أمانة الكلمة عبء ثقيل ينوء بحمله كل شريف صاحب رسالة "يعرف الحقيقة" ويسكنه ضمير متيقظ لاينام فلايستطيع السكوت على فساد ولايخضع لإغراء المنصب أو الجاه أو الثراء لكى يشيح بوجهه ويتظاهر بأنه لايعرف ولا يرى ومن ثم لايتكلم فيصبح تجسيدا للصورة التقليدية للقردة الثلاثة التى يضعها بعض المسئولين على مكاتبهم لكى تذكرهم دائما بأنهم مجرد دمى يجلسون على الكراسى يحركهم صاحب الفضل عليهم بتقليدهم تلك المناصب، ويمنعهم من مجرد التفكير بأنهم يملكون حق الإعتراض على مايدور حولهم من مفاسد وإلا أطيح بهم .. يصبحون بالتدريج "عبيدا" بمستويات مختلفة لظالم فاسد يفعل بهم وبمن حولهم مايشاء ويحركهم على رقعة الفساد المتاحة له مثلما يحرك اللآعب الماهر قطع الشطرنج، ثم يتحولون إلى أدوات قهر وقمع لكل من يعترض أو يشكو بل ومن يرفض "المشاركة" ويعتبرونه عدوا ينبغى تصفيته والخلاص منه.. ذلك تلخيص لعهد مبارك الذى مهما تبارينا فى اختيار المسميات فإن "عهد الفساد" تظل هى التسمية التى الجامعة المانعة لثلاثة عقود من التخريب والنهب والسلب وتحطيم الإرادة الوطنية وتحويل وطن المصريين جميعا إلى عزبة تملكها أسرة سمحت لبضعة مئات من خصيانهم بإقطاعيات وأطلقوا أيديهم فى معاملة باقى الشعب المصرى كأجراء يعملون معهم نظير لقمة العيش التى يحرمون منها إذا لم يرض عنهم "السيد".
فجرت ثورة يناير ينابيع الكرامة الوطنية للمصريين، ورفعت الغطاء عن الصمت الذى كان مفروضا عليهم وأطلقت العنان لألسنتهم التى ألجمها الخوف لفترة طويلة حتى كادت تنسى الحروف والكلمات التى تعبر عن السخط وعدم قبول الظلم، وبدأ الشارع المصرى يشارك فى الحكم ويختار الحكام بعد أن انقلب السحر على الساحر وأطلق سراح الشعب وبدأت بالفعل محاكمات من أجرموا فى حقه ووضعهم فى أقفاص الإتهام خلف القضبان بدلا من كل معارض شريف تجرأ على المطالبة بحقه .. بل وخرجت حكومة الثورة لكى تؤكد أن الثورة لم تطح فقط برؤوس النظام وإنما سوف تطال ذيولهم وخصيانهم وأغواتهم المتمركزين فى كل مؤسسات الدولة وتطهير تلك المؤسسات منهم لكى تعود خالصة نقية لأصحابها ومالكيها الحقيقيين .. استقبل الناس تصريحات الحكومة بحماس وصدقوها وتشجعوا ووجدوا فى ذلك فرصتهم للمشاركة فى تطهير مؤسساتهم ومعاونتها فى تلك المهمة الصعبة ، وإن كان ذلك قد زاد من عبء إلتزام الحكومة بتفيذ وعدت به .. وكان طبيعيا أن يتوقع الناس – وهذا حقهم – بأن تبدأ الحكومة بنفسها فتطهر المؤسسات التابعة لها مباشرة أولا لكى تزيد من مصداقيتها في أنها عازمة بالفعل أن تقضى على ذيول نظام مبارك وتسليم السلطة إلى المؤهلين من جيل الثورة لكى يصلحوا ماأفسده النظام ويعبروا بمصر إلى المستقبل الذى تستحقه.
قابلت وفدا حضر إلى منزلى لكى يسلمنى وثيقة بأسماء قيادات مركز تابع لمجلس الوزراء بها ارقام عضوية هؤلاء بلجنة السياسات واللجان المختلفة للحزب الوطنى ، ومعها أرقام القضايا التى رفعت على هؤلاء بتهم التربح وإهدار المال العام من الغيورين على أمر هذا المركز الذى لم يكن فى الماضى سوى بوقا للحزب الوطنى يسهم فى غسل مخ الشعب المصرى ويمهد للتوريث، ومرفق بكل ذلك قصاصات الصحف – بما فى ذلك صحف الحكومة نفسها - التى تناولت بالمستندات مظاهر الفساد السياسى الفجة وإهدار المال العام فى هذا المركز الذى خرج رئيسه السابق فى التشكيل الوزارى الأخير استجابة لإرادة شعبية كاسحة مع غيره من رموز النظام السابق من الوزراء .. هدأت من روع زوارى وأكدت لهم أن التطهير قادم لامحالة وأنها مسألة وقت ، ونصحتهم بالحق الذى يملكونه أن يسلموا مطالبهم إلى مكتب رئيس الوزراء وهو على بعد خطوات منهم ، ووعدت بأن أفعل نفس الشيئ فى إطار الأمانة التى حملونى إياها باعتبارى كنت شاهدا على كل مايقولون حين التحقت بالعمل فى هذا المركز تحت إلحاح من رئيسه السابق الذى أكد لى أنه جاد فى إعادة هيكلته، ولكنى أكملت عاما بالكاد أجاهد بما أعطانى الله من علم وخبرة يسيرين فى أن أنفذ الخطة التى صدقت بسذاجة أن الرجل كان جادا فى تفعليها وأنه قادر على إلزام جماعات المصالح التى تحاصره بتنفيذها، وأكدت لهم استعدادى للشهادة رسميا أمام أى جهة تحقيق تستدعينى للشهادة فذلك واجب والتزام لاينبغى لأى مواطن شريف أن يتحلل منه .. كان أكثر مالفت انتباهى أثناء النقاش نقطتان: أولهما أن أصحاب تلك القضايا من المتهمين من قيادات المركز قد تمت ترقيتهم منذ أسابيع وأحدهم يدير المركز فعليا، وثانيهما تلك العبارة التى ترددت كثيرا وبإصرار بما يدل على أنها تمثل هاجسا ملحا فى إذهان أصحاب الحق "التطهير لابد وأن يبدأ من هنا إذا كانت الحكومة جادة فى وعودها".. عبارة يقف لايستطيع أى منطق أن يتحداها لبلاغتها وصدق مدلولها.
فجرت ثورة يناير ينابيع الكرامة الوطنية للمصريين، ورفعت الغطاء عن الصمت الذى كان مفروضا عليهم وأطلقت العنان لألسنتهم التى ألجمها الخوف لفترة طويلة حتى كادت تنسى الحروف والكلمات التى تعبر عن السخط وعدم قبول الظلم، وبدأ الشارع المصرى يشارك فى الحكم ويختار الحكام بعد أن انقلب السحر على الساحر وأطلق سراح الشعب وبدأت بالفعل محاكمات من أجرموا فى حقه ووضعهم فى أقفاص الإتهام خلف القضبان بدلا من كل معارض شريف تجرأ على المطالبة بحقه .. بل وخرجت حكومة الثورة لكى تؤكد أن الثورة لم تطح فقط برؤوس النظام وإنما سوف تطال ذيولهم وخصيانهم وأغواتهم المتمركزين فى كل مؤسسات الدولة وتطهير تلك المؤسسات منهم لكى تعود خالصة نقية لأصحابها ومالكيها الحقيقيين .. استقبل الناس تصريحات الحكومة بحماس وصدقوها وتشجعوا ووجدوا فى ذلك فرصتهم للمشاركة فى تطهير مؤسساتهم ومعاونتها فى تلك المهمة الصعبة ، وإن كان ذلك قد زاد من عبء إلتزام الحكومة بتفيذ وعدت به .. وكان طبيعيا أن يتوقع الناس – وهذا حقهم – بأن تبدأ الحكومة بنفسها فتطهر المؤسسات التابعة لها مباشرة أولا لكى تزيد من مصداقيتها في أنها عازمة بالفعل أن تقضى على ذيول نظام مبارك وتسليم السلطة إلى المؤهلين من جيل الثورة لكى يصلحوا ماأفسده النظام ويعبروا بمصر إلى المستقبل الذى تستحقه.
قابلت وفدا حضر إلى منزلى لكى يسلمنى وثيقة بأسماء قيادات مركز تابع لمجلس الوزراء بها ارقام عضوية هؤلاء بلجنة السياسات واللجان المختلفة للحزب الوطنى ، ومعها أرقام القضايا التى رفعت على هؤلاء بتهم التربح وإهدار المال العام من الغيورين على أمر هذا المركز الذى لم يكن فى الماضى سوى بوقا للحزب الوطنى يسهم فى غسل مخ الشعب المصرى ويمهد للتوريث، ومرفق بكل ذلك قصاصات الصحف – بما فى ذلك صحف الحكومة نفسها - التى تناولت بالمستندات مظاهر الفساد السياسى الفجة وإهدار المال العام فى هذا المركز الذى خرج رئيسه السابق فى التشكيل الوزارى الأخير استجابة لإرادة شعبية كاسحة مع غيره من رموز النظام السابق من الوزراء .. هدأت من روع زوارى وأكدت لهم أن التطهير قادم لامحالة وأنها مسألة وقت ، ونصحتهم بالحق الذى يملكونه أن يسلموا مطالبهم إلى مكتب رئيس الوزراء وهو على بعد خطوات منهم ، ووعدت بأن أفعل نفس الشيئ فى إطار الأمانة التى حملونى إياها باعتبارى كنت شاهدا على كل مايقولون حين التحقت بالعمل فى هذا المركز تحت إلحاح من رئيسه السابق الذى أكد لى أنه جاد فى إعادة هيكلته، ولكنى أكملت عاما بالكاد أجاهد بما أعطانى الله من علم وخبرة يسيرين فى أن أنفذ الخطة التى صدقت بسذاجة أن الرجل كان جادا فى تفعليها وأنه قادر على إلزام جماعات المصالح التى تحاصره بتنفيذها، وأكدت لهم استعدادى للشهادة رسميا أمام أى جهة تحقيق تستدعينى للشهادة فذلك واجب والتزام لاينبغى لأى مواطن شريف أن يتحلل منه .. كان أكثر مالفت انتباهى أثناء النقاش نقطتان: أولهما أن أصحاب تلك القضايا من المتهمين من قيادات المركز قد تمت ترقيتهم منذ أسابيع وأحدهم يدير المركز فعليا، وثانيهما تلك العبارة التى ترددت كثيرا وبإصرار بما يدل على أنها تمثل هاجسا ملحا فى إذهان أصحاب الحق "التطهير لابد وأن يبدأ من هنا إذا كانت الحكومة جادة فى وعودها".. عبارة يقف لايستطيع أى منطق أن يتحداها لبلاغتها وصدق مدلولها.
No comments:
Post a Comment