أثارت سلسلة المقالات التمهيدية التى كتبتها عن الكارثة القومية التى تحيق بمصر من جراء فساد منظومة التعليم العديد من ردود الفعل معظمها من زملاء أعزاء احترمهم وأقدر قيمتهم ورأيهم معظمها أيد استمرار فتح الملف بكل أبعاده دون خوف مادامت النوايا خالصة للإصلاح فى شأن وهم قومى يصيب أهل المهنة بوجع متواصل ورغبة عارمة فى دخول حجرة العمليات والخضوع لعملية جراحية تقضى على هذا الألم ولو بعد حين ، وقليل منها رأى فى قلمى غلظة وعنفا فى التناول ، وقد اعترفت بذلك ولم أعتذر عنه حيث أننا لانتحدث هنا عن حادث عارض مؤقت وإنما عن أخطرالقضايا التى يمكن بالإهمال المعتاد والتهوين والمسكنات أن تصيب تداعياتها الأمن القومى لمصر فى مقتل. قصدت أن تكون المقالات الثلاثة السابقة صدمة كهربية توقظ القلوب الغافلة وتلفت نظر القيادة السياسية إلى إعادة حساباتها فى الأولويات . كانت بعض الآراء صريحة فى شكها أن تؤدى محاولاتى إلى أى تغيير ، وبعضها سأل صراحة عن جمهور المتلقين وعما إذا كانت مقالاتى الصحفية هى الوسيلة الأنسب . وقلت لهم أنى هنا بالذات أراهن على أمرين : أن أخاطب أصحاب المصلحة من العاملين فى مجال التعليم العالى ، وأخاطب كل منزل فى مصر له أبن أو إبنة تتضاءل فرصهم فى الحصول على عمل مناسب بعد التخرج نتيجة لنقص خبراتهم وسطحية التعليم الذى حصلوا عليه وكلاهما لايبلى بحال احتياجات سوق العمل ، ومن ثم يصبح المقال الصحفى بالنسبة لى هو الوسيلة الأفعل فى الوصول إلى الجمهور المستهدف الذى آمل أن يصبح قوة ضغط تسعى للإحداث التغيير فى أمر يمس مستقبلهم ومستقبل أبنائهم .وهاأنذا أفى بوعدى الذى قطعته على نفسى لكل هؤلاء بأن أسهم بآراء محددة فى طرح سبل للإصلاح مستقاة من احتكاكى المباشر بكل مشاريع تطوير التعليم العالى فى مصر خلال العشر سنوات الماضية ، وقبلها أكثر من ثلاثين عاما ممارسا للمهنة ومساهما فى التطوير المجتمعى محليا وإقليميا وعالميا. وأعتذر للقارئ مقدما أنى سوف أقصر كلامى على منظومة التعليم العالى فى مصر دون مايسبقه على أهميته وتأثيره فيما سوف أطرحه من حلول وبدائل . وإنى وإن كنت سوف أشير إلى تلك التأثيرات فى حينها ، إلا أنها لها حديثا مخالفا وتناولا متفردا يستحق أن يتصدى له من هم أقدر منى على ذلك من بين المفكرين والعاملين فى حقل التربية والتعليم الأساسى والمتوسط .
أرى أن المقدمة الطبيعية هنا أن أشرك القارئ فى حجم وأبعاد المشكلة التى نحن بصددها حتى يكون لما نناقشه بشأنها معنى . عرفت مصر التعليم منذ مائة عام حين أنشئت " جامعة القاهرة " وهى أول جامعة أهلية ساهم المصريون فى إنشائها ، وهى قصة مبهرة لإرادة شعبية استجابت لقيادة ملهمة تعظم العلم وتوقن أن مستقبل مصر مرتبط بعدد علمائها. فى مصر الآن 18 جامعة حكومية و 15 جامعة خاصة و 12 معهدا فنيا و 115 معهدا عاليا خاصا فى تخصصات مختلفة. ويبلغ عدد طلاب الجامعات فى مصر (2007/2008) 4ر2 مليون طالبا منهم 250 ألف طالب مقيدين فى برامج الدراسات العليا ، ويقوم على التدريس فى الجامعات الحكومية وحدها ...ر63 ألف عضو هيئة تدريس بدرجاتهم المختلفة. ولعل من المناسب هنا أن نذكر أن 45ر77% من طلاب الجامعات لدينا يدرسون علوما اجتماعية وإنسانية ، أى أن نسبة الطلاب بالكليات العملية لايزيد عن 55ر22% وذلك جزء من مصيبتنا التى ينبغى أن نتوقف عندها بالتحليل لكى ندرك التأثير السلبى لذلك على الأمل الباهت بأن يجيئ يوم قريب نرى فيه إحدى جامعاتنا بين أى عدد من الجامعات المرموقة فى العالم. المأساة هنا تكمن فى أن مصر قد أنفقت فى العام 2007/2008 مايقرب من 8ر3% (بعض الدول العربية تخصص ثلاثة أضعاف ذلك لميزانية التعليم بها) من حجم الإنفاق فى ميزانية الدولة (حوالى 240 بليون جنيه مصرى) على التعليم ، وهو مبلغ يبدو بالغ الضخامة على مستوى التعليم المتدنى الذى تقدمه جامعاتنا الآن . ولكن ربما زال العجب لو عرفنا أن 20% من المبالغ التى تصرف على التعليم تصرف فعلا على العملية التعليمية نفسها أما الباقى فيصرف على المرتبات والمكافآت كما هو الحال فى كل المؤسسات الحكومية الخدمية فى مصر. وقد خصصت الحكومة 5ر2 مليار جنيه للسنوات الخمس القادمة حتى عام 2012 لتمويل ميزانية "الهيئة القومية لضمان الجودة والإعتماد" ومشروع الجودة وتأهيل الجامعات للإعتماد، وإنشاء كليات جديدة مميزة وقد قدم برنامج الحكومة فى هذا الشأن على أنه الحل لمأساة وتدهور التعليم فى مصر وذلك غير صحيح كما سوف نثبت من خلال مانسنطرحه تباعا فى هذا الموضوع الشائك. يضاف إلى تلك الميزانية الضخمة القروض التى تحصل عليها وزارة التعليم العالى فى مصر باتفاقات ثنائية مع البنك الدولى ومع بعض الجهات المانحة الأخرى العاملة فى مجال التعليم العالى. وبديهى أن القروض – بعكس المنح – هى دين واجب السداد بشروط ميسرة ، وليس منحا لاترد ، ومن ثم تتحملها جيوب المصريين فى النهاية . ومن هنا كان للناس الحق أن يراقبوا ويسألوا ويحاسبوا دون الإكتفاء بالفرجة والسماع للبيانات الوزارية التى تؤكد فى كل وقت وحين إنجازات مبهرة ، ولكنها فى خيال من يصوغها وليس بأى حال واقعا نلمسه ونراه. ومن حق الناس أن يسألوا من خلال نوابهم الذين أقسموا اليمين والرقابة الشعبية ومؤسسات المجتمع المدنى عن مصير تلك المليارات وعلى ماذا صرفت بالضبط وماهو فى المقابل العائد الفعلى الذى عاد على التعليم بعد كل ذلك .
إذا انتقلنا إلى الجانب التنظيمى الذى يحكم التعليم العالى فى مصر حاليا سوف نكتشف أن هناك أكثر من جهة لايجمعها معا خطة استراتيجية واضحة ، ولايحكمها توصيف محكم للأدوار. وتلك مأساة كبرى فى حد ذاتها حيث تختلط الأوراق وتتشابك المصالح وتتعارض المسئوليات والسلطات ، وكلها لايمكن أن ينتج عنها سوى التضارب والعشوائية فى اتخاذ القرارات وغياب الرقابة وإهدار الموارد . هناك وزارة التعليم العالى بأجهزتها المختلفة وبها وحدة للتخطيط الإستراتيجى باعتبارها الجهة المهيمنة على التعليم العالى فى مصر، وهناك المجلس الأعلى للجامعات ، وهناك " الهيئة القومية لضمان الجودة " والمفروض فيها أنها هيئة مستقلة تتبع رئيس الوزراء مباشرة ، وهناك المشروع التنفيذى لضمان الجودة والتأهيل للإعتماد ، بالإضافة إلى الجامعات نفسها والكليات التابعة لها والمعاهد العليا بأقسامها المختلفة. ويتبع كل جهة من تلك الجهات العديد من المشروعا ت والأجهزة التى تعاونها فى عملها . ولابأس فى كل ذلك إذا كانت المهام واضحة ومحددة ولاتكرار فيها ، أما إذا لم يحدث ذلك فلابد من وقفة نحلل فيها طريقة عمل كل جهة من تلك الجهات ، ونحكم بعد ذلك على نطاق عملها وسلطتها وضرورة وجودها من عدمه توفيرا للوقت والمال وزيادة فى الكفاءة والفعالية.
وربما لو أخذنا نظرة سريعة على الأهداف الواردة فيما يسمى بالخطة الخمسية لتلك الجهات لوجدنا أهدافا عامة يمكن أن توضح فى أى خطة لاتقوم على دراسة علمية حقيقية متأنية شاملة لكل المشكلات الموجودة وتستهدف التطوير الشامل لعملية التعليم العالى فى مصر. تحس وأنت تقرأ تلك الأهداف أنها قد وضعت لكى تبرر المشروعات العديدة التى أنشئت لتتبع الهيئات التى ذكرناها وتأكد ضرورة وجودها ، مع أن العكس ينبغى أن يكون هو منهاج العمل : أى أن يتم تشخيص المرض تشخيصا دقيقا ثم نضع العلاج بعد ذلك .
حقيقة فارقة ينبغى أن ننتبه إليها ونحن نناقش المشكلة ونقترح الحلول : الجامعات فى مصر لاتتمتع بأى استقلالية فى اتخاذ القرار، وطريقة اختيار رؤساء الجامعات والعمداء من بين أهل الثقة هى أكبر ضمان للوزير المسئول أن يمسك بكل خيوط اللعبة فى يده فيصبح مستقبل التعليم العالى فى مصر رهن بقرار يصدره وزير أو يوحى بإصداره أو يمتنع عن إصداره . وتكتمل منظومة سلب الجامعات لاختصاصاتها الأصيلة بسلطة الأمن فى إدارة شئون الجامعة إلى الدرجة التى تكبل أيدى رؤساء الجامعات فى الترقية أو التعيين لعماد العملية التعليمية وهم الأساتذة باختلاف درجاتهم. حين يتم "تدجين" رئيس الجامعة ويقبل أن تدار جامعته عن بعد من خلال الوزير أو أى من معاونيه فلابد وأن تشمل عملية إصلاح التعليم إطلاق أسر الجامعات وإعادة الحرية التى سلبت منها إليها حتى نضمن أن التغيير الذى ننشده سوف يتم دون تدخلات أو محاولات لإفشاله .
سوف نبدأ معا التحاور حول طريق الإصلاح أو على الأقل التنبيه إلى المخاطر وطرح البدائل مادمنا لسنا فى مواقع المسئولية التى تتيح لها اتخاذ القرارات . سوف أستخدم حقى فى مساحة المتر المربع الذى امتلكه فى الوطن لكى أزرع فيه شجرة قد لاتثمر ولكنها بالقطع تستطيع أن تفرد مساحة ظل لمن يريد أن يستريح من وهج الشمس ، ولعل حجم المشكلة وأبعادها العامة كما طرحتها هنا تفسر سر حماسى وانفعالى . أما من يهونون من شأن القضية المطروحة دفاعا عن مصالح شخصية ورهانا على الوقت الذى يناورون لكسبه فى مناصبهم فهم بحاجة إلى تعلم قراءة التقارير الدولية المحايدة التى تصور واقع الحال فى التعليم فى مصر بوجه عام والتعليم العالى بوجه خاص ، وأن يحاولوا على قدر مايستطيعون فهم دلالات مايقرأون لعل الضمائر تستيقظ والنوايا تخلص فنغلب مصلحة مصر على ماسواها.
أرى أن المقدمة الطبيعية هنا أن أشرك القارئ فى حجم وأبعاد المشكلة التى نحن بصددها حتى يكون لما نناقشه بشأنها معنى . عرفت مصر التعليم منذ مائة عام حين أنشئت " جامعة القاهرة " وهى أول جامعة أهلية ساهم المصريون فى إنشائها ، وهى قصة مبهرة لإرادة شعبية استجابت لقيادة ملهمة تعظم العلم وتوقن أن مستقبل مصر مرتبط بعدد علمائها. فى مصر الآن 18 جامعة حكومية و 15 جامعة خاصة و 12 معهدا فنيا و 115 معهدا عاليا خاصا فى تخصصات مختلفة. ويبلغ عدد طلاب الجامعات فى مصر (2007/2008) 4ر2 مليون طالبا منهم 250 ألف طالب مقيدين فى برامج الدراسات العليا ، ويقوم على التدريس فى الجامعات الحكومية وحدها ...ر63 ألف عضو هيئة تدريس بدرجاتهم المختلفة. ولعل من المناسب هنا أن نذكر أن 45ر77% من طلاب الجامعات لدينا يدرسون علوما اجتماعية وإنسانية ، أى أن نسبة الطلاب بالكليات العملية لايزيد عن 55ر22% وذلك جزء من مصيبتنا التى ينبغى أن نتوقف عندها بالتحليل لكى ندرك التأثير السلبى لذلك على الأمل الباهت بأن يجيئ يوم قريب نرى فيه إحدى جامعاتنا بين أى عدد من الجامعات المرموقة فى العالم. المأساة هنا تكمن فى أن مصر قد أنفقت فى العام 2007/2008 مايقرب من 8ر3% (بعض الدول العربية تخصص ثلاثة أضعاف ذلك لميزانية التعليم بها) من حجم الإنفاق فى ميزانية الدولة (حوالى 240 بليون جنيه مصرى) على التعليم ، وهو مبلغ يبدو بالغ الضخامة على مستوى التعليم المتدنى الذى تقدمه جامعاتنا الآن . ولكن ربما زال العجب لو عرفنا أن 20% من المبالغ التى تصرف على التعليم تصرف فعلا على العملية التعليمية نفسها أما الباقى فيصرف على المرتبات والمكافآت كما هو الحال فى كل المؤسسات الحكومية الخدمية فى مصر. وقد خصصت الحكومة 5ر2 مليار جنيه للسنوات الخمس القادمة حتى عام 2012 لتمويل ميزانية "الهيئة القومية لضمان الجودة والإعتماد" ومشروع الجودة وتأهيل الجامعات للإعتماد، وإنشاء كليات جديدة مميزة وقد قدم برنامج الحكومة فى هذا الشأن على أنه الحل لمأساة وتدهور التعليم فى مصر وذلك غير صحيح كما سوف نثبت من خلال مانسنطرحه تباعا فى هذا الموضوع الشائك. يضاف إلى تلك الميزانية الضخمة القروض التى تحصل عليها وزارة التعليم العالى فى مصر باتفاقات ثنائية مع البنك الدولى ومع بعض الجهات المانحة الأخرى العاملة فى مجال التعليم العالى. وبديهى أن القروض – بعكس المنح – هى دين واجب السداد بشروط ميسرة ، وليس منحا لاترد ، ومن ثم تتحملها جيوب المصريين فى النهاية . ومن هنا كان للناس الحق أن يراقبوا ويسألوا ويحاسبوا دون الإكتفاء بالفرجة والسماع للبيانات الوزارية التى تؤكد فى كل وقت وحين إنجازات مبهرة ، ولكنها فى خيال من يصوغها وليس بأى حال واقعا نلمسه ونراه. ومن حق الناس أن يسألوا من خلال نوابهم الذين أقسموا اليمين والرقابة الشعبية ومؤسسات المجتمع المدنى عن مصير تلك المليارات وعلى ماذا صرفت بالضبط وماهو فى المقابل العائد الفعلى الذى عاد على التعليم بعد كل ذلك .
إذا انتقلنا إلى الجانب التنظيمى الذى يحكم التعليم العالى فى مصر حاليا سوف نكتشف أن هناك أكثر من جهة لايجمعها معا خطة استراتيجية واضحة ، ولايحكمها توصيف محكم للأدوار. وتلك مأساة كبرى فى حد ذاتها حيث تختلط الأوراق وتتشابك المصالح وتتعارض المسئوليات والسلطات ، وكلها لايمكن أن ينتج عنها سوى التضارب والعشوائية فى اتخاذ القرارات وغياب الرقابة وإهدار الموارد . هناك وزارة التعليم العالى بأجهزتها المختلفة وبها وحدة للتخطيط الإستراتيجى باعتبارها الجهة المهيمنة على التعليم العالى فى مصر، وهناك المجلس الأعلى للجامعات ، وهناك " الهيئة القومية لضمان الجودة " والمفروض فيها أنها هيئة مستقلة تتبع رئيس الوزراء مباشرة ، وهناك المشروع التنفيذى لضمان الجودة والتأهيل للإعتماد ، بالإضافة إلى الجامعات نفسها والكليات التابعة لها والمعاهد العليا بأقسامها المختلفة. ويتبع كل جهة من تلك الجهات العديد من المشروعا ت والأجهزة التى تعاونها فى عملها . ولابأس فى كل ذلك إذا كانت المهام واضحة ومحددة ولاتكرار فيها ، أما إذا لم يحدث ذلك فلابد من وقفة نحلل فيها طريقة عمل كل جهة من تلك الجهات ، ونحكم بعد ذلك على نطاق عملها وسلطتها وضرورة وجودها من عدمه توفيرا للوقت والمال وزيادة فى الكفاءة والفعالية.
وربما لو أخذنا نظرة سريعة على الأهداف الواردة فيما يسمى بالخطة الخمسية لتلك الجهات لوجدنا أهدافا عامة يمكن أن توضح فى أى خطة لاتقوم على دراسة علمية حقيقية متأنية شاملة لكل المشكلات الموجودة وتستهدف التطوير الشامل لعملية التعليم العالى فى مصر. تحس وأنت تقرأ تلك الأهداف أنها قد وضعت لكى تبرر المشروعات العديدة التى أنشئت لتتبع الهيئات التى ذكرناها وتأكد ضرورة وجودها ، مع أن العكس ينبغى أن يكون هو منهاج العمل : أى أن يتم تشخيص المرض تشخيصا دقيقا ثم نضع العلاج بعد ذلك .
حقيقة فارقة ينبغى أن ننتبه إليها ونحن نناقش المشكلة ونقترح الحلول : الجامعات فى مصر لاتتمتع بأى استقلالية فى اتخاذ القرار، وطريقة اختيار رؤساء الجامعات والعمداء من بين أهل الثقة هى أكبر ضمان للوزير المسئول أن يمسك بكل خيوط اللعبة فى يده فيصبح مستقبل التعليم العالى فى مصر رهن بقرار يصدره وزير أو يوحى بإصداره أو يمتنع عن إصداره . وتكتمل منظومة سلب الجامعات لاختصاصاتها الأصيلة بسلطة الأمن فى إدارة شئون الجامعة إلى الدرجة التى تكبل أيدى رؤساء الجامعات فى الترقية أو التعيين لعماد العملية التعليمية وهم الأساتذة باختلاف درجاتهم. حين يتم "تدجين" رئيس الجامعة ويقبل أن تدار جامعته عن بعد من خلال الوزير أو أى من معاونيه فلابد وأن تشمل عملية إصلاح التعليم إطلاق أسر الجامعات وإعادة الحرية التى سلبت منها إليها حتى نضمن أن التغيير الذى ننشده سوف يتم دون تدخلات أو محاولات لإفشاله .
سوف نبدأ معا التحاور حول طريق الإصلاح أو على الأقل التنبيه إلى المخاطر وطرح البدائل مادمنا لسنا فى مواقع المسئولية التى تتيح لها اتخاذ القرارات . سوف أستخدم حقى فى مساحة المتر المربع الذى امتلكه فى الوطن لكى أزرع فيه شجرة قد لاتثمر ولكنها بالقطع تستطيع أن تفرد مساحة ظل لمن يريد أن يستريح من وهج الشمس ، ولعل حجم المشكلة وأبعادها العامة كما طرحتها هنا تفسر سر حماسى وانفعالى . أما من يهونون من شأن القضية المطروحة دفاعا عن مصالح شخصية ورهانا على الوقت الذى يناورون لكسبه فى مناصبهم فهم بحاجة إلى تعلم قراءة التقارير الدولية المحايدة التى تصور واقع الحال فى التعليم فى مصر بوجه عام والتعليم العالى بوجه خاص ، وأن يحاولوا على قدر مايستطيعون فهم دلالات مايقرأون لعل الضمائر تستيقظ والنوايا تخلص فنغلب مصلحة مصر على ماسواها.
No comments:
Post a Comment