Wednesday, March 09, 2011

قصتى مع مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء

بعد إلحاح وبعد وضع شروطى لقبول العمل بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء وأولها أن أمكن من إجراء الإصلاحات المطلوبة لكيان ظل لمدة 25 عاما على حاله من الجمود وعدم التطور وسوء الإدارة على الرغم من اللآفتة البراقة التى تزين واجهة المبنى بما يوحى أنه مركز الفكر لمجلس الوزراء بينما هو فى حقيقة الأمر لايعدو أن يكون قاعدة بيانات لمؤسسات الدولة وتكرار مشوه لما يقوم به الجهاز المركز للتعبئة العامة والإحصاء فى مصر.. ولعل الخطاب الأخير الذى سلمته لرئيس المركز المذكور بعد عام من عملى الذى تركته غير آسف بعد أن أعيتى الحيل وفرغ صبرى فى محاولة رفع الظلم عن الناس وبناء هيكل مؤسسى يعمل المركزيوضح أننى فعلت ذلك بعد من خلاله وتوصيف عمل المركز ووضع خطة استراتيجية توضح الأهداف التى يسعى لتحقيقها

د / مــــــــــاجد

الآن وقد تحررت من قيود المنصب التى كانت تفرض على بحكم موقعى والأعراف الأخلاقية والمهنية المحترمة التى تربيت عليها ، أرى أنه من المناسب أن أستثمر بعضا من وقتى لكى أسترجع مشوار إستمر اكثر من عام صدقت فيه أنك جاد فى تطوير المركز وإحداث التغيير اللازم لكى يتم هذا التطوير. وأنا أفعل ذلك لسببين هما :
1. واجبى تجاه نفسى وتجاه سمعتى المهنية يستوجب أن أدافع عنهما بالحقائق الدامغة التى أمتلكها.
2. المسئولية الأخلاقية والإجتماعية تجاه وطنى اللذان يحكمان كل عمل توليته أو مهمة كلفت بها منذ أن كنت طالبا صغيرا.
وسوف أحاول قدر الطاقة وأنا أفعل ذلك أن أبسط العرض لكى أضمن حدا أدنى من الفهم الإدارى يتيح لك فهم ماأقول ، وقد كنت أتمنى أن يتوافر ذلك حين بدأت مهمتى فى المركز حتى تكتمل المهمة بالشروط التى وضعتها أنا ووافقت عليها جميعا ولكنك على مايبدو لم تكن تدرك أن ذلك يتطلب إلتزاما وشجاعة فى اتخاذ القرار من نوع خاص.

أولا – قصــة إلتحـــاقى بالمركــز (سعيت إلى ولم أسع إليك)

1. طلبت لقائى فى الأسبوع الأول من مايو 2009 وقابلتنى بترحاب واحترام شديدين عقب دورة تدريبية ناجحة وافقت على إدارتها وألححت على أن أنضم إلى فريق العمل بالمركز فورا وطول الوقت .
2. عرضت على أن أتولى الإدارة العامة للموارد البشرية خلفا لمديرها الذى حضر اللقاء وكان يستعد للإنتقال لعمل آخر خارج المركز.
3. رفضت طلبك حيث أن الوظيفة المعروضة أقل من أن تستوعب إمكاناتى وخبرتى الأكاديمية والميدانية فى مجالى الإدارة والموارد البشرية.
4. إقترحت عليك أن يكون المنصب " مستشار رئيس المركز للموارد البشرية" حيث أستطيع أن أتمتع بالمرونة الكافية لخدمة المركز واقتراح أوجه التطوير التى تنهض بالعاملين فيه على كافة مستوياتهم.
5. وافقت على طلبى وألححت فى معرفة المقابل المادى الذى أتوقعه .. وقلت لك بصراحة شديدة أنى لاأتوقع من وظيفة حكومية راتبا يوازى ماأحصل عليه من عملى كإستشارى ولكنى اشترطت عليك ألا يقل راتبى عن أعلى راتب يدفعه المركز لأى من العاملين فيه.
6. إثباتا لجديتى وحسن النوايا ، وتأكيدا لأنى أقبل الوظيفة باعتبارها فرصة لخدمة بلدى فى موقع هام وحيوى مثل المركز قمت بتوقيع عقد عمل على بياض وسلمته للموظف المسئول بالموارد البشرية تاركا لك تحديد المرتب الذى تراه مناسبا.
7. مرة أخرى – بعد استلامى العمل – قمت على فترات بالتبرع لمكتبة المركز بدفعتين من الكتب من مكتبتى الخاصة (حوالى 200 كتاب) وكذلك أكثر من 44 برنامج تدريبى سلمت للموارد البشرية بل وطلبت أن يسمح للعاملين الذين يرغبون فى الإحتفاظ بأحد البرامج أن يتم ذلك دون مقابل.
8. كل أدوات مكتبى والأدوات الكتابية التى احتاجها فى عملى جئت بها معى لاستخدامها فى عمل المركز (كل عهدتى كمبيوتر شخصى يقل فى إمكاناته كثيرا عما أملك ودباسة لم استخدمها لرداءتها).
9. بل إنك وأنت تناقش معى تعيين مدير موارد بشرية محترف سقت ضمن مبرراتك للرفض أن " عيله صغيرة طلبت ....... شهريا وأنك نفسك لاتتقاضى هذا المبلغ" ولعلك الآن تعى أنى قد قبلت بكل تاريخى وخبرتى بنصف ماطلبته من تحدثت عنها.
10. بناء على طلبك بأن أعمل بالمركز طول الوقت قمت بتأجير مكتبى وتفرغت تماما للمركز باستثناء محاضراتى بالجامعة طبقا لما تم الإتفاق عليه معك مع مافى ذلك من خسارة مادية كبيرة تحملتها بنفس راضية إيمانا برسالة أؤديها لتطوير مركز إنشئ منذ 25 عاما.
11. لم أكتف بتقديمك لى وإعلانك التحاقى بالعمل فى المركز ، وجهزت عرضا كاملا لتصور مكتمل للأولويات التى ينبغى التركيز عليها وأسلوب العمل على كل مديرى المركز بمستوياتهم المختلفة فى حضورك.
12. لم أتقاض مرتبى إلا بعد شهرين من العمل .. ولم أكلف خاطرى حتى بمتابعة ذلك ولكنى بدأت أتساءل : لماذا تستغرق عملية اتخاذ القرار فى أمر بسيط كهذا كل هذا الوقت ؟ وكانت تلك بداية القصة وعلامة لاتغيب عنها عين الخبير لاتبشر بخير.
13. كانت الرسالة التى كنت أتمنى أن تستوعبها إنى قد جئت المركز لأعطى لا لآخذ مثل من يحيطون بك وتوليهم ثقتك الكاملة على الرغم من رأيك فيهم ورأيهم فيك والذى لايصلك بالطبع.

ثانيا – مؤشرات مهنية خطيرة (من الذى يتخذ القرار فى المركز؟)

1. سألتك فى أول اجتماع لنا عن رأيك فى الصف الأول من المديرين المحيطين بك وأفزعنى رأيك فيهم وانتقاداتك اللآزعة للسلوك الشخصى لبعضهم .. وكان طبيعيا أن أسأل لماذا أبقيت عليهم وقد مضى على توليك المسئولية مايقرب من خمس سنوات ولم أتلق إجابة شافية.
2. كان طبيعيا بعد ذلك أن أناقش معك ضرورة تعيين مدير للموارد البشرية حيث لايمكن أن تترك إدارة هامة مثلها بدون مدير .. واقترحت عليك أن تسمح بإعلان داخلى نختار على أساسه وطبقا لمعايير محددة من يصلح من العاملين بالمركز ، فإذا لم نجد نلجأ إلى التعيين من الخارج.
3. رفضت بإصرار وقلت لى بالحرف الواحد : " الألمان قالولى أن فلانة جاهزة لتولى المنصب ، وأنا أثق فيهم" كانت تلك هى المرة الأولى التى أسمع فيها عن مشروع Inwent والشركة الألمانية التى تتولى تنفيذه Donkmodellوتتولى تنفيذ معظم البرامج التدريبية للعاملين بالمركز. وتساءلت يومها ماشأنهم بمن يتولى وظائف المركز ولماذا يتدخلون فى تلك الأمور؟ ولماذا يتجاوزون دورهم إلى التغلغل فى عملية اتخاذ القرار فى المركز؟ ولم أحظ منكم بإجابة ولكنى احتفظت بالمعلومة على أنها مؤشر سلبى آخر فى عملية صنع القرار بالمركز.
4. قلت لك رأيى بصراحة فى التى اخترتها لكى تشغل الوظيفة وعدم كفاءتها أو توافر الحد الأدنى من الخلفية المهنية التى تؤهلها ‘ ولكنك أصررت على رأيك وقلت أنها سوف تشغل الوظيفة بصفة مؤقته لحين اتخاذ قرار وابتدعت لها مسمى وظيفى لم أشهد له مثيلا فى حياتى هو " القائم بعمل نائب مدير الإدارة " فى إدارة ليس لها مدير أصلا لكى يكون لها نائب ناهيك عن القائم بعمل النائب. وكان ذلك مؤشرا خطيرا على عدم توافر أى نظم تحكم الإختيار أو الترقية (تأكدت من ذلك فيما بعد) والعوامل الشخصية التى تحكم هذا الأمر.
5. بعد أسبوع واحد فقط من التحاقى بالعمل قمت بطلبى أثناء العطلة الأسبوعية ودعوتنى لمرافقتك إلى الإسماعيلية لتفقد برنامج تدريبى نظمته Inwent (عرفت فيما بعد أن الغرض الأساسى كان لتقديمى للمدرب وهو أحد الشركاء )
6. أتيحت لنا الفرصة مرة أخرى لمناقشة حال إدارة الموارد البشرية وأكدت لك أن الوضع الذى اخترته لايحل مشاكل الإدارة ولايضمن تطبيق سياسة عادلة على كل العاملين ولا وضع النظم التى تضمن ذلك، وكذلك التأثير السلبى لذلك على عملية التطوير التى جئت لإنجازها.
7. لما أصررت على رأيك عرضت أن أقدم استقالتى وأن أعفيك من أى إلتزام تجاهى حيث أنى كنت قد ايقنت مسبقا بعدم اكتمال المهمة التى أتيت من اجلها بالمستوى الذى أقبله ، ولكنك رفضت وأكدت على تمسكك بى.
8. هنا طلبت تغيير وظيفتى إلى " مستشار رئيس المركز للتطوير المؤسسى والتنمية البشرية " .. وحينما عرضت أن يبقى المسمى الوظيفى كما هو وأمارس العمل الذى اريد رفضت بشدة حيث لاأقبل أن ينظر إلى الناس على أنى المسئول عن إدارة غير كفء لتولى شئونهم ولاتملك بشكلها الذى وجدته ولا بكفاءات العاملين فيها أن ترد الحقوق وترفع المظالم وتضع النظم الكفيلة بحسن إدارة شئونهم.
9. رتبت لكى أصطحب مسئول Inwent فى سيارتى فى طريق العودة من الإسماعيلية وأن أصحبه إلى المطار لكى انتهز فرصة الرحلة فى الوقوف على مزيد من المعلومات والحقائق عن حقيقة الدور الذى تلعبه شركته فى تنفيذ البرنامج ومدى تغلغلهم فى إدارة شئون المركز عن بعد. وقد عرفت الكثير مما أفزعنى.
10. الخلاصة التى خرجت بها أن الشركة التى تنفذ المشروع أوهمتك - على غير الحقيقة – أن لديك إدارة مكتملة للموارد البشرية لأن من مصلحتها أن يكون لدى المركز إدارة ضعيفة للموارد البشرية وجودها كعدمه تخدم مصالحهم ويسهل السيطرة عليها ولضمان الحاجة المستمرة إلى خدماتها فيتجدد عقدهم مع المركز كل عامين كما حدث بالفعل بعد ذلك.

ثالثا – مؤشرات أكثر خطـــورة (إنعدام الرغبة الحقيقية فى التطوير)

1. ولأنى أحسست أنك بالقطع ليس لديك تصور كامل لعملية التطوير التى اقترحتها عليك فقد اقترحت عليك تشكيل لجنة تتولى دراسة الموضوعات وعرضها عليك وقبلت الأسماء التى عرضتها عليك ولكنك أضفت إليها بعض الأسماء التى لم أوافق عليها لأن أصحابها إما عديمى الخبرة أو يجيدون الكلام وليس لديهم نية للعمل وإعطائهم انطباعات كاذبة بأهم أصحاب رؤية ومعلوماتهم التى استقوها من كتاب أو إثنين قرؤوهما ويرددونها كالببغاوات لاتتعدى مستوى الطلاب المبتدئين فى علم الإدارة.
2. جاهر بعض المقربين إليك بالرفض التام للمشروع وبعضهم لم يجاهر ولكنه فعل كل مايستطيع لكى يجهض أى تطور.
3. وصل الأمر إلى حد إرهاب العاملين فى إدارات المركز المختلفة لعدم المشاركة فى أى نشاط أدعوهم إليه.
4. الناس فى المركز بوجه عام يخافون على مصدر رزقهم ، وقد تم استغلال ذلك بصورة بشعة فى إخافة الناس وتهديدهم.
5. ولكن أكثر المؤشرات خطورة كان تصريحك – دون أن يهتز لك طرف – ولم يكن قد مضى على عملى بالمركز سوى شهور أمام معالى رئيس الوزراء فى زيارته للمركز بأن المهمة التى أسندها إليك حين تم اختيارك لرئاسة المركز لتحويل المركز إلى "مركز فكر حكومى" قد أكتملت. وأنت تعلم بالقطع أن ذلك يجافى الحقيقة تماما.
6. قرر البعض ممن وضعت أسماءهم بنفسك فى قرار تشكيل اللجنة بمقاطعة اللجنة واجتماعاتها معتمدين على عدم حضورك الإجتماعات وهو نوع من المقاومة السلبية المعروفة لمن درسوا الإدارة ومارسوها مثلى .
7. لم تشرف سيادتك اللجنة بالحضور سوى مرة واحدة فى أول اجتماع لها واعتذرت عن باقى الإجتماعات التى كنا قد حددناها سلفا باجتماع واحد كل شهر (الأحد الأخير من كل شهر).
8. حتى موافقتك على اجتماع أسبوعى معى لمدة ساعة لعرض نتائج العمل عليك تقلص بعد ذلك لنصف ساعة ‘ ثم ألغى تماما من قبلكم باعتذارات دائمة (إجمالى الإجتماعات خلال عام لم تزد عن ثلاثة).

رابعا – منهج العمل الذى اتبعته (جئت لأشارك فى تنفيذ ماأقترحه وليس تقديم تقرير نظرى يشخص الحالة)

1. آليت على نفسى أن اقوم بدور "ضمير المؤسسة" وأن أنبه إلى المشكلات وأن أقتحمها وأقترح الحلول المناسبة لها بغض النظر وعدم الإلتفات إلى العداءات التى يسببها ذلك مع جماعات المستفيدين وأصحاب المصالح داخل المركز.
2. لم تتحمل "صراحتى المهنية" لاأنت ولا الملتفين حولك لأن ذلك يمثل تهديدا لمصالح عديدة يحققها هؤلاء على حساب "بيع صورة" مزيفة لحقيقة المركز وإنجازاته وتأثيره.
3. كان يمكن – مثلما هو الحال بالمركز – أن أمارس دور " الإستشارى" بطريقة تقليدية أبحث الأمور التى تحول إلى منك لأبدى رأيى فيها . كان ذلك كفيلا بأن أظل أعمل بالمركز لسنوات طويلة دون أى قيمة مضافة ، ولكن ذلك شيئ لاأرتضيه لإسمى ولا لضميرى المهنى.
4. وكنت أستطيع أن أكتفى بتشخيص المرض فى تقرير / تقارير أرسلها إليك كما فعل الإستشاريون الأجانب والمحليون الذين تعاقدتم معهم قبلى ولكنى فضلت أن أتصدى للمشكلات كما قلت وصدقت أنك سوف تساند تلك الجهود وتقف وراءها.
5. قمت بعرض خطط العمل فى عروض عامة على قيادات الشركة وإرسالها لكل العاملين فى شفافية تامة وتحديدا للأدوار. وأسعدنى تطوع العديد من العاملين فى اللجان التى شكلتها لتنفيذ تلك الخطط مما يدل على رغبة عامة فى التغيير والتطويرز
6. فى العروض التى قدمتها كنت منتهى الوضوح فى بيان ضرورة تأهيل المديرين بالمركز ورفع مهاراتهم وقدراتهم وبينت مواطن الضعف تحديدا والمهارات والجدارات الشخصية المطلوب تدريبهم عليها لكى يستطيعوا أن يقودوا فرق العمل التابعة لهم والتى تفوقهم خبرة وعلما وكفاءة.
7. المعايشة من خلال الإجتماع بكل مدير من مديرى المركز على حدة لتحديد احتياجات التطوير والوقوف على المشاكل على الطبيعة.
8. الإجتماع بالعاملين بكل الإدارات لنفس الغرض ولتحديد المشكلات العاجلة التى ينبغى التعامل معها وإعطاءها الأولوية.
9. تشكيل لجنة للتطوير المؤسسى برئاستك تتولى وضع خطة عمل لخمس سنوات وتنفيذها. وذلك ماأفزع المجموعة التى تلتف حولك والتى لاتريد أن تلتزم لابخطة ولابأهداف ولا بحساب النتائج.
10. إجراء استقصاء للرأى يستهدف كافة العاملين لأول مرة فى تاريخ المركز عن الطريقة التى يقاس بها ناتج عملهم وجاءت النتائج لتؤكد الحاجة الملحة لوضع نظام موحد يضمن عدالة التقييم (قدم لكم نظام متكامل اختفى فى الأدراج ولم ير النور)
11. بناء القدرة الذاتية للعاملين فى كل إنجاز عن طريق المشاركة والعمل من خلال مجموعات عمل .
12. فتح باب مكتبى لكل صاحب حاجة أو حق ومحاولة حل المشكلات ورد الظلم بقدر الإمكان ( تكشف لى الكثير من المآسى طبقا لذلك وأيقنت أنك لاترى سوى الصورة الوردية التى يصورها لك مجموعة المنتفعين بانشغالك وعدم تفرغك لإدارة المركز وتجنبك للمواجهة)

رابعا – ماتــم إنجــازه بالفعــــل

مرفق صورة التقرير المرسل إليك بتاريخ 2/2/2009 عن الفترة من أول مايو 2009حتى آخر يناير 2010 والذى يبدو أنك لم تقرأه أو لم تستوعب ماجاء به.يتضح من التقرير أن كل ماقدم لك خلال تلك الفترة القصيرة مشروعات مكتملة جاهزة للتنفيذ ولكنك لم تتخذ فى أى منها قرارا واحدا لتنفيذها ولم تعلق على أى منها أو حتى تناقشه معى واحتفظت بها جميعا فى مكتبك وتهربت من مناقشتها معي بشتى الحيل والأعذار.


خامسا – تشخيص سريع لمأساة المركز (ليتك تثق فى سلامة التشخيص)

المركز بحالته الراهنة كيان هلامى ، ووهم مؤسسى يقوم على أسس شخصية وغير موضوعية .. وقد يخدع الهواة ممن لم يدرسوا ويمارسوا الإدارة (وهو مليئ بهم) وهو حالة عملية تستحق التدريس والإستشهاد بها كمثل من أمثلة عشوائية الإدارة .. ويتجلى ذلك فيما يلى :

1. مجموعة صغيرة غير مؤهلة تحيط بك وتشكل "شرنقة" تعيش فيها متوهما أن العمل يسير بالمركز بسهولة ويسر. هؤلاء يحتاجون إلى إعادة تأهيل مهنى وشخصى ثم تقاس صلاحيتهم بعد ذلك لتقلد المناصب وتولى المسئوليات التى أسندت إليهم.
2. إدارة للموارد البشرية لاتعدو أن تكون " مكتب تمثيل لInwent” " ولاعمل لها سوى "توريد" العاملين للبرامج التدريبية للشركة المسئولة عن هذا البرنامج والسفر خلفهم فى كل مكان داخل مصر وخارجها.
3. سياسات ونظم "تفصيل" تخدم أغراض من وضعوها اجتهادا على غير علم أو دراية ولاتخضع فى تطبيقها لأى معايير موضوعية تحقق العدالة للعاملين.
4. عدم وجود هيكل تنظيمى لقطاعات وإدارات المركز يحدد الإختصاصات وعلاقة العمل بينها.
5. عدم وجود أى توصيف وظيفى لأى من وظائف المركز يمكن الإعتماد عليه فى التعيين أو إسناد المهام أو حتى قياس الأداء.
6. وجود ثلاثة نظم للتقييم وقياس الأداء دون توافر أى أسس موضوعية فى أى منها ، وإنما جلسات "عرفية" يتحدد فيها تحديد مستوى أداء الإدارات والعاملين فيها (وهذه أعجوبة يستحق عليها المركز جائزة فى الإبداع فى سوء الإدارة)
7. عدم وجود نظام معلن للترقيات والأمر متروك لكل مدير يفعل بالعاملين معه مايشاء.
8. حرية مطلقة للمجموعة التى تحيط بك فى فصل أى موظف دون إبداء الأسباب وبطرق مهينة أحيانا (بمجرد أن يقرر "أحدهم" أن يطرد موظفا من إدارته فإنه يرسله للبقاء فى الموارد البشرية لحين تدبير عمل آخر له – فى بعض الحالات استغرق هذا الأمر 3 شهور .. وكأن الناس يعملون فى محل بقالة وليس مركزا محترما يتبع مجلس الوزراء). يتم ذلك دون تحقيق وتوافقون عليه ، بل وافقتم على فصل بعض العاملين دون أى إجراء قانونى يثبت مايستدعى الفصل.
9. لايوجد حتى دليل للسياسات والنظم لأنها ببساطة غير موجودة.
10. "الإدارة بالقهر" أصبحت هى النمط السائد وأصبح سخط العاملين مكتوما لايصل إليك خوفا من التنكيل وفقدان لقمة العيش أو لأنك لن تتخذ قرارا حاسما كما قيل لى مرارا من قبل العاملين.
11. الخبراء الذين سبقونى نبهوا لبعض ماذكرت ولكن أحدا لم يلتفت إلى تقاريرهم لأنه لم يكن فى مصلحة المحيطين بك ولأنك – كما اكتشفت فيما بعد – تريد أن تستمر الصورة البراقة غير الحقيقية التى تبيعها للقيادة السياسية لكى تستمر فى موقعك وتبقى تحت الأضواء.
12. تضارب فى الإختصاصات بين الإدارات المختلفة وتكرار لأعمال تستهلك جهدا وساعات عمل وتكلفة عالية كان يمكن توفيرها لتطوير العمل لصالح كل العاملين بالمركز أو حتى مكافأتهم على جهودهم.
13. نظم للتقييم تستثنى فئة من المديرين كما لو كانوا آلهة فوق مستوى البشر.
14. "صرعات وهلاوس" تدريبية لاترتبط بأى احتياجات فعلية للعمل .. وتفرقة فى التعامل لفئة تحظى بالسفر البدلات على حساب من يقومون فعلا بالعمل (بل إن الإدارة التى تنظم ذلك لم تخجل فى أحد المرات أن سافر منها أربعة دفعة واحدة إلى ألمانيا بينما حرم من هو أحق من زملائهم من ذلك)
15. قبول استراتيجية طويلة المدى لتغلغل Inwent فى المركز والشركة التى تنفذ برامجها التدريبية Donkmodellوالتى من مصلحتها أن تظل إدارة الموارد البشرية ضعيفة لكى تقوم بدور "مكتب تمثيل" لهذه الشركة داخل المركز.
16. عدم وجود أى خطة استراتيجية لعمل المركز ، والمديرون يجهلون عملية "التخطيط الإستراتيجى" ويضعون تكليفات عشوائية كل عام يسمونها "الوثيقة الإستراتيجية" تحتوى على مجموعة أنشطة ويعاد طباعتها كما هى تقريبا مع تغيير التاريخ كل عام باعتمادكم.
17. عملية التعيينات لاتعبر بالضرورة عن حاجة حقيقية للوظائف التى يتم التعيين عليها وهناك اسباب عديدة أترفع عن الخوض فيها تتحكم فى تلك التعيينات (بعض المديرين فوجئوا بتعيين موظفين فى إداراتهم كانوا قد رفضوا بعد الإختبارات الشخصية التى أجروها لهم تعيينهم لقلة خبرتهم وكفاءتهم) وذلك يستدعى بالطبع خلق مهام ومسئوليات افتراضية لاتعبر عن احتياج حقيقى كما تقدم.
18. معظم العاملين بالمركز كفاءات هائلة لم تستغل ولم يستفد منها اقصى أستفادة يتحكم فيهم قلة تحتاج إلى إعادة تأهيل مهنى ونفسى كما قلت تجعلهم قادرين على أن يشغلوا المناصب التى يشغلونها حاليا. ولعل ذلك يفسر لماذا يفقد المركز كثيرا من الكفاءات والعناصر المدربة التى تضطر إلى الإستقالة بحثا عن جو عمل صحى يستوعب إمكاناتهم.
19. فهمت – وقد يكون ذلك متأخرا لماذا سمعت عبارات العزاء من الناس فى المركز على كافة مستوياتهم حين إلتحقت بالعمل مثل :
a. "خللى بالك من نفسك"
b. "إحنا خايفيين عليك"
c. "ربنا معاك ، لكن حتتعب قوى مع الناس دول"
d. "مفيش حاجة حتتغير يادكتور"
e. وأخيرا " هل أنت متأكد أن رئيس المركز نفسه يريد التغيير ؟"




خامسا – ماأفزعنى فى آخر لقاء لنا

1. أن المجموعة الصغيرة من المتسلقين أصحاب المصالح قد تمكنت منك تماما وأقنعتك بأن شيئا لم يتحقق وأنك غير مسئول عن هذا.
2. كل قدامى العاملين بالمركز الذين شهدوا صعود هؤلاء من البدروم إلى قمة السلطة كانوا يشفقون على من المواجهة ومن قدرتى على اختراق حاجز العزلة التى فرضوها عليك لكى لايحدث أى تغيير وكانوا على حق.
3. اوضحت لك أنك لم تأخذ قرارا واحدا يختص بما تم عرضه عليك وماسلم إليك من مشروعات جاهزة للتنفيذ حتى يحدث التغيير وأن أى استشارى ليس له صلاحيات اتخاذ القرارات ، وأنك لم تظهر أى نوع من الإلتزام باستثناء إعلان تشكيل اللجنة بطلب منى.
4. كررت كثيرا أننى قد قدمت لك تقريرا بما تم إنجازه ولكن شيئا لم يتحقق وقلت لك أنى لاأملك عصا سحرية لكى يحدث التطوير المطلوب وكررت عليك أنك لم تحضر سوى اجتماع واحد للجنة التطوير ولم تلتق بى بعد كثير من الإلحاح سوى 3 مرات خلال العام.
5. رفضت تماما أن أكون "كبش فداء" وأسمعتك ماكان ينبغى أن تعرفه وتعييه وحدك لو أنك اختلطت بالناس وأدرت المركز بالكفاءة التى يفرضها عليك موقعك وليس من خلال مجموعة من المنتفعين من بقاء الحال على ماهو عليه. ولقد حرصت طول الوقت ألا أبوح بأى إسم لمن وثقوا بى حتى لاينالهم أى ضرر.
6. فى حديثك معى نسيت أن النية كانت مبيته من أول الطريق أن تتحالف "الطحالب البشرية" ممن أوغروا صدرك على حتى يفشل المشروع الإصلاحى الذى ظننت أنك جاد فى إتمامه . كبيرهم قال لى صراحة وأنا أعد لعمل نظام موحد لتقييم الأداء فى الشهور الأولى من التحاقى بالعمل بدلا من النظم المتعددة التى تم تفصيلها لأغراض خاصة : " حيبقى شكلنا وحش قوى يادكتور .. بقالنا كام سنة بنحاول ، وسيادتك جيت بقالك شهور بس .. الناس حتقول إيه؟".
7. مرة أخرى زارنى فى مكتبى نفس الشخص ومعه تابعه فيلسوف عصره وزمانه ليثنونى عن عزمى تشكيل لجنة تضمهم لوضع خطة العمل التى سوف نسير عليها فى التطوير، ولما اوضحت لهم أن المعنى أن يلتزموا بتنفيذ مايتم الإتفاق عليه قال التابع : " مفيش فايده دا حيسلمنا كلنا" بكل ماتحمل هذه العبارة من معان آمل أن تصل إليك.
8. كنت أترفع من أن أنقل إليك مايقال حفاظا على هيبتك من ناحية ولأنى أكبر بكثير من التفاهات والصغائر التى أراد هؤلاء أن يجرونى إليها. فى المقابل فتحت أنت أذنيك لوشاياتهم وآرائهم وتعاملت معى بمستوى لاأقبله على نفسى لامنك ولا من غيرك ممن لايعرفون قدرى.
9. لم تفهم أنى بخبرتى وتاريخى كنت أمثل تهديدا لمن أسلمتهم زمام قيادة المركز يفعلوا به مايشاءون ويقررون مصائر الناس دون نظم أو سياسات معلنة وفى غياب إدارة للموارد البشرية تدافع عن حقوق الناس وتتبنى التطوير المؤسسسى والبشرى.
10. هؤلاء لايعرفون حتى ألف باء الإدارة ولم يسمعوا على أى من مسمياتها الشائعة حتى أنى أضطررت عقب اجتماع للجنة التطوير معهم أن أرسل مذكرة لهم أرسلت لك صورتها فى حينه أشرح فيها معنى المسميات التى استخدمتها أثناء الإجتماع مثل : الفرق بين التطوير والتغيير ، والقيادة والإدارة ، وطرق التحفيز ......... الخ.
11. وهؤلاء لهم أتباع ممن يعيشون على مجهود الغير ويجيدون فن " تدليك الذات " وحمل الشنط والإستفادة من عدم وجود عمل محدد يسألون عن نتائجه أكثر بكثير من العاملين المخلصين بالمركز وهم الغالبية ولو أتيح لهم فرصة المشاركة الحقيقية وحرية إبداء الرأى لتغير الحال.
مجرد تذكرة حتى لاتنسى:

أولا - "إدارة التغيير" يادكتور تحتاج لمواصفات خاصة أهمها:
• وجود رؤية مستقبلية واضحة
• قبول المخاطر واتخاذ القرارات المناسبة فى الوقت المناسب
• حسن اختيار القائمين على التغيير ودعمهم
• الإلتزام والمساندة وشجاعة إتخاذ القرار.
• المتابعة والإصرار على تحقيق الأهداف التى يتفق عليها
هذا هو الحد الأدنى اللازم من أى قيادة لكى يتم التطوير والتغيير ، والذى لم يتوافر مع الأسف فى حالتك.
ثانيا – أن سيادتك لاتعطى المركز سوى 10% على الأكثر من وقتك ، ولاأدرى كيف يرتاح ضميرك لذلك (لم تقابلنى بعد إلحاح سوى 3 مرات بالإضافة إلى مكالمة تليفونية قصيرة واحدة خلال أكثر من عام كما أوضحت من قبل).
ثالثا – تذكر فى أول تصور عرضته عليك وعلى باقى مديرى المركز أنى قد ختمته بقولى : " تلك هى مراحل تنفيذ خطة العمل والأهداف التى نريد تحقيقها بإذن الله .. مشوار نقطعه معا إما على متن نفاثة أو على ظهر جمل .. ذلك شيئ تقررونه بأنفسكم". وأظن أن قرارك واضح الآن .

وبعـــــــــد :

قد تسأل ماالذى دفعنى إلى الكتابة إليك .. وسوف أجيبك على هذا السؤال .. فعلت ذلك للأسباب التالية:

أولا – أن سمعتى وإسمى لايمكن أن تترك للهواة يلصقون بها كل مايريدون أن يغطوا به على عجزهم وفشلهم وخوفهم من اتخاذ أى قرار ملزم لايستطيعون بقدراتهم المحدودة أن ينفذوه.

ثالثا – كنت أتمنى أن يكون المركز إسما على مسمى لكى أسعد به وبمساهمتى فى تطويره كمصرى يعتز بوطنه ولايدخر وسعا فى خدمته ، وكنت أتمنى أن يكون مركز فكر ونموذجا حكوميا ناجحا أفخر بعملى فيه ولكن للأسف لا هو مركز للمعلومات الدقيقة ، ولا هو يدعم أى قرار للحكومة ، وبالقطع هو ليس مركز فكر كما صرحت دون أن تطرف لك عين أمام معالى رئيس مجلس الوزراء فى زيارته للمركز وأظن أنه قد أصبح لى دور فى كشف ذلك.

رابعا – اتساقا مع رسالتى فى الحياة ومبادئي التى آمنت بها أردت أن يكون ماتقدم درسا فى أهمية الإلتزام واحترام الكلمة وشجاعة إتخاذ القرار.



لكـــل لــــــذلك ،
سوف يكون للموضوع بقية فى ساحة أو ساحات أخرى ليس هنا مجالها استكمالا لمبادئ آمنت بها ودافعت عنها طوال حياتى ، ودفاعا عن سمعتى المهنية التى يعرف قيمتها وقدرها كل من عملت معهم محليا وإقليميا وعالميا .. وهذا قرار سوف اتخذه أنا فى الوقت المناسب.

أنتهى الدرس يادكتور.

أ.د / فتحــى النـــادى
نائب رئيس اتحاد الخبراء والإستشاريون الدوليون

No comments: