فى بعض الأحزاب فئة يمكن أن نطلق
عليها "مسجلون خطر أحزاب" ، وهم مجموعة من محترفى النصب السياسى يجيدون
رسم الخطط التى تضمن لهم السيطرة على الحزب والإستئثار بالقرب من صانع القرار
والحرص على أن الإحاطة به وتطويقه بسياج عازل يمنع عنه أى كفاءة مخلصة أو خبرة
متميزة يحتاجها الحزب حتى لاتهدد وجودهم وتتيح فرصة المقارنة بينهم وبين تلك
الكفاءات فيختفى نفوذهم وتضعف سطوتهم وتتعطل مصالحهم الخاصة التى انضموا للحزب
لتحقيقها دون أى اعتبار لمصلحة الحزب ومبادئه وثوابته وأخلاقه .. يطلقون على هؤلاء
فى الخارج Street Smarts
أى بلطجية النواصى وهم يتمتعون بذكاء النصابين وخفة يد النشالين وانتهازية رموز
الحزب الوطنى المنحل، وتلك إشكالية تهدد كيان الأحزاب التى ينضم إليها هؤلاء على
المدى الطويل نتيجة لتراكمات من المشاكل والصراعات والألعاب القذرة التى تشغل
قيادات الأحزاب عن الأهداف الإستراتيجية التى يبنون عليها سمعة الحزب وخلق قبول له
لدى الجماهير..تجد الأحزاب التى تبتلى بمثل هؤلاء نفسها نهبا لاستنفاذ طاقاتها
وكوادرها داخل دائرة جهنمية يدورن بداخلها تبدأ من نقطة وتنتهى عندها فى جو تآمرى
لايشجع على التفكير الإيجابى والمبادرة ويجهض أى مشروع يبتغى صالح الحزب مالم يكن
لهم فيه نصيب .. أدواتهم فى السيطرة على الأحزاب عيون فى كل مكان وتجسس على
مايدور، وكتائب استطلاع تراقب أى محاولات لاختراق الشرنقة التى يحبسون فيها قيادة
الحزب، والدس والوقيعة بين تلك القيادات وبين الكوادر التى تندفع بإخلاص لخدمة الحزب
وتقوية دعائمه وستر عوراته.
بهذا تجد الأحزاب نفسها رهائن
تحتاج إلى من يحررها من هؤلاء حتى لو بدفع فدية منصب أو جاه أو سلطان أو كسب مادى
أو معنوى بغض النظر عن القيمة المضافة لتأثير الحزب فى الشارع وسمعته وإسمه..
المهم أن يستمر العرض وإعطاء انطباع بالحركة والنشاط بأسماء براقة ولافتات خادعة
دون محتوى ولا عائد حقيقى .. والعصابات المنظمة التى تدربت فى معسكرات "الحزب
اللاوطنى" الذى إنهار سريعا تحت وقع ضربات الأطهار المخلصين من أبناء هذا
الوطن الغير طامعين فى مغانم شخصية العازفين عن التكالب المسعور على متاع الدنيا
وصلوا بنا مانحن فيه الآن .. 9 ملايين فتاه بدون زواج، ونصف أطفال مصر مطابون
بالأنيما وسوء التغذية، ومثلهم بالتقزم وربعهم قصار القامة، فضلا عن 8 ملايين
مواطن مصرى مصابون بأمراض مزمنة مختلفة .. تلك العصابات التى اختطفت مصر كلها
بمؤسساتها وأحزابها جعلت مصر تحتل المركز 57 من بين 60 دولة فى تقرير الؤس العالمى
على مؤشر بلومبرج، وأصبح 40% من سكان مصر يعيشون تحت خط الفقر، ومثلهم على خط
الفقر، وانتشرت العشوائيات حتى بلغ عددها 1109 منطقة فى دولة القانون كما كان
نصابو الحزب يروجون، وبلغ عدد من لايجدون سقف ينامون تحته 12 مليون مصرى، ونسبة
البطالة أكثر من 22%.. هل يهتم خريجى مدرسة حزب الفساد أن يكون فى مصر أحزاب وطنية
قوية ذات رسالة ورؤية تحققان العدالة الإجتماعية والديموقراطية وحقوق المواطنة وقد
اعتادوا أن يعيشوا كالخفافيش فى الظلام يمتصون دماء الناس بلا تفرقة أو تمييز؟
كتائب "المسجلين خطر
أحزاب" يساندها خارج الأحزاب قيادات لازالت تقبع فى كل مؤسسات الدولة، تختبئ
وتتوارى عن الأنظار إلى حين ترتب أوراقها وتتخلص من أدلة إدانتها بالفساد والتربح
وتبديد المال العام، وتغرف بغير حساب من أموال المعونات الأجنبية التى لازالت تنهال
على تلك المؤسسات – وبعضها للأسف تابع لمجلس وزراء مصر – بمسميات براقة ولافتات
بلا مضمون ولا معنى حتى لايكتشف أحد الغاية من وراء ضخ تلك الأموال .. واحد من تلك
المؤسسات نظم حملة إعلامية مرئية ومسموعة ومنشورة تطلب من المواطنين أن يشاركوا فى
صياغة "العقد الإجتماعى" ولاأدرى أى عقد اجتماعى يتحدثون عنه ولم تتفق
القوى الوطنية والإئتلافات حتى الآن على المبادئ التى سوف تجرى عليها الإنتخابات
.. لم يقل لنا أحد كيف سيشترك الناس فى صياغة هذا العقد، وهل يفهم الأميون فى مصر
الذين يبلغون نصف السكان تقريبا معنى ذلك ؟ هل الناس بحاجة إلى عقد اجتماعى أم إلى
عقد عمل يعينهم على الحياة الكريمة ويرفع عن كاهل أسر الشباب هما ثقيلا وعبئا تنوء
بحمله الجبال؟ ومثلما تتحالف الأحزاب بعد طول انتظار لكى يشتد عودها وتتعاظم قوتها
، فإن عناصر الثورة المضادة التى تسللت إليها تتشح بأثواب الطهر والعفاف والنقاء
الثورى تتآمر على حقن تلك الأحزاب بفيروسات ضعف المناعة السياسية ، وتعطل أى قرار
يمكن أن يقوى أجهزتها المناعية لكى تظل نمورا من ورق تحدث ضجيجا وتزأر فى الهواء
دون مخالب أو أنياب تظهر شراستها فى الحق وفى التمسك بحقوق الناس والدفاع عن
مطالبهم المشروعة وتبنى قضاياهم وتعظيم قدراتهم على التغيير .. فى مصر هيئة قومية
لمحو الأمية أنشئت منذ عشرات السنين وصرف عليها مئات الملايين دون أن تتحرك نسبة
الأمية إلى أى مستوى محترم يمكن اعتباره إنجازا ولم يحاسب أحد، وفى مصر هيئة قومية
لضمان جودة التعليم صرف عليها هى الأخرى أكثر من مليارى جنيه حتى الآن ولم يتم
اعتماد سوى أعداد بائسة من المدارس والجامعات ولم يحاسب أحد ..هل تطهر الأحزاب نفسها
أولا قبل أن تخوض معركة الإنتخابات، أم تدخل الإنتخابات بخطاياها ومفسديها ثم تطهر
نفسها بعد ذلك بقوة الطرد المركزى؟ تلك هى لعبة البيضة والفرخة ..!
No comments:
Post a Comment