حب الوطن عذاب لاينافسه فى شدته
وتنوعه سوى الحب الأول الذى يداهم القلب فى مرحلة مبكرة من العمر قبل أن تكتمل
مقومات الشخصية وتتراكم خبرة السنين وتستقر العواطف والمشاعر وتصبح الأحلام اكثر
واقعية .. وقد يكون الحب الأول متبادلا – وغالبا لايكون كذلك – أو من طرف واحد،
وأحيانا تكون المحبوبة بعيدة المنال يطمع فى الوصول إلى قلبها متنافسون كثر تعذبهم
بدلالها وتمنعها وتسعد بتنافسهم على كسب ودها ومحاولاتهم اليائسة المستميته لإثبات
مدى تفانيهم فى حبها وحرصهم على إسعادها واستعدادهم لفعل المستحيل لإثبات ذلك.
تظل المحبوبة واحد وإن اختلف
محبوها .. والمشكلة هنا أن المحبين يعيشون تجربة الحب كل بطريقته مابين محب يكتفى
باجترار مشاعره فى صمت ولايبوح به لأحد، أو شاعر يفرغ مشاعره كلاما يكتبه ويحتفظ
به أو يرسله للمحبوبة عله يداعب عواطفها ويهز مشاعرها، أو يتمخطر أمامها مستعرضا
لعله يلفت نظرها فيحظى بالتفاتة أو إشارة أو نظرة يعيش عليها زمنا حتى تحدث
المعجزة فيلقاها، أو يقوم جبأعمال غير مألوفة يظن أنها تعجبها فيدافع عن مظلوم أو
يستعرض قوته أو يباهى بمظهر من مظاهر التميز، ولكن فى كل الأحوال لايحتمل على
محبوبته كلمة نقد أو تعريض .. يقبل فقط كل مايتوافق مع الصورة الذهنية التى كونها
عن المحبوبة ولايرى أى مبالغة فى وصفها بالتفرد وأنه لايوجد مثلها فى الوجود.
كل ماعرضته نماذج من المحبين
الذين قد يعذبهم الحب الأول والذى يشاع عنه أنه أيضا الأخير على اعتبار أن أى حب
يأتى بعده لايمكن أن يدانيه فى مستوى العواطف الجياشة ولا المشاعر الفضفاضة ولا
حالة الذوبان التى تمتلك الحس وتطبع السلوك وتسيطر على الكيان كله فلا يعود هناك
متسعا لشيئ غيره يشغل الفكر ويشكل الوجدان .. ولكن كل المحبين لابد وأن يتربص بهم
بلطجى يتحين الفرص لكى يفسد على المحبين سعادتهم وينصب لهم الفخاخ لكى يضبطهم
متلبسين بالجرم المشهود الذى هو فى غالب الأحيان سلوك تلقائى غير مخطط بلقاء خاطف
أو تقرب بنظرة أو إشارة أو رسالة بطلب ساذج يؤكد العلاقة ويعد باستمرارها..
البلطجى إما عاشق حاقد أو مأجور من محب سابق أو كاره لحياته وظروفه يريد أن ينتقم
من كل من شاء القدر أن يكون أكثر منه سعادة، ووسيلة فى التنكيد على المحبين
الحقيقيين هى التهديد بالفضيحة أوالتجريس والتحريض والإستعداء والترهيب حتى
لاتستمر العلاقة .. وأحيانا يلجأ إلى الإبتزاز لكى يخضع الحبين لإرادته تجنبا لما
يسفر عنه عمل البلطجى المحترف من تخريب للعلاقة وإفشال أى محاولة لترميمها.
مسرح الحياة فى مصر تلك الأيام
فيه كل النماذج التى عرضتها وزيادة .. معشوقة إسمها مصر نذور عشقا فى هواها
ونتسابق على التقرب منها وكسب رضاها كل بطريقته مابين عاشق أهوج يرى أن كل منافس
خطر يتهدده ولابد من إزاحته عن الطريق بشتى الوسائل حتى لو كانت القتل، وثائر عاقل
يرفع الصوت محاولا إثبات حسن نواياه، ومتفرج يكتفى بالمتابعة عن بعد عاجز عن أن
ينحاز لطرف، وبلطجى محرض يستفيد من حالة الهياج التى اصيب بها كل المحبين ويحرص
على استمرارها .. كل هؤلاء رغم اختلاف الأسلوب يسيئون – حتى ولو بحسن نية – إلى سمعة
الحبيبة ويمنعون إقامة أى افراح أو احتفلات تتوج علاقة الحب الجميلة، وتشوه وجه
العروس بماء النار حتى يكررها الخطاب وينصرفوا عنها.حف
أحلم بسرادق كبير بحجم مصر
نتلقى فيه التهانى وليس العزاء، ويجتمع به كل المصريين على هدف واحد هو دعم البيت
الكبير الذى يضم الأسرة المصرية ويكفل لها الأمن والأمان ويحوطها بالحب والمودة
والرحمة ويضع عينه على نسلها الذى سوف يتولى حكم مصر المستقبل ويحقن الأحقاد
ويداوى الجراح لكى تستمر مسيرة الحياة وتتسع مساحة الأمل والحب وتنقشع معها كل
سحابات الغل والحقد والتخوين والريبة والقلق واليأس والإحباط.
No comments:
Post a Comment