤسساته بالخارج "يبرطعون" فى خيراتها ملكا خالصا يفعلون به مايشاءون.. تساءل الكاتب عن معنى أن يشمل جدول الحوار الوطنى بندا غريبا يطلب المصالحة مع النظام المخلوع على الرغم من كل الجرائم المالية والأخلاقية التى ارتكبت فى ظل هذا النظام وتحت عباءته وحمايته بل ومباركته، وأنا أقول للكاتب المحترم : "إذا عرف السبب بطل العجب ياسيدى".

فى مصر كيان يسمى "مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار" وهو تابع لمجلس الوزراء ، أسسه رئيس وزراء سابق يحاكم الآن بتهم الفساد والتربح ، وظل لمدة 25 عاما ينمو نموا سرطانيا من حيث الحجم والإمكانات حتى صار يعمل به مايقرب من600 موظف .. والفكرة بالقطع جيدة لو كان المركز فعلا يقوم بدوره الذى أنشئ من أجله فى قياس اتجاهات الرأى العام وتحليلها ثم عرض النتائج مشفوعة بتوصيات لمتخذ القرار لكى يتخذ من القرارات مايلبى احتياجات الناس ويشبع طموحاتهم المشروعة .. الواقع المرير يقول أن المركز تحول إلى "دار أيواء" لأبناء المسئولين بدءا من آخر رئيس وزراء النظام المخلوع إلى رئيس مجلس الشعب وأعضائه البارزين إلى أعضاء لجنة السياسات ورئيس واعضاء مجلس الشورى ورؤساء بعض الجامعات الخاصة الذين تربطهم برئيس المركز مصالح حزبية وشخصية مشتركة.. والمركز المذكور يضم مجموعة هائلة من الإستشاريين المتقاعدين سواء طول الوقت أو بعض الوقت فى مهام لاتصب فى النهاية فى صميم عمل المركز كما قلنا. والدليل على مانقول أن المركز المذكور هو صاحب استقصاءات الرأى الغريبة والعجيبة التى تدعو إلى السخرية والتى تناولتها أجهزة الإعلام بالتعليق حتى أتاها تعليمات رؤوس الفساد بأن تتوقف .. وكلنا نذكر نتيجة الإستفتاءات التى تقول أن أكثر من 86% من المصريين يوافقون على سياسات حكومة نظيف ، ومثلها عن أداء مجلسى الشعب والشورى .. والغريب أن تنشر مثل تلك التفاهات فى كتيبات فخمة بالألوان ترصد إنجازات حكومتى المتعاقبتين وتهدر الملايين من أموال الدولة على نشاطات يقوم بها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء بموظفيه الحكوميين الذين يتقاضون الملاليم بينما يتقاضى أبناء المحاسيب فى المركز المذكور الملايين على امتداد سنوات عمره.

الأدهى من هذا ياسيدى أن رئيس المركز الحالى والذى أتى به نظيف وهو عماد من عمد النظام الفاسد خريج نفس المركز، وبالتالى نفس المدرسة فى التفكير، قبل أن يأتى به جمال مبارك رئيسا لوزراء مصر بل إن زوجته الحالية أيضا من خريجى نفس المركز، ، رئيس المركز هذا قد أسند إليه منصبا وزاريا فى الحكومة الحالية – ربما بترشيح ممن لايزالون يسكنون مجلس الوزراء وبعض اقربائهم يتولون مناصبا تنفيذية بالمركز - وهو الذى كان وراء تنظيم الحوار الوطنى الذى أدارته رئيسة وحدة من وحدات المركز المذكور تسمى "وحدة العقد الإجتماعى" التى رفعت فى وقت ما شعار "الألف قرية" كمشروع يروج لتوريث الحكم ويتبناه جمال مبارك، وهو مشروع لم ينفذ منه سوى ملفات تحوى دراسات نظرية وبحوث سطحية لزوم التلميع الإعلامى .. هذه الوحدة تعيش على ملايين المنح والقروض التى يتلقاها المركز لاليصرفها على إصلاح وتنمية مصر ولكن مكافآت ومرتبات وبدلات سفر ورحلات يتمتع بها أبناء الصفوة ممن أنشئ المركز لاستيعابهم .. تلك هى الإجابة على سؤال الأستاذ جويدة الذى أوافقه الرأى بأن "حكومة اللهو الخفى" لاتزال تتسلل إلى مناصب الدولة ودوائر صنع القرار بها تخدم (بتشديد الخاء) على النظام القديم "وولى النعم" تظهر الولاء للحاضر وتتلون بلونه خداعا وتمويها حتى تحين الفرصة للإنقضاض وتعود فلول المماليك والدلاه إلى الحكم مرة أخرى.

No comments: