الحقائق – أكرر الحقائق – التى سوف أذكرها هنا قد تصدم القارئ ، ولكنى لاأجد سبيلا آخر لكى أوقظ الضمائر وأنبه العقول إلى جامعة أهملت لأكثر من خمسة وأربعين سنة إلى أن تحولت إلى ديناصور يصلح للفرجة فى متاحف التاريخ وتلتقط إلى جانبه الصور بدلا من قيامها بالدور النبيل الذى أنشئت من أجله والتى أصبحت عاجزة تماما عن أدائه. هذه الجامعة بحاجة إلى قرارات شجاعة تعيد إليها مكانها ومكانتها وتوفر لها مقومات أداء رسالتها وتحميها من غدر من يتربصون بها ويشكلون فى داخلها – نعم داخل الجامعة نفسها – فرقا وشيعا تحارب بضراوة لكى تظل الجامعة على جمودها وتخلفها خوفا من رياح التغيير والتحديث التى سوف تعصف بمكاسبهم ومصالحهم . أريد من القارئ العزيز أن يتخيل معى جامعة بها 65 كلية وتضم بين أسوارها أكثر من 410 ألف طالب و 14 ألف عضو هيئة تدريس و 13 ألف إدارى يخدمونهم أى بنسبة واحد إلى واحد تقريبا. وتضم الجامعة مبعوثين من 28 دولة تعدهم لكى يكونوا دعاة فى بلدانهم بعد إستكمال دراستهم وتضمهم مدينة البعوث التابعة للجامعة . إذن الجامعة التى نتحدث عنها والتى أنشئت فى أوائل الستينات هى أكبر جامعة فى العالم من حيث الحجم وليس التاثير أو القيمة مع شديد الأسف. ولو اعتبرنا أن هذه الجامعة تعد الذراع العلمى للأزهر الشريف الذى ألقيت به أول محاضرة علمية منذ أكثر مايزيد على ألف عام ، وهى بذلك تعد أقدم جامعة رسمية فى العالم. بعد تلك المقدمة دعونا نناقش بعض الحقائق لكى نتبين حجم المأساة فى تلك الجامعة وعما إذا كان هناك بقية أمل فى أن تصبح بحق منارة للعلوم ومشاركا فى نشر قيم الوسطية والإعتدال التى ينادى بها الإسلام :
· تكمن المأساة الرئيسية لهذه الجامعة فى أنها تجمع بين جنبيها 65 كلية بما فى ذلك الفروع بمحافظات الوجهين القبلى والبحرى ولاتقتصر الدراسة فيها على برامج العلوم الشرعية بفروعها المختلفة من شريعة وقانون وفقه ، وإنما علوم الطب والعلوم الإنسانية من تجارة إلى لغات إلى تربية. وقد نتج عن ذلك – نظرا لاختلاف التوجه والرؤى – إلى وجود تصارع عنيف بين معسكرين يمثلان ثقافتين مختلفتين كل الإختلاف ، فهناك " أصحاب بيت" يعتبرون كليات وأساتذة العلوم الدنيوية التجريبية " دخلاء " يريدون أن يفرضوا "ثقافتهم الغربية " على نظام الجامعة وأسلوب العمل الذى لم يتغير منذ نشأة الجامعة حتى الآن . وطبعا يدخل فى ذلك الصراع والتقاتل على احتلال المناصب الرفيعة بالجامعة بما فى ذلك رئاسة الجامعة ومناصب نوابها الأربعة. وطبيعى أن ينظر إلى أى محاولة للتطوير أو التحديث على أنها محاولة اختراق لثوابت استقرت كما قلت حتى لو كان ذلك إنشاء مركز لتعليم اللغة الإنجليزية لخريجى كليات وأقسام العلوم الشرعية الذين تصدرهم الجامعة للمراكز الإسلامية المنتشرة فى الغرب وأوروبا والذين لايمكن أن يقوموا بدورهم فى ظل جهل تام بلغة واحدة على الأقل يتحدثها معظم الناس فى الخارج.
· وتكمن المأساة الثانية لهذه الجامعة التى أنشئت بقانون خاص فى أنها لاتتبع منظومة التعليم العالى فى مصر وإنما رئيس الوزراء ويشرف عليها الأزهر مثلما يشرف على المعاهد الأزهرية المتوسطة فى مصر كلها ، ومع ذلك فإن الميزانية المخصصة للجامعة أقل من ربع ميزانية جامعة عين شمس مثلا ، ومع ذلك لاتستمتع بأى معونات فنية أو مادية يقدمها صندوق تطوير التعليم من حصيلة القروض التى يحصل عليها من الدول المانحة والتى تصرف على الجامعات الحكومية فى مصر. طبيعى بعد ذلك أن تتدهور الجامعة ومنشآتها ومعاملها وقاعات الدرس بها بشكل يفوق أى تدهور تعانى منه أى جامعة حكومية فى مصر وان تتعثر أدوات البحث العلمى بالجامعة وأن تفتقر مكتبتها الرئيسية والمكتبات الموجودة بفروعها الأربعة إلى وسائل البحث العلمى الحديثة وإلى إمكانات التواصل مع الجامعات الإسلامية التى تقفز بخطوات جبارة لكى تحتل المكانة التى كانت تحتلها جامعة الأزهر سواء فى السعودية أو المغرب العربى . وإذا كان شيخ الأزهر يضيق صدره بالنقد حتى لو كان بسبب مصافحة سفاح مثل شيمون بيريز بكلتا اليدين (أنكر فضيلته ذلك ثم حين نشرت الصورة قال أنه لم يكن يدرى أنه يصافح رئيس الدولة التى ترتكب ماترتكب من فظائع فى فلسطين) فإن القيادة الحالية لجامعة الأزهر لاتطيق الاختلاف فى الرأى وليس فى نيتها أن تنفتح على العالم التى هى جزء منه شاءت أم لم تشأ.
· الجامعة ملزمة بقبول كل – أقول كل وليس بعض – من يريد الإلتحاق بها من خريجى المعاهد الإزهرية باعتبارها الملاذ الوحيد المفتوح أمامهم لاستكمال دراستهم . ومثلما هو الحال فى الجامعات الحكومية الأخرى التى تحدد على الأقل حدا أدنى للمجاميع تقبل على أساسها خريجى الثانوية العامة فإن مستوى الخريجين بائس ومتدنى وكثير منهم – باعتراف المسئولين فى الجامعة – لايحفظون حتى قصار السور قبل التحاقهم بالجامعة وللقارئ أن يتصور حجم الكارثة فى تخريج دعاة جهال يجهلون قواعد اللغة ولايحفظون القرآن الذى هو أداتهم فى توصيل الدعوة وسماحة الدين ووسطيته وسماحته . ولعل ذلك يفسر ضعف الدعاة وأئمة المساجد ومقيمى الشعائر الذين أصبحوا مثار شكوى دائمة وتذمر عالى النبرة من جماهير المترددين على لمساجد والذى تقف وزارة الأوقاف عاجزة عن فعل شيئ تجاهه ، ناهيك عن التطرف فى الرأى والجمود الذى يقتل كل إبداع أو اجتهاد .
· جامعة الأزهر هى الجامعة الوحيدة التى لم أسمع تذمرا واحدا من أعضاء هيئة التدريس بها من الكثافة الطلابية وتزايد عدد الطلاب بها على الرغم من مئات الألوف الذين تكتظ بهم مدرجات الجامعة المهترئة. ويكمن السر هنا أن الأساتذة يعتمدون بشكل أساسى فى دخولهم ونظرا لضعف مرتباتهم على بيع كتبهم ومذكراتهم للطلاب قسرا. وهم هنا لايكتفون بتوزيع الكتب وإنما يدافعون عن مذاهبهم واتجاهاتهم ويلزمون طلابهم بها بدلا من تشجيعهم على البحث فى الكنوزالتى تمتلئ بها كتب التراث خاصة فيما يختص بثوابت الدين. الحقيقة المرة هنا أن كثيرا من الأساتذة يعيدون طبع كتبهم دون أى إضافة أو تغيير لأكثر من 20 سنة فى بعض الحالات . ولنا أن نتخيل بعد ذلك مستوى الخريجين الذين تفرزهم مثل تلك العملية التعليمية العقيمة والمتخلفة .
· جامعة بهذا الحجم والمكانة التى أصبحت بالقطع تهتز بشدة أمام الإمكانات التى توفرها الدول الأخرى لجامعاتها النظيرة تعمل دون خطة استراتيجية ولاخريطة طريق تحدد أهدافها والنواحى الإيجابية والسلبية بها حتى تستجيب للمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية من حولها ولو للخمس سنوات القادمة فقط. وحتى المحاولة الوحيدة التى بدأت لمساعدة الجامعة فى أن ترى نفسها فى المرآة وتتخذ قرارات مدروسة للإصلاح ولتغيير الخطاب الدينى بما يعيد إليها مكانتها وتأثيرها قد تم وأدها نتيجة لشراسة مقاومة التغيير من أساتذة الجامعة أنفسهم ولضعف قيادات الجامعة فى مساندة مشروع أقرته للمضى قدما فى وضع خطة أستراتيجية شاملة للإصلاح تهدف إلى تطوير العملية التعليمية بالجامعة بعناصرها المختلفة من قدرات أعضاء هيئة التدريس والأجهزة الإدارية إلى تحديث البرامج إلى المشاركة الطلابية إلى المعامل والمنشئات . حدث ذلك بعد أن توافرالتمويل اللازم والدعم الفنى من جهة مانحة. ولعلنا جميعا قد لمسنا حجم الذعر الذى حدث حين تسربت أنباء عن تقسيم الجامعة إلى أكثر من جامعة تجمع التخصصات المختلفة . خضعت قيادة الجامعة للإبتزاز تحت زعم الحفاظ على كيان الجامعة ووحدتها لكى تبقى الجامعة على حالها معقلا للتناقضات والصراعات وتصفية حسابات تدفع فاتورتها أجيال من أبناء مصر كانت ترى فى الجامعة رمزا للتميز .
لاتزال جامعة الأزهر التى تجمع كل خطايا التعليم العالى فى مصر هى الأمل فى تدريس وسطية الإسلام وسماحته ، وفى تخريج دعاه عصريين يعايشون الواقع وملمين بمشاكل المجتمع وقادرين على تجديد الخطاب الدينى .. جامعة الأزهر تخرج فيها المشايخ الأجلاء محمد عبده ومصطفى عبد الرازق و المراغى وعبد الحليم محمود و جاد الحق والقرضاوى وغيرهم من دعاة التنوير وقادته هذا حالها الآن ...أصحاب المصلحة فيها فى حروب ومعارك شخصية طاحنة .. عملية انتحار جماعى باسم الحفاظ على القيمة والرمز .. إصرارعلى اغتيال الذات ثم اختلاق المعارك ومحاربة طواحين الهواء على أنها شياطين تتربص بالجامعة التى لايفرقون بينها وبين الأزهر نفسه ربما احتماء بمظلته التى لاتزال وهما وليس حقيقة تحتفظ بالمكانة والقامة التى كانت له فى ظل شخصيات عظيمة تولت قيادته وحافظت على استقلاله ... سوف يسارع الدجالون من مدعى العلم والبيروقراطيين الذين يعيشون على "تستيف" الأوراق أن يستغلوا ضعف الجامعة ويوهموها بأنهم فرسان الإنقاذ وأن "هيئاتهم " القائمة على كتابة التقارير كفيلة بإنقاذ الأزهر ، وسوف يكتشف الأزهر أنه اشترى الترماى وأن الثقوب الموجودة بجسم السفينة بحاجة إلى محترفين وليس هواه لإنقاذ السفينة ومن فيها ... كم كنت أتمنى على حد تعبير رئيس الجامعة فى برنامج العاشرة مساء– مستعيرا عبارة قلناها فى مكانها – " ألا نحضر العفريت ثم نعجز عن صرفه بعد ذلك " . نعم ، حضرت الجامعة العفريت وتحاول الآن بكل الوسائل أن تجد من يساعدها على صرفه ... ولن تجد .. اللهم قد بلغت .. اللهم فاشهد ..!
· تكمن المأساة الرئيسية لهذه الجامعة فى أنها تجمع بين جنبيها 65 كلية بما فى ذلك الفروع بمحافظات الوجهين القبلى والبحرى ولاتقتصر الدراسة فيها على برامج العلوم الشرعية بفروعها المختلفة من شريعة وقانون وفقه ، وإنما علوم الطب والعلوم الإنسانية من تجارة إلى لغات إلى تربية. وقد نتج عن ذلك – نظرا لاختلاف التوجه والرؤى – إلى وجود تصارع عنيف بين معسكرين يمثلان ثقافتين مختلفتين كل الإختلاف ، فهناك " أصحاب بيت" يعتبرون كليات وأساتذة العلوم الدنيوية التجريبية " دخلاء " يريدون أن يفرضوا "ثقافتهم الغربية " على نظام الجامعة وأسلوب العمل الذى لم يتغير منذ نشأة الجامعة حتى الآن . وطبعا يدخل فى ذلك الصراع والتقاتل على احتلال المناصب الرفيعة بالجامعة بما فى ذلك رئاسة الجامعة ومناصب نوابها الأربعة. وطبيعى أن ينظر إلى أى محاولة للتطوير أو التحديث على أنها محاولة اختراق لثوابت استقرت كما قلت حتى لو كان ذلك إنشاء مركز لتعليم اللغة الإنجليزية لخريجى كليات وأقسام العلوم الشرعية الذين تصدرهم الجامعة للمراكز الإسلامية المنتشرة فى الغرب وأوروبا والذين لايمكن أن يقوموا بدورهم فى ظل جهل تام بلغة واحدة على الأقل يتحدثها معظم الناس فى الخارج.
· وتكمن المأساة الثانية لهذه الجامعة التى أنشئت بقانون خاص فى أنها لاتتبع منظومة التعليم العالى فى مصر وإنما رئيس الوزراء ويشرف عليها الأزهر مثلما يشرف على المعاهد الأزهرية المتوسطة فى مصر كلها ، ومع ذلك فإن الميزانية المخصصة للجامعة أقل من ربع ميزانية جامعة عين شمس مثلا ، ومع ذلك لاتستمتع بأى معونات فنية أو مادية يقدمها صندوق تطوير التعليم من حصيلة القروض التى يحصل عليها من الدول المانحة والتى تصرف على الجامعات الحكومية فى مصر. طبيعى بعد ذلك أن تتدهور الجامعة ومنشآتها ومعاملها وقاعات الدرس بها بشكل يفوق أى تدهور تعانى منه أى جامعة حكومية فى مصر وان تتعثر أدوات البحث العلمى بالجامعة وأن تفتقر مكتبتها الرئيسية والمكتبات الموجودة بفروعها الأربعة إلى وسائل البحث العلمى الحديثة وإلى إمكانات التواصل مع الجامعات الإسلامية التى تقفز بخطوات جبارة لكى تحتل المكانة التى كانت تحتلها جامعة الأزهر سواء فى السعودية أو المغرب العربى . وإذا كان شيخ الأزهر يضيق صدره بالنقد حتى لو كان بسبب مصافحة سفاح مثل شيمون بيريز بكلتا اليدين (أنكر فضيلته ذلك ثم حين نشرت الصورة قال أنه لم يكن يدرى أنه يصافح رئيس الدولة التى ترتكب ماترتكب من فظائع فى فلسطين) فإن القيادة الحالية لجامعة الأزهر لاتطيق الاختلاف فى الرأى وليس فى نيتها أن تنفتح على العالم التى هى جزء منه شاءت أم لم تشأ.
· الجامعة ملزمة بقبول كل – أقول كل وليس بعض – من يريد الإلتحاق بها من خريجى المعاهد الإزهرية باعتبارها الملاذ الوحيد المفتوح أمامهم لاستكمال دراستهم . ومثلما هو الحال فى الجامعات الحكومية الأخرى التى تحدد على الأقل حدا أدنى للمجاميع تقبل على أساسها خريجى الثانوية العامة فإن مستوى الخريجين بائس ومتدنى وكثير منهم – باعتراف المسئولين فى الجامعة – لايحفظون حتى قصار السور قبل التحاقهم بالجامعة وللقارئ أن يتصور حجم الكارثة فى تخريج دعاة جهال يجهلون قواعد اللغة ولايحفظون القرآن الذى هو أداتهم فى توصيل الدعوة وسماحة الدين ووسطيته وسماحته . ولعل ذلك يفسر ضعف الدعاة وأئمة المساجد ومقيمى الشعائر الذين أصبحوا مثار شكوى دائمة وتذمر عالى النبرة من جماهير المترددين على لمساجد والذى تقف وزارة الأوقاف عاجزة عن فعل شيئ تجاهه ، ناهيك عن التطرف فى الرأى والجمود الذى يقتل كل إبداع أو اجتهاد .
· جامعة الأزهر هى الجامعة الوحيدة التى لم أسمع تذمرا واحدا من أعضاء هيئة التدريس بها من الكثافة الطلابية وتزايد عدد الطلاب بها على الرغم من مئات الألوف الذين تكتظ بهم مدرجات الجامعة المهترئة. ويكمن السر هنا أن الأساتذة يعتمدون بشكل أساسى فى دخولهم ونظرا لضعف مرتباتهم على بيع كتبهم ومذكراتهم للطلاب قسرا. وهم هنا لايكتفون بتوزيع الكتب وإنما يدافعون عن مذاهبهم واتجاهاتهم ويلزمون طلابهم بها بدلا من تشجيعهم على البحث فى الكنوزالتى تمتلئ بها كتب التراث خاصة فيما يختص بثوابت الدين. الحقيقة المرة هنا أن كثيرا من الأساتذة يعيدون طبع كتبهم دون أى إضافة أو تغيير لأكثر من 20 سنة فى بعض الحالات . ولنا أن نتخيل بعد ذلك مستوى الخريجين الذين تفرزهم مثل تلك العملية التعليمية العقيمة والمتخلفة .
· جامعة بهذا الحجم والمكانة التى أصبحت بالقطع تهتز بشدة أمام الإمكانات التى توفرها الدول الأخرى لجامعاتها النظيرة تعمل دون خطة استراتيجية ولاخريطة طريق تحدد أهدافها والنواحى الإيجابية والسلبية بها حتى تستجيب للمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية من حولها ولو للخمس سنوات القادمة فقط. وحتى المحاولة الوحيدة التى بدأت لمساعدة الجامعة فى أن ترى نفسها فى المرآة وتتخذ قرارات مدروسة للإصلاح ولتغيير الخطاب الدينى بما يعيد إليها مكانتها وتأثيرها قد تم وأدها نتيجة لشراسة مقاومة التغيير من أساتذة الجامعة أنفسهم ولضعف قيادات الجامعة فى مساندة مشروع أقرته للمضى قدما فى وضع خطة أستراتيجية شاملة للإصلاح تهدف إلى تطوير العملية التعليمية بالجامعة بعناصرها المختلفة من قدرات أعضاء هيئة التدريس والأجهزة الإدارية إلى تحديث البرامج إلى المشاركة الطلابية إلى المعامل والمنشئات . حدث ذلك بعد أن توافرالتمويل اللازم والدعم الفنى من جهة مانحة. ولعلنا جميعا قد لمسنا حجم الذعر الذى حدث حين تسربت أنباء عن تقسيم الجامعة إلى أكثر من جامعة تجمع التخصصات المختلفة . خضعت قيادة الجامعة للإبتزاز تحت زعم الحفاظ على كيان الجامعة ووحدتها لكى تبقى الجامعة على حالها معقلا للتناقضات والصراعات وتصفية حسابات تدفع فاتورتها أجيال من أبناء مصر كانت ترى فى الجامعة رمزا للتميز .
لاتزال جامعة الأزهر التى تجمع كل خطايا التعليم العالى فى مصر هى الأمل فى تدريس وسطية الإسلام وسماحته ، وفى تخريج دعاه عصريين يعايشون الواقع وملمين بمشاكل المجتمع وقادرين على تجديد الخطاب الدينى .. جامعة الأزهر تخرج فيها المشايخ الأجلاء محمد عبده ومصطفى عبد الرازق و المراغى وعبد الحليم محمود و جاد الحق والقرضاوى وغيرهم من دعاة التنوير وقادته هذا حالها الآن ...أصحاب المصلحة فيها فى حروب ومعارك شخصية طاحنة .. عملية انتحار جماعى باسم الحفاظ على القيمة والرمز .. إصرارعلى اغتيال الذات ثم اختلاق المعارك ومحاربة طواحين الهواء على أنها شياطين تتربص بالجامعة التى لايفرقون بينها وبين الأزهر نفسه ربما احتماء بمظلته التى لاتزال وهما وليس حقيقة تحتفظ بالمكانة والقامة التى كانت له فى ظل شخصيات عظيمة تولت قيادته وحافظت على استقلاله ... سوف يسارع الدجالون من مدعى العلم والبيروقراطيين الذين يعيشون على "تستيف" الأوراق أن يستغلوا ضعف الجامعة ويوهموها بأنهم فرسان الإنقاذ وأن "هيئاتهم " القائمة على كتابة التقارير كفيلة بإنقاذ الأزهر ، وسوف يكتشف الأزهر أنه اشترى الترماى وأن الثقوب الموجودة بجسم السفينة بحاجة إلى محترفين وليس هواه لإنقاذ السفينة ومن فيها ... كم كنت أتمنى على حد تعبير رئيس الجامعة فى برنامج العاشرة مساء– مستعيرا عبارة قلناها فى مكانها – " ألا نحضر العفريت ثم نعجز عن صرفه بعد ذلك " . نعم ، حضرت الجامعة العفريت وتحاول الآن بكل الوسائل أن تجد من يساعدها على صرفه ... ولن تجد .. اللهم قد بلغت .. اللهم فاشهد ..!
No comments:
Post a Comment