أواصل تحريضى على التفكير، ولعل حالة الإسترخاء التى تصاحب أجازة العيد ومايصاحبها من الخير والعطاء تغرى على تهيئة الجو للإنخراط فى حالة من التأمل لما أطرحه هنا من موضوعات وآراء :
§ إضراب أمناء الشرطة يعيد إلى الأذهان أحداث الأمن المركزى منذ مايقرب من ثلاثين سنة ، المخيف فى الحالتين أن حراس الأمن تخلوا عن مواقعهم وتركوا الشارع المصرى لبلطحية محترفين مرتزقة يعملون لحساب نظام لازال يصر على إثبات نظرية "إما أنا أو الفوضى" حتى يموت قائلها مزهوا بلمحة الذكاء الوحيدة فى حياته حين قال حكمة تتحول إلى واقع على أيدى مأجورى النظام .. الشارع المصرى خائف ومهتز ومرعوب وتقهقرت أولويات الثورة ليحتل الأمن الموقع رقم واحد وإثنين وثلاثة وبعد ذلك تأتى باقى المطالب، ولكن تحقيق المطلب معلق برضاء من يقدرون على تحقيقه وقد لايرضون فيظل عرض الشارع المصرى مباحا للمغتصبين .. فى أحداث الأمن المركزى واجه الوزير الموقف بشجاعة وتحمل المسئولية واستقال، أما اليوم فالوزير المسئول يجلس على كرسى بغير وزارة وينتظر الإقالة.
§ أجهزة الإنذار بالسيارات أصبحت من معالم الشارع المصرى، وتحظى بنصيب الأسد فى إحداث ضجيج متواصل فى تتابع وتزامن نشاز يمثل خلفية مزعجة تسبب مزيدا من التلوث السمعى وتقف شاهدا على تبديد الثورة على معدات تكنولوجية لافائدة منها وتثبت كم الأنانية الموجود فى مصر هذه الأيام وتبلد الشعور بالمسئولية الإجتماعية تجاه الآخرين فلايهم أن يهنأ الناس بالراحة أو بالتركيز فى عمل يؤدونه أو مريض يرعونه مادامت السيارة فى أمان – أو هكذا يحسب من يركبون تلك الإنذارات ويضبطونها على حساسية عالية تجعل الإنذار يعمل لو وقفت ذبابة على باب السيارة او مر بجوارها أحد دون أن يلمسها.. الذى لابد وأن يعيه أصحاب حزب أجهزة الإنذار أن إنذاراتهم لاتخيف اللصوص المتمرسين على إسكاتها أو حتى سرقة السيارة والإنذار يدوى اعتمادا على أن الناس – بما فيهم صاحب السيارة نفسه – لم يعودوا يعبأون حين تنطلق وينزعجون من كثرة ماتعودوا على الصوت.
§ عصابة اللصوص والنهابين الذين كانوا يحكمون مصر تركوها "مشحتة" كبيرة وخلقوا جيوشا من المتسولين يمللأون شوارع العاصمة والأقاليم بعضهم يستحق المساعدة وتخلت عنهم الدولة وأكثرهم وجد فى التسول حرفة مريحة تدر عليه دخلا يزداد كلما ازدادت حرفيته فى إبتكار الوسائل التى تدر عليه دخلا دون عمل .. المقشة وفوطة التلميع وعلب المناديل الورقية أصبحت أدوات تسول ومعها الأعياد والموالد وصناديق النذور التى نسمع عن تقسيم إيرادها عجبا .. كلنا حين نشجع متسولا لايستحق ونستسهل التصدق فى غير مواضع الصدقة مسئولون عن كل تلك المظاهر التى تنتشر على وجه مصر فتملؤه بالبقع والبثور .. ألم يأن الأوان لكى نكون أكثر إيجابية ونبحث عن الجهات التى تذهب إليها صدقاتنا وزكاتنا فتنشئ بها مشروعات يعمل بها هؤلاء، أو على الأقل مساعدة من يستحق منهم على بدء مشروع صغير بماكينة خياطة أو بقرة أو مشغل يدوى أو نول لعمل الأكلمة أو السجاد؟
§ حرصت على أن أشاهد أطول صارى فى العالم رفع عليه علم مصر.. كنت من فرط سذاجتى أتخيله ساريا بحق وحقيق فإذا بى أجده برجا حديديا نسخة طبق الأصل من أبراج الكهرباء أو محطات المحمول التى تنتشر بين المزارع وأعلى أسطح المنازل ومعلق بقمته قماش العلم الذى يظهر من هذا الإرتفاع الشاهق كما لو كان خرقة بالية المتهالكة لالون لها .. أطالب كل صاحب قلم ورأى أن يطالب بإزالة هذا البرج القمئ الذى شوه جمال المنطقة التى أقيم فيها وأساء إلى رمز مصر وصاحبه إشاعات كثيرة حاولت أن تستغل تربط تاريخ رفع العلم على الصارى بمناسبة شخصية بحتة وأن مصر سوف تدخل موسوعة جنيس بهذا الإنجاز الهزيل.
§ أتساءل: هل نسهم بحكم العادة فى الوصول بكارثة المرور فى مصر إلى ماوصلت إليه لتصبح سببا مباشرا فى تلوث البيئة وحرق الأعصاب وضياع الوقت واستنزاف الثروات التى تصرف على محروقات نستلكها والسيارات واقفة فى مكانها؟ نظرت حولى وأنا فى تاكسى إلى مشوار لايمكن فى الظروف العادية أن يتستغرق أكثر من نصف ساعة فإذا بى أصل بعد ساعة ونصف .. نظرت للسيارات على كلا الجانبين باكتشفت أن أكثر من 90% منها على طول الطريق يقودها شخص واحد .. هل العيب فينا أم فى حكومة لم توفر وسائل انتقال آدمية يستخدمها الناس فى قضاء حوائجهم؟