Friday, January 29, 2010

آراء صادمة عن جودة التعليم فى مصر

كان لابد أن أكتب عن هذا الموضوع بعد أن قرأت آخر حديث أدلى به المسئول الأول عن جودة التعليم والإعتماد فى مصر لصفحة "جامعات ومدارس" (الوفد – 25 نوفمبر) وقبله بعدة أيام لمحرر الأهرام. الحديثان يثيران من علامات الإستفهام أكثر بكثير من الإجابات التى انتزعها المحرران ودللت بشكل صادم عن حجم المأساة التى يعيشها التعليم فى مصر والذى أصبح فى حاجة إلى قبلة الحياة قبل أن نغلق المدارس والجامعات بالضبة والمفتاح لحين إشعار آخر عندما يكتمل لنا الحد الأدنى لمستوى تعليمى يسير بنا فى الإتجاه الصحيح للإدعاء بأن لدينا تعليما يقوم على رؤية شاملة وتخطيط استراتيجى يرتبط بالخطط القومية للتنمية. قلنا قبل ذلك بأعلى صوت ولازلنا نصرخ بأن البنية التحتية للمنظومة التعليمية فى مصر مهترأة وتحتاج لإحلال مثلما نفعل بشبكات الصرف الصحى والمياه والإنارة لكى توفر ولو الحد الأدنى لاحتياجات الناس .. وتحدينا أن يخرج علينا أى مسئول عن التعليم بما يسمى "خطة استراتيجية" وليس "قائمة أنشطة" تصلح لإطفاء الحرائق هنا وهناك وتسكن من المطالبات المخلصة بأن تضع مصر التعليم فى أولى أولوياتها إذا كنا نأمل فى أى إصلاح قومى أو إقليمى أو عالمى ..الآراء التى أذكرها تدل على أنه لايوجد خطة استراتيجية قومية لإصلاح حال التعليم فى مصر لا للعشر سنوات القادمة ولا لخمسة سنوات ولاحتى سنتين من الآن .. وإليكم الدليل :
• فى إجابة على سؤال لماذا لايتولى شأن الهيئة المسئولة عن جودة التعليم والإعتماد متخصص فى شئون التعليم بدلا من مهندس تجنب المسئول الإجابة وأكد أنه على دراية تامة بالموضوع وأنه قد تلقى بعض التدريب العملى على العمل و كان يساعد السيدة حرمه فى بحوثها المتعلقة بمجال التعليم ومجال تخصصها.. لم يعلن المسئول عن أى جدول زمنى يتم خلاله تأهيل المدارس والجامعات ، ولا الأسس التى يتم على أساسها التأهيل عملا بمبدا الشفافية فى موضوع يحدد مستقبل مصر.
• وفى سؤال آخر عمن يقوم بالتقييم أجاب أن الهيئة قد دربت مايزيد على 3500 خبير للقيام بهذا العمل ، ولكنه أضاف أن الهيئة سوف تشرك خبراء أجانب إلى جانب الخبراء المصريين لكى يشاركوا فى عملية التقييم والزيارات الميدانية لكى يأخذ التقييم لكى يأخذ التقييم "طابعا دوليا" .. كنا نفهم أن يتم ذلك لو كانت المعايير التى وضعتها الهيئة معايير عالمية لجودة التعليم ، ولكن المعايير التى وضعت معايير محلية لاترقى إلى مستوى المعايير العالمية ومن ثم فإن اشتراك الخبراء الأجانب فى التقييم مضيعة للوقت والجهد والميزانية الضخمة التى رصدتها الدولة لهذا الغرض والتى تزيد على المليار جنيه سنويا.. لم يقل لنا المسئول عن جودة التعليم موضع البحث العلمى من عملية الإعتماد ولا كيف يكون هناك تعليم عال بلا بحث علمى .
• وعن عدد المدارس والجامعات أو حتى الكليات التى تم اعتمادها حتى الآن رغم مرور من أربعة سنوات على إنشاء الهيئة كانت الإجابة بأن المدارس والجامعات بدأت فى الإستجابة للتقدم للإعتماد وأن ذلك سوف يتم تباعا وأن الهيئة تقوم بتدريب الكوادر التعليمية للمساعدة فى الحصول على الإعتماد .. وفى ذلك خلل واضح حين تقوم جهة ما بوضع المعاييروالتدريب على تحقيقها ومراقبة تنفيذها والإلتزام بها ثم تقوم نفس الجهة بتقييم الأداء ومنح الإعتماد فتكون خصما وحكما فى نفس الوقت.. يحدث ذلك فى الوقت الذى يوجد به مشروع قومى آخر رصدت له الدولة مليار جينه أخرى مهمته أن يعد الجامعات للتأهل للإعتماد ويقوم بالتدريب على ذلك .
أصبح حديثا مكررا معادا أن نضرب المثل بالخطر الذى استشعره المسئولون فى الولايات المتحدة الأمريكية حين أحسوا بتدهور مستوى جودة التعليم ، والتقرير الذى صدر عقب ذلك بعنوان " أمة فى خطر" والذى تلاه خطة شاملة مكتملة للنهوض بمستوى التعليم لكى يظل لأمريكا الريادة فى هذا المجال .. وفى مصر لسنا " أمة فى خطر" وإنما " أمة تنتظر كارثة" ولايزال العرض مستمرا..!

No comments: