Sunday, September 09, 2012

مشروعان يقرران مصير مصر


مصريان عظيمان بكل المقاييس يحمل كل منهما مشروعا يملأ كيانه ويمثل لكل منهما عقيدة ورسالة حياة، يعيش لأجل نشرها ويحارب من أجلها ويعبئ الجهود لإنجاحها.. هذان المشروعان لو توافرت لهما الامكانات لتنفيذها واكتملا جديران



بتغيير وجه الحياة في مصر ووضعها في مصاف الدول العظمي المؤثرة إقليميا وعالميا، وأعني بهما مشروع فاروق الباز لتنمية الصحراء الغربية بطول وادي النيل الذي يمكن أن ينقل مصر من مجتمع الندرة والفقر والحاجة إلي مجتمع الوفرة والرخاء، ومشروع جامعة زويل للعلوم الذي يقرر مصير مصر العلمي والثقافي وينقلها من دولة جاهلة تعيش دون مستوي الأمية بمعناها البدائي إلي دولة مخترعة ومجتمع علماء يطير بمصر بسرعة الصاروخ لتلحق بركب التقدم العلمي للقرن الحادي والعشرين.



< استمعت إلي ابن محافظتي فاروق الباز يتحدث عن مشروعه الذي نادي به منذ أكثر من عشرين عاما ولم يلتفت إليه أحد أو يعره اهتماما لأن النظام في ذلك الوقت لم يكن يعنيه الاستثمار في المستقبل البعيد بعدأن توافرت له سبل نهب كل الموارد الطبيعية لمصر بسهولة ودون تعب.. الرجل يتحدث عن تحويل صحراء مصر إلي جنة عرضها الأرض تكسوها الخضرة وتروي بالمياه الجوفية وتنشأ علي جانبي النيل صناعات تقوم علي الزراعة ويتوافر لمصر التي أصبح تعدادها حالياً أكثر من تسعين مليونا، رغيف العيش الذي تستورده وتستدين من أجله وتنتشر مجتمعات الزراع والمصنعين وتزدهر الخدمات الأساسية من مدارس وجامعات ومستشفيات ويزدهر معها حياة الناس وتختفي الباطلة أو يتضاءل حجمها كلما توسعنا في التنمية.. ولكن الرجل يحتاج إلي 24 مليار دولار لكي يكتمل مشروعه علي مراحل ولا يدري من أين يأتي بها ما لم تبادر الدولة ببدء الإعلان عن المشروع، وتوفير الحد الأدني الذي يضمن انطلاقه لكي تجتذب المستثمرين من العرب والأجانب فتكتمل مراحل المشروع.. ألا يستحق هذا المشروع أن يصبح هو «مشروع النهضة» الذي ينادي به رئيس الدولة الحالي ونعتبره مع مشروع تنمية سيناء صاروخي التنمية للنهوض بمصر؟ إني اقترح علي الحكومة أن تناقش المشروع بجدية وتطلع علي الدراسات التي تمت بشأنه حتي الآن، وأن تنشئ من أجله كيانا رسميا يختص بهذا المشروع دون غيره مثلما حدث في مشروع تنمية سيناء.. وأزيد علي اقتراحي أن ينشأ صندوق باسم المشروع يودع به كل مليم ننجح في استرداده من أموال مصر المنهوبة التي هربها مبارك وأسرته وعصابته من المحيطين به تخصص كلها لهذا المشروع دون غيره.. لو فعلنا ذلك وأعلنا عنه أؤكد أن المستثمرين سوف يتوافدون علي مصر ويتسابقون في ضخ الأموال اللازمة للمساهمة في المشروع، ويأتي بعد ذلك دور المساهمة الشعبية لكي يتملك المصريون أسهما في المشروع بقيمة إسمية جنيه للسهم الواحد حتي نضفي علي المشروع صفة القومية وبأنه مشروع مصري ولد من رحم الثورة المصرية.



< أما مشروع جامعة زويل الذي لن يهدأ بال فلول النظام السابق إلا بعد ان يفشلوه وينجحوا في أن يقول زويل ومجموعة العلماء المصريين الذين يمثلون نواة المشروع «حقي برقبتي»، لأن مصالح الفلول ترتبط ببقاء الشعب متخلفا جاهلا سهل القياد لا يطمح في التغيير ولا يتطلع إلي الأحسن أملا في أن تعود عصاباتهم لحكم مصر أو علي الأقل الحفاظ علي المزايا التي حصلوا عليها بالنهب والتزوير والترويع.



أول مشروع بحثي لجامعة زويل اقترحه عن يقين بأنه يعتبر من صميم التخطيط لمستقبل مصر وتطورها وتقدمها هو دراسة البصمات الوراثية لعينة تمثل كل المصريين وتحليل التغير الذي طرأ علي الشخصية المصرية في الآونة الأخيرة، من مبالغة في التكاسل وعدم الاكتراث والأنانية والانفلات الأخلاقي والانحراف السلوكي.. أعلم أن جزءا من كل ذلك يرتبط بالحالة الاقتصادية والتغيرات البيئية المجتمعية التي تصاحب ذلك، ولكني أعلم أيضا أن علم الجينات والبصمات الوراثية تقدم تقدما مذهلا يضيف إلي مفاهيمنا عن تأثير الجينات علي جسم وصحة الإنسان إلي صحته النفسية وسلوكه وعاداته بل ومواهبه وقدراته العقلية.. هناك تغييرات جذرية طرأت علي الشخصية المصرية وسلوك الناس في مصر وما لم نهتم باكتشاف أسبابها بدقة ومعالجتها فكل ما تتحدث عنه من نهضة ومشروعات تنموية وتطوير وتقدم يصبح من باب التمني وأحلام اليقظة.



البحث القومي الضخم الذي أقترحه لكي يفتتح به مشروع زويل اعتبره حجر الزاوية في تطور مصر وتقدمها، فالناس هم من سينفذون أي مشروع نهضوي لمصر وما لم نقض علي ضعفهم البدني والنفسي تظل المهام التي تسند إليهم أعباء يريدون التخلص منها بأسرع وقت، بدلا من أدائها عن يقين بفائدتها وعائدها والحرص علي بلوغ أقصي درجات الاتقان في أداء أدوارهم لتنفيذ تلك المهام.. وإذا أصاب العقول السأم ونال منها الإحباط واليأس فإنها تصدأ ويصبح من الصعب اكتشاف المواهب والاستفادة بها ومن ثم يتأخر البحث العلمي ومعه أي خطط مستقبلية علي خريطة النهضة بمصر.. كل أجهزة البحث العلمي في مصر سواء أكان مجال عملها البحوث الاجتماعية أم الاقتصادية أم الجنائية أم التعليمية والثقافية تستطيع أن تقوم بدور فاعل وبحوث تتكامل مع بعضها البعض لكي نخرج في النهاية بدراسة محترمة موثقة وعلمية ودقيقة لكل ما طرأ علي الشعب المصري خلال الستين عاما الماضية، وبتركيز علي الثلاثين عاما الأخيرة، كما يمكن أن يكون نموذجا تتهافت عليه مراكز البحوث بالخارج







اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - مشروعان يقرران مستقبل مصر!

No comments: